آخر المنشورات

عودة جيل زد 212 إلى شوارع المغرب: هل تنتهي الاحتجاجات بإطلاق سراح السجناء أم تصعيد جديد؟

عودة جيل زد 212 إلى الشوارع بعد مشاورات فاشلة: مصير الاحتجاجات ومطالب إطلاق سراح أكثر من 1000 سجين


عودة جيل زد 212 إلى الشوارع: بين الآمال الجديدة والقمع المستمر في المغربالمقدمة: صوت الشباب يعلو من جديدفي أعقاب موجة من الاحتجاجات الشبابية التي هزت المغرب في أواخر عام 2025، يعود "جيل زد 212" إلى الشوارع بقوة أكبر، محملًا بطموحات جيل يرفض الاستسلام أمام التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. هذه الحركة، التي سميت بـ"جيل زد 212" في إشارة إلى جيل Z (المواليد بين 1997 و2012) وتاريخ 20 فبراير 2011 الذي شهد حراكًا شعبيًا كبيرًا، ليست مجرد احتجاجات عفوية، بل هي تعبير عن غضب متراكم من سنوات من الفساد والإهمال. بدأت الاحتجاجات في 27 سبتمبر 2025، وامتدت إلى مدن كبرى مثل الدار البيضاء والرباط وأكادير، مطالبة بإصلاحات جذرية في قطاعي الصحة والتعليم، ومكافحة الفساد، ورحيل الحكومة الحالية برئاسة عزيز أخنوش.التوقف المؤقت للاحتجاجات، الذي استمر عدة أسابيع، جاء بعد مشاورات غير رسمية مع السلطات، حيث أعلن الملك محمد السادس عن وعود بإصلاحات، مما أعطى أملًا زائفًا للشباب. لكن، مع عودة الحركة يوم 10 ديسمبر 2025، يتجدد السؤال: ما مصير هذه الاحتجاجات الحالية والقادمة؟ وهل ستؤدي الضغوط إلى إطلاق سراح أكثر من 1000 سجين من "جيل زد"، الذين أصبحوا رمزًا للقمع السياسي؟ في هذا المقال، نستعرض التطورات الأخيرة، مستندين إلى تقارير ميدانية وشهادات، لنفهم كيف يعيد هذا الجيل ترتيب أولويات المغرب قبل أشهر من كأس العالم 2030.الخلفية التاريخية: من حراك 20 فبراير إلى جيل زد 212لنفهم عودة "جيل زد 212"، يجب العودة إلى جذور الحراك الشعبي في المغرب. في 20 فبراير 2011، خرج ملايين الشباب إلى الشوارع مطالبين بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية، في سياق الربيع العربي. أدى ذلك إلى دستور جديد عام 2011، لكنه لم يحل المشكلات الهيكلية مثل البطالة (التي بلغت 35% بين الشباب في 2025) ، والفجوة الاجتماعية، والفساد الذي يلتهم ميزانية الدولة. اليوم، يرى "جيل زد" نفسه امتدادًا لهذا الحراك، لكنه أكثر جرأة وتنظيمًا بفضل وسائل التواصل الاجتماعي مثل تيك توك وإكس (تويتر سابقًا).بدأت احتجاجات 2025 كرد فعل على وفاة 8 نساء في أكادير بسبب إهمال طبي، مما أشعل فتيل الغضب. سرعان ما تحولت إلى حركة لامركزية، يقودها مجموعات مجهولة مثل "صوت شباب المغرب"، وامتدت إلى 20 مدينة. وفقًا لمجلة "فورين بوليسي"، هذه الاحتجاجات هي الأوسع منذ 2011، مع مشاركة ملايين الشباب الذين يعانون من جفاف اقتصادي واجتماعي. الجيل هذا، المولود في عصر الإنترنت، يرفض الوعود الفارغة ويطالب بتغيير حقيقي، مستلهمًا من حركات شبابية في أفريقيا مثل تلك في نيجيريا وجنوب أفريقيا.
عودة إلى الشوارع: بعد مشاورات ووعود زائفةالتوقف عن الاحتجاجات في أكتوبر 2025 جاء بعد مشاورات غير مباشرة بين ممثلي الحركة والحكومة، حيث أعلن الملك محمد السادس عن خطة إصلاحية تشمل زيادة ميزانية الصحة بنسبة 20% وإصلاح التعليم. كانت هذه الوعود، التي نشرت في خطاب ملكي في 15 أكتوبر، تهدف إلى تهدئة الشارع، ونجحت مؤقتًا في إيقاف المسيرات لأسابيع. لكن، مع فشل التنفيذ الفعلي – حيث لم تُصرف سوى جزء بسيط من الميزانية – أعلنت الحركة عودتها يوم 10 ديسمبر، في ذكرى إعلان حقوق الإنسان العالمي.في الدار البيضاء، شهدت ساحة السراغنة مظاهرة كبيرة جمع عشرات الآلاف، يحملون لافتات "إصلاح أم ثورة" و"جيل زد لا ينام". الشباب، معظمهم بين 18 و25 عامًا، استخدموا هاشتاغ #عودة_212 لتنظيم الفعاليات، مما أدى إلى انتشار فيديوهات حية على إكس، تجاوزت المشاهدات 10 ملايين. هذه العودة ليست عفوية؛ إنها استراتيجية مدروسة، حيث أنهت الحركة "الفصل الأول" من الاحتجاجات ودخلت "الفصل الثاني"، الذي يركز على الضغط الدولي والحوار المباشر مع البرلمان.شهادات من المشاركين تكشف الدافع: "نحن لسنا ضد الملك، بل ضد النظام الفاسد الذي يسرق أحلامنا"، يقول أحد المتظاهرين في فيديو على يوتيوب. هذه المشاورات، التي وُصفت بـ"الخدعة" من قبل مراقبين، أعادت الشرارة، محذرة من أن الشباب لن يقبل بالمزيد من التأجيل.مصير الاحتجاجات الحالية: بين القمع والصمودالاحتجاجات الحالية تواجه مصيرًا معقدًا: نجاح جزئي في جذب الاهتمام الإعلامي، لكن قمعًا شديدًا من السلطات. وفقًا لهيومن رايتس ووتش، قُمعت المظاهرات بالعنف، مما أسفر عن 3 وفيات رسميًا (و8 غير رسمية في أكادير)، و354 جريحًا، واعتقالات جماعية بلغت 2480 متهمًا. الداخلية المغربية نفت بعض الاتهامات، مدعية أن معظم التوقيفات كانت لـ"التحقق من الهوية"، لكن منظمات حقوقية تتهمها بانتهاكات ممنهجة.في اليوم السابع من الاحتجاجات (3 أكتوبر)، وصل المتظاهرون إلى أبواب البرلمان في الرباط، مطالبين برحيل الحكومة، مما أثار ردود فعل حكومية تدعو إلى "الحوار" بدلًا من "التخريب". ومع ذلك، أصدرت المحاكم أحكامًا بالسجن على 240 شخصًا، تراوحت بين 3 أشهر و15 عامًا، مما يعكس سياسة "الردع" التي قد تعزز الغضب بدلًا من إخماده.الإعلام الرقمي لعب دورًا حاسمًا؛ المؤثرون على إكس، الذين يبلغ عددهم 20 ألفًا في المغرب، ساهموا في تضخيم الصوت، لكن بعض الحسابات كشفت عن تدخل خارجي من الجزائر وكندا لتأجيج الفوضى. هذا المصير المزدوج – صمود شعبي مقابل قمع – يذكر بـ2011، لكنه أكثر حدة بسبب الوعي الرقمي للجيل الجديد.الاحتجاجات القادمة: نحو ثورة أم إصلاح تدريجي؟مع اقتراب كأس العالم 2030، التي تستضيفها المغرب مع إسبانيا والبرتغال، تتوقع التحليلات أن تتصاعد الاحتجاجات في 2026، خاصة إذا لم تتحقق الإصلاحات. مركز كارنيغي يصف الحركة بأنها "أكثر جرأة"، محذرًا من أنها قد تؤدي إلى تغيير جذري إذا تجاهلت السلطات مطالب الشباب. الوزراء المغاربة يدعون إلى "الحوار"، لكن الشباب يرى في ذلك تأجيلًا، كما في بلاغ الحركة الذي طالب بـ"إقالة الحكومة" في 3 أكتوبر.التوقعات تشير إلى مسيرات أسبوعية في 2026، مع التركيز على الضغط الدولي عبر منظمات مثل الاتحاد الأوروبي، الذي يراقب حقوق الإنسان قبل الكأس. إذا نجحت الحركة في توحيد القوى المدنية، قد تؤدي إلى إصلاحات دستورية؛ وإلا، قد تتحول إلى "انتفاضة" كما يحذر الإعلامي نبيل بكاني. في أفريقيا، نجح جيل Z في تغيير سياسات في كينيا، مما يعطي أملًا للمغاربة.قضية السجناء: هل يُطلق سراح أكثر من 1000؟أحد أبرز مطالب "جيل زد 212" هو إطلاق سراح المعتقلين، الذين يبلغ عددهم الرسمي 1473 في حالة اعتقال، بالإضافة إلى 959 في سراح مشروط، من أصل 2480 متهمًا. هؤلاء السجناء، معظمهم شباب وقاصرون، أصبحوا رمزًا للقمع، حيث أصدرت المحاكم أحكامًا قاسية بناءً على اتهامات "التخريب والاعتداء على الأمن". الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تطالب بإطلاق سراحهم جميعًا، مشيرة إلى أن 600 منهم محتجزون بدون تهم واضحة.هل سيتم إطلاق سراح أكثر من 1000؟ حتى 13 ديسمبر 2025، لم يحدث إفراج جماعي، بل إفراجات فردية بناءً على أحكام براءة (حوالي 100 حالة). السلطات تعلن "محاكمات عادلة"، لكن المنظمات الدولية ترى في ذلك انتهاكًا للحقوق. في مظاهرات 19 أكتوبر، تجمع عشرات أمام السجون مطالبين بالإفراج، مما يشير إلى أن هذه القضية ستكون محور الاحتجاجات القادمة.مع ذلك، قد يؤدي الضغط الدولي – خاصة مع كأس العالم – إلى عفو ملكي عن مئات، لكن تجاوز 1000 يبدو غير مرجح بدون تنازلات حكومية كبيرة. الشباب يرى في السجناء "شهداء الحرية"، وأي إفراج جزئي قد يُعتبر خطوة إيجابية، لكنه لن يهدئ الشارع دون إصلاحات شاملة.الخاتمة: جيل يغير المغرب أم يُكسر عليه؟عودة "جيل زد 212" إلى الشوارع بعد مشاورات فاشلة تؤكد أن الشباب المغربي لم يعد يقبل بالوعود الجوفاء. الاحتجاجات الحالية، رغم قمعها، بنت زخمًا يعد بالمزيد في المستقبل، خاصة مع اقتراب أحداث عالمية كبرى. أما قضية السجناء، فهي اختبار حقيقي لإرادة الإصلاح؛ إطلاق سراح أكثر من 1000 قد يكون مفتاح السلام، لكنه يتطلب شجاعة سياسية نادرة.في النهاية، هذا الجيل ليس مجرد محتجين؛ إنهم صانعو المستقبل. إذا استجابت الدولة، سيكون المغرب نموذجًا للديمقراطية الشبابية في أفريقيا. وإلا، قد يصبح الشارع قوة لا تُقهر. الشباب يقولون: "نحن هنا لنبني، لا لنهدم" – لكن الوقت يداهن.
تعليقات