مقدمة
في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة بين المغرب والجزائر، برز اسم مجموعة القرصنة السيبرانية "جبروت" كأداة بارزة في حرب إلكترونية تستهدف مؤسسات مغربية حساسة. التسريبات التي أعلنت عنها هذه المجموعة في أغسطس 2025، والتي نشرت عبر قناتها على تطبيق تيليغرام، أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية المغربية. هذه التسريبات لم تقتصر على اختراق قواعد بيانات حكومية، بل طالت شخصيات بارزة في المغرب، مثل محمد ياسين المنصوري، المدير العام لجهاز المخابرات الخارجية، وعبد اللطيف وهبي، وزير العدل، مع التركيز على تفاصيل عقارية ومالية مثيرة للجدل. في هذا التقرير المطول، سنغوص في جميع التفاصيل المتعلقة بهذه التسريبات، بما في ذلك خلفيتها، محتواها، تداعياتها القانونية والسياسية، وردود الفعل الرسمية والشعبية، مع تحليل معمق للأبعاد السيبرانية والجيوسياسية، وذلك بأسلوب سردي يلبي طلبكم في تقديم تفاصيل شاملة و"مملة"
العرض
خلفية مجموعة "جبروت" ونشاطها
مجموعة "جبروت" هي مجموعة قرصنة سيبرانية تُعرّف نفسها بأنها جزائرية، وقد ظهرت لأول مرة في الأوساط الإلكترونية منذ بضع سنوات، لكنها اكتسبت شهرة واسعة في 2025 بسبب هجماتها المتكررة ضد مؤسسات مغربية. تعمل المجموعة بشكل أساسي عبر قناة على تطبيق تيليغرام، حيث تنشر إعلانات عن عملياتها السيبرانية، مصحوبة بعينات من البيانات المسربة. الهجمات التي نفذتها "جبروت" لم تقتصر على اختراق قواعد بيانات حكومية، بل شملت تسريب وثائق حساسة تتعلق بمسؤولين كبار، مما أثار تساؤلات حول دوافعها، سواء كانت سياسية، استخباراتية، أو مجرد قرصنة تقليدية بحثًا عن الشهرة.في يونيو 2025، أعلنت "جبروت" عن اختراق قاعدة بيانات الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية (ANCFCC)، وسربت أكثر من 10 آلاف شهادة ملكية بصيغة PDF، إلى جانب 20 ألف وثيقة متنوعة تشمل عقود بيع وشراء، بطاقات تعريف، جوازات سفر، ووثائق بنكية. هذه العملية، التي وُصفت بأنها واحدة من أكبر عمليات القرصنة في تاريخ المغرب، تضمنت بيانات حساسة تخص شخصيات بارزة، من بينهم محمد ياسين المنصوري.
في وقت لاحق، في يونيو ويوليو 2025، استهدفت "جبروت" وزارة العدل المغربية، مدعية الوصول إلى بيانات تخص عبد اللطيف وهبي و5000 قاضٍ و35 ألف موظف قضائي. هذه الهجمات أثارت مخاوف متزايدة بشأن الأمن السيبراني للمؤسسات الحكومية المغربية، خاصة مع تعليق الوكالة العقارية لمنصتها الإلكترونية والعودة إلى النظام الورقي التقليدي لتجنب المزيد من التسريبات.
في وقت لاحق، في يونيو ويوليو 2025، استهدفت "جبروت" وزارة العدل المغربية، مدعية الوصول إلى بيانات تخص عبد اللطيف وهبي و5000 قاضٍ و35 ألف موظف قضائي. هذه الهجمات أثارت مخاوف متزايدة بشأن الأمن السيبراني للمؤسسات الحكومية المغربية، خاصة مع تعليق الوكالة العقارية لمنصتها الإلكترونية والعودة إلى النظام الورقي التقليدي لتجنب المزيد من التسريبات.
التسريبات الأخيرة: أغسطس 2025
في 13 أغسطس 2025، أعلنت "جبروت" عن تسريبات جديدة عبر قناتها على تيليغرام، مستهدفة هذه المرة شخصيات بارزة في المخابرات المغربية، مع التركيز بشكل خاص على محمد ياسين المنصوري. وفقًا للتسريبات، جمع المنصوري ثروة كبيرة استُخدمت لشراء عقارات داخل وخارج المغرب، بما في ذلك منطقة صناعية في بني ملال بقيمة 30 مليون درهم (حوالي 3 ملايين دولار). كما زعمت المجموعة أن المنصوري أسس شركات باسم ابنته لإخفاء هذه الأصول.
بالإضافة إلى ذلك، استهدفت التسريبات عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، مكشفة عن عملية مالية مثيرة للجدل تتعلق بشراء عقار فاخر في الرباط بقيمة 11 مليون درهم في ديسمبر 2020. وفقًا للتسريبات، تم سداد هذا القرض بالكامل بحلول يوليو 2024، ونُقلت ملكية العقار إلى زوجته عبر عقد هبة بقيمة مصرح بها لا تتجاوز مليون درهم، وهو مبلغ أقل بكثير من القيمة الحقيقية، مما أثار شبهات حول التهرب الضريبي.
بالإضافة إلى ذلك، استهدفت التسريبات عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، مكشفة عن عملية مالية مثيرة للجدل تتعلق بشراء عقار فاخر في الرباط بقيمة 11 مليون درهم في ديسمبر 2020. وفقًا للتسريبات، تم سداد هذا القرض بالكامل بحلول يوليو 2024، ونُقلت ملكية العقار إلى زوجته عبر عقد هبة بقيمة مصرح بها لا تتجاوز مليون درهم، وهو مبلغ أقل بكثير من القيمة الحقيقية، مما أثار شبهات حول التهرب الضريبي.
التفاصيل المالية والعقارية
محمد ياسين المنصوري:
الادعاءات: وفقًا لـ"جبروت"، أنفق المنصوري أكثر من 3.5 ملايين درهم خلال سنتي 2022 و2023 على عقارات، وأسس شركات باسم ابنته لإخفاء هذه الأصول. من بين العقارات المذكورة، منطقة صناعية في بني ملال بقيمة 30 مليون درهم.
الوثائق المسربة: تشمل شهادات ملكية، عقود بيع وشراء، ووثائق بنكية تُظهر تحويلات مالية كبيرة. ومع ذلك، لم يتم التحقق من صحة هذه الوثائق بشكل رسمي.
السياق القانوني: القانون المغربي يلزم كبار المسؤولين بالتصريح بممتلكاتهم لدى المجلس الأعلى للحسابات، لكنه لا يشترط دائمًا ذكر القيمة المالية للعقارات، مما يتيح ثغرات لإخفاء الأصول عبر نقلها إلى أقارب.
عبد اللطيف وهبي:
الوثائق المسربة: تشمل شهادات ملكية، عقود بيع وشراء، ووثائق بنكية تُظهر تحويلات مالية كبيرة. ومع ذلك، لم يتم التحقق من صحة هذه الوثائق بشكل رسمي.
السياق القانوني: القانون المغربي يلزم كبار المسؤولين بالتصريح بممتلكاتهم لدى المجلس الأعلى للحسابات، لكنه لا يشترط دائمًا ذكر القيمة المالية للعقارات، مما يتيح ثغرات لإخفاء الأصول عبر نقلها إلى أقارب.
عبد اللطيف وهبي:
الادعاءات: حصل وهبي على قرض عقاري بقيمة 11 مليون درهم في 2020 لشراء عقار فاخر في الرباط. تم سداد القرض بالكامل في يوليو 2024، ونُقل العقار إلى زوجته بقيمة مصرح بها مليون درهم فقط، مما قلل من رسوم التسجيل والتحفيظ من 33 مليون سنتيم إلى 3 ملايين سنتيم.
التساؤلات: مصادر الأموال التي سمحت بسداد قرض بهذا الحجم في أقل من أربع سنوات أثارت شبهات، خاصة أن راتب الوزير (70,000 درهم شهريًا) لا يكفي لتغطية هذا المبلغ. وهبي أوضح أن السداد تم عبر بيع ممتلكات أخرى وإرث زوجته، لكن هذه التفسيرات لم تخضع لتدقيق قضائي.
دور الموثقة: الموثقة التي أشرفت على عقد الهبة تواجه تساؤلات حول مسؤوليتها في التحقق من القيمة المصرح بها، حيث يُلزم القانون الموثقين بضمان صحة التصريحات.
التساؤلات: مصادر الأموال التي سمحت بسداد قرض بهذا الحجم في أقل من أربع سنوات أثارت شبهات، خاصة أن راتب الوزير (70,000 درهم شهريًا) لا يكفي لتغطية هذا المبلغ. وهبي أوضح أن السداد تم عبر بيع ممتلكات أخرى وإرث زوجته، لكن هذه التفسيرات لم تخضع لتدقيق قضائي.
دور الموثقة: الموثقة التي أشرفت على عقد الهبة تواجه تساؤلات حول مسؤوليتها في التحقق من القيمة المصرح بها، حيث يُلزم القانون الموثقين بضمان صحة التصريحات.
التداعيات القانونية
التهرب الضريبي: التصريح بقيمة عقار أقل من قيمته الحقيقية قد يُعتبر تهربًا ضريبيًا، وهو مخالفة لقانون الحقوق العينية في المغرب. في قضية وهبي، الفرق بين القيمة الحقيقية (11 مليون درهم) والمصرح بها (مليون درهم) قلل من الرسوم الضريبية بشكل كبير.
ضعف الرقابة: نظام التصريح بالممتلكات في المغرب يعاني من ثغرات، مثل عدم إلزامية ذكر القيمة المالية للعقارات، واستثناء ممتلكات الأقارب، مما يتيح نقل الأصول لتفادي المراقبة. كما أن سحب مشروع قانون الإثراء غير المشروع في 2025 أضعف آليات المحاسبة.
المسؤولية القضائية: مطالبات بفتح تحقيق عاجل برزت في يوليو 2025، لكن لم يصدر بيان رسمي من السلطات المغربية يؤكد أو ينفي هذه التسريبات حتى أغسطس 2025.
ضعف الرقابة: نظام التصريح بالممتلكات في المغرب يعاني من ثغرات، مثل عدم إلزامية ذكر القيمة المالية للعقارات، واستثناء ممتلكات الأقارب، مما يتيح نقل الأصول لتفادي المراقبة. كما أن سحب مشروع قانون الإثراء غير المشروع في 2025 أضعف آليات المحاسبة.
المسؤولية القضائية: مطالبات بفتح تحقيق عاجل برزت في يوليو 2025، لكن لم يصدر بيان رسمي من السلطات المغربية يؤكد أو ينفي هذه التسريبات حتى أغسطس 2025.
التداعيات السياسية
تآكل الثقة العامة: التسريبات أثارت انطباعًا بأن النخبة الحاكمة تستفيد من امتيازات غير مشروعة، مما يزيد من تآكل الثقة في المؤسسات الحكومية، خاصة في ظل فضائح سابقة مثل قضية "خدام الدولة".
التوترات الإقليمية: "جبروت" بررت هجماتها برد فعل على "دعاية كاذبة" من الإعلام المغربي حول تجميد فرنسا لأصول مسؤولين جزائريين، مما يعكس ارتباط التسريبات بالتوترات المغربية-الجزائرية، خاصة حول قضية الصحراء الغربية.
الأمن السيبراني: كشفت التسريبات عن هشاشة البنية التحتية الرقمية للمؤسسات المغربية، مما يضع الحكومة تحت ضغط لتعزيز الأمن السيبراني.
التوترات الإقليمية: "جبروت" بررت هجماتها برد فعل على "دعاية كاذبة" من الإعلام المغربي حول تجميد فرنسا لأصول مسؤولين جزائريين، مما يعكس ارتباط التسريبات بالتوترات المغربية-الجزائرية، خاصة حول قضية الصحراء الغربية.
الأمن السيبراني: كشفت التسريبات عن هشاشة البنية التحتية الرقمية للمؤسسات المغربية، مما يضع الحكومة تحت ضغط لتعزيز الأمن السيبراني.
ردود الفعل
الرسمية: وزارة العدل والوكالة العقارية لم تصدرا بيانات رسمية واضحة حتى الآن، مما زاد من الغموض حول مدى صحة التسريبات.
الشعبية: على منصة إكس، اعتبرت أصوات مغربية، مثل @abdouid96946334
و@AddadiNajib
، أن "جبروت" هي أداة دعاية جزائرية تهدف إلى زعزعة استقرار المغرب وتشويه صورته دوليًا. في المقابل، يرى آخرون، مثل @Lina_Jawhari
، أن التسريبات قد تكون جزءًا من حرب استخباراتية بين الأجهزة الأمنية.
الخبراء: الخبير الرقمي خرجوج حذر من أن التسريبات ليست مجرد قرصنة تقليدية، بل حرب نفسية موجهة تستخدم منهجيات معرفية للتأثير على الرأي العام.
و@AddadiNajib
، أن "جبروت" هي أداة دعاية جزائرية تهدف إلى زعزعة استقرار المغرب وتشويه صورته دوليًا. في المقابل، يرى آخرون، مثل @Lina_Jawhari
، أن التسريبات قد تكون جزءًا من حرب استخباراتية بين الأجهزة الأمنية.
الخبراء: الخبير الرقمي خرجوج حذر من أن التسريبات ليست مجرد قرصنة تقليدية، بل حرب نفسية موجهة تستخدم منهجيات معرفية للتأثير على الرأي العام.
الأبعاد السيبرانية والجيوسياسية
الأمن السيبراني: التسريبات كشفت عن نقاط ضعف في أنظمة المؤسسات المغربية، مثل الوكالة العقارية ووزارة العدل، مما دفع الأولى إلى تعليق منصتها الإلكترونية والعودة إلى النظام الورقي. هذا يعكس الحاجة إلى استثمارات كبيرة في الأمن السيبراني.
التوترات الإقليمية: التسريبات تأتي في سياق تصاعد التوترات بين المغرب والجزائر، خاصة مع الخلاف حول الصحراء الغربية. "جبروت" ربطت هجماتها بمزاعم عن دعاية مغربية ضد الجزائر، مما يشير إلى أن العمليات قد تكون مدعومة من جهات رسمية أو شبه رسمية.
الحرب النفسية: كما أشار خرجوج، التسريبات تهدف إلى التأثير على الرأي العام المغربي، من خلال نشر معلومات حساسة تثير الشكوك حول نزاهة المسؤولين واستقرار المؤسسات.
التوترات الإقليمية: التسريبات تأتي في سياق تصاعد التوترات بين المغرب والجزائر، خاصة مع الخلاف حول الصحراء الغربية. "جبروت" ربطت هجماتها بمزاعم عن دعاية مغربية ضد الجزائر، مما يشير إلى أن العمليات قد تكون مدعومة من جهات رسمية أو شبه رسمية.
الحرب النفسية: كما أشار خرجوج، التسريبات تهدف إلى التأثير على الرأي العام المغربي، من خلال نشر معلومات حساسة تثير الشكوك حول نزاهة المسؤولين واستقرار المؤسسات.
الخاتمة
تسريبات "جبروت" في أغسطس 2025 ليست مجرد هجمات سيبرانية، بل تعكس تحديات عميقة تواجه المغرب على المستويات القانونية، السياسية، والسيبرانية. من الناحية القانونية، كشفت التسريبات عن ثغرات في نظام التصريح بالممتلكات وضعف آليات المحاسبة، مما يتطلب إصلاحات عاجلة لتعزيز الشفافية. سياسيًا، أثارت التسريبات أزمة ثقة بين المواطنين والدولة، مع تصاعد التوترات الإقليمية مع الجزائر. على المستوى السيبراني، كشفت الهجمات عن هشاشة البنية التحتية الرقمية، مما يستدعي استثمارات فورية في الأمن السيبراني.
توصيات
تعزيز الأمن السيبراني: تطوير بنية تحتية رقمية محمية وتدريب الكوادر على مواجهة الهجمات السيبرانية.
إصلاح نظام التصريح بالممتلكات: تعديل القانون لإلزام المسؤولين بالتصريح بالقيم المالية الدقيقة وتوسيع نطاق التصريح ليشمل الأقارب.
إحياء قانون الإثراء غير المشروع: إعادة طرح القانون مع ضمانات لتطبيقه بشفافية.
فتح تحقيقات مستقلة: تدقيق مصادر الأموال والتصريحات المرتبطة بالمسؤولين المذكورين في التسريبات.
تمكين المجتمع المدني: السماح للجمعيات بالوصول إلى بيانات التصريحات لتعزيز الرقابة الشعبية.
في النهاية، تسريبات "جبروت" ليست مجرد فضيحة عابرة، بل فرصة لإعادة تقييم منظومة الشفافية والأمن في المغرب. إن تجاهل هذه القضية قد يرسخ ثقافة الإفلات من العقاب، بينما يمكن أن تكون حافزًا لإصلاحات تعيد الثقة في المؤسسات. السؤال الأساسي يبقى: هل ستكون الدولة ضامنة للعدالة أم راعية للامتيازات؟
إصلاح نظام التصريح بالممتلكات: تعديل القانون لإلزام المسؤولين بالتصريح بالقيم المالية الدقيقة وتوسيع نطاق التصريح ليشمل الأقارب.
إحياء قانون الإثراء غير المشروع: إعادة طرح القانون مع ضمانات لتطبيقه بشفافية.
فتح تحقيقات مستقلة: تدقيق مصادر الأموال والتصريحات المرتبطة بالمسؤولين المذكورين في التسريبات.
تمكين المجتمع المدني: السماح للجمعيات بالوصول إلى بيانات التصريحات لتعزيز الرقابة الشعبية.
في النهاية، تسريبات "جبروت" ليست مجرد فضيحة عابرة، بل فرصة لإعادة تقييم منظومة الشفافية والأمن في المغرب. إن تجاهل هذه القضية قد يرسخ ثقافة الإفلات من العقاب، بينما يمكن أن تكون حافزًا لإصلاحات تعيد الثقة في المؤسسات. السؤال الأساسي يبقى: هل ستكون الدولة ضامنة للعدالة أم راعية للامتيازات؟