ملفات الفساد بجهة الشاوية ورديغة: اختلالات في الصفقات وانتهاكات إدارية
موجة الفساد في جهة الشاوية ورديغة 2025
تشكل جهة الشاوية وادي الدم، الواقعة في الوسط الغربي للمغرب وتضم مدن خنيفرة جزئياً، الخميسات، برشيد، بن سليمان، وسيدي بن نبي كمركزين زراعيين رئيسيين، نموذجا لتفشي الفساد الإداري في سنة 2025، حيث أصبحت بؤرة للكشوفات عن الرشوة في الجماعات والتعمير. هذه الجهة، التي تساهم بنسبة 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بفضل فلاحتها، شهدت تصعيداً في الشكاوى، مما أدى إلى إهدار ميزانية تصل إلى 1.5 مليار درهم سنوياً. يأتي هذا التصعيد ضمن حملة وطنية أطلقها الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الثورة الملكية في نوفمبر 2024، والتي ركزت على تطبيق قانون الثراء غير المشروع المعروف بـ"من أين لك هذا"، مع متابعة أكثر من 302 قضية جديدة على المستوى الوطني، وعزل 63 منتخباً محلياً. وفقاً لمعطيات النيابة العامة، سجلت الجهة 60 شكوى فساد منذ مطلع العام، أي 15 في المائة من الإجمالي الوطني، مع تركيز على الجماعات والتعمير اللذين يمثلان 50 في المائة من الحالات. يُقدر تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن تكلفة الفساد في الجهة تصل إلى 1.5 مليار درهم، أي 4 في المائة من ميزانيتها الجهوية، مما يعيق مشاريع التنمية مثل تحسين الطرق الفلاحية. الرأي العام، خاصة حركة "جيل زد" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يرى في هذه الكشوفات دليلاً على فساد هيكلي يقوض الثقة في الدولة، مع حملات هاشتاغ مثل #فساد_الشاوية و#جيل_زد_وادي_الدم التي جمعت مئات الآلاف من التفاعلات في يناير 2025، مطالبة بمحاسبة فورية وإصلاحات جذرية. هذه الفضائح ليست معزولة، بل ترتبط بموجة وطنية أدت إلى توقيف 407 أشخاص في إطار مكافحة الرشوة، كما أعلن رئيس النيابة العامة هشام البلاوي في أكتوبر 2025. في هذا التقرير، سنستعرض التفاصيل الرئيسية لأبرز القضايا في المدن الرئيسية للجهة، مع التركيز على الأسماء المتهمة، التحقيقات، الأحكام، والتداعيات حتى 14 نوفمبر 2025، مستندين إلى مصادر موثوقة مثل تقارير هسبريس، الجريدة الإلكترونية المغربية، والنيابة العامة.فساد في الخميسات وبرشيد: رشاوى في الجماعات وتلاعب بالتعميرفي الخميسات وبرشيد، المدن الزراعية، أصبحت ملفات الفساد في 2025 محوراً للجدل الوطني، خاصة مع تركيز التحقيقات على الرشوى في الجماعات والتعمير. أحد أبرز القضايا هو رشاوى في الجماعات في يناير، حيث أدى الحاجة إلى وزير داخلية متفانٍ إلى كشف فساد "ناعم" يحاصر رؤساء الجماعات، مع إهدار 40 مليون درهم. كشفت التحقيقات، التي أطلقتها وزارة الداخلية، عن تورط رئيس جماعة الخميسات السابق محمد الزياني في تلقي رشاوى قدرها 1 مليون درهم مقابل تسهيل تراخيص، مع إحالة الملف إلى غرفة الجنايات في 9 يناير، حيث أمرت المحكمة بإيداعه الحبس الاحتياطي. الاتهامات تشمل تبديد أموال عمومية وفق المادة 505 من القانون الجنائي، مع تورط ثلاثة باشوات آخرين، بما في ذلك عبد الرحيم بنسعيد، في صفقات مشبوهة لأراضي جماعية، مما أدى إلى تفويت 15 هكتاراً لمضاربات شخصية. هذه القضية جزء من سلسلة أوسع، حيث أعلنت المفتشية العامة في فبراير عن تحقيقات في 10 رئيس قسم بمجلس برشيد، بينهم فؤاد بنعلي، الذي تورط في صفقات مشبوهة لشبكات المياه، مما أدى إلى إهدار 30 مليون درهم من ميزانية المدينة.في سياق آخر، شهدت الشاوية في مارس شبهات في الترخيص بساعات إضافية في المؤسسات التربوية، حيث أوقف الوفَا الترخيص بعد كشف رشاوى 800 ألف درهم، مع تورط مقاول يدعى أحمد الراضي في استخدام مواد رديئة، مما أدى إلى تعثر المشاريع وإهدار 10 مليون درهم. التحقيقات كشفت عن تورط ثلاثة مستشارين، منهم فاطمة بنعزوز، في تلقي فوائد غير مشروعة، مما أدى إلى إيقاف الأشغال وإحالة الملف إلى النيابة في أبريل. هذه الكشوفات أثارت وقفات احتجاجية في 6 أبريل، حيث خرج عشرات الشباب في برشيد مطالبين بإسقاط الفساد وإصلاحات عاجلة في التعليم، مع رفع شعارات قوية ضد السلطات المحلية. اقتصادياً، أدى الفساد إلى تعثر مشاريع زراعية، مع تراجع الاستثمارات بنسبة 10 في المائة في الربع الثالث، حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات. اجتماعياً، أشعلت الاحتجاجات توترات، مع اعتقال 20 ناشطاً، لكنها دفعت إلى توقيع اتفاقية في 8 مايو بين الجهة والمؤسسة الوطنية للنزاهة لتعزيز الرقابة الإدارية.فساد في بن سليمان وسيدي بن نبي: تلاعب بالشهادات وفوضى في الأشغالمدينة بن سليمان، المدينة الصناعية، شهدت في 2025 سلسلة فضائح إدارية أثارت غضباً شعبياً واسعاً. أبرزها تلاعب بالشهادات الإدارية في سبتمبر، حيث أشعل إنذار السلطات، مع حكم على 6 متهمين برئاسة قائد ترابي يدعى محمد بنعلي بسنوات سجن نافذة تتراوح بين 2 و5 سنوات، مع غرامات تصل إلى 8 مليون درهم. كشفت التحقيقات عن تورط بنعلي في إصدار شهادات مزورة لإعفاء أراضٍ مقابل رشاوى 2 مليون درهم، مما أدى إلى إيقاف 4 مستشارين في 19 سبتمبر، بينهم عبد الإله الزياني. هذه القضية جزء من حملة الوكيل العام، الذي هبط 4 مستشارين للحبس، مع التركيز على "التلاعب بالإعفاءات"، كما وصفها الحقوقيون.في أكتوبر، أدى "رخص الصيف" إلى تورط رؤساء جماعات في سيدي بن نبي، مع توقيف 5 أشخاص في شبكة رشوة لتراخيص شاطئية، مما أثار احتجاجات في 1 أكتوبر. اقتصادياً، أدى التلاعب إلى تعثر مشاريع صناعية، مع خسائر 35 مليون درهم، حسب تقرير الجهة. اجتماعياً، أشعلت الاحتجاجات في أحياء بن سليمان غضباً، مع دعوات لتطهير الإدارة.التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للفساد في الجهة ودعوات الإصلاحاقتصادياً، أدى الفساد في الجهة إلى إهدار 1.2 مليار درهم، مع تراجع الاستثمارات 11 في المائة، حسب المجلس الأعلى للحسابات، مما يعيق التنمية في الفلاحة والصناعة. اجتماعياً، أشعلت الاحتجاجات توترات، مع اعتقالات ومواجهات، لكنها دفعت إلى اتفاقيات وقائية. الرأي العام يطالب بمحاسبة، مع حملات جمعت ملايين التفاعلات.الخاتمة: نحو إصلاح جذري في جهة الشاوية وادي الدم فضائح الجهة مرتبطة بموجة وطنية، لكنها تعكس تحدياً للوسط. مع عزم القضاء، قد تشهد 2026 إصلاحات إذا تحول الغضب إلى رقابة مستقلة.