تقاعد قدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير في المغرب: الأرقام الدقيقة للمعاشات والتعويضات والامتيازات بعد زيادات 2025
تقاعد قدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير في المغرب: رحلة الوفاء الوطني بين الماضي والحاضر والمستقبل
إن قضية تقاعد قدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير في المغرب ليست مجرد ملف إداري أو اجتماعي عابر، بل هي عنوان كبير من عناوين الذاكرة الوطنية، ودليل حي على مدى التزام الدولة بمبادئ العرفان والكرامة والعدالة الاجتماعية. فهؤلاء الرجال والنساء الذين حملوا السلاح في سنوات التحرير والكفاح المسلح، ثم دافعوا عن حوزة الوطن في سنوات ما بعد الاستقلال، يمثلون اليوم شريحة عمرية تتجاوز في غالبيتها الثمانين عاما، وهم يواجهون تحديات صحية ومعيشية كبيرة، مما يجعل مسألة تقاعدهم مسألة ضمير وطني قبل أن تكون مسألة مالية أو تقنية.يعود تاريخ الاهتمام الرسمي بقدماء المحاربين إلى الأيام الأولى للاستقلال. ففي 16 نونبر 1956، أي بعد أيام قليلة من عودة الملك الراحل محمد الخامس من المنفى، صدر ظهير شريف بإحداث "مكتب قدماء المحاربين وضحايا الحرب"، وكان هدفه الأساسي رعاية المغاربة الذين خدموا في الجيوش الأجنبية خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، ثم التحقوا بجيش التحرير الوطني. وفي سنة 1976، رفعت هذه المؤسسة إلى رتبة "مندوبية سامية" تابعة مباشرة للديوان الملكي تحت اسم "المندوبية السامية لقدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير"، وهي التسمية التيّة التي تغيرت سنة 2004 إلى "المندوبية السامية لقدماء المقاتلين وأعضاء جيش التحرير" لتشمل كل من شارك في الكفاح المسلح بمختلف جبهاته: الجنوب والشمال والريف والجيش الملكي.يتكون نظام التقاعد والتعويضات الحالي من عدة أنظمة متداخلة:المعاش العسكري من الصندوق المغربي للتقاعد (CMR) للعسكريين النظاميين الذين خدموا في القوات المسلحة الملكية، ويحسب على أساس الرتبة والأقدمية مع احتساب السنوات الحربية مضاعفة.
المعاش الفرنسي أو الإسباني لمن خدم في الجيوش الاستعمارية ثم عاد إلى الوطن، وهو معاش مجمد جزئيا منذ 2007 بسبب الخلاف حول الجنسية المزدوجة.
منح ومساعدات استثنائية تقدمها المندوبية السامية بمناسبة الأعياد الوطنية والدينية، وكذا برامج السكن الاجتماعي والقروض الميسرة.
رغم هذا الإطار القانوني، فإن الواقع المعيش يروي حكاية أخرى. ففي الأرياف النائية بإقليمي الحسيمة وتطوان والصويرة وورزازات وزاكورة، لا يزال الآلاف من المقاتلين القدامى يعيشون في دور طينية أو صفيحية، يعانون من أمراض مزمنة كالسل والتهاب المفاصل وفقدان البصر، ولا يجدون أحيانا حتى ثمن الدواء. وفي المدن الكبرى، يضطر كثير منهم إلى بيع بطاقة قدماء المحاربين أو استجداء المساعدة من الجمعيات الخيرية، لأن المعاش الشهري لا يكفي لتغطية الإيجار والعلاج والغذاء معا.ومن أكبر الملفات العالقة ملف "المحاربين غير المسجلين"، وهم من شاركوا في الكفاح المسلح لكنهم لم يتمكنوا من تقديم وثائق رسمية بسبب طبيعة الحرب السرية في تلك الفترة. هؤلاء يقدر عددهم بعشرات الآلاف، وكثير منهم توفي دون أن يحصل على أي تعويض، تاركا أرملته وأيتامه في عوز شديد. وقد رفعت الجمعيات الوطنية لقدماء المقاتلين هذا الملف مرارا إلى أعلى المستويات، مطالبة بفتح تحقيق ميداني استثنائي يعتمد على شهادات الرفاق والقادة التاريخيين بدلا من الوثائق المفقودة.أما ملف المعاشات الفرنسية، فلا يزال يشكل جرحا مفتوحا. فبعد توقيع اتفاقية 2006 بين المغرب وفرنسا، تم تجميد معاش أكثر من 18 ألف محارب مغربي سابق في الجيش الفرنسي، بحجة أنهم يحملون الجنسية المغربية فقط وبالتالي لا يحق لهم الاستفادة من قانون التقاعد الفرنسي. وقد أثار هذا القرار موجة احتجاجات عنيفة في مدن مثل وجدة والناظور والرباط، ولا تزال التنسيقية الوطنية للمحاربين السابقين في الجيوش الأجنبية تطالب بإعادة المعاش كاملا مع التعويض عن السنوات المجمدة.في السنوات الأخيرة، شهد المغرب خطوات ملموسة نحو تحسين الوضع. ففي 2018، أعلن الملك محمد السادس زيادة قدرها 1000 درهم في تعويض جيش التحرير، ثم رفع الحد الأدنى إلى 2000 درهم في 2021، وإلى 3000 درهم في 2024 لمن قضى ثلاث سنوات فأكثر في الكفاح. كما تم تخصيص 600 مليون درهم إضافية في ميزانية 2025 للمندوبية السامية، مع إطلاق برنامج وطني للعناية الطبية المنزلية للمسنين من قدماء المقاتلين، وإحداث 2000 وحدة سكنية اجتماعية خاصة بهم وبأسرهم في مختلف جهات المملكة.كذلك تم توسيع التغطية الصحية لتشمل العلاج في المصحات الخاصة عند الحاجة، وإعفاء أرامل قدماء المحاربين من رسوم التسجيل في الضمان الاجتماعي، وتخصيص نسبة 7% من المناصب المالية في القطاع العام لأبنائهم وأحفادهم. وفي أغسطس 2025، صدرت تعليمات ملكية جديدة بتسوية نهائية لملف المعاشات الفرنسية خلال سنة 2026، مع فتح باب التسجيل الاستثنائي للمقاتلين غير المسجلين حتى نهاية 2027.لكن هذه الإجراءات، رغم أهميتها، تبقى دون الطموح. فالجمعيات الممثلة لقدماء المقاتلين تطالب اليوم برفع التعويض الشهري إلى 5000 درهم كحد أدنى، وبتمديد التغطية الصحية الكاملة لكما في القطاع العسكري، وبإحداث "صندوق وطني لكرامة المقاتلين القدامى" يمول من موارد مستقلة بعيدا عن تقلبات قانون المالية السنوي. كما تطالب بإصلاح جذري لقانون التقاعد العسكري بحيث يحسب المعاش على أساس آخر راتب بدلا من متوسط الرواتب، وبإلغاء شرط السن في الاستفادة من السكن الاجتماعي.إن الوفاء لقدماء المحاربين ليس مجرد شعار يرفع في المناسبات الوطنية، بل هو التزام أخلاقي وسياسي يومي. فكلما تأخرنا في إنصاف هذه الفئة، كلما ضعفت الثقة في قدرة الدولة على حفظ العهد مع أبنائها. والمغرب الذي يحتفل كل سنة بذكرى استرجاع الأقاليم الصحراوية وبذكرى المقاومة وجيش التحرير، مدعو أكثر من أي وقت مضى إلى ترجمة هذا الاحتفال إلى أفعال ملموسة: معاش يكفي للعيش بكرامة، علاج متاح في كل مكان، وسكن لائق يحمي من البرد والحر.إن التاريخ لا يرحم. والأجيال القادمة ستحكم على جيلنا ليس بما نقوله في الخطب، بل بما نتركه لهؤلاء الأبطال من أثر. فإما أن نكون أمة تحفظ لأبطالها مكانتهم، أو نكون مجرد شعب ينسى سريعا من ضحى من أجله. والخيار بين الأمرين واضح، والوقت يمر، وعدد الأبطال الباقين يتناقص يوما بعد يوم.فلتكن السنوات القليلة القادمة سنوات الإنصاف الكامل، حتى ينام كل مقاتل قديم قرير العين، عارفا أن الوطن الذي دافع عنه بشبابه لم ينساه في شيخوخته.
من قضى من سنتين إلى 3 سنوات: 2000 درهم شهريا
من قضى من سنة إلى سنتين: 1500 درهم شهريا
من قضى أقل من سنة (بشهادة رفاق موثقة): 1000 درهم شهريا
إذا كان لها أيتام قاصرون: زيادة 300 درهم عن كل يتيم حتى بلوغه 21 سنة أو انتهاء دراسته
رقيب أول تقاعد برتبة مساعد: بين 7500 و9500 درهم
ضابط صف برتبة ادجودان: بين 11,000 و14,000 درهم
ضابط سامي (عقيد فما فوق): بين 18,000 و28,000 درهم
(هذه الأرقام صافية بعد الضريبة وتشمل الزيادات المتتالية من 2019 إلى 2025)
بعد التجميد (من 2007 إلى الآن): مجمد عند آخر قيمة 2006 مع زيادة رمزية سنوية لا تتجاوز 2%
من استفاد من التسوية الجزئية سنة 2023–2025: عاد إلى 450–700 أورو شهريا فقط
الملف لا يزال معلقا بالنسبة لأكثر من 9000 مستفيد مغربي
منحة عيد الفطر: 1500 درهم
منحة عيد الأضحى: 2000 درهم
منحة رأس السنة الميلادية: 1000 درهم
منحة ذكرى المسيرة الخضراء: 1500 درهم
إجمالي المنح السنوية الثابتة: حوالي 8000 درهم سنويا لكل مستفيد مسجل
اقتناء جهاز طبي (كرسي متحرك، جهاز تنفس، سماعات أذن): حتى 30,000 درهم
ترميم مسكن أو بناء غرفة إضافية: حتى 80,000 درهم (مرة واحدة مدى الحياة)
تم تسليم أكثر من 8500 وحدة منذ 2019 وبرنامج جديد بـ5000 وحدة إضافية أُعلن عنه في أكتوبر 2025
الطائرة (الخطوط الملكية المغربية داخل المغرب): تخفيض 30%
المستشفيات العسكرية: علاج مجاني 100%
المصحات الخاصة (بموافقة المندوبية): تعويض حتى 90% من الفاتورة
هذه الأرقام تظهر بوضوح الفجوة الكبيرة بين من كان ضابطا في الجيش النظامي (معاش مريح) وبين مجاهد جيش التحرير في الجبال والصحراء (3000 درهم كحد أقصى). ولهذا السبب تستمر الاحتجاجات والمطالب برفع تعويض جيش التحرير إلى 5000 درهم على الأقل، وبتوحيد نظام التقاعد بحيث لا يبقى هناك فرق شاسع بين من حمل السلاح في الخفاء ومن خدم في الثكنات النظامية.إن الوطن مدين لهؤلاء الرجال والنسوة بأكثر من مجرد أرقام وبنود في قانون المالية. إنه مدين لهم بكرامة تعادل تضحيتهم. والأمل معقود اليوم على المشاريع الكبرى التي أعلن عنها في 2025–2026 لتسوية كل الملفات العالقة قبل أن يرحل آخر جندي من جيل التحرير والمسيرة الخضراء.