الجهود الدبلوماسية الأمريكية ودور الأطراف الدولية في إحياء الحوار
مشروع السلام بين المغرب والجزائر: بين الآمال الدبلوماسية والتوترات الإقليمية
اهلاً وسهلاً بك، يا صديقي الجميل! شكراً لك على هذا السؤال الذي يمس قضية حيوية في قلب المغرب العربي. النزاع بين المغرب والجزائر ليس مجرد خلاف حدودي أو إقليمي، بل هو قصة طويلة من المنافسة الجيوسياسية، الإرث الاستعماري، والطموحات الإقليمية التي أعاقت اتحاد المغرب العربي الكبير لعقود. في هذا المقال المطول، سنستعرض تاريخ "مشروع السلام" بين البلدين – أو بالأحرى، الجهود المتقطعة للتهدئة والحل – مع التركيز على الأطراف المتدخلة التي تشكل الديناميكيات، ومصير هذه المبادرات في ظل التطورات الحديثة حتى أكتوبر 2025. سنعتمد على تحليلات حديثة من مصادر موثوقة لنرسم صورة شاملة، معتمدين على الواقع السياسي المتغير.جذور النزاع: من الحرب الرمالية إلى الصحراء الغربيةيُعتبر النزاع المغربي الجزائري واحداً من أكثر الصراعات تعقيداً في شمال أفريقيا، يعود إلى الستينيات مع "حرب الرمال" عام 1963، حيث اشتبك الجيشان المغربي والجزائري على مناطق حدودية متنازع عليها بعد استقلال الجزائر عن فرنسا. كان ذلك الصدام قصيراً، لكنه أسس لدورة من التوترات، حيث سعى المغرب – تحت قيادة الملك الحسن الثاني – إلى استعادة أراضٍ يعتبرها جزءاً من "المغرب الكبير"، بينما رأت الجزائر في ذلك تهديداً لسيادتها الناشئة.مع ذلك، شهدت العلاقات فترات من التقارب، مثل اتفاقية الحدود عام 1972، ومحاولات الاتحاد المغاربي في السبعينيات والثمانينيات. لكن القضية الحاسمة التي عرقلت السلام الدائم هي نزاع الصحراء الغربية، الذي اندلع عام 1975 بعد "المسيرة الخضراء" التي نظمها الملك الحسن الثاني لاستعادة الإقليم من الاستعمار الإسباني. هنا تدخلت الجزائر لدعم جبهة البوليساريو، التي تطالب باستقلال الصحراء، مما أدى إلى حرب استنزاف استمرت حتى وقف إطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة عام 1991. كانت هذه اللحظة أول "مشروع سلام" حقيقي، مع خطة "بيكر الثانية" التي اقترحت استفتاءً لتقرير مصير الصحراء، لكنها فشلت بسبب خلافات حول قوائم الناخبين.في العقود اللاحقة، شهدت المبادرات الدبلوماسية تقدماً وتراجعاً. عام 2007، قدم المغرب خطة الحكم الذاتي كحل واقعي، مدعوماً من الولايات المتحدة وفرنسا، بينما أصرت الجزائر على حق تقرير المصير عبر استفتاء. أدى ذلك إلى إغلاق الحدود المغربية الجزائرية منذ 1994، وتفاقم التوترات مع قطع العلاقات الدبلوماسية الكامل عام 2021، بعد اتهامات متبادلة بالتجسس ودعم الجماعات المسلحة. بحلول 2025، أصبح النزاع "حرب باردة" إقليمية، مع سباق تسلح: الجزائر تخصص 25 مليار دولار للدفاع، والمغرب 12 ملياراً، مما يهدد بتصعيد عسكري غير مباشر.الجهود الحديثة: نافذة أمريكية للدبلوماسية في 2025مع حلول 2025، يبدو أن "مشروع السلام" يشهد إحياءً غير متوقع، مدفوعاً بشكل أساسي بالولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب. في مقابلة مع قناة CBS نهاية أكتوبر 2025، أعلن المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن "فريقنا يركز حالياً على المغرب والجزائر، وأعتقد أن صفقة سلام ستكون جاهزة في الستين يوماً القادمة". هذا الإعلان يأتي في سياق جهود أمريكية لإعادة رسم التوازن في المنطقة، خاصة مع الذكرى الخمسين لـ"المسيرة الخضراء" في نوفمبر 2025، التي يُنظر إليها كفرصة رمزية لتحويل النزاع إلى حل.الخطة الأمريكية تركز على إعادة إطلاق المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة، مع ميزانية زمنية واضحة: مشروع قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يُصوت عليه في 30 أكتوبر 2025، يمنح ثلاثة أشهر لإنهاء النزاع وإعادة التفاوض. يدعو مبعوث الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا إلى جولة جديدة من المحادثات بنهاية العام، مشدداً على توضيح خطة الحكم الذاتي المغربية (2007) كأساس واقعي، مع ضمانات لتقرير المصير. كما أكد مستشار ترامب لشؤون أفريقيا، مسعد بولوس، بعد لقائه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أن الجزائر "مفتوحة لبناء جسور الثقة مع الشعب المغربي والملك والحكومة"، مشيراً إلى أهمية الأسابيع المقبلة مع تجديد تفويض بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء (مينورسو).هذه المبادرة ليست معزولة؛ إنها جزء من استراتيجية أمريكية أوسع لتعزيز الاستقرار الإقليمي، خاصة مع انتشار الراديكالية في الساحل وارتفاع أسعار الطاقة. ومع ذلك، يحذر تقرير مجموعة الأزمات الدولية (Crisis Group) من أن "بدون دبلوماسية مستدامة، قد يؤدي القتال المتجدد إلى عدم استقرار المنطقة، وربما سحب المغرب والجزائر إلى مواجهة مباشرة".الأطراف المتدخلة: شبكة من التحالفات والضغوط الخارجيةلا يمكن فهم "مشروع السلام" دون النظر إلى الأطراف المتدخلة، التي تحول النزاع إلى لعبة إقليمية وعالمية. هذه الأطراف ليست مجرد مراقبين، بل لاعبين يستخدمون الاقتصاد، السلاح، والدبلوماسية لتشكيل النتيجة.الولايات المتحدة: اللاعب الرئيسي في 2025، تدعم خطة الحكم الذاتي المغربية منذ 2020، مقابل اعتراف المغرب بسيادة إسرائيل. ومع ذلك، تواجه تناقضات داخلية، حيث يدفع "المتشددون" في واشنطن لتصنيف البوليساريو كإرهابيين وإنهاء مينورسو، مما يثير غضب الجزائر. الولايات المتحدة تستخدم نفوذها للضغط على الجانبين لتقديم تنازلات متبادلة، مثل إطلاق سراح السجناء الصحراويين من قبل المغرب ووقف الهجمات العسكرية من قبل البوليساريو.فرنسا وأوروبا: فرنسا، الوريثة الاستعمارية، تاريخياً مترددة، لكنها انحازت للمغرب في 2024 بتوقيع صفقات استثمارية بـ11.6 مليار دولار في الطاقة والنقل، مقابل دعم خطة الحكم الذاتي. هذا أغضب الجزائر، التي ردت بمقاطعة واردات القمح الفرنسي (من 5 ملايين طن في 2019 إلى صفر في 2025)، موجهاً مشترياتها إلى روسيا. إسبانيا تبعت الخط الفرنسي في 2022 للسيطرة على الهجرة غير الشرعية، بينما تحافظ ألمانيا وإيطاليا على توازن مع الجزائر عبر صفقات الغاز (إيطاليا تعتمد على 31 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز الجزائري). الاتحاد الأوروبي يواجه معارك قانونية حول تجارة الصحراء، ويُوصى بتشكيل "مجموعة اتصال" أوروبية للتهدئة.إسرائيل والخليج: علاقات المغرب الإسرائيلية (منذ اتفاقيات أبراهام 2020) أثارت غضب الجزائر، التي ترى فيها تهديداً أمنياً. الإمارات العربية المتحدة تدعم المغرب بـ2.5 مليار دولار لمشروع خط أنابيب نيجيريا-المغرب، لتعزيز نفوذه في الساحل.روسيا وتركيا: روسيا تزود الجزائر بالأسلحة والقمح، مما يعزز موقفها، بينما تركيا تبيع أسلحة للمغرب. هذا السباق التسلحي يزيد من مخاطر التصعيد.البوليساريو والجزائر: الجزائر ليست طرفاً مباشراً، لكنها توفر قواعد خلفية للبوليساريو، وتدعم استقلال الصحراء عبر استفتاء. البوليساريو، بدورها، تواجه ضغوطاً داخلية من الشباب للتصعيد، مع هجمات متفرقة في المنطقة العازلة.دول الساحل وموريتانيا: التحالف الساحلي (AES) الذي شكلته بوركينا فاسو ومالي والنيجر في 2023 يقترب من الجزائر، بينما يقترح المغرب "مبادرة أتلانتيك أفريكا" لربط الدول البرية بالمحيط. موريتانيا قد تكون وسيطاً محتملاً.هذه الأطراف تحول النزاع إلى "اقتصاد سياسي"، حيث تستخدم الجزائر الغاز للضغط على أوروبا (إغلاق خط المغرب-أوروبا عام 2021)، والمغرب الطاقة المتجددة والسيطرة على الهجرة لكسب الحلفاء.مصير المشروع: بين الفرص والمخاطرمصير "مشروع السلام" في 2025 غامض، لكنه يحمل آمالاً حقيقية مع الضغط الأمريكي. إذا نجحت المفاوضات في الثلاثة أشهر القادمة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى إعادة فتح الحدود (مغلقة منذ 31 عاماً)، وتعاون اقتصادي في الطاقة والأمن الحدودي، مما يعزز الاتحاد المغاربي ويحارب الإرهاب في الساحل. تقرير كارنيغي يشير إلى أن "الدولتان تستخدمان الأدوات الاقتصادية للتنافس، لكن التعاون يمكن أن يحول المنافسة إلى شراكة إقليمية".ومع ذلك، التحديات كبيرة: الثقة المفقودة، السباق التسلحي، والضغوط الداخلية (مثل الشباب الصحراويين الذين يطالبون بالعنف). تقرير Crisis Group يحذر من "انزلاق إلى مرحلة متقلبة" إذا انهار مينورسو أو تم تصنيف البوليساريو إرهابياً، مما قد يؤدي إلى احتلال مغربي للمنطقة العازلة ومواجهة مباشرة مع الجزائر. كما أن الانتخابات الأمريكية المقبلة قد تغير الديناميكيات، مع ميل محتمل لترامب نحو المغرب. الآفاق الشخصية: حرب غير محتملة قريباً (احتمال 20% في 2026)، لكن التوترات ستستمر إلا إذا قدم الجانبان تنازلات، مثل تفصيل الجزائر لدعمها للبوليساريو وتفاصيل المغرب لضمانات الموارد والأمن.خاتمة: نحو مغرب عربي موحد؟في النهاية، "مشروع السلام" بين المغرب والجزائر ليس مجرد اتفاق دبلوماسي، بل فرصة لإعادة بناء الثقة بين شعبين يشتركان في التاريخ والثقافة. المتدخلون الخارجيون يعقدون الأمر، لكنهم أيضاً يمكن أن يدفعوا نحو الحل إذا اتحدت جهودهم خلف الأمم المتحدة. مع نهاية 2025، يبقى السؤال مفتوحاً: هل ستكون "المسيرة الخضراء" الخمسين ذكرى للانتصار، أم بداية لسلام دائم؟ الإجابة تعتمد على إرادة الزعماء والضغط الدولي.