الحلقة 12: "الاسم الذي لا يُقال"
السلام عليكم.
الهواء كان باردًا في بلدة "ريد باين"، والثلج قد بدأ يذوب على أرصفة الطرقات مثل ذكرى حزينة. نزل ريتشارد كيمبل من الحافلة الأخيرة عند محطة شبه خالية، ولم يلفت الأنظار سوى بكوفيته الرمادية ونظراته المتفحصة لكل زاوية ومارّ.
كانت هذه البلدة الصغيرة معروفة بكونها منسية، لا يمر بها الكثيرون، ولا تخرج منها أسرارها بسهولة. لكن كيمبل لم يكن يبحث عن الراحة... كان يبحث عن رجل اسمه "ديل مورتون".
ديل... كان في الماضي مريضًا عولج في المستشفى نفسه الذي قُتلت فيه هيلين، زوجة كيمبل. وكان اسمه قد ذُكر عرضًا في ملف طبي، لكن بطريقة محذوفة وغريبة، كأن هناك من أراد طمس وجوده. وهو من القلائل الذين كان لزوج هيلين مشاكل قديمة معهم.
اختار كيمبل أن يتخفى هذه المرة في شخصية عامل تصليحات متنقل، وبدأ يعمل مع ورشة صغيرة يملكها رجل مسن يُدعى جو بارنيت. بهذا الغطاء، كان يدخل البيوت، يتحدث مع الناس، ويستقصي.
وذات يوم، أثناء تصليح سخّان في منزل عتيق عند أطراف البلدة، رأى صورة قديمة مؤطّرة على الحائط: شاب قوي البنية يرتدي زيًا عسكريًا، يضحك بصحبة امرأة كانت تضع يدها على كتفه. كتب أسفل الصورة: ديل وتريسي مورتون – 1996.
عرف ريتشارد أنها هي. تريسي، الأخت التي أخفت كل شيء.
سعى للتقرب منها بحذر، وكان أول لقاء بينهما في مكتبة عامة، ثم تبعه لقاءان في متجر البقالة، حتى دعته ذات ليلة لاحتساء قهوة في منزلها.
المنزل كان شبه مظلم، مثل صاحبة المكان. تجلس كأنها تحمل وزن عشر سنوات من الخوف والانتظار.
قال لها كيمبل، بصوت منخفض وكأنه يخاف على السؤال من أن يُقتل قبل أن يُقال:
– "كنت أبحث عن ديل... شقيقك."
تريسي انتفضت، وضعت كوب القهوة، ونظرت إليه طويلاً، كأنها تحاول قراءة دواخله.
ثم قالت:
– "الناس هنا لا يذكرون ذلك الاسم... ليس لأنه ميت، بل لأن ذكره قد يميت من يتكلم."
– "لكن لماذا؟ ما الذي يخيفهم؟"
– "ديل لم يغادر البلدة كما قالوا. لقد... اختفى، بعد ليلة شهد فيها شيئًا لم يكن يجب أن يراه."
ريتشارد شعر بارتجافة في أطرافه. لعله الآن يقترب من سر دفن معه كثيرون.
لكن صوتًا خفيفًا قطع حوارهما... كأن شخصًا يتحرك بالخارج. ذهب كيمبل إلى النافذة، ولمح ظلًا يبتعد سريعًا، كمن التقط شيئًا وهرب. لم يكن يدرِ أن هذا "الشيء" كان صورة له وتريسي... التُقطت خلسة، وكانت في طريقها للمفتش جيرارد.
في اليوم التالي، عُلّقت صورة الرجل "المطلوب للعدالة" على باب محطة البلدة الصغيرة.
وجيرارد؟ كان على بُعد 200 كيلومتر فقط... يقترب.
لكن ريتشارد الآن لا يهرب فقط... بل يحمل في جعبته خيطًا جديدًا من خيوط الحقيقة.
خيط ربما يجرّ المدينة كلها نحو سرّ أكبر مما ظنه أحد.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله...
والسلام عليكم ورحمة الله.
الهواء كان باردًا في بلدة "ريد باين"، والثلج قد بدأ يذوب على أرصفة الطرقات مثل ذكرى حزينة. نزل ريتشارد كيمبل من الحافلة الأخيرة عند محطة شبه خالية، ولم يلفت الأنظار سوى بكوفيته الرمادية ونظراته المتفحصة لكل زاوية ومارّ.
كانت هذه البلدة الصغيرة معروفة بكونها منسية، لا يمر بها الكثيرون، ولا تخرج منها أسرارها بسهولة. لكن كيمبل لم يكن يبحث عن الراحة... كان يبحث عن رجل اسمه "ديل مورتون".
ديل... كان في الماضي مريضًا عولج في المستشفى نفسه الذي قُتلت فيه هيلين، زوجة كيمبل. وكان اسمه قد ذُكر عرضًا في ملف طبي، لكن بطريقة محذوفة وغريبة، كأن هناك من أراد طمس وجوده. وهو من القلائل الذين كان لزوج هيلين مشاكل قديمة معهم.
اختار كيمبل أن يتخفى هذه المرة في شخصية عامل تصليحات متنقل، وبدأ يعمل مع ورشة صغيرة يملكها رجل مسن يُدعى جو بارنيت. بهذا الغطاء، كان يدخل البيوت، يتحدث مع الناس، ويستقصي.
وذات يوم، أثناء تصليح سخّان في منزل عتيق عند أطراف البلدة، رأى صورة قديمة مؤطّرة على الحائط: شاب قوي البنية يرتدي زيًا عسكريًا، يضحك بصحبة امرأة كانت تضع يدها على كتفه. كتب أسفل الصورة: ديل وتريسي مورتون – 1996.
عرف ريتشارد أنها هي. تريسي، الأخت التي أخفت كل شيء.
سعى للتقرب منها بحذر، وكان أول لقاء بينهما في مكتبة عامة، ثم تبعه لقاءان في متجر البقالة، حتى دعته ذات ليلة لاحتساء قهوة في منزلها.
المنزل كان شبه مظلم، مثل صاحبة المكان. تجلس كأنها تحمل وزن عشر سنوات من الخوف والانتظار.
قال لها كيمبل، بصوت منخفض وكأنه يخاف على السؤال من أن يُقتل قبل أن يُقال:
– "كنت أبحث عن ديل... شقيقك."
تريسي انتفضت، وضعت كوب القهوة، ونظرت إليه طويلاً، كأنها تحاول قراءة دواخله.
ثم قالت:
– "الناس هنا لا يذكرون ذلك الاسم... ليس لأنه ميت، بل لأن ذكره قد يميت من يتكلم."
– "لكن لماذا؟ ما الذي يخيفهم؟"
– "ديل لم يغادر البلدة كما قالوا. لقد... اختفى، بعد ليلة شهد فيها شيئًا لم يكن يجب أن يراه."
ريتشارد شعر بارتجافة في أطرافه. لعله الآن يقترب من سر دفن معه كثيرون.
لكن صوتًا خفيفًا قطع حوارهما... كأن شخصًا يتحرك بالخارج. ذهب كيمبل إلى النافذة، ولمح ظلًا يبتعد سريعًا، كمن التقط شيئًا وهرب. لم يكن يدرِ أن هذا "الشيء" كان صورة له وتريسي... التُقطت خلسة، وكانت في طريقها للمفتش جيرارد.
في اليوم التالي، عُلّقت صورة الرجل "المطلوب للعدالة" على باب محطة البلدة الصغيرة.
وجيرارد؟ كان على بُعد 200 كيلومتر فقط... يقترب.
لكن ريتشارد الآن لا يهرب فقط... بل يحمل في جعبته خيطًا جديدًا من خيوط الحقيقة.
خيط ربما يجرّ المدينة كلها نحو سرّ أكبر مما ظنه أحد.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله...
والسلام عليكم ورحمة الله.