الحلقة 7: رائحة الرماد
🔹 الحلقة 7: رائحة الرماد
توقف القطار الذي استقله احمد بعيدًا عن المسار المعتاد، عند بلدة صناعية قديمة تسمى "بيوريا"، لم يكن اختياره مقصودًا... لكنّ كل هارب يعرف أن الصدفة هي أحيانًا أكثر من دليل.
كان الثلج لا يزال يغطي جوانب الطرق، لكنّ رائحة احتراق قديم تسللت إلى أنفه.
لم تكن نارًا مشتعلة، بل شيء آخر... رماد له روح.
كأنّ الحريق لم يأخذ كل شيء، بل ترك خلفه سرًّا يتنفس.
قادته الرائحة إلى أطلال مصنع متفحم... مصنع أدوية.
المكان مطوّق بالحديد الصدئ، وفي لافتة نصف مقلوعة:
"مرفق أبحاث شركة لينكس فارما – مغلق بأمر اتحادي"
تسارعت دقّات قلبه.
لينكس فارما؟ الاسم محفور في ذاكرته منذ أن سمعه في آخر محادثة بين زوجته عائشة وزميلتها قبل وفاتها.
كانت قلقة... قلقة من شيء كبير. شيء جعل عينيها مضطربتين في الأيام الأخيرة.
كسر قفلاً صدئًا، وهبط درجات سلم تؤدي إلى القبو.
العتمة تلفّ المكان، والغبار يخنق الأنفاس، لكن هناك... رائحة كحول طبي، عبوات متفحمة، ونماذج تقارير نصف محترقة.
وفي أحد الأدراج المعدنية المنسية، عثر على ملف أخفته النيران جزئيًا لكنه نجا:
"تجربة سريرية: المشروع 42 – حالات طارئة – رفض أخلاقي – سرّي للغاية"
كان الخط واضحًا.
وكانت هناك صورة...
صورة لرجل فقد عينه في إحدى التجارب الفاشلة، ومذكرة بخط اليد تقول:
"عائشة زوجة احمد طلبت إيقاف المشروع. ستسبب لنا مشاكل."
سقط احمد على المقعد الحديدي، بينما اصطكت أسنانه من الصدمة.
لم تكن مجرد تجربة عابرة... كانت شركتهم تخفي جرائم، وزوجته كانت الشاهد الوحيد.
ثم ماتت.
وقبل أن يتمالك نفسه، سمع صوت سيارة تتوقف في الأعلى.
فتح نافذة التهوية الخلفية، وانزلق إلى الخارج كالظل، تاركًا خلفه الرماد... والذاكرة.
ولم يكن يعلم أن أحدهم كان يراقبه من بعيد، يحمل صورة قديمة له، ويضع دائرة على اسمه...
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله .
والسلام عليكم و رحمة الله.