(ملي الدولة تتضسر على المواطن)لا لشئ انما لانه يحافظ على الامن و الاستقرار و محب لوطنه و ملكه .والدولة هنا مقصود بها الحكومة.
في السياقات الطبيعية، تكون الدولة هي الكيان الذي يحمي المواطن، يسهر على أمنه وكرامته، يضمن له حقوقه الأساسية من تعليم، صحة، شغل، وسكن، ويؤمّن له مساحة حرة للمشاركة في الحياة العامة دون خوف أو تهميش. لكن ماذا يحدث عندما تنقلب المعادلة؟ عندما تصبح الدولة، بدلًا من الحامي، هي الطرف الذي "يضسر" على المواطن؟ أي تتجبر عليه، وتتجاوز حدودها، وتستقوي عليه لأنه لا يملك ما يدافع به عن نفسه؟ هذا هو الواقع الذي يعيشه عدد من المواطنين المغاربة اليوم، في ظل سياسات قاسية، وغياب العدالة الاجتماعية، وتردي الثقة بين الدولة والشعب.
1. الدولة التي تُحاسب دون أن تُحاسَب
أحد أبرز وجوه "الضسارة عند الدولة" على المواطن هو غياب المحاسبة الحقيقية للسلطة. حين تُفرض الضرائب دون تحسين في الخدمات، وحين يُنهب المال العام دون عقاب، وحين يُسجن الصحفيون والناشطون لمجرد التعبير عن الرأي، فالدولة تُمارس سلطة فوقية لا رادع لها، لأنها تعرف أن المواطن لا يملك أدوات حقيقية للمواجهة. المحاسبة تُطلب فقط من المواطن البسيط، أما مراكز النفوذ، فخارج نطاق المحاسبة.
2. اقتصاد الريع وخنق الطبقات الهشة
الاقتصاد المغربي يعاني من اختلالات بنيوية كبيرة. رغم شعارات "النموذج التنموي الجديد"، لا تزال ثروات البلاد متركزة في يد فئة صغيرة تحتكر القطاعات الحيوية: من المحروقات، إلى العقار، إلى التعليم الخاص. المواطن البسيط يُترك لرحمة السوق، يُفرض عليه الأداء دون استفادة، ويُطلب منه "شد الحزام" بينما تُبذر الأموال في مشاريع لا تمس حياته اليومية / موازين /. هنا يظهر وجه آخر من "ضسارة الدولة+ الحكرة": الاستقواء على المواطن اقتصاديا، وتركه غارقًا في البطالة والديون وغلاء المعيشة.
3. التعليم والصحة: خذل المواطن في الأساسيات
حين تفشل الدولة في توفير تعليم جيد وصحة محترمة، فإنها ترتكب خيانة مباشرة في حق المواطن. المستشفيات العمومية في كثير من المناطق لا تتوفر على الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، والتعليم العمومي يعاني من الاكتظاظ، ضعف التكوين، وهروب الأطر نحو القطاع الخاص. المواطن مجبر على دفع ثمن خدمات يفترض أن تكون مجانية، بل يُحاسب إن اشتكى. وهذا شكل آخر من "الضسارة": تحميل المواطن مسؤولية فشل الدولة.
4. التسلط باسم الأمن
لا أحد ينكر أهمية الأمن، لكن حين يتحول إلى أداة لقمع الحريات، وتبرير العنف الرمزي والمادي، فإن الدولة تمارس "الضسارة" على حق المواطن في التعبير والاحتجاج. عوض أن تُصغي لصوت الشارع، يُتهم المحتجون بالعمالة أو "تهديد استقرار الوطن". ويتم تحريف مطالب اجتماعية بسيطة إلى أجندات خارجية. وهذا ضرب مباشر للثقة، وتشويه متعمد للمواطن حين يجرؤ على المطالبة بحقوقه.
5. منطق "ما عندو باش يدافع على راسو"
الدولة " تضسر" حين تعرف أن المواطن لا يملك أدوات الرد. لا مؤسسات حزبية حقيقية تمثله، ولا نقابات مستقلة تدافع عنه، ولا إعلام حر يوصل صوته. هذه الفجوة بين المواطن والدولة هي التي تسمح باستمرار التجبر، لأن الدولة تحس بأنها "في مأمن"، محمية من كل محاسبة، تمامًا كما في المثال البسيط: الكلب الصغير الذي يضرب القط لأنه يعلم أن والده القوي يحميه، فلا يخشى العقاب.
6. نحو دولة المواطن... لا دولة المتسلط
المطلوب اليوم ليس أكثر من توازن عادل بين الحقوق والواجبات. لا يمكن للدولة أن تطالب المواطن بالولاء، والدفع، والصبر، بينما تحرمه من الخدمات، والكرامة، والعدالة. يجب أن تتحول الدولة من كيان يفرض سلطته من فوق، إلى شريك حقيقي في حياة المواطن اليومية. المطلوب ليس "تجريم" الدولة، ولكن مساءلتها، دفعها للاستماع والاعتراف بالخلل، وتصحيحه بشجاعة.
خاتمة
إن عبارة "ملي الدولة تتضسر على المواطن" ليست مجرد تعبير دارج، بل اختزال عميق لواقع اجتماعي وسياسي مؤلم، حيث فقد المواطن الثقة في المؤسسات، وشعر بأنه وحيد في مواجهة آلة بيروقراطية واقتصادية لا ترحمه. الطريق إلى التغيير يبدأ من الاعتراف: الاعتراف بأن الكرامة لا تُطلب من المواطن فقط، بل يجب أن تكون متبادلة. وأن الدولة القوية بحق، هي التي تحمي الضعفاء... لا التي تستقوي عليهم.
في السياقات الطبيعية، تكون الدولة هي الكيان الذي يحمي المواطن، يسهر على أمنه وكرامته، يضمن له حقوقه الأساسية من تعليم، صحة، شغل، وسكن، ويؤمّن له مساحة حرة للمشاركة في الحياة العامة دون خوف أو تهميش. لكن ماذا يحدث عندما تنقلب المعادلة؟ عندما تصبح الدولة، بدلًا من الحامي، هي الطرف الذي "يضسر" على المواطن؟ أي تتجبر عليه، وتتجاوز حدودها، وتستقوي عليه لأنه لا يملك ما يدافع به عن نفسه؟ هذا هو الواقع الذي يعيشه عدد من المواطنين المغاربة اليوم، في ظل سياسات قاسية، وغياب العدالة الاجتماعية، وتردي الثقة بين الدولة والشعب.
1. الدولة التي تُحاسب دون أن تُحاسَب
أحد أبرز وجوه "الضسارة عند الدولة" على المواطن هو غياب المحاسبة الحقيقية للسلطة. حين تُفرض الضرائب دون تحسين في الخدمات، وحين يُنهب المال العام دون عقاب، وحين يُسجن الصحفيون والناشطون لمجرد التعبير عن الرأي، فالدولة تُمارس سلطة فوقية لا رادع لها، لأنها تعرف أن المواطن لا يملك أدوات حقيقية للمواجهة. المحاسبة تُطلب فقط من المواطن البسيط، أما مراكز النفوذ، فخارج نطاق المحاسبة.
2. اقتصاد الريع وخنق الطبقات الهشة
الاقتصاد المغربي يعاني من اختلالات بنيوية كبيرة. رغم شعارات "النموذج التنموي الجديد"، لا تزال ثروات البلاد متركزة في يد فئة صغيرة تحتكر القطاعات الحيوية: من المحروقات، إلى العقار، إلى التعليم الخاص. المواطن البسيط يُترك لرحمة السوق، يُفرض عليه الأداء دون استفادة، ويُطلب منه "شد الحزام" بينما تُبذر الأموال في مشاريع لا تمس حياته اليومية / موازين /. هنا يظهر وجه آخر من "ضسارة الدولة+ الحكرة": الاستقواء على المواطن اقتصاديا، وتركه غارقًا في البطالة والديون وغلاء المعيشة.
3. التعليم والصحة: خذل المواطن في الأساسيات
حين تفشل الدولة في توفير تعليم جيد وصحة محترمة، فإنها ترتكب خيانة مباشرة في حق المواطن. المستشفيات العمومية في كثير من المناطق لا تتوفر على الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، والتعليم العمومي يعاني من الاكتظاظ، ضعف التكوين، وهروب الأطر نحو القطاع الخاص. المواطن مجبر على دفع ثمن خدمات يفترض أن تكون مجانية، بل يُحاسب إن اشتكى. وهذا شكل آخر من "الضسارة": تحميل المواطن مسؤولية فشل الدولة.
4. التسلط باسم الأمن
لا أحد ينكر أهمية الأمن، لكن حين يتحول إلى أداة لقمع الحريات، وتبرير العنف الرمزي والمادي، فإن الدولة تمارس "الضسارة" على حق المواطن في التعبير والاحتجاج. عوض أن تُصغي لصوت الشارع، يُتهم المحتجون بالعمالة أو "تهديد استقرار الوطن". ويتم تحريف مطالب اجتماعية بسيطة إلى أجندات خارجية. وهذا ضرب مباشر للثقة، وتشويه متعمد للمواطن حين يجرؤ على المطالبة بحقوقه.
5. منطق "ما عندو باش يدافع على راسو"
الدولة " تضسر" حين تعرف أن المواطن لا يملك أدوات الرد. لا مؤسسات حزبية حقيقية تمثله، ولا نقابات مستقلة تدافع عنه، ولا إعلام حر يوصل صوته. هذه الفجوة بين المواطن والدولة هي التي تسمح باستمرار التجبر، لأن الدولة تحس بأنها "في مأمن"، محمية من كل محاسبة، تمامًا كما في المثال البسيط: الكلب الصغير الذي يضرب القط لأنه يعلم أن والده القوي يحميه، فلا يخشى العقاب.
6. نحو دولة المواطن... لا دولة المتسلط
المطلوب اليوم ليس أكثر من توازن عادل بين الحقوق والواجبات. لا يمكن للدولة أن تطالب المواطن بالولاء، والدفع، والصبر، بينما تحرمه من الخدمات، والكرامة، والعدالة. يجب أن تتحول الدولة من كيان يفرض سلطته من فوق، إلى شريك حقيقي في حياة المواطن اليومية. المطلوب ليس "تجريم" الدولة، ولكن مساءلتها، دفعها للاستماع والاعتراف بالخلل، وتصحيحه بشجاعة.
خاتمة
إن عبارة "ملي الدولة تتضسر على المواطن" ليست مجرد تعبير دارج، بل اختزال عميق لواقع اجتماعي وسياسي مؤلم، حيث فقد المواطن الثقة في المؤسسات، وشعر بأنه وحيد في مواجهة آلة بيروقراطية واقتصادية لا ترحمه. الطريق إلى التغيير يبدأ من الاعتراف: الاعتراف بأن الكرامة لا تُطلب من المواطن فقط، بل يجب أن تكون متبادلة. وأن الدولة القوية بحق، هي التي تحمي الضعفاء... لا التي تستقوي عليهم.