سيكيريتي المستشفيات: سلطة خفية داخل الأبواب
السلام عليكم.
"السيكيريتي" في مستشفيات المغرب.. من حفظ النظام إلى الوساطة في المرض
بقلم: [اجواد الليل]
في مشهد يتكرر يوميًا أمام أبواب المستشفيات المغربية، يقف رجل أمن خاص بزيه الرسمي، لا ليرشد المرضى أو يحمي النظام، بل ليتحكم – أحيانًا – في مصير المرضى والمحتاجين. لم تعد وظيفة "السيكيريتي" مقتصرة على تنظيم الدخول والخروج وضبط النظام، بل تحولت إلى "وسيط" غير رسمي بين المواطن ومرافق العلاج.
الواقع المؤلم
في مستشفى عمومي بالدار البيضاء، تحكي سيدة جاءت مرافقة لوالدها المسن كيف طلب منها رجل الأمن مبلغًا ماليًا مقابل السماح بالدخول إلى قسم الطوارئ دون انتظار طويل. "قال لي بالحرف: إيلا بغيتي تدخل فالحين، راه خاصنا نعاونك.."، هكذا تصف السيدة الواقعة، مؤكدة أن المبلغ لم يكن رمزيا.
قصة أخرى من فاس، حيث صرح شاب أنه اضطر لدفع 100 درهم لأحد عناصر الأمن الخاص من أجل الحصول على سرير في قسم المستعجلات. "كنت حاس براسي غنموت، ومع ذلك قال ليا: سِير شوف السيكيريتي اللي كيخدم فالباب، راه هو اللي كايقضي الأمور"، يقول الشاب بغضب.
تجاوزات خطيرة
تشير شهادات عديدة إلى تورط بعض عناصر الأمن الخاص في عمليات ابتزاز ممنهجة، مستغلين ضعف التنظيم داخل المؤسسات
"السيكيريتي" في مستشفيات المغرب.. من حفظ النظام إلى الوساطة في المرض
بقلم: [اجواد الليل]
في مشهد يتكرر يوميًا أمام أبواب المستشفيات المغربية، يقف رجل أمن خاص بزيه الرسمي، لا ليرشد المرضى أو يحمي النظام، بل ليتحكم – أحيانًا – في مصير المرضى والمحتاجين. لم تعد وظيفة "السيكيريتي" مقتصرة على تنظيم الدخول والخروج وضبط النظام، بل تحولت إلى "وسيط" غير رسمي بين المواطن ومرافق العلاج.
الواقع المؤلم
في مستشفى عمومي بالدار البيضاء، تحكي سيدة جاءت مرافقة لوالدها المسن كيف طلب منها رجل الأمن مبلغًا ماليًا مقابل السماح بالدخول إلى قسم الطوارئ دون انتظار طويل. "قال لي بالحرف: إيلا بغيتي تدخل فالحين، راه خاصنا نعاونك.."، هكذا تصف السيدة الواقعة، مؤكدة أن المبلغ لم يكن رمزيا.
قصة أخرى من فاس، حيث صرح شاب أنه اضطر لدفع 100 درهم لأحد عناصر الأمن الخاص من أجل الحصول على سرير في قسم المستعجلات. "كنت حاس براسي غنموت، ومع ذلك قال ليا: سِير شوف السيكيريتي اللي كيخدم فالباب، راه هو اللي كايقضي الأمور"، يقول الشاب بغضب.
تجاوزات خطيرة
تشير شهادات عديدة إلى تورط بعض عناصر الأمن الخاص في عمليات ابتزاز ممنهجة، مستغلين ضعف التنظيم داخل المؤسسات
الصحية، والضغط الكبير الذي يعيشه الطاقم الطبي، وغياب رقابة إدارية فعلية. في بعض الحالات، يَمنع السيكيريتي دخول المواطنين بحجة "أوامر الإدارة"، بينما في الواقع، يتم تمرير آخرين ممن يدفعون أو "يعرفون من يجب أن يُعرف".
أسباب الظاهرة
ضعف التأطير المهني لأفراد الأمن الخاص، وغياب تكوين في الأخلاقيات والتعامل مع المواطنين.
غياب المحاسبة من طرف الإدارات الصحية، بل أحيانًا تواطؤها الضمني مع هذه الممارسات.
الضغط الشديد على البنية التحتية الصحية، مما يُنتج حالة من الفوضى، تُستغل من طرف بعض عناصر الأمن كفرصة للربح غير المشروع.
انتشار الفساد الإداري بشكل عام، حيث لم تعد الرشوة حالة استثنائية بل شبه نظام ضمني في بعض المؤسسات العمومية.
من يتحمل المسؤولية؟
وزارة الصحة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بفتح تحقيقات ميدانية حول هذه التجاوزات، ومحاسبة كل من ثبت تورطه في الاتجار بمعاناة المواطنين. كما أن شركات الأمن المتعاقدة مع المستشفيات عليها واجب تكوين ومراقبة موظفيها، لا تركهم يتصرفون كـ"سلطة ظل".
الحلول الممكنة:
رقمنة المساطر والإجراءات داخل المستشفيات للحد من تدخل العنصر البشري في قرارات الولوج والتوجيه.
فتح قنوات تبليغ فعالة وسرية تمكن المواطنين من تقديم شكايات حول التجاوزات.
إدراج تكوين إلزامي لأفراد السيكيريتي في مجالات التواصل الإنساني وأخلاقيات المهنة.
تفعيل دور المجتمع المدني والإعلام في كشف الانتهاكات وتسليط الضوء على هذه الظواهر.
في الختام، يبقى الأمل معقودًا على إرادة حقيقية للإصلاح، تعيد للقطاع الصحي العمومي روحه، وتعيد لرجل الأمن مكانته كعنصر نظام لا وساطة.
والسلام عليكم و رحمة الله.
ضعف التأطير المهني لأفراد الأمن الخاص، وغياب تكوين في الأخلاقيات والتعامل مع المواطنين.
غياب المحاسبة من طرف الإدارات الصحية، بل أحيانًا تواطؤها الضمني مع هذه الممارسات.
الضغط الشديد على البنية التحتية الصحية، مما يُنتج حالة من الفوضى، تُستغل من طرف بعض عناصر الأمن كفرصة للربح غير المشروع.
انتشار الفساد الإداري بشكل عام، حيث لم تعد الرشوة حالة استثنائية بل شبه نظام ضمني في بعض المؤسسات العمومية.
من يتحمل المسؤولية؟
وزارة الصحة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بفتح تحقيقات ميدانية حول هذه التجاوزات، ومحاسبة كل من ثبت تورطه في الاتجار بمعاناة المواطنين. كما أن شركات الأمن المتعاقدة مع المستشفيات عليها واجب تكوين ومراقبة موظفيها، لا تركهم يتصرفون كـ"سلطة ظل".
الحلول الممكنة:
رقمنة المساطر والإجراءات داخل المستشفيات للحد من تدخل العنصر البشري في قرارات الولوج والتوجيه.
فتح قنوات تبليغ فعالة وسرية تمكن المواطنين من تقديم شكايات حول التجاوزات.
إدراج تكوين إلزامي لأفراد السيكيريتي في مجالات التواصل الإنساني وأخلاقيات المهنة.
تفعيل دور المجتمع المدني والإعلام في كشف الانتهاكات وتسليط الضوء على هذه الظواهر.
في الختام، يبقى الأمل معقودًا على إرادة حقيقية للإصلاح، تعيد للقطاع الصحي العمومي روحه، وتعيد لرجل الأمن مكانته كعنصر نظام لا وساطة.
والسلام عليكم و رحمة الله.