حملة السيوف في المغرب: ظاهرة مقلقة وتشديد قانوني يثير الجدل.


 ظاهرة حملة السيوف او الاسلحة البيضاء وتشديد قانوني في محله 


 السلام عليكم .

الرباط – مايو 2025

على امتداد العقدين الأخيرين، شهد المغرب تصاعدًا مقلقًا في ظاهرة حمل السلاح الأبيض، وخاصة السيوف، في الفضاءات العامة. وتحولت هذه الظاهرة من حالات معزولة إلى مشاهد مألوفة في مقاطع فيديو تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، تُظهر شباناً يعترضون المارة أو يهاجمون ممتلكات عامة وخاصة، في أحيان كثيرة في وضح النهار. وقد خلفت هذه الأفعال حالة من الرعب وسط المواطنين، ودعوات مستمرة لتدخل صارم من طرف الدولة.
في هذا السياق، بادرت الحكومة إلى تشديد العقوبات على حيازة أو استعمال الأسلحة البيضاء، خصوصاً في ظروف مشددة، وهو ما تُرجم مؤخراً في أحكام قاسية وصلت إلى عشر سنوات وأكثر، استناداً إلى الفصل 507 من القانون الجنائي.

الفصل 507: عقوبات تصل إلى المؤبد

ينص الفصل 507 المعدل من القانون الجنائي المغربي على أن:
"يعاقب على السرقة بالسجن المؤبد إذا كان السارقون أو أحدهم حاملاً لسلاح، حسب مفهوم المادة 303، سواء كان ظاهراً أو خفياً، حتى ولو ارتكب السرقة شخص واحد وبدون توفر أي ظرف آخر من ظروف التشديد."
وتُطبق العقوبات نفسها على الأشخاص الذين يستعملون السلاح الأبيض كأداة تهديد أو ترهيب أثناء ارتكاب أفعال إجرامية، ولو لم يُستعمل فعلياً في الاعتداء.

احتجاجات الأمهات: "ولادنا ضحايا، مش مجرمين"

في مشهد غير مألوف، شهدت مدن مغربية مثل الدار البيضاء، سلا، ومراكش وقفات احتجاجية لنساء رفعن صور أبنائهن الذين أصدرت المحاكم في حقهم أحكاماً قاسية، معتبرات أنهم ضحية "التشدد القانوني" و"غياب بدائل إصلاحية".
تقول فاطمة، والدة شاب حُكم عليه بـ12 سنة سجناً:
"ولدي ما ضرب حتى واحد، كان حاضي راسو، وكان مع الدراري فزنقة فيها مشاكل. البوليس شدّو كاملين، ولقاو موس صغير فجيبو. دابا محكوم بعقد من حياتو."

رأي حقوقي: "يجب التمييز بين الحيازة والاستعمال"

وفي تصريح خصّ به الجريدة، قال الأستاذ عبد السلام أيت الجيد، محام بهيئة الرباط وناشط حقوقي:
"نحن لا نعارض الردع، لكن لا بد من التمييز بين من يحمل السلاح الأبيض بدافع الدفاع عن النفس، أو بدافع غير إجرامي، وبين من يستخدمه فعلاً في أعمال إجرامية. المعالجة الصارمة العمياء قد تخلق ضحايا جدد داخل السجون."
وأضاف:
"تشديد القانون يجب أن يواكبه قضاء مرن، قادر على التمييز في الحالات، ويُفعّل بدائل للعقوبة السالبة للحرية، خاصة بالنسبة للشباب الذين يمكن إنقاذهم بالتوجيه، لا بالسجن طويل الأمد."

دعوات إلى مقاربة شمولية

يرى العديد من المهتمين أن الظاهرة لا يمكن القضاء عليها فقط بالأحكام الثقيلة، بل تتطلب مقاربة اجتماعية شاملة، تشمل:
دعم التعليم والتكوين المهني.
إعادة تأهيل الأحياء المهمشة.
تجريم ترويج ثقافة العنف في الإنترنت.
وتعزيز دور المجتمع المدني في التوعية.

خاتمة

بين تهديد السيوف الذي يخيف الشارع، ودموع الأمهات التي تملأ المحاكم، يقف المغرب أمام تحدي الموازنة بين الأمن والعدالة، وبين الردع والعقلانية، في تعاطيه مع ظاهرة تنذر بمخاطر مستقبلية إن لم تُعالج بجذورها.
 
والسلام عليكم و رحمة الله .

تعليقات