هل سكوت الدول المطبّعة بعد ضرب إيران لإسرائيل يعكس خوفًا أم حكمة؟

قراءة في مواقف الدول المطبعة بعد التصعيد الإيراني الإسرائيلي

السلام عليكم
قائمة بأبرز الدول العربية والإسلامية التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل بشكل رسمي أو شبه رسمي، سواء قبل أو بعد "اتفاقيات أبراهام" التي بدأت عام 2020:
* الدول التي طبّعت قديماً (قبل اتفاقيات أبراهام):
1- مصر 🇪🇬
أول دولة عربية تطبع مع إسرائيل.
اتفاقية كامب ديفيد (1979).
علاقات دبلوماسية كاملة وسفارة في تل أبيب.
العلاقات تميل للبرود شعبياً، لكنها نشطة أمنياً وسياسياً.
2- الأردن 🇯🇴
اتفاقية وادي عربة (1994).
علاقات دبلوماسية وأمنية مستمرة.
مثل مصر، توجد معارضة شعبية للتطبيع رغم العلاقات الرسمية.
* الدول التي انضمت في إطار "اتفاقيات أبراهام" (2020):
1-الإمارات العربية المتحدة 🇦🇪
أول دولة خليجية تطبع.
اتفاق سلام وتبادل سفارات.
علاقات تجارية وسياحية نشطة.
2- البحرين 🇧🇭
طبّعت بالتزامن مع الإمارات.
علاقات دبلوماسية وتعاون اقتصادي وأمني.
3- المغرب 🇲🇦
أعاد العلاقات مع إسرائيل نهاية 2020.
حصل بالمقابل على اعتراف أميركي بسيادته على الصحراء الغربية.
العلاقات توسعت بشكل كبير (سياحة، تجارة، عسكري).
4- السودان 🇸🇩
أعلن التطبيع ضمن إطار الاتفاقيات.
التطبيع تأخر في التفعيل الفعلي بسبب الأوضاع السياسية في السودان.
* دول لها علاقات غير معلنة أو جزئية:
1- السعودية 🇸🇦
لا يوجد تطبيع رسمي، لكن هناك تقارير عن علاقات خلف الكواليس، خاصة أمنية.
سمحت للطائرات الإسرائيلية بعبور أجوائها.
مسار التطبيع تباطأ بعد الحرب على غزة 2023–2024.
2- قطر 🇶🇦
ليست من الدول المطبعة رسمياً.
كانت لها مكاتب تجارية سابقة مع إسرائيل أُغلقت لاحقاً.
تلعب دور وساطة، خصوصاً في غزة.
3-عُمان 🇴🇲
لا علاقات رسمية.
استضافت مسؤولين إسرائيليين في السابق (زيارات معلنة).
علاقات هادئة وغير علنية.
* ملحوظة:
التطبيع لا يعني دائماً علاقات "حميمة" أو قبول شعبي، فكثير من هذه الدول تواجه رفضاً شعبياً واسعاً للتطبيع، وتُتهم بـ"خيانة القضية الفلسطينية" من قبل تيارات واسعة في العالم العربي والإسلامي، خاصة بعد الحروب على غزة.
هل سكوت الدول المطبّعة بعد ضرب إيران لإسرائيل يعكس خوفًا أم حكمة؟
الجواب الواقعي هو: مزيج بين الاثنين، لكن بنسب متفاوتة حسب الدولة ومصالحها.
+ أولاً: الخوف
بعض الدول المطبعة – خاصة الخليجية – تخشى مما يلي:
رد فعل إيران أو وكلائها
إيران تملك نفوذاً مباشراً أو غير مباشر في اليمن (الحوثيون)، العراق، سوريا، ولبنان.
أي دعم ظاهر لإسرائيل يمكن أن يُفهم كاصطفاف ضد إيران، ما يجعل هذه الدول أهدافاً محتملة لهجمات أو ضغوط إقليمية.
الرأي العام الداخلي
التطبيع لم يكن مقبولاً شعبياً في معظم هذه الدول، وأي تأييد لإسرائيل خلال تصعيد كبير (مثل ضرب إيران) قد يشعل الغضب الشعبي أو يشوّه صورتها.
عدم الثقة الكاملة بالحماية الأميركية
رغم وجود تحالفات عسكرية، هناك شك في مدى التزام واشنطن بحماية حلفائها في حال نشوب حرب واسعة.
لذلك، السكوت أحيانًا خيار أمني لعدم التورط.
+ ثانياً: الحكمة (أو البراغماتية السياسية)
بعض القادة يرون أن التصعيد لا يخدم مصالحهم الوطنية، ويفضلون البقاء في موقع "الوسيط" أو "الطرف المحايد":
عدم الانجرار لصراع إقليمي واسع
أي تصعيد مباشر مع إيران قد يُجر المنطقة إلى حرب شاملة، وهم يسعون لتجنّبها.
الحفاظ على خط مفتوح مع الجميع
دول مثل الإمارات والمغرب تحاول بناء علاقات مع إسرائيل وفي الوقت نفسه الإبقاء على علاقات مقبولة (أو على الأقل غير عدائية) مع إيران.
المصالح الاقتصادية والاستراتيجية
التصعيد لا يفيد الاقتصاد أو المشاريع الضخمة (مثل رؤية السعودية 2030، أو الطموحات التجارية للإمارات).
التورط في صراع مثل هذا يضعف الاستثمار والاستقرار.
* الخلاصة:
بعض السكوت نابع من الحذر والخوف الواقعي من التورط.
وبعضه مدروس ضمن سياسة "النأي بالنفس" لتجنّب التصعيد.
وفي حالات قليلة، السكوت قد يُوظَّف كأداة تكتيكية لانتظار تغير موازين القوى.
دعنا نحلل موقف المغرب بعد ضرب إيران لإسرائيل ضمن سياق الخوف أم الحكمة:
* ما فعله المغرب عمليًا:
لم يصدر موقفًا رسميًا قويًا لا مع إيران ولا مع إسرائيل بعد الضربة الإيرانية.
اكتفى بإشارات عامة إلى "دعم الاستقرار الإقليمي" أو "القلق من التصعيد".
يواصل العلاقات الهادئة مع إسرائيل، لكنه تجنّب الانخراط في اصطفاف علني ضد إيران.
* هل هذا خوف؟
إلى حد ما، نعم:
إيران لها نفوذ في شمال إفريقيا عبر جماعات شيعية صغيرة وإعلام موجه، وقد سبق أن توترت العلاقات بين الرباط وطهران بسبب اتهامات بدعم جبهة البوليساريو.
المغرب لا يريد أن يتحول إلى طرف في صراع إقليمي قد يجلب له تبعات أمنية أو دبلوماسية غير محسوبة.
الجيش المغربي رغم تطوره، لا يمتلك غطاءً نوويًا أو ردعيًا مثل بعض القوى الأخرى، وبالتالي الحذر واجب.
* هل هذا حكمة؟ بالتأكيد:
المغرب يُجيد لعب دور التوازن:
لديه علاقات قوية مع أميركا وإسرائيل،
لكنه أيضًا يحتفظ بعلاقات مع دول إسلامية كبرى، ولا يريد أن يُعتبر "عدوًا لمحور المقاومة".
لا مصلحة للمغرب في الحرب بين إسرائيل وإيران:
المغرب مهتم بالملف الصحراوي، والتنمية، والاستثمار.
كل ما قد يُغرق المنطقة في صراع واسع يهدد مشاريع المغرب الدولية.
الداخل المغربي يرفض التطبيع بقوة، وخرجت مظاهرات حاشدة بعد حرب غزة الأخيرة (2023–2024).
فالصمت في هذه الحالة أيضًا رسالة داخلية: "لسنا في صف إسرائيل، ولسنا في حالة تبعية مطلقة".
* إذًا: ما وراء السكوت المغربي؟
ليس خوفًا فقط.
وليس دعمًا خفيًا لإسرائيل.
بل هو مزيج من الحذر الاستراتيجي، والتوازن الدبلوماسي، والوعي الداخلي.
+ كيف تنظر إسرائيل إلى المغرب؟
منذ تطبيع العلاقات في 2020، تعتبر إسرائيل أن المغرب شريك استراتيجي هام في شمال إفريقيا للأسباب التالية:
موقعه الجيوسياسي
قربه من أوروبا ومنطقة الساحل (التي تشهد تنافسًا أمنيًا كبيرًا)،
يشكل نقطة ارتكاز لمشاريع استخباراتية وتجارية.
الجالية اليهودية المغربية
إسرائيل تثمّن كثيرًا العلاقات الثقافية والتاريخية،
عدد كبير من الإسرائيليين من أصول مغربية، ويملكون نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا في إسرائيل.
التعاون الأمني والاستخباراتي
التعاون تعزز بعد التطبيع، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب والطائرات بدون طيار،
وهناك تقارير عن صفقات عسكرية (مثل طائرات بيرقدار، ورادارات إسرائيلية متطورة).
ورقة الصحراء الغربية
إسرائيل اعترفت مؤخرًا بسيادة المغرب على الصحراء، ما اعتبرته الرباط مكسبًا استراتيجيًا.
+ إذًا، ماذا ترى إسرائيل في "سكوت" المغرب عن ضرب إيران لها؟
ليست مفاجأة
إسرائيل تعرف أن المغرب لا يريد الانجرار إلى حرب إقليمية، وتتفهم هذا الموقف.
مقبول طالما لم يتحول إلى عداء أو نقد علني
إسرائيل يمكن أن تقبل بـ"الحياد الإيجابي" المغربي طالما العلاقات الأمنية والسياسية مستمرة.
لكن السكوت يضع حدودًا لطموحات إسرائيل في شمال إفريقيا
أي صمت طويل أو تحفظ في ملفات كبرى مثل إيران، قد يُظهر أن المغرب ليس حليفًا يمكن الاعتماد عليه في كل الظروف.
هذا قد يدفع إسرائيل إلى تعميق علاقاتها مع دول أخرى في إفريقيا (مثل تشاد، أو السودان لاحقًا).
+ كيف يؤثر موقف المغرب على علاقاته الإقليمية؟
مع الجزائر:
الجزائر تستغل أي تقارب مغربي إسرائيلي كذريعة للتصعيد الدبلوماسي.
الصمت المغربي يساعد في تخفيف التوتر الظاهري، لكن وجود إسرائيل في المنطقة يظل خطًا أحمر عند الجزائر.
مع إفريقيا:
المغرب يريد لعب دور قيادي في إفريقيا، خاصة غربها.
الحفاظ على صورة الحياد الإقليمي (خاصة في قضايا مثل إيران) يعزّز من مكانته كوسيط وليس كطرف في المحاور.
 الخلاصة:
إسرائيل تحترم المغرب كشريك، لكنها تدرك أنه ليس "تابعًا" مثل بعض الدول الصغيرة.
المغرب يلعب لعبة ذكية: يبني علاقات قوية مع إسرائيل، دون أن يخسر موقعه في العالم الإسلامي.
صمته في أحداث كبرى مثل ضرب إيران لإسرائيل يعكس واقعية سياسية، وليس نفاقًا أو خوفًا مَحضًا.
والسلام عليكم و رحمة الله.

تعليقات