جريمة شمهروش: بين التطرف والتهميش الاجتماعي
السلام عليكم
كانت لويزا ومارين فتاتين تحلمان بالسفر، تكتبان الحياة عبر خطواتهما فوق الأرض، وتجدان الجمال في الطبيعة والبساطة. وصلت الفتاتان إلى المغرب في ديسمبر البارد من عام 2018، مدفوعتين برغبة هادئة في المغامرة، والبحث عن لحظة سلام بين جبال الأطلس التي طالما رأتا صورها في مجلات السفر.
اتخذتا من "إمليل"، القرية الصغيرة الواقعة في سفوح جبل توبقال، نقطة انطلاق. استأجرتا خيمة صغيرة، ونصبتاها على أطراف وادٍ هادئ، قرب ما يُعرف محليًا بـ"شمهروش" — مقام صوفي قديم يختبئ وسط الصخور.
لم تعرفا أن الليل سيحمل شيئًا غير عادي.
تحت جنح الظلام، اقترب أربعة رجال من الخيمة. لم يكونوا عابرين أو سائحين مثلهم، بل غرباء عن الرحمة. دخلوها دون دعوة، مسلحين بالسكين والأفكار المسمومة. كانت الجريمة صامتة في بدايتها، لكنها سرعان ما تحوّلت إلى عواء دموي سجّلته كاميرا هاتف، انتشر لاحقًا مثل لعنة على الإنترنت.
في اليوم التالي، استيقظت الجبال على فاجعة لم تعهدها. رجال الدرك، الجيران، الصحافة، والسفراء الأجانب — الكل جاء يبحث عن تفسير. كيف يُقتل الجمال بهذا الشكل؟ كيف يتسلل التطرف إلى صمت الجبال؟
التحقيق كان سريعًا. خيوط الجريمة قادت إلى وجوه عادية: باعة متجولون، شباب من الأحياء الفقيرة. لم يكونوا مجرمين محترفين، بل عقولًا اختطفتها أفكار سوداء. بايعوا الموت في تسجيل مريب، ثم قرروا أن يكون الدم دليلهم إلى الجنة.
في محكمة سلا، وقفوا، لا يحملون سلاحًا بل كلمات ندم مفككة. نُطِق بالحكم: إعدام لثلاثة، والمؤبد للرابع.
لكن الأحكام لم تطفئ الحزن في النرويج أو الدنمارك، ولم تُرمم الخيمة التي هدمها الموت.
أما "شمهروش"، فقد بقي كما هو. صامت، غامض، محايد. لا يُدين ولا يبارك.
وبقي السؤال يتردد مع الريح: هل يمكن للجمال أن يحمي من الجنون؟
لم تعرفا أن الليل سيحمل شيئًا غير عادي.
تحت جنح الظلام، اقترب أربعة رجال من الخيمة. لم يكونوا عابرين أو سائحين مثلهم، بل غرباء عن الرحمة. دخلوها دون دعوة، مسلحين بالسكين والأفكار المسمومة. كانت الجريمة صامتة في بدايتها، لكنها سرعان ما تحوّلت إلى عواء دموي سجّلته كاميرا هاتف، انتشر لاحقًا مثل لعنة على الإنترنت.
في اليوم التالي، استيقظت الجبال على فاجعة لم تعهدها. رجال الدرك، الجيران، الصحافة، والسفراء الأجانب — الكل جاء يبحث عن تفسير. كيف يُقتل الجمال بهذا الشكل؟ كيف يتسلل التطرف إلى صمت الجبال؟
التحقيق كان سريعًا. خيوط الجريمة قادت إلى وجوه عادية: باعة متجولون، شباب من الأحياء الفقيرة. لم يكونوا مجرمين محترفين، بل عقولًا اختطفتها أفكار سوداء. بايعوا الموت في تسجيل مريب، ثم قرروا أن يكون الدم دليلهم إلى الجنة.
في محكمة سلا، وقفوا، لا يحملون سلاحًا بل كلمات ندم مفككة. نُطِق بالحكم: إعدام لثلاثة، والمؤبد للرابع.
لكن الأحكام لم تطفئ الحزن في النرويج أو الدنمارك، ولم تُرمم الخيمة التي هدمها الموت.
أما "شمهروش"، فقد بقي كما هو. صامت، غامض، محايد. لا يُدين ولا يبارك.
وبقي السؤال يتردد مع الريح: هل يمكن للجمال أن يحمي من الجنون؟
الجناة |
جريمة شمهروش لم تكن فقط جريمة قتلٍ وحشية، بل مرآة لواقعٍ اجتماعي ونفسي مركب. من جهة، كانت الضحيتان رمزًا للحبّ والسفر والتبادل الثقافي، ومن جهة أخرى، كان القتلة نتاج بيئة تفتقر إلى التوازن، تجسيدًا حيًا للفقر الروحي والاقتصادي والفكري.
اجتماعيًا
الجناة لم يخرجوا من فراغ. بل من أحياء مهمّشة، بلا تعليم فعّال، بلا أفق واضح، حيث يصبح الخطاب الديني المتطرف أقرب إلى الخلاص. إنهم أبناء الفرص الضائعة، حيث تُستخدم "الهوية الدينية" كبديل عن غياب الانتماء الحقيقي، وكأداة لتبرير العنف في وجه عالم لا يفهمونه ولا ينتمون إليه.
في مثل هذه الأوساط، ينمو الاحتقان بهدوء، فيتحول الغضب المكبوت إلى عداء تجاه "الآخر" المختلف في العقيدة، أو اللون، أو الأسلوب. ثم يأتي خطاب متطرف بسيط في كلماته، لكنه شديد التدمير، يُقدِّم الموت كطريق للبطولة والخلاص.
نفسيًا
الجناة لم يكونوا مجرمين محترفين. لم يتحلّوا بالبرود أو التخطيط الذي نراه في الجريمة المنظمة. لقد اندفعوا، وانفجروا، وسقطوا بسرعة. هذه السلوكيات غالبًا ما ترتبط بعقد النقص، الإحساس بالدونية، والهروب من الذات إلى “قضية كبرى”. هنا، يصبح القتل نوعًا من “التطهير النفسي”، والتضحية بالآخر نوعًا من "الاختبار الإلهي".
لكنهم في الحقيقة لم يقتلوا الفتاتين فقط. لقد قتلوا فكرة اللقاء بين الثقافات، وقتلوا جزءًا من صورة بلدٍ آمنٍ ومرحّبٍ كان يستقبل ملايين الزوار كل عام.
الخلاصة
ما جرى في شمهروش لم يكن فقط فعلاً شنيعًا، بل تحذيرًا مرًّا:
إذا تُرك الشباب فريسة للجهل، والفراغ، والتهميش، فإنهم سيتحولون إلى قنابل موقوتة، لا تحتاج سوى إلى شرارة.
أما الحل، فليس أمنيًا فقط، بل تربوي وثقافي، يبدأ من الطفولة، ويُعيد للإنسان قيمته، وانتماءه، وقدرته على الحلم.
والسلام عليكم و رحمة الله.