خريبكة : الفوسفاط و مرارة العيش .

المعطي الخريبكي
المؤلف المعطي الخريبكي
تاريخ النشر
آخر تحديث


الفوسفاط المغربي ثروة وطنية لكن من المستفيد الحقيقي؟


المقدمة

يُعدّ الفوسفاط من أهم الثروات الطبيعية التي يزخر بها المغرب، بل ويحتل بها مكانة استراتيجية على الصعيد العالمي. يمتلك المغرب أكثر من 70٪ من الاحتياطي العالمي من هذه المادة الحيوية التي تدخل في إنتاج الأسمدة، وتشكل عنصراً أساسياً في الأمن الغذائي العالمي. غير أن وفرة الفوسفاط وارتفاع الطلب عليه، يطرحان سؤالاً جوهرياً داخل المغرب: من يستفيد فعليًا من عائدات هذه الثروة؟ وهل تعود هذه الموارد بالنفع على المواطن المغربي؟

 العرض

 1. الفوسفاط في المغرب: أرقام وواقع

المغرب هو أول مصدر للفوسفاط في العالم، من خلال المكتب الشريف للفوسفاط (OCP).OCP مملوك للدولة المغربية بنسبة 95٪، ويدر مليارات الدولارات سنويًا.الفوسفاط المغربي يُصدر إلى أكثر من 100 دولة، ويُعالج ليُنتج الأسمدة ومواد كيماوية متنوعة.حسب معطيات رسمية: بلغت مداخيل OCP سنة 2022 أكثر من 114 مليار درهم (حوالي 11 مليار دولار).يحتل OCP المرتبة الأولى كأكبر شركة مغربية من حيث رقم المعاملات والأرباح.

 2. من المستفيد من عائدات الفوسفاط؟

رغم أن OCP شركة عمومية، إلا أن الاستفادة من عائداتها لا توزَّع بعدالة، وذلك للأسباب التالية:

● الدولة (المخزن)

يتم تحويل جزء كبير من أرباح OCP إلى الخزينة العامة للمملكة عبر الضرائب والأرباح الموزعة.لكن لا يتم تخصيص هذه العائدات مباشرة لمشاريع تنموية واضحة في المناطق الفقيرة المنتجة للفوسفاط (كاليوسفية وخريبكة وبنجرير).

● المسؤولون الكبار داخل OCP

يُعرف عن OCP أنه مؤسسة مغلقة وغير شفافة من حيث الأجور العليا والمكافآت.هناك اتهامات مستمرة بـ"الريـع المؤسسي"، حيث يحصل بعض المسؤولين على أجور خيالية وتعويضات ضخمة.

● العائلة الملكية

OCP يُدار بإشراف مباشر من القصر الملكي، إذ يُعتبر شركة استراتيجية ذات سيادة، ولا تخضع للمراقبة البرلمانية الكاملة.تُدار بعض مشاريع OCP ضمن شراكات مع صناديق استثمارية مرتبطة بالعائلة الملكية أو بشركات تابعة لها.

 3. وماذا عن الساكنة المحلية؟

المناطق التي تضم مناجم الفوسفاط (خريبكة، اليوسفية، بنجرير...) تعاني من نسب بطالة مرتفعة، ضعف البنية التحتية، مشاكل صحية وتلوث بيئي.سكان هذه المدن يشكون منذ عقود من تهميش ممنهج، رغم أنهم يعيشون فوق أكبر كنز في العالم.لا توجد سياسة واضحة لاقتطاع نسبة من أرباح الفوسفاط لفائدة هذه المناطق، لا في شكل مشاريع صحية أو تعليمية.

 الخاتمة

الفوسفاط المغربي يُعتبر "الذهب الأبيض" للمملكة، وثروة استراتيجية يمكن أن تغيّر واقع البلاد، لو تم توزيعها بشكل عادل. لكن الواقع يُظهر أن المستفيدين الحقيقيين من هذه الثروة يقتصرون على النخب السياسية والاقتصادية العليا، فيما تبقى الأغلبية من الشعب، وخصوصاً السكان المحليين للمناطق المنجمية، بعيدين عن الاستفادة.يبقى الحل في تفعيل مبدأ الشفافية، والرقابة المؤسساتية على الشركات العمومية الكبرى، وإعادة النظر في توزيع عائدات الثروات الوطنية بما يخدم التنمية العادلة والكرامة الاجتماعية.


تعليقات

عدد التعليقات : 0