مغامرات دوار رويحين – الجزء الرابع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
سوق خميس اولاد موسى
في صباح يوم الخميس، حيث سوق خميس أولاد موسى ينبض بالحياة، انطلقتُ أنا وصديقي ميلود بعربتنا، مستعدين لنقل الناس من السوق إلى القرية أو إلى حي السلام بسلا. كانت الشمس تتوسط السماء بحرارتها اللافحة، ورغم التعب، واصلنا عملنا دون توقف. كنت أسوق العربة بينما يتولى ميلود جمع الركاب، واستمر الأمر حتى الثالثة بعد الظهر.
مع نهاية رحلتنا الأخيرة إلى القرية، شعرتُ بعطش شديد يكاد يلهب حلقي. لمحْتُ منزلاً قيد البناء، فتقدمتُ نحو البنّائين طالبًا رشفة ماء. أشار أحدهم إلى أنبوب طويل داخل منزل مأهول، قائلاً: "اتبع هذا الأنبوب، ستجد صنبورًا هناك."
دون تفكير كثير، تتبعتُ الأنبوب حتى دخلتُ إلى المنزل ووجدتُ الصنبور، فغسلتُ وجهي وشربتُ حتى ارتويت، دون أن أولي اهتمامًا كبيرًا بالسيدة التي كانت تنظف الأرض بجوار الصنبور. ولكن فجأة، خرج رجل من المنزل الأرضي وأمسكني بقوة من قفاي، قائلًا بحدة:
– "ماذا تفعل هنا؟!" – "كنت أشرب فقط"، أجبتُ. – "ومن أذن لك بالدخول؟!" – "طلبتُ الإذن من البنّائين." – "من أنت ومن أين أتيت؟" – "أنا قروي أعمل على عربتي، إنها أمامك."
نظر إليّ بنظرة ازدراء، ثم قال بلهجة ساخرة: "لو لم تكن مجرد بدوي جاهل، لكنتُ لقّنتُك درسًا وأخذتُك إلى الشرطة!"
ابتسمتُ رغم التوتر وقلتُ بهدوء: "جزاك الله خيرًا." أشار إليّ بيده أن أخرج بسرعة قبل أن يغيّر رأيه، فخرجتُ مسرعًا إلى السوق، حيث انتظرتُ ميلود، الذي كان قد اشترى بعض الخضروات والمؤن. انطلقنا معًا متجهين نحو دوار رويحين، حيث ينتظرنا البيت الدافئ.
ما إن وصلنا حتى اغتسلنا وتناولنا الشاي والبصارة الساخنة، ثم توجهنا سريعًا نحو دار السكة. أوقفنا العربة على الجانب الآخر من طريق مكناس، وبدأنا في جمع الأخشاب التي ألقاها المهربون ليلاً، هربًا من حراس الغابة. كان رجال الدرك يراقبوننا عن كثب، إذ كنا على بعد عشرة أمتار منهم، لكنهم لم يتحركوا، فعملهم يقتصر على حماية النقود داخل دار السكة.
بعد أن نقلنا الأخشاب إلى القرية وبعناها لصاحب الحمّام، عدنا في طريقنا نحو البيت، لكننا هذه المرة اخترنا طريق الغابة. وبينما نتوغل في المسار، صادفنا رجلين يقودان عجلًا سمينًا، كانت ملامح القلق تكسو وجهيهما.
أوقفانا واستدعانا للجلوس، ثم أشعلوا سجائر القنب الهندي وعرضوا علينا مشاركتهم، ففعلنا. بعد حديث طويل، طلبوا منا أن ننقل العجل إلى القرية مقابل ألف درهم، لكننا رفضنا، متذرعين بأن الحصان أنهكه العمل طوال اليوم.
تركناهما ومضينا في طريقنا، وفي تلك الليلة، طلب مني ميلود أن أدخل القطيع إلى المطار سرًا، فانتظرت حتى العاشرة مساءً وأخذتهم إلى الداخل. كان الضباب كثيفًا يخفي كل شيء عن الأنظار، ثم بدأت الأمطار تهطل بغزارة، وما إن حاولت تفقد القطيع حتى اكتشفت أنهم قد اختفوا وسط الظلمة.
بحثت عنهم دون جدوى، فعدت إلى الإسطبل، لكن لم أجدهم هناك أيضًا. شعرتُ بالقلق، فأخذتُ أدخل مجددًا إلى المطار، متوغلًا أكثر حتى وصلت إلى موقع الرادار المحاط بهضبة اصطناعية يقف عليها الجنود للحراسة.
سمعتُ أصوات تحركات خافتة قادمة من هناك، فتقدمتُ بحذر حتى رأيت القطيع مختبئًا قرب السفح. جمعتهم دون إصدار أي صوت، وقُدتهم إلى الإسطبل وأغلقت الباب جيدًا. كانت أمي عائشة قد استيقظت بفعل صوت المطر، فخرجت لتتفقد القطيع. عندما رأتني، أعدّت لي إبريقًا من الشاي في الساعة الثالثة صباحًا، جلستُ مع ميلود قليلًا حتى هدأ المطر، ثم عدتُ إلى كوخي الصغير، ورقدتُ للنوم بعد يوم طويل مليء بالمغامرات.
إلى اللقاء في حلقة جديدة من مغامرات دوار رويحين…
والسلام عليكم ورحمة الله.
مع نهاية رحلتنا الأخيرة إلى القرية، شعرتُ بعطش شديد يكاد يلهب حلقي. لمحْتُ منزلاً قيد البناء، فتقدمتُ نحو البنّائين طالبًا رشفة ماء. أشار أحدهم إلى أنبوب طويل داخل منزل مأهول، قائلاً: "اتبع هذا الأنبوب، ستجد صنبورًا هناك."
دون تفكير كثير، تتبعتُ الأنبوب حتى دخلتُ إلى المنزل ووجدتُ الصنبور، فغسلتُ وجهي وشربتُ حتى ارتويت، دون أن أولي اهتمامًا كبيرًا بالسيدة التي كانت تنظف الأرض بجوار الصنبور. ولكن فجأة، خرج رجل من المنزل الأرضي وأمسكني بقوة من قفاي، قائلًا بحدة:
– "ماذا تفعل هنا؟!" – "كنت أشرب فقط"، أجبتُ. – "ومن أذن لك بالدخول؟!" – "طلبتُ الإذن من البنّائين." – "من أنت ومن أين أتيت؟" – "أنا قروي أعمل على عربتي، إنها أمامك."
نظر إليّ بنظرة ازدراء، ثم قال بلهجة ساخرة: "لو لم تكن مجرد بدوي جاهل، لكنتُ لقّنتُك درسًا وأخذتُك إلى الشرطة!"
ابتسمتُ رغم التوتر وقلتُ بهدوء: "جزاك الله خيرًا." أشار إليّ بيده أن أخرج بسرعة قبل أن يغيّر رأيه، فخرجتُ مسرعًا إلى السوق، حيث انتظرتُ ميلود، الذي كان قد اشترى بعض الخضروات والمؤن. انطلقنا معًا متجهين نحو دوار رويحين، حيث ينتظرنا البيت الدافئ.
ما إن وصلنا حتى اغتسلنا وتناولنا الشاي والبصارة الساخنة، ثم توجهنا سريعًا نحو دار السكة. أوقفنا العربة على الجانب الآخر من طريق مكناس، وبدأنا في جمع الأخشاب التي ألقاها المهربون ليلاً، هربًا من حراس الغابة. كان رجال الدرك يراقبوننا عن كثب، إذ كنا على بعد عشرة أمتار منهم، لكنهم لم يتحركوا، فعملهم يقتصر على حماية النقود داخل دار السكة.
بعد أن نقلنا الأخشاب إلى القرية وبعناها لصاحب الحمّام، عدنا في طريقنا نحو البيت، لكننا هذه المرة اخترنا طريق الغابة. وبينما نتوغل في المسار، صادفنا رجلين يقودان عجلًا سمينًا، كانت ملامح القلق تكسو وجهيهما.
أوقفانا واستدعانا للجلوس، ثم أشعلوا سجائر القنب الهندي وعرضوا علينا مشاركتهم، ففعلنا. بعد حديث طويل، طلبوا منا أن ننقل العجل إلى القرية مقابل ألف درهم، لكننا رفضنا، متذرعين بأن الحصان أنهكه العمل طوال اليوم.
تركناهما ومضينا في طريقنا، وفي تلك الليلة، طلب مني ميلود أن أدخل القطيع إلى المطار سرًا، فانتظرت حتى العاشرة مساءً وأخذتهم إلى الداخل. كان الضباب كثيفًا يخفي كل شيء عن الأنظار، ثم بدأت الأمطار تهطل بغزارة، وما إن حاولت تفقد القطيع حتى اكتشفت أنهم قد اختفوا وسط الظلمة.
بحثت عنهم دون جدوى، فعدت إلى الإسطبل، لكن لم أجدهم هناك أيضًا. شعرتُ بالقلق، فأخذتُ أدخل مجددًا إلى المطار، متوغلًا أكثر حتى وصلت إلى موقع الرادار المحاط بهضبة اصطناعية يقف عليها الجنود للحراسة.
سمعتُ أصوات تحركات خافتة قادمة من هناك، فتقدمتُ بحذر حتى رأيت القطيع مختبئًا قرب السفح. جمعتهم دون إصدار أي صوت، وقُدتهم إلى الإسطبل وأغلقت الباب جيدًا. كانت أمي عائشة قد استيقظت بفعل صوت المطر، فخرجت لتتفقد القطيع. عندما رأتني، أعدّت لي إبريقًا من الشاي في الساعة الثالثة صباحًا، جلستُ مع ميلود قليلًا حتى هدأ المطر، ثم عدتُ إلى كوخي الصغير، ورقدتُ للنوم بعد يوم طويل مليء بالمغامرات.
إلى اللقاء في حلقة جديدة من مغامرات دوار رويحين…
والسلام عليكم ورحمة الله.