رسالة عتاب إلى جلالة الملك محمد السادس
بسم الله الرحمن الرحيم
جلالة الملك محمد السادس، أمد الله في عمركم وحفظكم للمغرب وشعبه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أكتب إليكم هذه الرسالة، يا مولاي، بقلب يعتصره الألم وحلق يخنقه البكاء، أنا مواطن مغربي بسيط، كنتُ يوماً ما أرى في قيادتكم أملاً يضيء درب المغرب نحو العزة والكرامة. منذ توليكم العرش في 23 يوليو 1999، شهدنا إنجازات عظيمة أنتم أبطالها: المصالحة الوطنية، إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ودستور 2011 الذي وعدنا بالعدالة والمساواة. لكنني اليوم، يا مولاي، أجد نفسي مضطراً لأرفع صوت العتاب، ليس لأنني فقدت الثقة فيكم، بل لأنني أرى شعبكم يتألم، يُظلم، ويُحطم نفسياً تحت وطأة الفساد، الظلم، وتغلغل حكومة عزيز أخنوش التي أثقلت كاهلنا حتى كدنا نفقد الأمل.
ارتفاع الأسعار: جرح ينزف في قلب كل مغربي
يا مولاي، منذ أن توليتم العرش، كنا نأمل أن نعيش حياة كريمة، لكن الأسعار أصبحت كالسكين التي تذبحنا كل يوم. في السنوات الأخيرة، وخاصة منذ تولي حكومة عزيز أخنوش في 2021، ارتفعت أسعار كل شيء بشكل لم يعد يُطاق. المحروقات، التي يسيطر عليها أخنوش من خلال مجموعة أكوا، أصبحت بأسعار خيالية، مما رفع كلفة النقل، الغذاء، وحتى الكهرباء. في 2022، وصل سعر لتر البنزين إلى 15 درهماً، وفي 2024، أصبح كيلو الطماطم يُباع بـ12 درهماً، والبطاطس بـ10 دراهم! كيف يمكن لأبٍ مغربي، يا مولاي، أن يطعم أبناءه وهو بالكاد يستطيع شراء رغيف الخبز؟
هذا الارتفاع لم يكن مجرد أزمة اقتصادية، بل تحول إلى جرح نفسي عميق. الأمهات يبكين في الأسواق لأنهن لا يستطعن شراء الخضروات، والآباء يعودون إلى بيوتهم خالي الوفاض، يشعرون بالعجز أمام أطفالهم. ألا تؤلمكم هذه الصورة، يا مولاي؟ ألا تستحق أمهات المغرب أن يعشن بكرامة، دون أن يرين أبناءهن جياعاً؟
الفساد: شبح يُخيف الشعب ويُبعد الأمل
يا جلالة الملك، لقد وعدتمونا بمحاربة الفساد، لكننا لا نزال نراه ينخر في جسد وطننا كالدود. منذ بداية حكمكم، سمعنا عن فضائح كبرى: تهريب الأموال، استغلال الموارد العامة، والمناقصات التي تُمنح للمقربين. في 2015، كشفت تقارير عن تورط مسؤولين في صفقات فساد مرتبطة بمشاريع البنية التحتية، مثل مشروع "النور 1" للطاقة الشمسية، حيث تم تضخيم التكاليف لصالح شركات معينة. وفي 2020، كشفت فضيحة "تسريبات الإسكوبار" عن تورط مسؤولين في تجارة المخدرات، مما أثار غضب الشعب.
المواطن البسيط، يا مولاي، يضطر لدفع رشاوى للحصول على أبسط حقوقه: وثيقة إدارية، علاج في المستشفى، أو حتى مقعد في مدرسة لأبنائه. هذا الفساد يُشعرنا بأن الدولة ليست ملكنا، بل ملكاً لطبقة من المتنفذين الذين لا يهمهم معاناتنا. ألا تستحق أحلام الشعب المغربي أن تتحقق في ظل قيادة عادلة تحاسب الفاسدين بلا هوادة؟
الظلم والتهميش: ألم يعتصر القلوب
يا مولاي، لقد كنتَ دائماً رمزاً للعدالة، لكن الظلم لا يزال يخيم على العديد من مناطق المغرب. في الأطلس المتوسط والريف، لا يزال المواطنون يعانون من التهميش. المستشفيات شبه غائبة، والمدارس ناقصة، والطرق لا تُطاق. في 2016، خرج أهل الريف في حراك سلمي بعد مقتل بائع السمك محسن فكري، الذي سُحق في شاحنة نفايات بسبب ظلم السلطات المحلية. كانوا يطالبون بمستشفى، جامعة، وفرص عمل، لكنهم قُوبلوا بالقمع والاعتقالات. قادة الحراك، مثل ناصر الزفزافي، ما زالوا في السجن حتى اليوم (مايو 2025)، وأهاليهم يبكون فراقهم.
هل هذا هو العدل الذي وعدتمونا به، يا مولاي؟ كيف يمكن لشاب في الريف أن يحلم بمستقبل وهو يرى قادة حراكه خلف القضبان؟ كيف يمكن لأم في الأطلس أن تطمئن على أبنائها وهي لا تجد مستشفى قريباً لعلاجهم؟ هذا الظلم، يا جلالة الملك، يترك جرحاً عميقاً في قلوب المغاربة، جرحاً لا يُشفى إلا بالعدل والإنصاف.
حكومة أخنوش: تحطيم نفسي للشعب
يا مولاي، عندما عيّنتم السيد عزيز أخنوش رئيساً للحكومة في سبتمبر 2021، كنا نأمل أن يحمل معه حلولاً لأزماتنا. لكنه، للأسف، أثقل كاهلنا أكثر مما كنا نتوقع. سياساته الاقتصادية، التي ركزت على مصالح الأثرياء، جعلت الشعب يشعر بالإحباط واليأس. ارتفاع أسعار المحروقات، الذي يتحكم فيه أخنوش من خلال مجموعته التجارية، لم يكن مجرد أزمة مادية، بل تحول إلى أزمة نفسية. في 2023، أصبح المواطن المغربي يخاف من الذهاب إلى السوق، لأنه يعلم أنه لن يستطيع شراء ما يكفي أبناءه.
الشباب، يا مولاي، فقدوا الأمل. في 2024، سجّل المغرب أرقاماً قياسية في الهجرة غير الشرعية، حيث خاطر الآلاف بحياتهم في قوارب الموت نحو أوروبا. لماذا؟ لأنهم لم يعودوا يرون مستقبلاً في بلدهم. أخنوش، بثروته المليارية وقصوره الفاخرة، لا يفهم معاناة الشعب. كيف يمكن لشخص يملك مليارات الدولارات أن يشعر بألم أم لا تستطيع شراء الحليب لرضيعها؟ هذا الشعور باللامساواة، يا مولاي، حطّم نفسيات المغاربة، وجعلهم يشعرون بأنهم غرباء في وطنهم.
صرخة من أجل التغيير
يا جلالة الملك، أنتم الأمل الوحيد الذي بقي لنا. أعلم أن قلبكم الكبير يتسع لهموم شعبكم، وأنكم قادرون على تغيير هذا الواقع الأليم. أتوسل إليكم أن تنظروا بعين الرحمة إلى شعبكم الذي يتألم:
أعيدوا الأمل للمغاربة بمحاسبة الفاسدين، سواء كانوا مسؤولين صغاراً أو كباراً.
افتحوا حواراً مع المواطنين المظلومين، وأطلقوا سراح معتقلي الرأي الذين طالبوا بحقوقهم سلمياً.
أعيدوا النظر في سياسات حكومة أخنوش التي أثقلت كاهلنا، وكوّنوا حكومة تُمثل الشعب، لا الأثرياء.
احموا كرامة المواطن المغربي بتوفير حياة كريمة، تعليم جيد، وصحة متاحة للجميع.
يا مولاي، أنتم ملك القلوب، وشعبكم ينتظر منكم خطوة تُعيد إليه الثقة والأمل. لا تدعوا هذا الألم يطول، فالشعب المغربي يستحق أن يعيش بكرامة في ظل قيادتكم الحكيمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مواطن مغربي يبكي وطنه