العثور على الثروة المفقودة
المقدمة
يُعدّ المغرب من الدول الإفريقية التي تتوفر على ثروات معدنية هامة، من بينها الذهب. ورغم أن المغرب لا يُعد من كبار المنتجين عالميًا، إلا أن استغلال مناجم الذهب يشكل موردًا اقتصاديًا مهمًا، سواء عبر الإنتاج المحلي أو عبر استثمارات الشركات المغربية والأجنبية في القطاع. لكن في خضم هذا النشاط، يُطرح سؤال محوري: من المستفيد الحقيقي من عائدات الذهب؟ وهل يتم توزيع الأرباح بشكل يضمن العدالة الاجتماعية، أم أن الثروة تبقى متمركزة في أيدي قلة محدودة؟1. الشركات المستغلة: المالك الأول للعائدات
أكبر فاعل في قطاع الذهب بالمغرب هي شركة "مناجم" (Managem)، وهي شركة تابعة لمجموعة "المدى"، التي تُوصف بأنها الذراع الاقتصادية للعائلة الملكية.تمتلك "مناجم" حق استغلال عدة مناجم ذهبية، أهمها منجم أقا (جنوب المغرب)، إلى جانب استثمارات في السودان، غينيا، الكونغو، بوركينا فاسو. يتم تصدير جزء كبير من الذهب المُستخرج إلى الخارج، خصوصًا نحو الأسواق الأوروبية.
2. العائدات المالية: أرقام غائبة عن الرأي العام
لا يتم الإعلان بشكل دوري ومفصل عن كمية الإنتاج الفعلية من الذهب ولا العائدات المالية الصافية.الشركات تستفيد من الإعفاءات الضريبية في بعض الحالات أو من اتفاقيات استغلال طويلة الأمد.
يتم إعادة استثمار جزء من الأرباح في مشاريع استراتيجية داخل وخارج المغرب، لكن دون شفافية كافية حول حجم مساهمة الدولة أو استفادة الشعب.
3. الساكنة المحلية: مستبعَدة من الثروة
معظم مناجم الذهب تقع في مناطق مهمشة (مثل طاطا وزاكورة ودرعة)، حيث تفتقر القرى إلى الماء، البنية التحتية، والفرص.لا توجد آليات قانونية واضحة تضمن اقتطاع نسبة من الأرباح لفائدة السكان المتضررين بيئيًا أو اجتماعيًا.في بعض الحالات، يُستقدم العمال من مدن أخرى، ما يحرم السكان المحليين من حتى فرص الشغل المباشرة.
4. العائلة الملكية كمستفيد غير مباشر
من خلال امتلاكها لحصص كبيرة في "مجموعة المدى" المالكة لشركة "مناجم"، يُعتبر أن العائلة الملكية تستفيد مالياً بشكل غير مباشر من استغلال الذهب.هذا النوع من الاستفادة يتم داخل الإطار القانوني كمستثمر رئيسي، لكنه يُثير انتقادات بسبب غياب المنافسة والشفافية.الخاتمة
رغم أن المغرب يمتلك احتياطات هامة من الذهب، إلا أن عائدات هذا المعدن لا تُترجم إلى تنمية محلية حقيقية، ولا يشعر المواطن المغربي أن له نصيبًا من هذه الثروة.الاستفادة تبقى مركزة بين شركات خاصة كبرى، مستثمرين نافذين، والعائلة الملكية عبر أدوات مالية مثل مجموعة المدى.لتحقيق العدالة الاقتصادية، يجب تبني سياسات شفافة وفرض آليات توزيع أرباح عادلة، وربط استغلال الثروات بتحقيق التنمية في المناطق المنتجة.