وثائقي حول خريبكة : مدينة الفوسفاط وعاصمة الفقر و البطالة.

وثائقي حول مدينة خريبكة، 

ثروة الفوسفاط... وتحديات الإنسان

المقدمة

في قلب المغرب، وعلى بعد حوالي 120 كلم جنوب شرق مدينة الدار البيضاء، تقع مدينة خريبكة، المدينة التي لا تُذكر إلا ويُذكر معها اسم "الفوسفاط". ورغم ثرائها الجيولوجي الهائل، لا تزال خريبكة تحاول التوفيق بين كنوز الأرض وتطلعات الإنسان فوقها.

 الموقع الجغرافي

تقع مدينة خريبكة في وسط النصف الشمالي للمملكة المغربية، وهي عاصمة إقليم خريبكة التابع لجهة بني ملال خنيفرة. تبعد المدينة عن الدار البيضاء بحوالي 107 كيلومترًا، وعن العاصمة الرباط بحوالي 157 كيلومترًا، وعن مدينة مراكش بحوالي 200 كيلومتر. تقع خريبكة على هضبة الفوسفاط، المعروفة أيضًا بهضبة ورديغة، على ارتفاع يقارب 820 مترًا عن سطح البحر. 

1. نبذة تاريخية

يعود اسم "خريبكة" إلى الكلمة الأمازيغية "أكريبوكن" والتي تعني الأرض البيضاء الطينية، في إشارة إلى طبيعتها الجيولوجية.عرفت المدينة نقلة نوعية مع اكتشاف الفوسفاط سنة 1921 من طرف سلطات الحماية الفرنسية، حيث تحولت من قرية صغيرة إلى قطب صناعي استراتيجي.

 2. السكان والهوية

يبلغ عدد سكان خريبكة حوالي 193,372 نسمة حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014. السكان يتوزعون بين الحاضرة الرئيسية والنواحي القروية مثل وادي زم وبوجنيبة والفقراء.

الهوية المحلية مزيج غني من:

سكان أصليين من الأمازيغ. وافدين من مختلف أنحاء المغرب استقروا بسبب العمل في مناجم الفوسفاط. طابع حضري مختلط بين العادات القروية والتمدن الصناعي.ثقافيًا، تشتهر المدينة بمهرجان السينما الإفريقية، والعديد من الجمعيات الفنية والرياضية.

 3. الفوسفاط: ثروة الأرض

أهم النقاط:

خريبكة هي أول حوض فوسفاطي في العالم من حيث الاحتياطي (مع بنجرير واليوسفية).

تستخرج المدينة أكثر من 18 مليون طن سنويًا من الفوسفاط.

توجد بها مراكز معالجة متقدمة تابعة لـ المكتب الشريف للفوسفاط (OCP).

 المفارقة:

رغم هذه الثروة، لا تنعكس العائدات الضخمة على التنمية المحلية.

تشكو المدينة من ضعف البنية التحتية، البطالة، تلوث الهواء والماء الناتج عن الأنشطة المنجمية.

 4. التحديات الاجتماعية

البطالة: نسبة مرتفعة بين الشباب، خاصة خريجي الجامعات والمعاهد.

الفقر والهشاشة: تنتشر في الأحياء الهامشية رغم المداخيل الوطنية الهائلة من الفوسفاط.

الصحة والبيئة: مستشفى إقليمي محدود الإمكانيات، وتلوث ناتج عن الغبار والانبعاثات الصناعية.

الرياضة والثقافة: فريق أولمبيك خريبكة يعاني تراجعًا، رغم تاريخه المجيد.

5. التحولات والتنمية

رغم المعاناة، عرفت خريبكة مؤخرًا بعض المشاريع التنموية:

إنشاء محطة طرقية جديدة.

مشاريع سكنية وتحسين طرقات.

دعم نسبي للمقاولات الصغرى من طرف مؤسسة OCP.

 الثقافة المحلية في خريبكة

تُعتبر خريبكة مركزًا ثقافيًا نشطًا، حيث تحتضن العديد من الفعاليات التي تعزز الهوية الثقافية للمنطقة. من أبرز هذه الفعاليات:

ملتقى الثقافة العربية: يُعد هذا الملتقى منصة مهمة لتكريس الدبلوماسية الثقافية، حيث يجمع بين الأدباء والفنانين والمثقفين من مختلف الدول العربية، مما يعزز التبادل الثقافي والفكري. 

مهرجان السينما الإفريقية: يُعتبر من أبرز المهرجانات السينمائية في المنطقة، حيث يجذب مشاركين من مختلف أنحاء القارة الإفريقية، مما يساهم في تعزيز التفاهم الثقافي بين الشعوب.

أنشطة ثقافية متنوعة: تنظم المديرية الإقليمية للثقافة بخريبكة العديد من الأنشطة الثقافية والفنية، مثل الندوات والمعارض الفنية، التي تهدف إلى تعزيز الوعي الثقافي بين سكان المدينة. 

 الاستثمار في خريبكة

شهدت خريبكة مؤخرًا اهتمامًا متزايدًا من المستثمرين، مما أدى إلى إطلاق عدة مشاريع تهدف إلى تعزيز الاقتصاد المحلي:استقطاب الاستثمارات الأجنبية: استقبلت المدينة وفدًا من المجموعة الصينية "Zhejiang Holley Global Industry Development Co. Ltd"، الرائدة في إحداث وتدبير المناطق الصناعية الحرة، مما يعكس جاذبية خريبكة للاستثمارات الأجنبية. 

مشاريع بنيوية ومندمجة: أعلنت غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة بني ملال-خنيفرة عن برمجة مجموعة من المشاريع البنيوية والمندمجة في إقليم خريبكة، بهدف النهوض بقطاع الاستثمار ومناخ الأعمال. 

دعم مغاربة العالم: تم تنظيم لقاءات تواصلية لدعم مغاربة العالم ومناقشة فرص الاستثمار في الإقليم، مما يعزز من مشاركة الجالية المغربية في تنمية المنطقة. 

 الفلاحة في خريبكة

تلعب الفلاحة دورًا مهمًا في اقتصاد خريبكة، وقد تم اتخاذ عدة مبادرات لدعم هذا القطاع:

دعم الاستثمارات الفلاحية: رُصد أزيد من 33 مليون درهم لدعم الاستثمارات الفلاحية في الإقليم، مما يساهم في تعزيز الإنتاجية وتحسين ظروف الفلاحين. 

مواكبة الفلاحين: تم توفير قروض ومساعدات للفلاحين لمساعدتهم على مزاولة أنشطتهم في ظروف جيدة، مما يعكس التزام الجهات المعنية بدعم القطاع الفلاحي. تُظهر هذه المبادرات والفعاليات التزام خريبكة بتعزيز ثقافتها المحلية وتنمية اقتصادها من خلال الاستثمار والفلاحة. 

لكن يبقى السؤال الدائم الذي يتردد على لسان أهل المدينة:   "أين الثروة؟ وأين حق خريبكة من الفوسفاط؟"

 الخاتمة

خريبكة ليست مجرد منجم فوسفاط، بل مدينة حية مليئة بالأحلام المؤجلة. رغم أنها تُطعم جزءًا كبيرًا من العالم بأسمدتها، إلا أن أبناءها ما زالوا في انتظار حصتهم من الكرامة، والخدمات، والعدالة المجالية.إنها مدينة من ذهب أبيض... لكن أحلامها ما تزال رمادية.

هذا جهدي على سكان مدينة خريبكة المظلومة . والسلام عليكم و رحمة الله .