مصفاة "لاسامير" في المغرب
المقدمة
"لاسامير" هي المصفاة الوحيدة لتكرير النفط في المغرب، وكانت تشكل حجر الزاوية في تأمين الأمن الطاقي الوطني. منذ إنشائها سنة 1959، لعبت دورًا استراتيجيًا في الاقتصاد الوطني إلى أن دخلت مرحلة الإفلاس والإغلاق سنة 2015، مما فتح بابًا واسعًا للنقاش حول من المسؤول عن ذلك، وما النتائج الكارثية التي ترتبت على هذا القرار، خاصة في ظل اضطراب سوق الطاقة عالميًا.1. النشأة والخصخصة
تأسست "لاسامير" عام 1959 في مدينة المحمدية.كانت في البداية شركة عمومية تابعة للدولة المغربية.
سنة 1997، تم بيعها في إطار سياسة الخصخصة لمجموعة "كورال بتروليوم" المملوكة لرجل الأعمال السعودي-الإثيوبي محمد حسين العمودي.
بعد الخصخصة، بدأت المشاكل المالية والإدارية تتفاقم نتيجة سوء التسيير والديون المتراكمة.
2. إغلاق المصفاة
في عام 2015، تم توقيف نشاط المصفاة بشكل مفاجئ.وفي مارس 2016، قضت المحكمة التجارية بالدار البيضاء بفتح مسطرة التصفية القضائية.
بلغت ديون الشركة آنذاك أكثر من 43 مليار درهم.
أدى ذلك إلى فقدان آلاف مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة.
3. النزاع القانوني مع الدولة المغربية
شركة كورال موروكو هولدينغ رفعت دعوى تحكيم دولي ضد الدولة المغربية أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID).في يوليو 2024، حكم المركز لصالح الشركة بتعويض قدره 150 مليون دولار فقط من أصل مطالبة بـ 2.7 مليار دولار.
المغرب طالب بإلغاء جزئي للحكم، مما أدى إلى تعليق تنفيذه مؤقتًا في انتظار مداولات إضافية.
4. الجوانب الاقتصادية والنتائج السلبية
الخسائر:تشير التقديرات إلى أن المغرب خسر أكثر من 22 مليار دولار منذ إغلاق المصفاة.
ارتفعت فاتورة واردات الوقود بشكل كبير وأصبحت البلاد رهينة تقلبات السوق الدولية.
الأمن الطاقي:
أضعف إغلاق "لاسامير" قدرة المغرب على تخزين وتكرير النفط محليًا.
تسبب ذلك في زيادة العجز التجاري والتأثر المباشر بأسعار النفط العالمية.
5. الوضع القانوني والإداري الراهن
لا تزال "لاسامير" تحت نظام التصفية القضائية.
المحكمة التجارية بالدار البيضاء جددت الإذن باستمرار نشاط الشركة أكثر من 35 مرة، آخرها في يناير 2025.
عدد من النقابات والهيئات يطالبون بإعادة تشغيلها، باعتبارها ثروة وطنية.
6. استعادة ملكية المصفاة
في نوفمبر 2024، أعلنت الدولة المغربية عن استعادة ملكية مصفاة لاسامير بعد معركة قانونية طويلة مع العمودي.يشكل هذا التطور منعطفًا جديدًا يُمكن استغلاله لإعادة إحياء المصفاة.
7. هل من أمل في التشغيل؟
رغم أهمية "لاسامير"، أكدت وزيرة الطاقة ليلى بنعلي سنة 2025 عدم وجود مستثمرين حاليًا لإعادة تشغيلها، مع صعوبات تتعلق بالبيئة القانونية والقبول المحلي.
لكن الضغط الشعبي والتقارير الاقتصادية يُبقيان باب الأمل مفتوحًا، وقد يكون التشغيل من خلال شراكة استراتيجية أو تأميم ذكي أفضل حل في ظل تقلبات السوق الطاقي العالمي.
الخاتمة
إغلاق "لاسامير" ليس مجرد قضية شركة مفلسة، بل قصة سوء تدبير للخصخصة، وغياب رؤية استراتيجية للطاقة، في وقتٍ تُسابق فيه الدول لتعزيز أمنها الطاقي.استعادة المصفاة قد تكون فرصة تاريخية للمغرب لإعادة بناء قطاع الطاقة بمقاربة وطنية وشعبية شاملة.