قصة : الطريق الى القصر (قصر ولي العهد ). الجزءالثالث.

المعطي الخريبكي
المؤلف المعطي الخريبكي
تاريخ النشر
آخر تحديث

الطريق الى القصر * قصر ولي العهد *

 يوميات العمل في قصر ولي العهد

في اليوم الثاني من عملي في قصر ولي العهد محمد بن الحسن، ناداني المسؤول وأخبرني بأنني سأساعده كمشرف على خمسة عشر عاملاً. بدت المهمة تحديًا جديدًا، لكنني قبلتها بحماس. أخبرت صديقي أنه سيتولى مسؤولية الأدوات من الآن فصاعدًا، ثم بدأنا العمل.

كانت مهمتنا الأولى نقل الأشجار من مكان بعيد إلى الحديقة الداخلية للقصر، واستمر هذا العمل حتى اليوم الثالث. بعد مرور أسبوع، تقرر تقليص الفريق إلى عشرة أفراد، وكان صديقي ضمنهم، فلم أكن لأفرط فيه.

وذات يوم، وصلت شاحنة محملة بنوع خاص من النباتات المستوردة من فرنسا، وأفرغنا الحمولة في تمام التاسعة صباحًا. طلب مني المسؤول أن نضعها في الرمل مؤقتًا، لكنني أخبرته أن هذا النوع لا يتحمل الرمل وسيذبل سريعًا. اقترحت عليه أن نحفر حفرًا كبيرة، نضع فيها البلاستيك، ثم نملأها بالماء، وبعد ذلك نغرس النباتات فيها. وافقني الرأي، ونفذنا الفكرة، وكانت النتيجة ممتازة!

بعد ثلاث ساعات، تلقى المسؤول مكالمة من رئيس الشركة ليسأل عن النباتات، فشرح له ما قمنا به، فرد عليه قائلًا: "أحسنت!" ثم أضاف أن الفكرة جاءت من أحد العمال الجدد، الذي يحمل شهادة في التأهيل الفلاحي، وطلب منه أن يعتني بي. شعرت بالفخر في تلك اللحظة.

كانت هناك أجواء خاصة في القصر، إذ كنا نلاحظ دخول ولي العهد من الباب الرئيسي عند طريق مكناس، وكان أفراد الأمن يتنبهون لذلك عبر صفارات الإنذار بدءًا من حي السلام حتى باب القصر. قررت مع صديقي أن نختبئ لمشاهدته عن قرب، ونجحنا بذلك مرات عدة، حتى رأيناه على بعد متر واحد فقط.

دخلنا القصر، وتعرفنا على البنائين، ولم يكن بالإمكان وصف المكان بدقة للحفاظ على سريته، لكن ما رأيته كان مذهلاً! رخام فائق الجمال، خشب بنقوش تاريخية، زجاج بألوان زاهية كالأزرق والأخضر والبني، أعتقد أن مصدره كان العراق. أما الأقفال، فكان أحدها يمكنه إغناء رجل فقير، ناهيك عن المصابيح والزخارف الجبسية التي أضفت سحرًا ملكيًا على المكان.

أما خارج القصر، فقد كان هناك مسبح رائع وأشجار وزهور تبعث الراحة للناظرين. أخبرني العمال أن نمرًا كان يعيش في القصر قبل وصولنا، لكنه توفي. وروى لي بعضهم أنه كان يلعب معهم بعد تخديره لتجنب الخطر!

كنا في شهر غشت، وقرب موعد احتفال ولي العهد بعيد ميلاده، فطلبوا منا تقديم المساعدة، لكنني وصديقي لم نحضر، إذ لم يكن حضورنا ضروريًا. بقي معظم العمال من منطقة دوار رويحين، إذ كانوا مسؤولين عن العناية بالخيل داخل القصر.

بعد عيد الشباب، عدنا لاستئناف العمل، لكن أحد العمال من حي السلام بدأ يضايقني بسبب إشرافي عليه. كان يستفزني، حتى نفد صبري وضربته بمقص التشذيب! رفع شكوى إلى المسؤول، لكن أصدقائي شهدوا لصالح، فأمر المسؤول ذلك العامل بالصمت حتى نخرج من القصر. وقال له بحزم: "سيكون لي معك حساب عسير!"

بعد خروجنا، قام المسؤول بطرد العامل في الطريق، بينما أخبرني أنني يجب أن أتوقف عن العمل ليومين. قال لي ممازحًا: "احمد الله أنه لم يتحدث مع الشرطة داخل القصر، وإلا لكنت الآن في حبس السيما!" وهو سجن معروف في المنطقة بجدرانه المصنوعة من الإسمنت المسلح.

إلى اللقاء، أصدقائي، في الحلقة القادمة إن شاء الله!

تعليقات

عدد التعليقات : 0