موقف الشعب المغربي من التطبيع مع إسرائيل وسياق رفضه الشعبي
مقدمة
منذ إعلان اتفاق استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل في ديسمبر 2020، برعاية أمريكية ضمن إطار "اتفاقات أبراهام"، شهد الشارع المغربي حالة من الرفض الشعبي الواسع لهذا التطبيع، رغم التزام الدولة الرسمي به لأسباب سياسية واستراتيجية. تتجذر هذه المواقف في الإرث التاريخي للشعب المغربي تجاه القضية الفلسطينية، حيث يعتبرها قضية وطنية ثانية بعد قضية الصحراء.
أولًا: الرفض الشعبي الجارف للتطبيع
1. مظاهرات واحتجاجات مستمرة
منذ توقيع الاتفاق، خرجت مظاهرات شعبية في الرباط، الدار البيضاء، طنجة، فاس، أكادير، ومراكش وغيرها من المدن، رافضة للتطبيع. الهتافات كانت واضحة:
"الشعب يريد إسقاط التطبيع"،
"فلسطين أمانة، والتطبيع خيانة".
2. مواقف الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني
الاتحاد المغربي للشغل، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلى جانب عشرات الهيئات النقابية والسياسية، أعلنت مواقف صريحة ضد التطبيع. حتى بعض الأحزاب ذات المشاركة الحكومية، كحزب العدالة والتنمية، تعرضت لضغوط داخلية بعد توقيع الحكومة على الاتفاق.
3. استطلاعات الرأي
بحسب استطلاع أجرته شبكة الباروميتر العربي سنة 2022، فإن أكثر من 80% من المغاربة يرفضون أي نوع من العلاقات مع إسرائيل، سواء سياسية، اقتصادية أو ثقافية.
ثانيًا: فضيحة رئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي السابق
في عام 2023، هزت الأوساط الدبلوماسية والإعلامية فضيحة تتعلق بـ دافيد غوفرين، مدير مكتب الاتصال الإسرائيلي السابق في الرباط، بعد اتهامات بالتحرش واستغلال فتيات مغربيات.
تفاصيل الحادثة:
فتح وزارة الخارجية الإسرائيلية تحقيقًا داخليًا.
تم استدعاء غوفرين، ثم سحبه من منصبه بعد تصاعد الضغط الإعلامي والدبلوماسي.
نشرت وسائل إعلام مغربية وإسرائيلية تقارير عن سلوك غير لائق وابتزاز واستغلال داخل المكتب، ما زاد من نقمة الشارع المغربي.
الانعكاسات:
ساهمت هذه الفضيحة في تعزيز الرفض الشعبي للتطبيع.
اعتُبرت مثالًا على أن هذا الوجود لا يحمل بعدًا إنسانيًا، بل قد يمثل تهديدًا أخلاقيًا وثقافيًا للمجتمع المغربي.
ثالثًا: سياق رمزي لتصريحات فيشر
عندما قالت رئيسة مكتب الاتصال الإسرائيلي الحالية في الرباط، "إن السفارة ليست سفارة فحسب، بل هي بيت لكل إسرائيلي في العالم"، رأى كثيرون في ذلك تحديًا للموقف الشعبي المغربي، واستفزازًا للمشاعر العامة التي ترى في الوجود الإسرائيلي بالمغرب خطرًا على السيادة الأخلاقية والوطنية.
خلاصة
الشعب المغربي بمختلف شرائحه، من اليسار إلى الإسلاميين، من الطلاب إلى النقابات، يعارض بقوة التطبيع مع إسرائيل.
كل محاولات إسرائيل تقديم حضورها بواجهة إنسانية لم تنجح في كسر حاجز الرفض الشعبي العميق.
الفضائح الدبلوماسية مثل فضيحة غوفرين، وتصريحات استفزازية من مسؤولين إسرائيليين، تعمّق هذا الرفض وتزيده رسوخًا.
و السلام عليكم و رحمة الله