أحمد ويحمان وناصر بوريطة: صراع بين خيار التطبيع ورفض "الاختراق الصهيوني"
السلام عليكم .
مقدمة
يشهد المشهد السياسي المغربي خلافًا بارزًا بين أحمد ويحمان، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، وناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، حول مسألة تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل. هذا الخلاف لا يقتصر على تباين في وجهات النظر، بل يمثل مواجهة بين رؤيتين متناقضتين لمستقبل السيادة المغربية وقضايا الأمة المصيرية، خصوصًا القضية الفلسطينية.
ويحمان: التطبيع "كارثة وطنية" وخطر على وحدة المغرب
منذ الإعلان الرسمي عن استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل في ديسمبر 2020، تصاعدت انتقادات أحمد ويحمان للحكومة، وخصوصًا لوزير الخارجية ناصر بوريطة، حيث اعتبر أن التطبيع يمثل "كارثة" تمس عمق القيم الوطنية، وتتناقض مع الالتزام التاريخي للمغرب تجاه القضية الفلسطينية. يرى ويحمان أن الخطوة ليست مجرد تطبيع، بل بداية لما وصفه بـ"الاحتلال الصهيوني للمغرب".
وفي تصريحات قوية، اتهم ويحمان بوريطة بأنه أصبح "صهيونيًا أكثر من الصهاينة"، واتهمه بـ"العمالة للوبي اليهودي" في الولايات المتحدة، قائلًا إن الوزير لا يمثل الشعب المغربي ولا حتى المؤسسة الملكية في هذا المسار، بل ينفذ أجندة تخدم الكيان الصهيوني.
تحذيرات من "صهينة الدولة"
يحذر ويحمان من أن تطور العلاقات المغربية الإسرائيلية تجاوز الأبعاد الدبلوماسية إلى "صهينة" الدولة والمجتمع المغربي، من خلال اتفاقيات تشمل التعاون الأمني والعسكري، والتعليم وحتى الثقافة. وأكد أن هذا الاختراق يشكل تهديدًا وجوديًا، ليس فقط على المغرب، بل على المنطقة المغاربية بأكملها، وخاصة الجزائر، معتبرًا أن إسرائيل تسعى لتفكيك دول المنطقة من الداخل.
رفض شعبي ودعوات لإقالة بوريطة
يعكس موقف ويحمان رفضًا شعبيًا واسعًا للتطبيع، حيث نظمت وقفات احتجاجية أمام البرلمان المغربي رفعت شعارات مناهضة للتطبيع وطالبت بإقالة بوريطة، الذي اعتبره المحتجون مسؤولًا مباشرًا عن الانزلاق السياسي نحو علاقات مع الاحتلال الإسرائيلي.
وقد تجلى الاستياء الشعبي بوضوح خلال العدوان الإسرائيلي المتكرر على غزة، حينما أصدرت وزارة الخارجية المغربية بيانًا وُصف بأنه "باهت"، مما أثار موجة غضب واتهامات لبوريطة بـ"التواطؤ" و"الصمت المريب" تجاه الجرائم الصهيونية.
موقف بوريطة والحكومة المغربية
من جهته، لم يصدر عن ناصر بوريطة أي رد مباشر على هجوم ويحمان، لكن مواقفه الرسمية تؤكد أن العلاقات مع إسرائيل "فريدة من نوعها"، وأنها تخدم مصالح المغرب الاستراتيجية، خاصة في ما يتعلق بالاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
تستمر الحكومة المغربية في تعزيز التعاون مع إسرائيل في عدة مجالات، وهو ما تعتبره إنجازًا دبلوماسيًا واقتصاديًا، فيما يراه خصومها تواطؤًا يهدد استقلال القرار الوطني.
خاتمة
إن الخلاف بين أحمد ويحمان وناصر بوريطة لا يمكن اختزاله في جدل سياسي عابر، بل هو تعبير عن انقسام عميق داخل النخب المغربية حول موقع المغرب في النظام الإقليمي والدولي. فبينما يرى البعض في التطبيع وسيلة لتعزيز المصالح الوطنية، يراه آخرون خطرًا وجوديًا يقوض الهوية الوطنية ويمس القضايا المركزية، وعلى رأسها فلسطين.
يبقى هذا الصراع مفتوحًا على احتمالات متعددة، في ظل تحولات إقليمية متسارعة، وتنامي الوعي الشعبي بأبعاد السياسات الخارجية.
والسلام عليكم و رحمة الله