الوحش الذي أرعب كندا بأكملها

القاتل الذي هرب من السجن وعاد لينتقم


القصة الكاملة المبنية على أحداث حقيقية للقاتل الكندي ألان ليجير، الذي أطلق عليه لقب "وحش ميراميشي"

في أعماق مقاطعة نيو برونزويك الكندية، حيث تمتد غابات ميراميشي الشمالية كأيدي عملاقة تشابكت مع الأنهار المتجمدة والتلال الوعرة، كانت الحياة تسير ببطء هادئ كتدفق نهر الميراميشي نفسه. كانت القرية الصغيرة، المعروفة باسم تشاتام، مكاناً يعيش فيه الناس على إيقاع الصيد والزراعة والأعمال الخشبية، بعيداً عن صخب المدن الكبرى مثل مونكتون أو فريدريكتون. لكن في مايو عام ألف وتسعمئة وتسعة وثمانين، انقلب هذا الهدوء إلى كابوس دام أشهراً، عندما استيقظ وحش من الماضي ليغرق المنطقة في بحر من الدماء والرعب. ذلك الوحش كان ألان ليجير، الرجل الذي أطلق عليه الجميع لقب "الوحش الذي أرعب كندا بأكملها".ولد ألان ليجير في عام ألف وتسعمئة وأربعين وسبعة وأربعين، في قلب ميراميشي، من أسرة متواضعة تعمل في الصيد والزراعة. كان طفلاً هادئاً ظاهرياً، لكنه يحمل في أعماقه بذور الشر التي نمت مع السنين. في شبابه، انخرط في السرقات والعنف، وسرعان ما أصبح معروفاً لدى الشرطة المحلية بسبب جرائمه الصغيرة. لكن الجريمة التي غيرت حياته إلى الأبد وقعت في أكتوبر عام ألف وتسعمئة وثمانين وستة. في تلك الليلة الباردة، اقتحم ليجير منزل جون وماري غلين دينينغ، زوجين مسنين يديران متجراً صغيراً في نيوكاسل قرب ميراميشي. كان الزوجان في السبعينيات من عمرهما، يعيشان حياة هادئة بعيداً عن الشبهات.
دخل ليجير المنزل متسللاً، مدفوعاً برغبة في السرقة، لكنه سرعان ما تحول إلى وحش. هاجم السيد غلين دينينغ أولاً، يضربه بعنف حتى سقط على الأرض، ثم انقض على السيدة ماري، التي حاولت الدفاع عن زوجها. استخدم ليجير فأساً كبيراً من المتجر، يهوي بها على رأسيهما مراراً حتى تحولت الغرفة إلى بركة من الدماء. لم يتوقف عند القتل؛ بل قطع أجسادهما بطريقة وحشية، مشوهاً الوجوه ومفرغاً الأحشاء كأنه يمارس طقساً شيطانياً. عندما انتهى، سرق ما استطاع من المال والسلع، ثم غادر تاركاً الجثتين في وضعية مهينة. اكتشفت الشرطة الجثتين في اليوم التالي، وأثارت الوحشية صدمة في المجتمع الصغير. ألقي القبض على ليجير بعد أسابيع قليلة، بعد أن وجدت آثار دمه على ملابسه وأدواته. حُكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة القتل المزدوج، ونُقل إلى سجن دورشستر الإقليمي، حيث قضى السنوات التالية في زنزانة مظلمة، يخطط في صمت ليوم يعود فيه.
لكن ليجير لم يكن رجلاً يستسلم للقضبان. كان ذكياً بطريقة شيطانية، يدرس حراسه ويبحث عن الثغرات. في مايو عام ألف وتسعمئة وتسعة وثمانين، نقلوه إلى مستشفى في مونكتون لفحص طبي روتيني. رافقته ثلاثة حراس، لكنهم لم يتوقعوا ما سيحدث. في غرفة الانتظار، انفجر ليجير فجأة، يهاجم أحد الحراس بقبضاته القوية، ثم يسرق مفتاحاً ويهرب من الباب الخلفي. اندلعت الفوضى؛ أغلقت الشرطة الطرق، وأعلنت الإذاعات عن "هارب خطير"، لكن ليجير اختفى في غابات نيو برونزويك الشاسعة، التي يعرفها ككف يده. عاد إلى ميراميشي، مسقط رأسه، ليس ليستريح، بل لينتقم. كان يعتقد أن الجميع هناك خانوه، أبلغوا عنه، شهدوا ضده. كانت الغابة ملاذه، والليل سلاحه.
بعد خمسة وعشرين يوماً فقط من الهروب، في يونيو، وقعت الجريمة الأولى. كانت آني فليم، امرأة في الخامسة والسبعين من عمرها، تدير متجراً صغيراً في تشاتام. كانت وحدها في الليل، تغلق الأبواب عندما سمعَت طرقاً خفيفاً. فتحت الباب لترى رجلاً طويل القامة، يرتدي معطفاً قديماً، يطلب بعض السلع. كانت آني لطيفة، تدخل الرجل، لكنه انقلب عليها كالذئب. خنقها بيديه القويتين حتى توقفت أنفاسها، ثم ضرب رأسها بمطرقة من المتجر حتى تحطم الجمجمة. لم يتوقف؛ قطع جسدها بأدوات حادة، مشوهاً الوجه كما فعل سابقاً، وأشعل النار في المتجر ليخفي الأدلة. في الصباح، وجدت الجثة محترقة جزئياً، والرعب ينتشر. قالت الشرطة إنها سرقة، لكن الوحشية تذكرت الجميع بليجير. بدأ السكان في إغلاق أبوابهم مبكراً، والأطفال لا يلعبون خارجاً بعد الغروب.
لم يتوقف الوحش. في يوليو، بعد شهر واحد فقط، هاجم جيمس سميث، كاهن الكنيسة المحلية في نيوكاسل. كان الأب سميث رجلاً طيباً، يساعد الفقراء، ويعرف ليجير منذ الطفولة. في ليلة ممطرة، دخل ليجير الكنيسة متخفياً كمصلٍّ، ثم انقض على الكاهن من الخلف. استخدم حبل الستارة ليخنقه، لكنه لم يمت سريعاً. ثم، في لحظة من الجنون، قفز ليجير على صدر الجثة وضغط بكل قوته حتى انفصل القفص الصدري عن العمود الفقري، مما يجعل الجريمة أكثر وحشية. ترك الجثة معلقة على المذبح، كتحدٍّ للشرطة. انتشر الخبر في الصحف الوطنية، وأصبحت ميراميشي تحت الحصار. أرسلت السلطات مئات الضباط، واستخدموا الكلاب البوليسية والطائرات، لكن الغابات الشاسعة ساعدت ليجير على الاختباء. كان يسرق الطعام من المزارع، ويترك رسائل مهددة محفورة على الأشجار: "سأعود لكل من خانني".
مع اقتراب الخريف، تصاعد الرعب. في سبتمبر، قتل إرني هيكس، رجل أعمال محلي في الستينيات، في منزله. كان هيكس يعمل في شركة خشب، وكان قد شهد ضد ليجير في المحاكمة السابقة. دخل ليجير المنزل عبر النافذة، ووجد هيكس نائماً. طعنه بسكين مطبخ مرات عديدة، ثم قطع حلقه وترك الجثة في السرير، مغطاة بصور عائلية ممزقة. كانت الرسالة واضحة: هذا انتقام شخصي. ثم، في اليوم نفسه، هاجم ماري لوكوود، امرأة في الخمسينيات تعمل ممرضة. كانت لوكوود وحدها في شقتها، عندما طرق ليجير الباب مدعياً أنه مصاب. عندما فتحت، ضربها بمضرب بيسبول مسروق، مكسراً رأسها، ثم خنقها بوشاحها. قطع أصابعها وأذنيها، كأنه يجمع تذكارات، وأحرق الشقة جزئياً. الآن، أربع جرائم في أقل من خمسة أشهر، كلها بتوقيع ليجير: الوحشية الجنسية، الحرق، والتشويه.
أصبحت كندا بأكملها تشاهد ميراميشي. أغلقت المدارس، وفرض حظر تجول، وأقيمت نقاط تفتيش على كل طريق. النساء يحملن مسدسات، والرجال ينامون ببنادقهم. في الإذاعة، يُطلق على ليجير "الوحش الهارب"، ويُقال إنه ينام في الكهوف، يأكل الجيف، ويخطط للمزيد. كان الخوف يأكل الناس؛ يروون قصصاً عن ظلال في الغابة، وأصوات خطوات ليلاً. في نوفمبر، بعد سبعة أشهر من الهروب، بدأت الشرطة في تضييق الخناق. وجدت آثار أقدامه قرب نهر ميراميشي، وسمعت شهود صوته يغني أغاني قديمة كندية. في الثالث عشر من نوفمبر، أثناء مداهمة لمزرعة مهجورة، أطلق ليجير النار على الضباط، مما أسفر عن إصابة اثنين. لكنه أصيب هو الآخر، وألقي القبض عليه أخيراً على طريق ١١٨، وهو يحاول الفرار في سيارة مسروقة.
حُكم على ليجير بالسجن مدى الحياة خمس مرات، بدون إمكانية إفراج مشروط لمدة خمس وعشرين عاماً. نقل إلى سجن الريدوود الخارق الأمن في بريتش كولومبيا، حيث يقضي أيامه في عزلة. لم يعترف بكل الجرائم، لكنه اعترف ببعضها في مقابلات، قائلاً إنه "كان يشعر بالقوة". أصبحت قصته مصدر إلهام لأفلام وكتب، وغيرت قوانين السجون في كندا، مما جعل التحويلات الطبية أكثر أماناً.لكن في ميراميشي، الندوب باقية. يقول السكان إن الغابة لا تزال تحمل أسرار الوحش، وفي الليالي الباردة، يسمعون خطواته. ألان ليجير لم يمت، لكنه حي في ذاكرة الرعب، تذكيراً بأن الشر يمكن أن يعود دائماً. وإذا مررت بتلك الغابات يوماً، فتذكر: الوحش قد يكون قريباً، ينتظر فرصة أخرى للانتقام.
تعليقات