قصة بروس لي الكاملة: التنين الصغير الذي هز هوليوود

رحلة التنين: من معارك الشوارع إلى إرث جيت كون دو الأبدي


القصة كاملة

 ولد بروس لي في السابع والعشرين من نوفمبر عام الاربعين من القرن العشرين في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الامريكية، في ساعة التنين وسنة التنين حسب التقويم الصيني، مما جعله يحمل صفات هذا الحيوان الاسطوري في اعتقاد شعبه. اسمه الحقيقي لي جون فان، وكان والده لي هوي تشوين ممثلا ومغنيا اوبرا كانتونية مشهورا في هونغ كونغ، يجوب العالم مع فرقته الفنية. اما والدته غريس هو فكانت من عائلة ثرية في هونغ كونغ، ويُقال انها كانت مزيجا من الدماء الصينية واليهودية الهولندية، وهو ما يفسر ملامح بروس الغربية النسبية التي ساعدته لاحقا في عالم السينما الامريكية. كان بروس الابن الرابع للعائلة، ولديه اخوة واخوات اربعة: فيبي واغنس وبيتر وروبرت. بعد الولادة بايام قليلة، عاد الوالدان الى هونغ كونغ مع الطفل الرضيع في ابريل عام الواحد والاربعين، حيث كانت المدينة تحت الاحتلال الياباني الذي استمر من ديسمبر الواحد والاربعين الى الاربعين والخامسة بعد الالف. عاشت العائلة صعوبات كبيرة خلال تلك الفترة، فقد فقد والده عملا واسعا بسبب الحرب، واضطرت الاسرة الى الاعتماد على مدخراتها القليلة، وكانت الجوع والخوف رفيقا يوميا للجميع.

منذ الشهور الاولى، دخل بروس عالم السينما بطريقة غير متوقعة. في فيلم جولدن غيت غيرل عام الواحد والاربعين، لعب دور الرضيع الامريكي كبديل، وكان ذلك بفضل والده الذي اصطحبه الى الاستوديو. مع مرور السنين، اصبح بروس طفلا يظهر في اكثر من عشرين فيلما صينيا، غالبا ما يلعب دور اليتيم الشوارعي او الطفل المتمرد. فيلم ذا كيد عام الخمسين عندما كان في التاسعة من عمره كان من اعظم اعماله الطفولية، حيث لعب دور النجم الصغير في قصة درامية تعكس صعوبات الحياة في هونغ كونغ. اختار والده له اسم المسرح لي سيو لونغ، اي التنين الصغير، نسبة الى سنة ميلاده، وهو الاسم الذي اشتهر به في البداية. كان بروس طفلا نشيطا يحب الرقص والمسرح، وفي السابعة من عمره بدا يتدرب على تاي تشي مع والده، مما زرع فيه حبا للحركة الدقيقة والتوازن. التحق بمدرسة تاك سون الابتدائية، ثم كلية لا سال في الثانية عشرة، لكنه كان طالب ا يحب الدراسة النظرية، مفضلا الشغب واللعب في الشوارع. في اوائل الخمسينيات، اصيب والده بإدمان الأفيون، مما زاد من التوتر الاسري، وكانت والدته تغرق في الهموم لإعالة الاسرة.مع دخوله المراهقة، تحول بروس الى شاب متمرد. في السادسة عشرة، حوالي عام السادس والخمسين، اصبح صديقا لويليام تشونغ، عضو في عصابة شوارع، الذي اصطحبه الى استاذ الوينغ تشون الشهير يب مان. رفض يب مان في البداية تعليم بروس بسبب اختلاط دمه، فالوينغ تشون كان يُحفظ للصينيين النقيين فقط، لكن تشونغ ووونغ شون ليونغ شفعا له، فبدأ التدريب سرا. كان الطلاب الاخرون يتجاهلونه، لكنه تعلم بسرعة فائقة، ممارسا الوينغ تشون يوميا في غرفة صغيرة. سرعان ما انخرط في معارك الشوارع، خاصة على الاسطح حيث كانت العصابات تقاتل، وفي عام الثامن والخمسين فاز ببطولة المدارس في الملاكمة، حيث اخرج غاري المز بضربة قاضية. كانت معركته الشهيرة في ذلك العام مع طالب من مدرسة منافسة، حيث اخرجه من الوعي، مما ادى الى تدخل الشرطة. وقعت والدته توقيعا على المسؤولية، لكن الخوف من التصعيد دفعها الى ارساله الى الولايات المتحدة في عام التاسع والخمسين عندما بلغ الثامنة عشرة، ليستعيد جنسيته الامريكية ويبتعد عن المشاكل.وصل بروس الى سياتل واستقر مع اخته اغنس، وعمل نادرا في مطعم روبي تشاو كخادم. هناك بدا يعلم الفنون القتالية، واصفا اسلوبه بجون فان غونغ فو، وكان تلميذه الاول جيسي غلور. اخترع في تلك الفترة لكمة البوصة الواحدة، التي تُطلق من مسافة قصيرة جدا، ودرس ملاكمة محمد علي وسوغر راي روبنسون. اصبح تاكي كيمورا مساعده الاول، وفتح معه معهد لي جون فان غونغ فو في سياتل. تخرج من مدرسة اديسون التقنية، ثم التحق بجامعة واشنطن في عام الواحد والستين، متخصصا في الدراما مع دراسة الفلسفة والنفس، حيث عاش حياة زهدية يعمل غسيل الاطباق لكسب قوته. كان يقرأ كتبا في الزن والطاوية، ويؤمن بأن الفنون القتالية طريق للمعرفة الذاتية.في اوائل الرابع والستين، ترك الجامعة وانتقل الى أوكلاند مع جيمس ييم لي، وافتح ثاني معهد له. هناك تعرف على إد باركر، مما ادى الى ظهوره في بطولة لونغ بيتش الدولية للكاراتيه عام الرابع والستين، حيث اعجب الجميع بلكمة البوصة الواحدة التي ارسلت بوب بايكر الى الوراء، ورفع الجسم باصابع اثنتين. تبادل مع جون ري ضربة الركلة الجانبية مقابل اللكمة غير التلغرافية. لكن الجدل اندلع عندما طالب المجتمع الصيني في سان فرانسيسكو بمعركة مع وونغ جاك مان لإثبات حق بروس في تعليم غير الصينيين. دارت المعركة في نوفمبر الرابع والستين، واستمرت ثلاث دقائق حسب بروس الذي ادعى النصر، او عشرين دقيقة حسب وونغ الذي اتهمه بالعدوان. هذه المعركة غيرت بروس، فبدات يبتكر اسلوبه الخاص، رافضا التقاليد الصارمة.


من الستين الى السابع والستين، لعب دور كاتو في مسلسل ذا غرين هورنت، الذي عرض ستة وعشرين حلقة، وكان كاتو الخادم القتالي للثري بريتوود، واصرا بروس على استخدام حركات حقيقية ببطء للكاميرا. ظهر ايضا في باتمان مع فان ويليامز، وتدرب مع جين ليبيل على الخنق. بعد انتهاء المسلسل، فتح معهدا في لوس انجلوس. في السابع والستين، اخترع جيت كون دو، اي طريقة الاستعراض المتقاطع، فلسفة هجينة تجمع قدم التنين من الكونغ فو، خطوات الملاكمة، سيوف السياج، وروح الزن. كان شعاره لا اسلوب كاسلوب، وكتابه تاو جيت كون دو يصفها كماء يتكيف مع الوعاء. اخلى الاشكال الثابتة، مفضلا الكفاءة والمرونة.في الاتحادية الامريكية، لم يحصل بروس على ادوار رئيسية بسبب لهجته ولونه، فظهر في مارلو عام التاسع والستين كمجرم يحطم المكتب بلكمات، وفي ذا ريكينغ كرو يقدم نصائح كاراتيه. ضيف في هير كوم ذا برايدز وبلوندي، وفي السبعين ينسق قتال ا ووك في ذا سبرينغ راين. عام التاسع والستين، طور فكرة ذا سايلنت فلوت مع ستيرلينغ سيليفانت وجيمس كوبورن، الذي اصبح فيلم سيركل اوف آيرون عام الثامن والسبعين. في الواحد والسبعين، ضيف في لونغستريبيت كلي تسونغ، مقدم جيت كون دو، ويقترح مسلسل ذا واريور الذي حولوه الى كونغ فو مع ديفيد كاريادين بسبب التمييز العنصري.شعر بروس بالإحباط في هوليوود، فعاد الى هونغ كونغ في الواحد والسبعين، ووقع مع غولدن هارفست. فيلم ذا بيغ بوس عام الواحد والسبعين، من إخراج لو وي، كان نجاحا هائلا، حيث لعب دور عامل في تايلاند ينتقم، محطما الرقم القياسي في التذاكر. ثم فيست اوف فيوري عام الثاني والسبعين، يلعب تشين تشن، يدافع عن المدرسة الصينية ضد اليابانيين، محطما الرقم السابق. في ذا واي اوف ذا دراغون، الذي اخرجه وكتبه بنفسه، يقاتل في روما، ومعركته الاخيرة مع تشاك نوريس في الكولوسيوم اصبحت أيقونية، محققا مئة وثلاثين مليون دولار. شكل شركة كونكورد برودكشن مع رايموند تشاو. فيلم غيم اوف ديث عام الثالث والسبعين، الذي لم يكمله، يحتوي على قتال مع كريم عبد الجبار. انتَر ذا دراغون، انتاج مشترك مع وارنر بروس، حقق اربعمائة مليون دولار، واصبح الرابع الاكثر مشاهدة في التاريخ حينها.في الحياة الشخصية، تزوج بروس من ليندا إيميري سرا في الرابع والستين بسبب قوانين منع الزواج المختلط، ولديهما براندون عام الخامس والستين الذي اصبح ممثلا ومات في الثالث والتسعين بحادث تصوير، وشانون عام التاسع والستين التي تدير مؤسسة بروس لي. درب بروس نجوما مثل تشاك نوريس وكريم عبد الجبار وستيف ماكوين وجيمس كوبورن ودان إينوسانتُو. كان صديقا لرومان بولانسكي وشارون تيت، واستخدم المخدرات مثل الكوكايين والمسكنات. في العاشر من مايو الثالث والسبعين، انهار من وذمة دماغية أثناء عمل صوتي لانتَر ذا دراغون، وشُخِصَ باضطراب تشنجي.مات بروس في العشرين من يوليو الثالث والسبعين في كولون ب هونغ كونغ، في الثانية والثلاثين من عمره، بعد تناوله حبة إكواجيسيك للصداع في شقة بيتي تينغ بي، ثم نوم قصير. نُقِلَ الى مستشفى كوين إليزابيث ميتا، والوفاة الرسمية وذمة دماغية من تفاعل مع الدواء. التحقيقات استبعدت القنب والحرارة الزائدة والجفاف، ولم تجد دليلا على قتل من قبل الترياد أو لعنة. دفن في سياتل بجانب ابنه لاحقا.ترك بروس إرثا هائلا، مؤسسا جيت كون دو الذي اصطُفِ بأب المهارات القتالية المختلطة من قبل دانا وايت، مؤثرا في الملاكمين مثل ماني باكياو وكونور ماكغريغور. شحّن أفلام الكونغ فو من الخيال الووشيا الى الواقعي، وكسر الصور النمطية عن الآسيويين، محركا موجة الكونغ فو في السبعينيات، مؤثرا في جاكي شان وجون وو وكوينتين تارانتينو. ظهر في المانغا مثل فيست اوف ذا نورث ستار ودراغون بول، والالعاب مثل ستريت فايتر، وكوميكس شانغ تشي. حصل على نجمة في ممشى هوليوود، وتمثال في لوس انجلوس، وحديقة ترفيهية في جونآن. مسلسل واريور عام التاسع عشر بعد الالف مستوحى منه، وميني سيريز لسايلنت فلوت مخطط له. قال بروس: الملاكمة ليست لضرب الخصم بل لضرب الغرور والخوف داخلك. هكذا عاش، رجلا يتجاوز الحدود، ومات تاركا حياة تستحق التذكر الابدي.
تعليقات