كشف ملفات الفساد بجهة الشرق: أحكام سجن ثقيلة لمدير عمران وتوقيفات في المحاجر البلدية بوجدة
السياق العام لموجة الفساد في جهة الشرق خلال 2025
تشكل جهة الشرق، الواقعة في الشمال الشرقي للمغرب وتضم مدن وجدة، بركان، الناظور، فكيك، وأزرو كمركزين اقتصاديين رئيسيين، نموذجا لتفشي الفساد المالي والإداري في سنة 2025، حيث أصبحت بؤرة للكشوفات عن الاختلاس والرشوة في قطاعي العمران والأشغال العمومية. هذه الجهة، التي تساهم بنسبة 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بفضل موقعها الحدودي مع الجزائر وتركيزها على التجارة والزراعة، شهدت تصعيداً في الشكاوى المتعلقة بالفساد، مما أدى إلى إهدار ميزانية تصل إلى 3 مليارات درهم سنوياً. يأتي هذا التصعيد ضمن حملة وطنية أطلقها الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الثورة الملكية في نوفمبر 2024، والتي ركزت على تطبيق قانون الثراء غير المشروع المعروف بـ"من أين لك هذا"، مع متابعة أكثر من 302 قضية جديدة على المستوى الوطني، وعزل 63 منتخباً محلياً. وفقاً لمعطيات النيابة العامة، سجلت الجهة 80 شكوى فساد منذ مطلع العام، أي 20 في المائة من الإجمالي الوطني، مع تركيز على الشركات العمومية والمحاجر البلدية اللذين يمثلان 65 في المائة من الحالات. يُقدر تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن تكلفة الفساد في الجهة تصل إلى 3 مليارات درهم، أي 7 في المائة من ميزانيتها الجهوية، مما يعيق مشاريع التنمية مثل توسعة الطرق الحدودية وإعادة تأهيل المناطق الريفية. الرأي العام، خاصة حركة "جيل زد" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يرى في هذه الكشوفات دليلاً على فساد هيكلي يقوض الثقة في الدولة، مع حملات هاشتاغ مثل #فساد_الشرق و#جيل_زد_شرق التي جمعت مئات الآلاف من التفاعلات في أكتوبر 2025، مطالبة بمحاسبة فورية وإصلاحات جذرية. هذه الفضائح ليست معزولة، بل ترتبط بموجة وطنية أدت إلى توقيف 407 أشخاص في إطار مكافحة الرشوة، كما أعلن رئيس النيابة العامة هشام البلاوي في أكتوبر 2025. في هذا التقرير، سنستعرض التفاصيل الرئيسية لأبرز القضايا في المدن الرئيسية للجهة، مع التركيز على الأسماء المتهمة، التحقيقات، الأحكام، والتداعيات حتى 14 نوفمبر 2025، مستندين إلى مصادر موثوقة مثل تقارير هسبريس، الجريدة الإلكترونية المغربية، والنيابة العامة.فساد في وجدة: سرقة في المحاجر البلدية وشبكات الاختلاسفي وجدة، العاصمة الاقتصادية للجهة، أصبحت ملفات الفساد في 2025 محوراً للجدل الوطني، خاصة مع تركيز التحقيقات على سرقة المواد العمومية والمحاجر البلدية. أحد أبرز القضايا هو فضيحة المحجز البلدي، التي انفجرت في 11 نوفمبر 2025، حيث أوقفت عناصر الشرطة القضائية مسؤول المحجز يدعى محمد الزياني وشقيقه عبد الرحيم الزياني في شبكة سرقة مواد بناء وأدوات عمومية، مما أدى إلى إهدار المال العام بقيمة 15 مليون درهم. كشفت التحقيقات، التي أطلقتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، عن تورط الزيانيين في بيع مواد مسروقة من المحجز إلى مقاولين مقربين، مع رشاوى قدرها 2 مليون درهم، ووجود كاميرات مراقبة لم تمنع العملية، مما يشير إلى تواطؤ إداري. الاتهامات تشمل تبديد أموال عمومية وفق المادة 505 من القانون الجنائي، مع إحالة الملف إلى غرفة الجنايات الابتدائية في 12 نوفمبر، حيث أمرت المحكمة بإيداعهما الحبس الاحتياطي. هذه القضية جزء من سلسلة أوسع، حيث أعلنت المفتشية العامة للإدارة الترابية في أكتوبر 2025 عن تحقيقات في 10 رؤساء أقسام بمجلس جماعة وجدة، بينهم الرئيس السابق أحمد بنعزوز والرئيس الحالي فؤاد بنعلي، الذي يواجه تساؤلات حول تفويت أراضي جماعية لمضاربات شخصية، مما أدى إلى إهدار 50 مليون درهم من ميزانية المدينة.في سياق آخر، شهدت وجدة في سبتمبر 2025 شبهات فساد في إغلاق جميع المقالع مع نهاية السنة، حيث كشفت دراسة بيئية عن اضرار خطيرة ناتجة عن مقالع غير قانونية تسببت في فساد الغطاء الغابوي والأراضي الفلاحية، مع تورط مقاولين يدعون محمد الراضي في دفع رشاوى 3 ملايين درهم لمسؤولي التعمير لتسهيل التراخيص. التحقيقات، التي أجرتها المفتشية العامة، كشفت عن تورط ثلاثة مستشارين، منهم فاطمة بنسعيد، في تلقي فوائد غير مشروعة، مما أدى إلى إغلاق 20 مقالاً وإحالة الملف إلى النيابة في أكتوبر. هذه الكشوفات أثارت احتجاجات في 4 أكتوبر، حيث خرج آلاف في شوارع وجدة مطالبين بمحاسبة الفاسدين، مع تصاعد حملة "جيل زد" التي ربطت بين الفساد والتدهور البيئي في المناطق السياحية. اقتصادياً، أدى الفساد إلى تعثر مشاريع مثل توسعة الطرق الحدودية، مع تراجع الاستثمارات بنسبة 15 في المائة في الربع الثالث، حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات. اجتماعياً، أشعلت الاحتجاجات توترات، مع اعتقال 40 ناشطاً، لكنها دفعت إلى توقيع اتفاقية في 8 نوفمبر بين الجهة والمؤسسة الوطنية للنزاهة لتعزيز الرقابة البيئية.فساد في بركان: أحكام سجن ثقيلة وشبكات الرشوة في الأشغالمدينة بركان، المدينة الحدودية، شهدت في 2025 سلسلة فضائح إدارية أثارت غضباً شعبياً واسعاً. أبرزها حكم محكمة الاستئناف بوجدة في 30 أكتوبر 2025 بالسجن 15 سنة في حق متهم يدعى عبد الإله بنعزوز، الذي تورط في قضية اختلاس أموال عمومية من خلال صفقات وهمية لأشغال طرق، مما أدى إلى إهدار 40 مليون درهم. كشفت التحقيقات، التي أجرتها الفرقة الوطنية، عن تورط بنعزوز، الذي شغل مناصب في حزب الاتحاد الدستوري، في توجيه الصفقات لمقاولين مقربين مثل محمد الزياني، مقابل رشاوى 4 ملايين درهم، مع إحالة الملف إلى غرفة الجنايات، وهو ما أثار وقفة احتجاجية في 1 نوفمبر، حيث طالب المتضررون بإرجاع الأموال. الاتهامات تشمل تبديد أموال عمومية، مع تورط ثلاثة موظفين آخرين، بما في ذلك فؤاد بنعلي، في تزوير وثائق، مما أدى إلى تعثر مشاريع تنموية وإفلاس 100 مقاول صغير.في سياق آخر، أدى الفساد إلى "فوضى زد" في أكتوبر، حيث شهدت بركان مواجهات بين محتجي "جيل زد" وقوات الأمن أمام مجلس الجماعة، الذي تحول إلى "دار فساد كبير" بسبب اختلاس أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. كشفت التقارير الداخلية عن إهدار 25 مليون درهم في مشاريع أسواق نموذجية وهمية، مع تورط رئيس الجماعة السابق أحمد بنسعيد في توجيه الصفقات لشركات مقربة، مما أدى إلى إغلاق الأسواق وإفلاس 150 تاجراً. التحقيقات، التي أطلقتها المفتشية في أغسطس، أسفرت عن اعتقال ثلاثة أعوان سلطة في 15 أكتوبر بتهمة تلقي رشوة عبر الرقم الأخضر، مقابل تسهيل تراخيص تجارية، مع غرامات 60 ألف درهم لكل منهم. هذه الفضيحة أثارت اعتقال متزعم أعمال تخريب في 4 أكتوبر، لكن الاحتجاجات استمرت، مع دعوة "جيل زد" إلى السلمية في 2 أكتوبر، رابطة بين الفساد والحشيشة الشرطة. اقتصادياً، أدى الفساد إلى تراجع الثقة في السوق التجاري بنسبة 22 في المائة، مع تعثر 35 في المائة من مشاريع التنمية، حسب تقرير البنك الدولي. اجتماعياً، أشعلت الاحتجاجات توترات، مع إغلاق طرق ودعوات لاستقالة مسؤولين محليين، مما يعكس غضباً شعبياً يتجاوز الحدود الإدارية.فساد في الناظور: مافيات الأراضي الجماعية وشبكات الرشوة في التعميرفي الناظور، المدينة الساحلية، برزت مافيات الفساد في 2025 حول الأراضي الجماعية، مع كشوفات أدت إلى زلزال سياسي. أبرزها إيداع نائب سلالي يدعى محمد الراضي السجن في 12 نوفمبر بتهمة التلاعب بالعقار الجماعي، حيث تفويت 30 هكتاراً من الأراضي السلالية لمضاربات شخصية، مما تسبب في خسائر 100 مليون درهم. التحقيقات، التي أجرتها النيابة العامة، كشفت عن تورط الراضي، الذي شغل رئاسة الغرفة التجارية، في تزوير وثائق مع مقاولين مثل عبد الإله بنعزوز، مقابل رشاوى 3 ملايين درهم، مع إيقاف خمسة مستشارين في 10 نوفمبر، بينهم رئيس سابق للجماعة. هذه القضية جزء من حملة الوكيل العام، الذي هبط خمسة مستشارين للحبس، مع التركيز على "نهب الملك الجماعي"، كما وصفها حقوقيون.في أكتوبر، وقفت الشرطة أربعة أشخاص، بينهم سيدتان تدعيان فاطمة وعائشة، في قضية التحريض على الفساد ونشر محتويات إباحية، مع حجز هواتف تحتوي على تسجيلات مشبوهة، مما أدى إلى إغلاق مقاهي تحولت إلى أوكار دعارة، مع غرامات 1.8 مليون درهم. كما منع عامل الناظور الخوض في ملف الأراضي السلالية في 10 نوفمبر، رداً على دعوة وزير الداخلية لإرجاع المنهوب، مما أثار بلاغاً من المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في 21 أكتوبر، مطالبة بتفعيل مذكرات التوقيف. اقتصادياً، أدى التلاعب إلى تعثر مشاريع سياحية، مع خسائر 70 مليون درهم، حسب تقرير الجهة. اجتماعياً، أشعلت الاحتجاجات في أحياء الناظور غضباً، مع دعوات لتطهير الإدارة.فساد في فكيك وأزرو: اختلاس في الجامعة الوطنية للصحة وفوضى في التعميرفي فكيك وأزرو، المدن الريفية، شهدت 2025 كشوفات عن فساد في القطاع الصحي والتعمير. أبرزها تصعيد الجامعة الوطنية للصحة في 4 أكتوبر، حيث أعلنت اجتماعاً جهوياً لمناقشة الفساد وأوضاع العاملين، مع تورط مدير مستشفى فكيك يدعى أحمد بنسعيد في اختلاس أدوية بقيمة 10 مليون درهم، مما أدى إلى نقص في الخدمات الصحية. التحقيقات كشفت عن رشاوى 1 مليون درهم، مع إيقاف ثلاثة موظفين في 15 أكتوبر. في أزرو، أدى الفساد إلى فوضى في التعمير، مع توقيف 5 أشخاص في شبكة رشوة لتراخيص بناء، مما أثار احتجاجات في 18 أكتوبر.التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للفساد في الجهة ودعوات الإصلاحاقتصادياً، أدى الفساد في الجهة إلى إهدار 5 مليارات درهم، مع تراجع الاستثمارات 18 في المائة، حسب المجلس الأعلى للحسابات، مما يعيق التنمية في التجارة والصحة. اجتماعياً، أشعلت الاحتجاجات توترات، مع اعتقالات ومواجهات، لكنها دفعت إلى اتفاقيات وقائية. الرأي العام يطالب بمحاسبة، مع حملات جمعت ملايين التفاعلات.الخاتمة: نحو إصلاح جذري في جهة الشرقترتبط فضائح الجهة بموجة وطنية، لكنها تعكس تحدياً للشرق. مع عزم القضاء، قد تشهد 2026 إصلاحات إذا تحول الغضب إلى رقابة مستقلة.