خيانة في الزنقة القديمة: حكاية حي فقير بين الفقر والفضائح

القصة الحقيقية لليلة فضح العشيقين في حي الفوسفاط


خيانة الجار لجاره ... قصة حقيقية حدثت في مدينة خريبكة بالمغرب 

القصة

منذ زمن كنت أسمع إشاعات مفادها أن سيدة تخون زوجها، وبما أنني كنت أسافر كثيرًا، لم أكن متأكدًا من صحة المعلومة. ولم تتح لي الفرصة لمراقبة الجانية والجاني. كانت بنات الحي يتهامسن دائمًا حين يرينها أو يرين الخائن دون ذكر اسميهما. وشاءت الأقدار أن يبدأ المغرب يتحرك، ولو ببطء، نحو التقدم. فقد كان الحي يفتقر إلى الماء والكهرباء، وغير متصل بأنابيب الصرف الصحي، وكنا نعاني كثيرًا في قضاء حاجاتنا. كانت النساء يخرجن إلى سفح جبل الفوسفاط حين تقل الحركة، والرجال في الليل. عشنا في ظروف محرجة لمدة من الزمن، إذ لم تكن الدولة تهتم إلا بالفوسفاط، أما "فئرانه" فلم تكن ذات أهمية عندها. 
وذات يوم، بينما كنت أقف في أقصى الزنقة أتحدث مع صديقين، كنت أراقب طفلة صغيرة في حدود سنة ونصف تقريبًا، وهي تخرج من الباب تحبو، فتسلقت كومة من التراب الناتج عن حفر القناة، ولم تتوقف حتى وصلت إلى القمة، فتدحرجت وسقطت في الماء الأخضر. جريت مسرعًا وخطفتها من تحت الماء، وصعدت بها. كان أحد الصديقين اللذين كنت أتحدث معهما أخوها، وقد تفاجأ حين رآني أجري إليها، لم يعرف السبب حتى رآني أحملها وكلانا متسخ باللون الأخضر. فأخذها إلى الداخل وهو يشتم أمها: "لماذا لا تراقبين بنتك؟".
 بدأ الحي ينتعش. كل سنة انتخابات، فجلبوا الكهرباء ودشنوها في عيد العرش، ثم بعد سنة أخرى أكملوا الشطر الأول من قنوات الصرف الصحي، وبقي النصف الآخر إلى حين. كان الشارع لا يزال ممتلئًا بالمياه والضفادع والأزبال حتى الانتخابات المقبلة. صبرنا حتى أصلحوا الشارع الرئيسي الذي يحمل اسم "زنقة الفوارات" حاليًا. وكان لي صديق يسكن في زنقة المرأة التي تخون زوجها، وقد مات رحمه الله، لكنه كان معي تلك الليلة، ليس هو فحسب، بل كان معي ثلاثة آخرون. وبدأت القصة كالتالي:
كنت في السينما ليلًا، وحين خرجت، جئت ماشيًا على الأقدام، وكان الجو حارًا، وكانت احتفالات عاشوراء. حين وصلت إلى الحي، رأيت صاحب دكان التبغ لا يزال مفتوحًا، والساعة تشير إلى الثانية صباحًا. فاشتريت منه السجائر، ورأيت الرجل الذي يخون جاره في جلسة خمرية مع صاحب الدكان، فأكملت طريقي. مررت على منزل صديقي، ناديته خفية حيث كنت أرمي الحجر على النافذة في الطابق الأول، فأطل عليّ ونزل وفتح لي الباب، ونهض الآخرون. كانوا مندهشين أنني جئت في ذلك الوقت. فقلت لهم: "اليوم سنكتشف حقيقة المرأة التي تخون زوجها". فسألوني: "كيف؟". قلت إنني رأيته يسكر مع صاحب دكان التبغ، ولابد أن الشيطان سيوسوس في رأسه للفساد مع عشيقته. وإن لم يحدث هذا، فاعتبروا كل ما قيل مجرد إشاعات واهية.
رسمت خطة، وهي أننا سننتظر قرب النافذة لكن بدون إنارة. كان منزل ذلك الرجل مقابل بيت صديقي، وإلى جواره بيت المرأة عشيقته. فتحنا نوافذ الزجاج الداخلية وتركنا الخارجية مغلقة، وكانت فيها فتحات للتهوية، وأطفأنا النور. وعند الساعة الثالثة صباحًا، جاء وهو يقود عجلته، حتى وصل إلى بابه، وبدلًا من أن يفتح الباب بالمفتاح، بدأ ينادي ابنته باسمها لتفتح له الباب، وقد كنا على علم بأنه لا يوجد أحد في بيته، إذ كانت زوجته عند أهلها مع كل الأولاد. كان ينادي طفلته لتصحي جارته وتفتح له الباب. فأطلت عليه من النافذة، وحين رأته، فتح هو بابه بالمفتاح وأدخل دراجته، ثم عاد إلى أقصى الزنقة وراقب الجهتين، ثم عاد وكانت المرأة قد فتحت له الباب وبقيت وراءه حتى دخل، فخرجت لتتأكد أنه لا يوجد أحد يراقبها، ثم أغلقت الباب.
بدأ أصدقائي مندهشين، كل يفتي برأيه ويقدم خطته. منهم من قال: "لنذهب إلى الشرطة"، وآخر قال: "لنغلق عليهما الباب ونجمع الناس". لكني رفضت كل خططهم، وشرعت أسرد عليهم خطتي، فقبلوها بصدر رحب، وكانت كالتالي:في اليوم التالي، وكان يوم أحد، كان الأطفال يلعبون بألعابهم المختلفة أيام عاشوراء. كنت قد كتبت رسالة قلت فيها:
"بعد السلام، كتبت لها قائلًا: إن زوجك فلان كان قد أوصاني أن أراقبك لأنه كان يسمع أشياء سيئة عنك، وكلفني بهذه المهمة وأعطاني قدرًا من المال. وبالصدفة، كنت مارًا بالأمس السبت، فاشتريت السجائر وأيقنت أنه سيأتيك لأنه كان سكرانًا. ولأكون صادقًا معك، كنت برفقة أربعة أشخاص شهود، فلو كنت وحدي لما تجرأت على كتابة الرسالة. فقد رأيناك حين أطللت من النافذة لما كان ينادي ابنته، ثم نزلت وفتحت له الباب بعد أن أدخل دراجته في منزله وراقب الدرب، كما راقبت أنت حين دخل هو بابك. فإذا أردت معرفة من نكون نحن، فاصبري حتى اليوم التالي، سنمر من أمام منزلك وستسمعين صوت صفير ثلاث مرات، ثم نلتقي عند باب الفرن عند العاشرة ليلًا، لأننا نريد أن نسمع منك جوابًا قاطعًا على سؤال: هل ستتوقفين عن هذا المنكر وسنسترك وشأنك لآخر مرة؟ وإن لم توافقي، سنتصرف بطريقتنا... والسلام."
في زخم لعب الأطفال، مررت أنا وأحد أصدقائي، وقد حل أذان المغرب من يوم الأحد، فرميت لها الرسالة من فتحة الرسائل في الباب، فسقطت على الأرض. فهمت ذلك حين خرج ابنها وذهب جريًا إلى دكان التبغ وجلب مشروبًا غازيًا (كوكاكولا)، وحين دخل أخذ الرسالة، والواضح أنهم لا يتوفرون على صندوق رسائل وإلا لما سقطت. بعد دخوله بدقيقة ونصف، فتح الباب من جديد، فخرجت وهي ترتدي جلبابها، تسوق أولادها مثل البطة، ودخلت بيت جارتها المقابلة لها. رأينا الرسالة بيدها لتقرأها لها بنت نعرفها وكانت صديقة لنا. أما أنا وصديقي فبقينا نراقب في كتمان تام.
وفي اليوم التالي، وبالضبط عند الساعة العاشرة إلا دقيقتين ليلا ، وقفنا في أقصى الزنقة وصفرنا ثلاث مرات وجرينا متفرقين. أنا اتجهت نحو السكة الحديدية، والآخرون ترددوا في أول الأمر، لكن سرعان ما تبعوني. طلعت بهم حتى منتصف جبل الفوسفاط، جلسنا مقابل الزنقة نستريح، فسألوني: "لماذا غيرت مكان الموعد؟". قلت لهم: "اصبروا دقيقة وستروا بأعينكم". وبينما نحن نراقب، إذ بالرجل يخرج وليست المرأة. كان يحمل في يده سكينًا تعادل السيف، فلا عجب في حجم السكين فمهنة الرجل خائن. ذهب إلى المكان الذي كتبته له في الرسالة، ونحن غيرناه في آخر لحظة، فلو ذهبنا هناك لقتل أحدنا. فصمت الكل وبقينا نراقبه حتى لف بالفرن من جميع الجهات، ثم عاد إلى بيته.
فقلت لصاحب فكرة نأتي بالشرطة: "لو فعلناها لاعتقلونا، لأن منزله ملتصق بمنزلها، وقد يصعد إلى سطح المنزل وبينهما حائط بارتفاع متر ونصف، وها هو في بيته، ونحن يتهموننا ببلاغ كاذب". في كلتا الحالتين، حتى لو جمعنا الناس عليهما لنضبطهما متلبسين، سيفعل الشيء نفسه وسيدخل بيته من السطح.
كنت أسكن في الزنقة شمال الخائن، وأصدقائي غربًا. انتظرناه حتى عاد إلى بيته ودخل. أعطيت أوامر بداية الرسائل الملموسة، فالحي معروف بالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف. وأغلب المنكر حاربناه بالرجم. طلعنا إلى السطوح، أعطيتهم الإشارة برمية اصطدمت بالصحن الهوائي للخائن. كنا نتوقف لنلقم أسلحتنا، ثم نعود لرجمهما هما الاثنين حتى وقت متأخر من الليل. وفي اليوم التالي، كان يرانا في كل مكان مر به في الحي وفي دكان التبغ، لكنه لن يتعرف علينا أبدًا، لأنني كنت واثقًا من أصدقائي وأعرف أنهم سيكتمون الأمر. 
أما المرأة فقد أخذت أولادها وسافرت إلى أبيها في البادية، وبقيت هناك ستة أشهر حتى عاد زوجها من إيطاليا. أما صاحبنا الخائن فقد باع منزله واشترى بقعة في الحي المجاور، لكنه كان عازمًا على الهروب. ترك أولاده صغارًا وهرب إلى إيطاليا بعد أن باع كل الدكاكين التي كان يملكها بمدينة خريبكة. وهو الآن مشرد في جنوب إيطاليا، لا يعرف سوى الشرب والنوم في العراء، ولا أمل في إصلاحه. حتى اليوم، أشك في أن أحد أولادها منه، فإن فحص الأب أولاده سيموت من الحسرة، وستخرب بيوت ويتشتت أطفال. لذلك حاربت المنكر بطريقة سرية، ووصلنا إلى نتيجة مرضية في سبيل الله وبالمجان وبالكتمان. انتصرنا وظللنا نراقب الحي، ولم نكن نرضى أن ينعت حينا بالسوء.
تعليقات