تحول مأساوي من مغنية إلى قاتلة
منى فندي، أو مازنة إسماعيل كما هو اسمها الحقيقي، وُلدت في يناير 1956 في ماليزيا. منذ صغرها، كانت تحلم بأن تصبح نجمة غناء مشهورة، وكانت تملك صوتًا جميلًا جذب انتباه من حولها. في أواخر الثمانينيات، بدأت مشوارها الفني كمغنية بوب، وأصدرت ألبومًا بعنوان "ديانا" عام 1987، بدعم من رجل الأعمال محمد نور أفندي عبد الرحمن، الذي أعجب بموهبتها وتزوجها لاحقًا. اختار لها اسمها الفني "منى فندي"، وأنتج لها الألبوم، لكن للأسف لم يحقق الألبوم أي نجاح يُذكر، ولم تتمكن منى من تحقيق حلمها بالشهرة رغم المحاولات المتكررة. واجهت صعوبات كثيرة، فهي لم تكن تملك المال الكافي، ولم تكن تمتلك الجمال اللافت الذي كان يُعتبر في ذلك الوقت ميزة إضافية للنجاح في عالم الفن، كما أن عمرها كان متقدمًا نسبيًا مقارنة بمنافسيها. بعد فشلها في عالم الغناء، قررت منى أن تغير مسارها تمامًا. تخلت عن حلمها الفني وبدأت تتجه نحو عالم السحر والشعوذة، وتحديدًا السحر الأسود. تعلمت فنون السحر، وفتحت عيادة روحانية خاصة بها، وبدأت تقدم خدماتها للناس، خاصة الأثرياء وأصحاب النفوذ في المجتمع الماليزي. بمرور الوقت، أصبحت منى معروفة كـ"كاهنة" محلية، وكانت تدّعي قدرتها على تحقيق رغبات عملائها من خلال التعاويذ والطقوس السحرية. جذب اسمها شخصيات مهمة، من بينهم سياسيون من الحزب الحاكم في ماليزيا. في عام 1993، دخلت منى في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في تاريخ ماليزيا. تواصل معها مازلان إدريس، وهو سياسي طموح وعضو في الجمعية العامة لولاية باتو تالام، كان يطمح لتعزيز مسيرته السياسية وربما الوصول إلى مناصب أعلى. اقتنع مازلان أن منى وزوجها محمد ومساعدهما حسن يمكنهم مساعدته من خلال طقوس سحرية. أوهمته منى أنها ستجعله "لا يُقهر" سياسيًا إذا استخدم تعويذة خاصة تتضمن قصبًا وقبعة يُزعم أنها كانت مملوكة للرئيس الإندونيسي السابق سوكارنو. طلبت منى مقابل هذه الخدمة مبلغ 2.5 مليون رينغيت ماليزي. دفع مازلان 500 ألف رينغيت كدفعة أولية، ووافق على نقل ملكية 10 قطع أراضٍ كضمان للمبلغ المتبقي. تم تحديد موعد لطقوس "التطهير" في منزل منى في ولاية باهانج. طلبت منى من مازلان أن يستلقي على الأرض، ووضعت زهورًا حوله كجزء من الطقوس. لكن ما حدث بعد ذلك كان مروعًا. بإشارة من منى، قام مساعدها حسن بضرب مازلان بفأس حادة على رقبته، مما أدى إلى فصل رأسه عن جسده. بعدها، قامت منى وزوجها محمد ومساعدهما حسن بتقطيع جثة مازلان إلى 18 جزءًا، ودفنوها في مخزن قريب من منزل منى، مغطاة بالخرسانة. الأمر المرعب أكثر أنهم أكلوا أجزاء من لحم الضحية كجزء من طقوس سحرية يعتقدون أنها قربان للشيطان. بعد الجريمة، عاشت منى وزوجها ومساعدهما حياة طبيعية وكأن شيئًا لم يحدث. استخدمت منى الأموال التي حصلت عليها من مازلان، والتي بلغت حوالي 2 مليون رينغيت، لإجراء عمليات تجميل وشراء سيارة مرسيدس بنز فاخرة. حاولت أيضًا تحسين مظهرها وإعادة إحياء حلمها بالغناء، لكن ذلك لم يدم طويلًا. في يوليو 1993، أُبلغ عن اختفاء مازلان، وبدأت الشرطة التحقيق في القضية. لم يكن أحد يعلم أن مازلان كان على علاقة بمنى فندي، لأنه أخفى هذا الأمر عن الجميع. لكن الشرطة وصلت إلى خيوط القضية عندما أُلقي القبض على حسن في قضية أخرى بسيطة. أثناء التحقيق معه، انهار حسن وظن أن الشرطة قبضت عليه بسبب جريمة القتل، فاعترف بكل شيء ودلّهم على مكان الجثة. عثرت الشرطة على بقايا مازلان في المخزن، وأُلقي القبض على منى وزوجها ومساعدهما. خلال المحاكمة، التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة في ماليزيا وحتى على المستوى العالمي، لم يُبدِ الثلاثة مقاومة كبيرة واعترفوا بجريمتهم. كانت منى تُظهر سلوكًا غريبًا أثناء المحاكمة، حيث كانت تبتسم بشكل مخيف أمام عدسات الكاميرات، وكأنها نجمة تتصدر عناوين الصحف وليست متهمة بجريمة بشعة. في عام 1995، صدر حكم بالإعدام شنقًا على منى وزوجها ومساعدهما. تقدمت منى وزوجها بالعديد من الاستئنافات لتخفيف الحكم، لكن جميعها رُفضت. في 2 نوفمبر 2001، نُفذ حكم الإعدام بمنى فندي وزوجها ومساعدهما، لتنتهي بذلك واحدة من أشهر القضايا الجنائية في تاريخ ماليزيا. قصة منى فندي لم تُنسَ، وأصبحت رمزًا للطمع والتحول من حلم الشهرة إلى الجريمة. حُوّلت قصتها إلى أفلام وثائقية وبرامج تلفزيونية، وحتى فيلم قصير عام 2002 من إخراج الماليزي أمير محمد. قضيتها كانت أيضًا واحدة من آخر القضايا التي استُخدمت فيها هيئة المحلفين في ماليزيا، مما ساهم في إلغاء هذا النظام لاحقًا بسبب الجدل الذي أثارته. منى فندي، التي بدأت كمغنية تحلم بالنجومية، انتهت كقاتلة أُعدمت بسبب جريمة بشعة، تاركة خلفها قصة لا تزال تُروى حتى اليوم.