جبهة استرداد الحرمين (جادة) والملثمين الأحرار: معارضة سعودية تتحدى القمع والإعدامات

 الشيخ عماد المبيض وحركة الملثمين: دعوات للإصلاح وسط تصاعد الإعدامات في السعودية


جبهة استرداد الحرمين (جادة) بقيادة الشيخ عماد المبيض: صوت المعارضة ضد القمع في السعودية

مقدمة: الشيخ عماد المبيض ودوره كمؤسس جبهة استرداد الحرمين

الشيخ عماد المبيض، الداعية الإسلامي السعودي المعروف، برز كشخصية معارضة بارزة بعد مغادرته المملكة العربية السعودية إلى لندن في مارس 2023، إثر نشره مقطع فيديو ينتقد فيه السياسات الحكومية التي يراها "منحرفة" عن العقيدة الإسلامية. يُشار إلى الشيخ المبيض على نطاق واسع بأنه مؤسس "جبهة استرداد الحرمين"، أو "جبهة استعادة دولة الحرمين"، التي تُعرف أيضًا باسم "جادة"، وهي حركة تهدف إلى استعادة القرار الشعبي ومواجهة ما يُوصف بالاستبداد في بلاد الحرمين. هذه الحركة، التي اكتسبت زخمًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، تُعتبر امتدادًا لخطاب المبيض الداعي إلى الإصلاح السياسي والديني في السعودية، مع التركيز على مقاومة القمع والدفاع عن الهوية الإسلامية. في هذا المقال، سنستعرض دور الشيخ عماد المبيض كمؤسس "جادة"، علاقته بحركة "الملثمين الأحرار"، وسياق الإعدامات التي تستهدف المعارضين في المملكة.

من هو الشيخ عماد المبيض؟

الاسم الكامل للشيخ هو عماد عبد المنعم المبيض، وُلد في المدينة المنورة عام 1975، ويبلغ من العمر حوالي 50 عامًا في 2025. حصل على درجة الدكتوراه في العقيدة الإسلامية والفقه من إحدى الجامعات السعودية، وعمل إمامًا وخطيبًا سابقًا لمسجد الملك عبد العزيز في الدمام. كما كان أحد مؤسسي جمعية دينية، مما عزز مكانته كداعية يتميز بالوضوح في تقديم الخطابات الدينية.
في مارس 2023، أثار المبيض جدلًا واسعًا بنشر مقطع فيديو وجه فيه نصيحة إلى الملك سلمان، ولي العهد محمد بن سلمان، ورئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ، داعيًا إياهم إلى "تقوى الله" في إدارة شؤون البلاد ووقف ما وصفه بـ"طمس العقيدة الإسلامية" و"تغريب المجتمع". بعد هذا الفيديو، أعلن مغادرته إلى "دولة آمنة"، وتأكد لاحقًا وصوله إلى لندن، حيث حصل على الإقامة الدائمة. منذ ذلك الحين، واصل نشاطه عبر منصات مثل يوتيوب وتيك توك، حيث ينتقد السياسات السعودية، ويدعو إلى الإصلاح، ويدعم حركات معارضة مثل "الملثمين الأحرار".

جبهة استرداد الحرمين (جادة): التأسيس والأهداف

يُنسب إلى الشيخ عماد المبيض تأسيس "جبهة استرداد الحرمين"، أو "جبهة استعادة دولة الحرمين"، التي تُعرف اختصارًا بـ "جادة". وفقًا لمنشورات على منصة X بتاريخ 5 يونيو 2025، أُعلن البيان التأسيسي للجبهة باللغتين العربية والإنجليزية، مؤكدًا أنها تهدف إلى "استعادة قرار الشعب" ومواجهة "الاستبداد" في السعودية. شعار الحركة، "أحرار ولدنا، وأحرار في القرار، وأحرار حتى أبواب الجنان"، يعكس طموحها إلى تعبئة الشعب السعودي للمطالبة بحقوقه. الحركة تُروَّج عبر بث أسبوعي يُسمى "الجواب جادة"، يُناقش قضايا الرأي العام والإصلاح السياسي، ويُبث عبر يوتيوب وتيك توك وX، مع مشاركة أشخاص مثل فؤاد كوثر علي.على الرغم من نسبة تأسيس "جادة" إلى الشيخ المبيض، إلا أن الأدلة المتاحة لا تؤكد بشكل قاطع قيادته المباشرة لها، بل تشير إلى أنه رمز فكري وداعم رئيسي لها. في مقاطعه على يوتيوب، مثل "الاستبداد أساس الانحراف في بلاد الحرمين"، يركز المبيض على نقد السياسات الحكومية، مثل فرض الضرائب، القمع السياسي، و"تغريب" المجتمع، مما يتماشى مع أهداف "جادة" في تعبئة الرأي العام ضد هذه السياسات. يُعتقد أن دوره كمؤسس يتمثل في وضع الإطار الفكري للحركة، مع الاعتماد على ناشطين آخرين لتنظيم الأنشطة الإعلامية والشعبية.

علاقة جبهة استرداد الحرمين بحركة الملثمين الأحرار

تتقاطع أهداف "جبهة استرداد الحرمين (جادة)" مع حركة "الملثمين الأحرار"، وهي حركة شبابية ظهرت في مايو 2025 من مكة والرياض. هذه الحركة، التي تتكون من شباب سعوديين يرتدون أقنعة لحماية هوياتهم، تهدف إلى مواجهة "الاستبداد" و"الظلم" في المملكة، دون أن تكون تنظيمًا سياسيًا أو مسلحًا. الشيخ عماد المبيض أبدى دعمه الصريح لهذه الحركة في مقاطع مثل "إبداع الملثمين"، حيث أشاد بشجاعة الشباب ودعى القبائل العربية إلى دعمهم. هذا الدعم يعزز فكرة أن "جادة" قد تكون مظلة فكرية أوسع تشمل حركات مثل "الملثمين الأحرار"، حيث يوفر المبيض الدعم الدعوي والفكري بينما تعمل هذه الحركات على الأرض.
ومع ذلك، لا توجد أدلة واضحة تشير إلى أن "الملثمين الأحرار" تابعون مباشرة لـ"جادة" أو أن المبيض يقودهم تنظيميًا. بدلاً من ذلك، يبدو أن دعمه لهم يأتي كجزء من استراتيجيته لتعبئة الشباب ضد السياسات الحكومية، مما يعزز دوره كمؤسس فكري لـ"جادة"

الإعدامات في السعودية: سياق القمع السياسي

تُعتبر الإعدامات في السعودية أحد أبرز أدوات قمع المعارضة، وقد أثارت انتقادات دولية واسعة. في عام 2024، نفذت السلطات 47 حكم إعدام من أصل 345، استنادًا إلى تهم مثل "الإرهاب"، "خيانة الوطن"، أو حتى "نشر تغريدات". من الأمثلة البارزة:
جلال حسن آل لباد: أُعدم في أغسطس 2025 في المنطقة الشرقية، وكان قاصرًا وقت ارتكاب التهم المنسوبة إليه، وهي المشاركة في احتجاجات بالقطيف. أثارت قضيته انتقادات من منظمات حقوقية مثل "القسط"، التي وصفت المحاكمة بأنها غير عادلة واستندت إلى اعترافات انتُزعت تحت التعذيب.
إعدامات 2019: نفذت السلطات إعدام 37 مواطنًا في يوم واحد، معظمهم من الطائفة الشيعية، بتهم مثل "تبني أفكار متطرفة"، مما أثار استنكارًا دوليًا.
استهداف الدعاة: دعاة مثل الشيخ نمر النمر (أُعدم في 2016) والشيخ سلمان العودة (معتقل منذ 2017) يُظهرون استهداف الأصوات الدينية المعارضة.
هذه الإعدامات تُغذي خطاب "جبهة استرداد الحرمين (جادة)"، التي تستند إلى الاستياء الشعبي من القمع السياسي والديني. الشيخ المبيض، كمؤسس فكري، يستخدم هذه القضايا لتعزيز دعوته إلى الإصلاح، مؤكدًا أن مثل هذه الإجراءات تُظهر "الانحراف" عن العقيدة التي قامت عليها المملكة.

دور الشيخ عماد المبيض كمؤسس فكري لـ"جادة"

على الرغم من أن الأدلة المباشرة التي تؤكد تأسيس الشيخ عماد المبيض لـ"جبهة استرداد الحرمين (جادة)" محدودة، إلا أن خطاباته ونشاطه الدعوي تدعم هذا الادعاء. في مقاطع مثل "الحرب في بلاد الحرمين أخطر من الحرب في غزة"، يركز المبيض على أن الانحراف في السعودية، مثل "طمس العقيدة" و"إفساد الشباب"، يمثل خطرًا أكبر على الأمة الإسلامية من الصراعات الخارجية. هذا الخطاب يتماشى مع أهداف "جادة"، التي تدعو إلى استعادة الهوية الإسلامية والقرار الشعبي.
كما أن دعمه لحركة "الملثمين الأحرار"، التي تُعتبر جزءًا من الحراك الشعبي ضد السلطات، يعزز دوره كقائد فكري. يُنظر إلى المبيض كشخصية تجمع بين الخطاب الديني والسياسي، مستغلاً مكانته كداعية لتعبئة الشباب والقبائل لدعم أهداف "جادة". البث الأسبوعي "الجواب جادة"، رغم إدارته بواسطة ناشطين آخرين، يعكس تأثير أفكار المبيض في صياغة خطاب المعارضة.

السياق الاجتماعي والسياسي

تشهد السعودية تحولات اجتماعية واقتصادية كبيرة في ظل رؤية 2030، مثل السماح للنساء بقيادة السيارة، تنظيم الحفلات الموسيقية، وتقليص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف. هذه التغييرات، رغم أنها تُروَّج كجزء من التحديث، أثارت استياء الأوساط المحافظة التي يمثلها المبيض وأنصاره. اقتصاديًا، أدت الضرائب الجديدة وارتفاع تكاليف المعيشة إلى تفاقم الاستياء الشعبي، مما يعزز زخم حركات مثل "جادة" و"الملثمين الأحرار".

الخلاصة

الشيخ عماد المبيض، كمؤسس فكري لـ"جبهة استرداد الحرمين (جادة)"، يلعب دورًا محوريًا في صياغة خطاب المعارضة ضد السياسات السعودية. من خلال دعمه لحركة "الملثمين الأحرار" وانتقاده للإعدامات والقمع، يسعى المبيض إلى تعبئة الرأي العام لاستعادة الهوية الإسلامية والقرار الشعبي. على الرغم من محدودية الأدلة التي تؤكد قيادته التنظيمية المباشرة لـ"جادة"، إلا أن تأثيره الفكري واضح في خطاباته ودعمه للحركات الاحتجاجية. هذا الحراك يعكس التوترات المتزايدة في السعودية بين الأوساط المحافظة والسياسات الحكومية، مما يجعل "جادة" صوتًا بارزًا في المعارضة.
تعليقات