جريمة قتل بشعة تهز سيدي قاسم: سائق طاكسي يُقتل ويُدفن داخل سيارته

قُتل بوحشية أمام منزله... جريمة مرعبة في دوار درايد بجماعة الشبانات

القصة.
 في صباح أحد أيام شهر مايو 2019 استيقظت ساكنة دوار درايد بجماعة الشبانات في إقليم سيدي قاسم على خبر صدمة لم تعرف له مثيلاً في أرجاءها. لم يكن الأمر حادث سير أو خلاف عابر بل شيئاً أبعد من الخوف العادي. كان خبرًا مفزعًا: رجل أربعيني، سائق سيارة أجرة كبيرة، قد عُثر عليه مقتولاً داخل سيارته بالقرب من منزله، بل وأكثر من ذلك فقد اُرتُكبت ضده جريمة قاسية فسدت أحشاؤه من شدة البشاعة. ذُبح من الوريد إلى الوريد، ونُهشت عيناه وألقيتا أمام السيارة، في مشهد دموي كان يكفي لإغلاق عيون أي شاهد مرتعب. وُجد الرجل راقداً في المقعد الخلفي مضرجاً بالدماء، كأن جسده صورة لما يائس من رغبة قاتله في التمثيل به وإرسال رسالة واضحة: لا مكان هنا للنجاة ولا للرحمة 
وفور سماع الخبر هبت السلطات؛ الدرك الملكي حضر بسرعة إلى عين المكان، يرافقهم عناصر من الشرطة العلمية والوقاية المدنية وكلاب مدربة. عاينوا الجثة ورفعوا البصمات، ثم نقلوها إلى المستشفى الإقليمي لإخضاعها للتشريح الطبي وتحديد أسباب الوفاة والأداة المستعملة 
. لم يمر وقت كثير قبل أن تتحول الساكنة الصغيرة إلى قرية أشباح؛ لا أحد يرغب في الخروج بعد المساء، والأحاديث تتكرر في المقاهي والأسواق: "القاتل كان متوحشاً"، "بغى يرمّز الرسالة"، "كيف يقدر انسان يفرقع عينين انسان".
ووسط زوبعة الخوف والمفاجأة، بدأت التحريات تأخذ منحى قوياً. لم يكن الدرك يتعامل مع جريمة قتل عادية، هذه جريمة شخصية عميقة. بعد أيام قليلة – وبضبط أقصى تمشى فيها التحقيق – تمكن رجال الدرك من إيقاف المشتبه به، شخص من نفس الدوار، رجل في عقده الخامس، لم يكن معروفاً عنه شيء يثير الشبهة. كانت الجريمة، حسب ما جاء في وسائل الإعلام، ناتجة عن نزاع لم يزل مستوراً، شخص دخل في علاقة غير شرعية مع زوجة السائق، ومع اندلاع الخلاف تحوّلت الأمور إلى مأساة مروّعة.
أوقف المشتبه فيه مساء يوم السبت 11 مايو، بعد تحريات سريعة أظهرت مكان اختفائه في فترة وقوع الجريمة. أمام الدرك سلّم نفسه وهو في حالة ارتباك، وتم وضعه تحت الحراسة النظرية بإشراف النيابة العامة من أجل استكمال التحقيق وتحديد بقية المتورطين إن وجدوا.
بعد القبض عليه بنحو أسبوع، تم تنظيم إعادة تمثيل للجريمة أمام السلطات القضائية والساكنة. الرجل بدا مضطرباً وهو يعيد خطوات تنفيذه؛ يرمي الأسلحة التي استخدمها، يحمل الضحية ويضعه في المقعد الخلفي، ثم يهرب. أثناء ذلك انطلقت صيحات استنكار من الحاضرين، ووجوه الناس التي كانت تعرفه سابقاً ماذا بها؟ كيف له أن كان بقالاً هادئاً “يُوزع التحايا والابتسامات كل صباح” قبل أن يصبح سفاحاً يخطف الأرواح ويصيب الجميع بالذهول؟ 
إحدى المراجعات التي لاحقتها الصحف لاحظت تشابه الواقعة هذه بحادثة اغتيال برلماني معروف في الدار البيضاء؛ قصة مشتركة بين الخيانة الزوجية والغضب الذي تسبب في الإقدام على قتل. جاء الجاني ليقتل ليس لطمع أو انتقام من المجتمع، بل بدافع غيظ الغيرة والخيانة، فخلط في النية بين تصفية العلاقة وتصفي حساب إنساني .
لم تعلن الصحافة المحلية عن تفاصيل أكثر دقة بخصوص ضغوط التحقيقات القضائية، لكن المتهم وضع تحت المراقبة والتحقيق العميق، مما يوحي بأن القضية تأخذ طريقها إلى محكمة صادقة وحكم عادل، يعترف بحق الضحية وزوجته، ويعاقب القاتل بالجزاء المناسب.
القصة هذه تترك في النفس أموراً لا تُمحى: هشاشة الثقة في العلاقات، خطورة الخيانة، وكيف أن نزعة فردية في دوار هادئ فقط كافية لإشعال وحشية تذكرنا بأن القتل لا علاقة له أحياناً بالسرقة أو بالإجرام المتخصص، بل يكون ثمرة لحظة غضب رهيبة دفعت إنساناً ليقتل آخر في معركة شرسة بداخل بيته وعلى قارعة الشارع.
هي قصة لا تُنسى؛ سائق بسيط حمل أسرته، وعشرات الليالي التي قضتها زوجته منتظرة عودته، انتهت فجأة في شظايا علاقة مخفية لم يتصور أحد أن تعمل مثل هذه القوة المدمرة، وتترك خلفها قرية كاملة في حالة خوف وذهول، تنتظر خروج الجاني من القفص والقضاء على الخوف الدفين في أنفسها.

تعليقات