حدائق الملك: شهادة فاطمة الشنا

 علاقة ممنوعة في ظل القصر

السلام عليكم
 عن كتاب "حدائق الملك" لفاطمة الشنا (أوفقير)كتاب حدائق الملك (Les Jardins du Roi) لفاطمة الشنا، زوجة الجنرال محمد أوفقير، وزير الداخلية والدفاع في عهد الملك الحسن الثاني، يُعدّ واحدًا من الأعمال الأدبية المغربية التي أثارت جدلاً واسعًا بسبب صراحته وجرأته في تناول تفاصيل حياة شخصية وحساسة. صدر الكتاب عام 2000 باللغة الفرنسية، ويُعتبر سيرة ذاتية تروي فيها فاطمة تجربتها كامرأة عاشت في قلب النظام السياسي المغربي، متناولة علاقاتها الشخصية، زواجها من أوفقير، والأحداث الدراماتيكية التي تلت محاولة الانقلاب الفاشلة عام 1972. 
من أبرز ما تناولته فاطمة في الكتاب هو علاقتها العاطفية الممنوعة مع شاب ريفي يُدعى "حسن" أو "حسنيتو"، وهي علاقة وصفتها بأنها عميقة ومحفوفة بالمخاطر.سياق الكتابفاطمة الشنا، المعروفة أيضًا باسم فاطمة أوفقير، كانت شخصية بارزة في المجتمع المغربي بفضل زواجها من الجنرال محمد أوفقير، الرجل الثاني في الدولة بعد الملك الحسن الثاني. عاشت حياة مليئة بالتناقضات، حيث جمعت بين الرفاهية في القصر والضغوط النفسية الناتجة عن الحياة السياسية المضطربة. 
بعد فشل انقلاب 1972 الذي قاده أوفقير، تعرضت هي وعائلتها للانتقام الشديد، حيث سُجنت مع أبنائها لسنوات طويلة في ظروف قاسية. كتاب حدائق الملك جاء كشهادة على تلك المرحلة، ولكنه أيضًا كشف عن جوانب شخصية وحميمية من حياتها، مما جعله عملاً مثيرًا للجدل.
العلاقة العاطفية مع "حسن"
من أكثر الفصول إثارة في الكتاب هو حديث فاطمة عن علاقتها العاطفية مع شاب ريفي يُدعى "حسن" أو "حسنيتو"، وهو عسكري كان يعمل في الأمن العام ويتبع تنقلات الملك. وصفت فاطمة هذه العلاقة بأنها كانت عميقة وممنوعة، تحمل طابعًا رومانسيًا ومحفوفًا بالمخاطر بسبب مكانتها الاجتماعية وزواجها من أوفقير. هذه العلاقة، كما روتها، كانت هروبًا عاطفيًا من واقع زواجها المعقد مع الجنرال، الذي كان، بحسب روايتها، يخونها مع نساء أخريات، مما دفعها للبحث عن الحب والانجذاب خارج إطار الزواج.
طبيعة العلاقة: 
وصفت فاطمة "حسن" بأنه شاب بسيط من أصول ريفية، يتمتع بجاذبية خاصة وسحر شخصي. كونه عسكريًا في الأمن العام، كان قريبًا من الأوساط الملكية، مما سهّل لقاءاتهما السرية. العلاقة، كما وردت في الكتاب، كانت مزيجًا من العاطفة الجياشة والمخاطرة، حيث كان اكتشافها سيُعرضها لفضيحة اجتماعية وسياسية.
الصراحة والجرأة:
 ما ميّز رواية فاطمة هو جرأتها في الكشف عن هذه التفاصيل في سياق ثقافي واجتماعي محافظ، حيث يُعتبر الحديث عن العلاقات خارج الزواج أمرًا حساسًا. هذه الصراحة أثارت ردود فعل متباينة، حيث اعتبرها البعض شجاعة في كسر الصمت، بينما رأى آخرون أنها محاولة لتشويه صورة عائلة أوفقير أو النظام الملكي.
السياق النفسي:
 العلاقة مع "حسن" تُظهر جانبًا إنسانيًا من فاطمة، حيث كانت تبحث عن الحب والأمان العاطفي في ظل حياة زوجية مضطربة وحياة سياسية مليئة بالتوتر. الكتاب يُبرز هذا الجانب كجزء من صراعها الداخلي بين واجباتها كزوجة وأم وبين رغباتها الشخصية.
تأثير الكتاب وردود الفعل
كتاب حدائق الملك لم يكن مجرد سيرة ذاتية، بل كان بمثابة وثيقة تاريخية وسياسية أثارت نقاشات واسعة في المغرب وخارجه. تناول الكتاب للعلاقة العاطفية مع "حسن" أضاف بُعدًا دراميًا جعل القراء يتساءلون عن مدى مصداقية الرواية ودوافع فاطمة من وراء الكشف عنها. بعض النقاد اعتبروا أن هذه التفاصيل كانت محاولة لجذب الانتباه أو لتصفية حسابات مع النظام الملكي، خاصة بعد المعاناة التي عاشتها فاطمة وعائلتها في السجن.من جهة أخرى، أشاد آخرون بأسلوب الكتاب الأدبي وقدرة فاطمة على التعبير عن مشاعرها بصدق، مما جعله عملاً يعكس تعقيدات الحياة في ظل نظام سياسي صلب. العلاقة مع "حسن"، على وجه الخصوص، أثارت تعاطف البعض الذين رأوا فيها صورة امرأة تحاول استعادة إنسانيتها في عالم مليء بالقيود.
الأهمية التاريخية والثقافية
كتاب حدائق الملك يُعتبر شهادة نادرة من داخل الأوساط السياسية المغربية في فترة الستينيات والسبعينيات، وهي فترة شهدت أحداثًا سياسية كبرى مثل محاولات الانقلاب وسياسات "سنوات الرصاص". من خلال روايتها عن علاقتها مع "حسن"، قدمت فاطمة صورة حية عن التوترات الاجتماعية والثقافية التي كانت تحيط بالنساء في تلك الفترة، خاصة اللواتي ينتمين إلى الطبقة العليا.
الخلاصة
كتاب حدائق الملك لفاطمة الشنا (أوفقير) هو عمل أدبي وسياسي جريء يروي قصة امرأة عاشت في قلب الأحداث التاريخية المغربية. علاقتها العاطفية الممنوعة مع "حسن"، العسكري الريفي، تُبرز جانبًا إنسانيًا ومأساويًا من حياتها، وتُضيف بُعدًا دراميًا للكتاب. على الرغم من الجدل الذي أثاره، يبقى الكتاب شهادة مهمة تكشف عن تعقيدات الحياة الشخصية والسياسية في المغرب خلال القرن العشرين. لمن يرغب في فهم السياق التاريخي أو استكشاف قصة حب محفوفة بالمخاطر، يُعد هذا الكتاب قراءة لا تُنسى، مع الحرص على النظر إليه كرواية ذاتية قد تحمل دوافع شخصية وسياسية.
تعليقات