الايطالي paolo الحلقة الاولى 1.

الإيطالي - PAOLO - (الجزء الأول)

السلام عليكم 
 قصة تحمل طابعًا إنسانيًا قويًا، وتوثق تجربة الهجرة والعمل بكل ما فيها من أمل وإحباط وكرامة مهدورة.  سلسلة "الإيطالي - PAOLO":
الإيطالي - PAOLO - (الجزء الأول)
قصة واقعية بقلم: جواد الليل
في عام 2007، سافرتُ أنا واثنان من إخوتي، مصطفى وسعيد، إلى إيطاليا بطريقة قانونية، مستندين إلى عقود عمل وفّرها احد افراد العائلة .
كان عقد مصطفى من قِبل معلمة في مدرسة، ابنة رجل إيطالي يعمل عنده أخ لنا، الذي دخل البلاد سنة 2002 بطرق غير شرعية.
أما سعيد، فكان عقده قادماً من المقاول، والد تلك المعلمة.
وبالنسبة لي، فقد حصلت على عقد عمل من مهندس صديق لهذا المقاول نفسه.
حمدنا الله جميعًا. ظننا أن الحظ قد ابتسم لنا أخيرًا، وأن فرصة لتحسين أوضاعنا المعيشية قد فتحت أبوابها أمامنا. كنا نحلم بجمع المال لبناء منزل يأوينا، بدلًا من السكن المشترك مع أبي في بيت صغير لا تتجاوز مساحته 56 مترًا مربعًا. ثلاث أسر تسكنه، من بينها أسرتي التي تقيم في غرفة على السطح، نُسميها في المغرب "بيت الصابون".
استضافنا أخونا لما يقرب من شهر. قضينا أول أسبوعين في راحة، ثم بدأنا العمل مع المقاول الملقب "باولو"، وكان يُعرف بين المغاربة باسم "الأصلع".
منذ الأسبوع الأول، لاحظت سلوكه مع العمال. كان يسبّ ويشتم الجميع بألفاظ نابية لا تُحتمل، وكنت أشعر بالغضب، لا لأني فهمت كلامه، بل لأن رفاقي كانوا يترجمون لي ما يقوله بعد رحيله.
في البداية، عاملني باحترام نسبي، لأنني كُلّفت بصباغة منزل يملكه أحد المسؤولين في وزارة الدفاع الإيطالية. عملت فيه لأكثر من شهر، ثم في عدة أوراش أخرى داخل سيراكوزا. ورغم كل ذلك، لم تتجاوز أجرَتي اليومية 35 يورو.
ورغم أن العقود صنّفتنا كعمّال منازل، كان باولو يُشغّلنا في البناء، دون زيادة في الأجر. بل على العكس، زادت معاملاته القاسية وسوء خلقه.
مع مرور الوقت، بدأت أفهم اللغة الإيطالية، وبدأت أردّ عليه بحزم. أدرك حينها أنني لست من النوع الذي يقبل الذل، وأنه لا يستطيع قمع الجميع بالطريقة ذاتها.
قال لأخي:
"أخوك هذا لا يبدو أنه يريد البقاء طويلًا، لن يعمل معنا كثيرًا..."
كنت قد وعدته بأنني لن أبقى ساعة واحدة بعد استلام بطاقة الإقامة. وبالفعل، تحملته سنة كاملة. وحين حصلت على بطاقتي، غادرت في اليوم التالي، بعد شجار معه عند الساعة الثامنة والنصف صباحًا.
عدت إلى المغرب، ثم رجعت إلى إيطاليا، وهذه المرة عملت مع مقاولة صباغة منازل في سيراكوزا بأجرة أفضل – 50 يورو يوميًا. استمريت معهم عامًا كاملاً، لكن صاحب الشركة كان يتحايل: في كل عام يعلن إفلاس المقاولة، ثم يعيد فتحها باسم جديد وفي مقر جديد، وكأن شيئًا لم يكن.
كان العمال يستفيدون من تعويضات البطالة، أما أنا فلا. نصحني أصدقاء بأن أتحقق مما إذا كان المقاول قد سدّد مستحقات الضمان الاجتماعي عني.
ذهبت إلى الإدارة المختصة، وهناك اكتشفت المفاجأة: لقد دفع فقط عن 3 أشهر من أصل 12. سلّمتني الإدارة نسخة رسمية لتُعرض عليه، ربما يدفع ما تبقّى.
في ذلك الشتاء، من فبراير 2009، كنت عند ابن خالتي في قرية Palazzolo، قرب Buscemi، حيث يسكن إخوتي ويعملون مع "باولو".
اتصلت بأخي سعيد وطلبت منه أن يُخبر باولو أنني في الطريق، أريد التحدث معه بشأن مستحقاتي.
وقفت أنتظره في سفح جبل يضربه برد الرياح. وعندما مرت شاحنته، أشرت إليه بيدي ليتوقف.
نظر إليّ، ثم أطلق عبارته المعروفة لدى الإيطاليين:
"VA FANCULO"
كلمة قذرة، يعرفها معظم المغاربة، لكنها كانت كافية لتشعل كل الغضب بداخلي.
كان أخي بجانبه. قلت :
"حسنًا... سأتولى الأمر بنفسي."
عدت إلى سيراكوزا، وذهبت لمكتب الشكايات الذي أرشدني إليه مفتش الشغل. قدمت شكاية رسمية، ونصحوني بأن أجهز الوثائق والشهود.
فعلت أكثر من ذلك... جهزت زادًا لن يخطر لهم على بال.
ومن هنا... بدأت الحرب.
يتبع...
إن ما سيحدث في الحلقة القادمة ليفطر القلب ويُدمع العين...
فتابعوني في الجزء الثاني من سلسلة: "الإيطالي – PAOLO"
والسلام عليكم و رحمة الله.
تعليقات