زهرة المنشودي من الثقافة إلى عاصفة الجدل.

  زهرة المنشودي: مستشارة أكادير 

مقدمة :

زهرة المنشودي هي مستشارة في المجلس الجماعي لأكادير، وإحدى الشخصيات السياسية المحلية النشطة خلال الولاية الحالية (2021-2026). تُشرف على قطاع الثقافة، تنشيط المدينة، والمحافظة على التراث، وهي عضوة في حزب التجمع الوطني للأحرار، الحزب الذي يقود المجلس برئاسة عزيز أخنوش. اشتهرت المنشودي بدورها في تعزيز الأنشطة الثقافية في أكادير، لكنها دخلت دائرة الجدل في مايو 2025 بسبب تصريحات اعتُبرت مسيئة للسكان، مما دفعها لتقديم اعتذار علني. في هذا التقرير، سنغوص في تفاصيل مسيرتها، دورها كمستشارة، والأحداث التي شكلت صورتها العامة.

البداية: من هي زهرة المنشودي؟

زهرة المنشودي هي سياسية مغربية تنتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو حزب ليبرالي بارز يقوده عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية منذ 2021. لا تتوفر تفاصيل كثيرة عن حياتها الشخصية، مثل تاريخ ميلادها أو نشأتها، لكنها برزت كعضوة نشطة في المشهد السياسي المحلي بأكادير منذ انتخابات 2015. في تلك الانتخابات، كانت المنشودي ضمن لائحة النساء المرشحات عن حزب التجمع الوطني للأحرار في أكادير، إلى جانب أسماء مثل فاطمة أمزيل وصباح مبروك، مما يُظهر حضورها السياسي المبكر.

في انتخابات 8 شتنبر 2021، تم انتخابها كمستشارة في المجلس الجماعي لأكادير ضمن الأغلبية التي حصل عليها حزبها (43 عضواً من أصل 61). في 24 شتنبر 2021، عُينت كنائبة تاسعة لرئيس المجلس، وكُلفت بمهام الإشراف على الشؤون الثقافية، تنشيط المدينة، والمحافظة على التراث. هذا الدور وضعها في موقع حساس، حيث تُعد أكادير مركزاً ثقافياً وسياحياً مهماً في المغرب، ويتطلب منها التواصل المستمر مع السكان لتنظيم فعاليات تعزز الهوية المحلية.

دورها كمستشارة: الثقافة في قلب أكادير

كونها المسؤولة عن قطاع الثقافة، تتركز مهام زهرة المنشودي على تنظيم الأنشطة الفنية والثقافية، تعزيز السياحة الثقافية، والحفاظ على التراث المحلي. أكادير، بتاريخها الأمازيغي العريق وموقعها على شاطئ المحيط الأطلسي، تُعتبر وجهة ثقافية تجمع بين التراث التقليدي والحداثة. من المتوقع أن تكون المنشودي قد أشرفت على فعاليات مثل مهرجان تيميتار الشهير للموسيقى الأمازيغية، أو معارض فنية تعكس ثقافة المنطقة، أو احتفالات بالتراث المحلي مثل الأعياد التقليدية.

كمستشارة، تشارك المنشودي أيضاً في جلسات المجلس الجماعي، حيث تُساهم في مناقشة القضايا المحلية واتخاذ القرارات التي تؤثر على تسيير المدينة. دورها في قطاع الثقافة يجعلها أقرب إلى المواطنين مقارنة ببعض المهام الأخرى، لأن الأنشطة الثقافية تُعتبر جسراً للتواصل بين المجلس والسكان. لكن، وحتى الآن، لم تُسلط الضوء بشكل كبير على إنجازاتها الملموسة في هذا المجال، ربما بسبب تركيز الرأي العام على الأحداث المثيرة للجدل المرتبطة بها.

عاصفة الجدل: تصريحات مايو 2025

في 8 مايو 2025، وخلال الدورة العادية للمجلس الجماعي لأكادير، أدلت زهرة المنشودي بتصريحات أثارت غضباً واسعاً. وفقاً لما نُشر على منصة X، قالت: "للي ما عجبو الحال يخوي أكادير"، أي أن على من لا يعجبه أداء المجلس أن يغادر المدينة أو البلاد. هذه العبارة اعتُبرت متعالية ومسيئة من قبل السكان، المنتخبين، والمعارضة، حيث بدت وكأنها تُنكر حق المواطنين في النقد.

ردود الفعل كانت قوية وحادة. المستشارة رجاء ميسو من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ردت قائلة: "هذا وطن ماشي ضيعة، وحنا ماشي ف الصالون ديال دارك"، مؤكدة أن مثل هذه التصريحات لا تتماشى مع الروح الديمقراطية. على مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر المواطنون عن استيائهم، مطالبين بمحاسبتها. رأى البعض أن كلامها يعكس استهتاراً بمشاعر السكان، خاصة أن أكادير تواجه تحديات مثل نقص البنية التحتية في الأحياء الشعبية، ارتفاع تكاليف المعيشة، ومشاكل اجتماعية أخرى. المعارضة اتهمتها بـ"التغول" وغياب الحوار السياسي.

الاعتذار: محاولة لاحتواء الأزمة

بعد يوم واحد من الجدل، في 9 مايو 2025، خرجت زهرة المنشودي عن صمتها وقدمت اعتذاراً علنياً. في بيان نُشر على منصة X، قالت: "أتقدم باعتذاري الصادق لجميع ساكنة أكادير الأعزاء على ما بدر مني من عبارات لم أكن أهدف من خلالها إلى الإساءة إليهم أو التعالي عليهم". أوضحت أن كلماتها "خانتها التعبير" أثناء الرد على منتقدي أداء المجلس، وأكدت أن دوافعها كانت نابعة من "شغفها وحبها لمدينة أكادير". أضافت أنها كانت تخدم المدينة حتى قبل دخولها عالم السياسة، وختمت بتجديد الاعتذار لكل من شعر بالإساءة.

هذا الاعتذار خفف من حدة التوتر، لكن ردود الفعل ظلت متباينة. البعض رأى أن تقديم الاعتذار بسرعة يُظهر مسؤولية، لكن آخرين ظلوا متشككين، معتبرين أن الاعتذار جاء فقط لاحتواء الغضب وليس عن اقتناع حقيقي. الانطباع السلبي الذي تركته تصريحاتها لم يُمحَ بالكامل، مما يُظهر مدى حساسية التواصل بين المنتخبين والمواطنين.

السياق السياسي: أكادير تحت هيمنة التجمع الوطني للأحرار

لمجلس الجماعي لأكادير ديناميكية سياسية خاصة منذ 2021، حيث يقوده عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ورئيس الحكومة المغربية. انتخاب أخنوش أثار جدلاً، حيث انتقد البعض تراكم مناصبه (رئيس الحكومة، رئيس الجهة، ورئيس المجلس الجماعي)، معتبرين أنه يعكس هيمنة الحزب على المشهد السياسي. في هذا السياق، تُعتبر زهرة المنشودي جزءاً من الأغلبية، مما جعل تصريحاتها تُفسر على أنها تعكس موقف الحزب بأكمله.

تشكيلة المكتب المسير تضم أعضاء آخرين من الحزب، مثل خالد القايدي (كاتب المجلس) وسناء بوحاميدي (نائبة كاتب المجلس)، مما يعزز سيطرة التجمع الوطني للأحرار. هذا الوضع جعل المعارضة، التي تضم أحزاباً مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال، تشعر بالتهميش، وزاد من حدة التوتر السياسي بعد تصريحات المنشودي.

لماذا أثارت تصريحاتها كل هذا الجدل؟

تصريحات زهرة المنشودي لم تكن مجرد زلة لسان، بل لامست جروحاً عميقة في أكادير. المدينة، رغم كونها وجهة سياحية، تعاني من تحديات اجتماعية واقتصادية، مثل الفوارق بين الأحياء الغنية والفقيرة، نقص الخدمات الأساسية، وارتفاع تكاليف المعيشة. عندما قالت المنشودي "للي ما عجبو الحال يخوي أكادير"، شعر السكان أنها تتجاهل مطالبهم المشروعة وتُظهر تعالياً لا يتماشى مع دورها كمستشارة. كلامها بدا وكأنه ينكر حق النقد، وهو حق أساسي في أي نظام ديمقراطي.

من جهة أخرى، يمكن فهم موقفها في سياق الضغط السياسي. كونها جزءاً من الأغلبية، ربما شعرت المنشودي أن هناك انتقادات مستمرة تستهدف عمل المجلس بشكل غير عادل، كما أشارت في اعتذارها. لكن طريقة تعبيرها كانت خاطئة، حيث أعطت انطباعاً بالاستبداد بدلاً من فتح باب الحوار مع المنتقدين.

ردود الفعل: غضب شعبي ودعم محدود

ردود الفعل على تصريحات المنشودي كانت متباينة. على منصة X، عبّر العديد من المواطنين عن غضبهم، معتبرين أن كلامها يعكس "احتقاراً للسكان" و"استبداد الأغلبية". البعض تساءل عن مدى التزامها بخدمة المدينة، خاصة أنها مسؤولة عن قطاع الثقافة الذي يُفترض أن يقربها من الناس. المعارضة انتقدتها بشدة، وكان رد المستشارة رجاء ميسو مثالاً على ذلك، حيث أكدت أن أكادير ليست "ملكية خاصة" لأحد.

في المقابل، اعتذارها نال دعماً محدوداً من البعض الذين اعتبروا أن الأمر كان سوء تفاهم، وأن تقديمها الاعتذار بسرعة يُظهر مسؤولية. لكن هذا الدعم كان ضعيفاً مقارنة بحجم الانتقادات، مما يشير إلى أن الحادثة تركت أثراً سلبياً على صورتها العامة.

ما الذي ينتظر زهرة المنشودي؟

حتى اليوم (11 مايو 2025)، من الصعب تحديد التأثير طويل الأمد لهذا الحدث على مسيرة زهرة المنشودي. الحادثة قد تكون نقطة تحول، لكنها قد تكون أيضاً فرصة لها لإعادة بناء صورتها. إذا استطاعت المنشودي تنظيم فعاليات ثقافية كبيرة وملموسة تخدم أكادير، مثل مهرجانات تجذب السياح أو مشاريع للحفاظ على التراث، فقد تستعيد ثقة السكان. لكن إذا تكررت مثل هذه التصريحات أو فشلت في تحقيق إنجازات واضحة، فقد تواجه معارضة أكبر في المستقبل، خاصة مع اقتراب نهاية الولاية الحالية في 2026.

الوضع اليوم

حتى الآن، تستمر زهرة المنشودي في مهامها كمستشارة في المجلس الجماعي لأكادير، وتُشرف على قطاع الثقافة. لا توجد أخبار عن استقالتها أو تغيير في مهامها بعد الجدل الأخير. يبدو أنها تحاول تجاوز الأزمة من خلال الاعتذار والعودة إلى عملها، لكن ردود الفعل المستقبلية من السكان ستكون المقياس الحقيقي لنجاحها في هذه المرحلة.

و السلام عليكم 



تعليقات