"بوحمارة" الجيلالي بن إدريس محمد اليوسفي الزرهوني.


(بوحمارة)الجيلالي بن إدريس محمد اليوسفي الزرهوني 

                                                                                          

السلام عليكم 
الرجل الملقب بـ"بوحمارة" أثناء الاستعمار الفرنسي في المغرب هو الجيلالي بن إدريس محمد اليوسفي الزرهوني، المعروف أيضًا بـ"الروكي". وُلد عام 1860 في مدشر بجبل زرهون قرب فاس، وتوفي في 9 سبتمبر 1909 في فاس بعد إعدامه.
خلفيته ودوره:
كان بوحمارة موظفًا سابقًا لدى القايد في المخزن المغربي، لكنه تحول إلى ثائر ضد السلطة العلوية في بداية القرن العشرين، في فترة كانت تشهد ضعفًا كبيرًا للسلطان مولاي عبد العزيز بسبب الأزمات الداخلية والضغوط الاستعمارية الفرنسية والإسبانية.
أعلن نفسه سلطانًا على المغرب الشرقي، وجعل مدينة تازة عاصمة لمملكته المزعومة، حيث حكم لمدة 7 سنوات (1902-1909). استطاع أن يسيطر على مناطق واسعة في شرق المغرب بفضل دعم القبائل المحلية التي كانت تعاني من ظلم المخزن وسياساته.
علاقته بالاستعمار:
استغل بوحمارة التنافس الاستعماري بين فرنسا وإسبانيا لصالحه. عقد اتفاقيات مع الدولتين سمحت لهما باستغلال مناجم في المنطقة (مثل منجم "أفرا" للرصاص لفرنسا ومنجم "ويكسان" للحديد لإسبانيا)، وفي المقابل حصل على دعم مالي وأسلحة ساعدته في تعزيز قوته العسكرية.
هذه الاتفاقيات جعلته قوة لا يُستهان بها، حيث هزم جيش السلطان في معارك مثل تلك التي وقعت عام 1902 قرب واد لبن، مما أثار قلق المخزن والقوى الاستعمارية على حد سواء.
نهايته:
بعد عزل السلطان عبد العزيز عام 1907 وتولي مولاي عبد الحفيظ الحكم، كثّف الأخير جهوده للقضاء على بوحمارة. في 1909، تم القبض عليه بعد معارك طويلة، ونُقل إلى فاس في قفص حديدي. أمر السلطان مولاي عبد الحفيظ بإعدامه رميًا بالرصاص في مشور بلاطه بفاس في 9 سبتمبر 1909.
وفقًا لتقرير قنصل فرنسا في فاس، هنري غايار، وصل بوحمارة إلى فاس في 24 أغسطس 1909 مغلولً بالسلاسل داخل قفص حديدي محمول على جمل، قبل أن يُنفذ فيه حكم الإعدام.
سياقه التاريخي:
ثورة بوحمارة جاءت في فترة حرجة من تاريخ المغرب، حيث كان البلد يعاني من أزمة اقتصادية وسياسية، مع تزايد التدخل الأجنبي. مؤتمر الجزيرة الخضراء (1906) ومعاهدة فاس (1912) مهدا لاحتلال فرنسا وإسبانيا للمغرب، وكانت ثورته تعبيرًا عن استياء شعبي من ضعف المخزن وتخاذله أمام الاستعمار.
رغم أن بوحمارة تعاون مع القوى الاستعمارية لتعزيز قوته، إلا أن تحركاته شكلت تحديًا للسلطة المركزية وساهمت بشكل غير مباشر في إبراز هشاشة الوضع السياسي في المغرب آنذاك، مما سهّل لاحقًا فرض الحماية الفرنسية.
تحليل شخصي:
بوحمارة ليس مجرد ثائر أو متمرد، بل يمكن اعتباره رمزًا للاضطرابات التي عصفت بالمغرب في تلك الفترة. تعامله مع القوى الاستعمارية يعكس براغماتية سياسية، لكنه في الوقت نفسه أثار غضب المغاربة الذين رأوا في ذلك خيانة للوطن، خاصة مع شائعات مثل بيع المغرب مقابل "دراجات هوائية" التي ارتبطت بضعف السلطان عبد العزيز. مع ذلك، يبقى بوحمارة شخصية معقدة، تجمع بين الطموح الشخصي والمقاومة ضد المخزن، في  سياق تاريخي مضطرب.

والسلام عليكم و رحمة الله.
تعليقات