ردّاً على تصريح وزير العدل المغربي بشأن قانون الإثراء غير المشروع

 وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي : إن قانون الإثراء غير المشروع "لم يجد صداه لدى الشعب المغربي"،

✍️ مقال رأي
حين يُصبح الفساد "خياراً انتخابياً"... من يجرؤ على تمرير القانون؟
بقلم: [جواد الليل]
في تصريح مثير لا يخلو من الصراحة، قال وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي، إن قانون الإثراء غير المشروع "لم يجد صداه لدى الشعب المغربي"، وإن تمريره كان سيؤدي إلى نتائج انتخابية كارثية تشبه ما حصل لحزب العدالة والتنمية سنة 2021.
هذا الكلام، الصادر عن أحد أبرز صناع القرار في البلاد، يتجاوز كونه مجرد تصريح سياسي. إنه إعلان واضح، بل فاضح، عن واقع مقلق: في مغرب اليوم، يمكن أن يُؤجل قانون لمحاربة الفساد فقط لأنه لا يخدم حسابات الصناديق.
نحن هنا لا نتحدث عن قانون تنظيمي هامشي أو تفصيل إداري يمكن تأجيله. نحن نتحدث عن قانون يهم صميم العدالة الاجتماعية، ويستهدف أولئك الذين راكموا الثروات في الظل، بلا رقيب ولا حسيب. وبالرغم من كل الندوات، والتقارير، وخطب العرش التي تتحدث عن الحكامة ومحاربة الريع، فإن تمرير هذا القانون بالذات ظل عصياً، بل محفوفاً بالمخاطر... الانتخابية.
لكن مهلاً، منذ متى أصبحت مكافحة الفساد تحتاج إلى رضا الناخبين؟
ومنذ متى صار وزير العدل يُحدد القوانين وفق نسب المشاهدة أو أرقام الاستطلاعات؟
وهل معنى كلام وهبي أن الأحزاب لا تجرؤ على مواجهة الفساد لأنها تخشى العقاب الشعبي بدل أن تتسلح بالمشروعية الأخلاقية والقانونية؟
لقد خسر "العدالة والتنمية" في 2021 لأسباب متعددة، بينها سوء التقدير السياسي، والتدبير الحكومي، والقرارات غير الشعبية. لكن الربط بين تمرير قانون لمحاربة الإثراء غير المشروع وبين انهيار سياسي، فيه تبسيط مخل، بل تبرير مفضوح للتقاعس.
إن تصريح الوزير يُعيد طرح سؤال جوهري: من يشرّع في المغرب؟
هل نُشرّع لصالح الوطن أم لصالح الحسابات الضيقة؟
وهل بات الفساد واقعاً نتكيف معه لا مرضاً نواجهه؟
ما قاله وهبي، حتى لو قيل بنبرة "الواقعية"، فهو تصريح يُقوّض كل ما بُني في خطابات الإصلاح. لأنه ببساطة يقول: "لن نمرر قانوناً ضد الفساد... إلا إذا أحبنا الشعب من أجله."
لكن الشعب، في العمق، لا يحتاج إلى من يغازله انتخابياً. بل يحتاج إلى من يُواجه معه الوحوش التي تبتلع خيرات البلاد في صمت.
ختاماً، إذا كان تمرير قانون لمحاربة الإثراء غير المشروع يُعتبر مخاطرة سياسية، فالأخطر منه هو التعايش مع الإثراء غير المشروع كمكون طبيعي في حياتنا العامة.
فإما أن نحارب الفساد فعلاً... أو نكف عن الحديث عنه.
والسلام عليكم و رحمة الله
تعليقات