قصة رعب حقيقي : حميد سائق الشاحنة الذي وقع في غرام جنية الصحراء المغربية

 كيف خدعت الجنية قلب حميد المكسور في أعماق الرمال الجنوبية؟


بداية القصة: الطريق المظلم واللقاء الأول
في تسعينيات القرن الماضي، وفي أعماق الصحراء الجنوبية المغربية، بين مدينتي أكادير والعيون، حيث تمتد الرمال بلا نهاية ويبتلع الليل كل شيء، كان هناك رجل يُدعى حميد، يبلغ من العمر ثمانية وثلاثين عامًا، يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع الثقيلة من المدن الداخلية نحو الجنوب. كان حميد طيب القلب، لكنه غارق في الحزن منذ وفاة زوجته في حادث مأساوي على ذات الطريق قبل عام واحد فقط. ذلك الحادث انتزع جزءًا من روحه، وجعل الطريق بالنسبة له كقبر مفتوح، يجذبه نحو أعماق الرمال، وكأن شيئًا ما ينتظره هناك.
في ليلة صيفية قائظة، انطلق حميد في رحلة طويلة معتادة نحو الجنوب. كانت الشاحنة تئن تحت وطأة الحمولة الثقيلة، والطريق مظلم تمامًا، والسماء فوق الصحراء شبه خالية من النجوم، والرياح تهمس بأصوات غريبة بين الكثبان الرملية. وبعد ساعات من القيادة المرهقة، لمح حميد شيئًا يتحرك على جانب الطريق، على بُعد عشرات الكيلومترات من أقرب قرية أو محطة. اقترب أكثر، ليجد امرأة واقفة وحدها وسط الرمال، كأنها شبح في الظلام. كانت ترتدي جلبابًا أبيض بسيطًا، وشعرها الأسود الطويل يتطاير مع الريح، وعيناها السوداوان تتلألآن في ضوء الشاحنة الخافت.
توقف حميد مذهولًا، ونزل ليسألها: "يا أختاه، ما الذي جاء بكِ إلى هنا في هذا الوقت المتأخر؟ الطريق خطر، ولا أحد يمر من هنا!" اقتربت منه بخطوات هادئة، وقالت بصوت ناعم كنسيم الصحراء: "عذرًا يا أخي، لقد ضللت طريقي، وانتظرت طويلًا مرور مركبة. هل يمكنك أن تقلّني؟ فأنا متجهة إلى نفس وجهتك." تردد حميد للحظة، لكن طيبة قلبه غلبت، ففتح الباب الجانبي وقال: "اصعدي، ولكن كوني حذرة، فالطريق طويل." جلست بجانبه بصمت، تحدق في الطريق وكأنها تعرفه أكثر منه. لم يسألها عن اسمها، لكنه لاحظ أن رائحتها تشبه عبق الياسمين البري، وأن يدها كانت باردة حين لمست الباب.
وبعد نحو ساعة، وصلا إلى مفترق رملي صغير غير واضح ولا يؤدي إلى أي قرية. قالت له فجأة: "هنا، أنزلني هنا." استغرب حميد وقال: "هنا؟ وسط الرمال؟ لا يوجد شيء هنا!" لكنها ابتسمت ابتسامة غريبة، شكرته، ونزلت، ثم مشت بين الكثبان حتى اختفت في الظلام كالدخان. هز حميد رأسه وقال لنفسه: "الصحراء تُجنن الناس"، ثم واصل طريقه، غير مدرك أن الليالي القادمة ستغيّر حياته إلى الأبد.

اللقاءات المتكررة: صداقة غريبة
بعد أسبوع، وفي رحلة أخرى نحو الجنوب، وعلى ذات الطريق وفي نفس التوقيت تقريبًا، وجدها حميد مرة أخرى! واقفة في مكان مشابه، وكأنها كانت تنتظره. اقتربت من نافذة الشاحنة وقالت: "مرحبًا يا حميد، هل يمكنك أن تقلّني مرة أخرى؟" (كانت تعرف اسمه دون أن يخبرها!) شعر حميد بشيء غريب، مزيج من الدهشة والفضول، لكنه فتح الباب وأخذها معه. هذه المرة، بدأت تتحدث معه قليلًا: عن الطريق، عن الوحدة التي تشعر بها، وعن حزنها على "أهلها الذين ابتلعتهم الرمال". حميد، الذي لم يكن يتحدث مع أحد عن وفاة زوجته، وجد نفسه يروي لها كل شيء: الحادث، الليالي التي يبكي فيها وحيدًا، والفراغ الذي ملأ حياته.
ومع تكرار الرحلات، أصبحت اللقاءات روتينًا أسبوعيًا: تنتظره، يقلّها، يتحادثان، ثم تنزل في ذات المفترق الغامض. كانت تسأله أسئلة عميقة، مثل: "لماذا تحمل هذا الألم وحدك؟ القلوب المكسورة كالرمال، تنبت فيها أشياء غريبة إن لم تُحرس." شعر حميد أنها تفهمه أكثر من أي أحد، حتى والدته أو أصدقائه. خفّت وحدته، وصار يتوق لرؤيتها، يبطئ الشاحنة قرب المكان، ويبتسم حين يراها. لكن في أعماقه، كان هناك شك صغير: كيف تكون دائمًا في نفس المكان؟ كيف تعرف اسمه وتوقيته؟

الدعوة إلى المنزل: أولى خطوات الغموض
بعد لقاءات عديدة، وفي ليلة هادئة، وقفت عند الشاحنة وقالت: "حميد، هذه الليلة لا أريد مجرد ركوب، لدي منزل قريب، تعال زرني، أُقدّم لك شاي النعناع، ونتحدث براحتنا." تردد حميد، لكن انجذابه لها غلبه – شعر أنها الوحيدة التي تفهم ألمه. وافق، وتبعها في طريق رملي ضيق يغوص في الصحراء، وبعد دقائق شعر بالضياع، لكن فجأة ظهر منزل طيني قديم، يشبه منازل البدو، مضاء بضوء أصفر خافت دون مولد أو كهرباء. كان الخارج بسيطًا، لكن الداخل واسع جدًا: سقف مرتفع، أثاث بدوي، دون أبواب داخلية أو غرف واضحة.
دخل، وقدّمت له شاي نعناع بطعم غريب – حلو وفيه مرارة خفيفة، كطعم الذكريات. جلست أمامه وقالت: "أعلم أنك تتساءل من أنا، كيف أعيش هنا وحدي، ولماذا أظهر في طريقك تحديدًا." سألها حميد: "هل تعيشين هنا دائمًا؟" ردّت بنظرة عميقة: "أنا لست وحدي أبدًا." وفي تلك اللحظة، سمع أصوات حركة خفيفة داخل المنزل – خطوات وهمسات – لكنه لم يرَ أحدًا. خفق قلبه بسرعة، لكنه لم يقل شيئًا. غادر بعد الزيارة، وهو يشعر بثقل غريب، كأنه ترك جزءًا من نفسه هناك، أو أخذ شيئًا دون أن يدري.

العلاقة تتعمق: حب محفوف بالخطر
منذ تلك الليلة، أصبحت اللقاءات أكثر قوة. وبعد أسبوع، وجدها مجددًا، ودعته إلى الشاي مرة أخرى. هذه المرة، لاحظ ظلالًا تتحرك خلف الجدار، وسمع صوت امرأة تهمس ورجل يرد بلهجة ثقيلة، رغم أن المنزل غرفة واحدة. سألها: "من في المنزل معكِ؟" ردّت ببرود: "حميد، لقد سلكت طرقًا كثيرة بحثًا عن الموت ذاته. هل تظن أن البشر وحدهم يسكنون هذه الأرض؟" تجمّد، ولم يستطع الرد. وفي الليالي التالية، اقتربت منه أكثر: تجلس بجانبه، تقول له: "حان الوقت لتترك الحزن، الإنسان لا يُخلق ليعيش بلا قلب." كلماتها كسرت الجليد داخله، وبدأ يشعر بانجذاب غريب، كحب لا يُفسّر. بدأت تظهر له في أماكن غير متوقعة: في الشاحنة وهو نائم، تقف عند النافذة دون صوت محرك، وتقول: "لست بحاجة إلى طريق كي أصل إليك."
هنا، أدرك حميد الحقيقة: إنها ليست بشرية، بل "جنية الطريق"، التي تختار الرجال أصحاب القلوب المكسورة لتتسلل إلى أرواحهم. حاول الهرب: ترك عمله، وذهب شمالًا إلى المدن الكبرى، لكنها ظهرت له حتى هناك، وقالت: "أنت جزء مني الآن، الهروب يقوّي الرابط." ثم بدأت تطارده في كل مكان: في منزله مع والدته، في المرايا، خلف الزجاج في العمل. وفي النهاية، كشفت له: "لقد اخترتك زوجًا، هذا قدر لا يتغير." شعر حميد بالخوف، وكأنه فقد السيطرة، وبدأ يرى أشكالًا غريبة، يسمع أصواتًا، ويشعر بيد باردة على كتفه ليلًا.
النهاية: الخلاص بالإيمان
لم يعد حميد قادرًا على الاحتمال، فقصّ قصته على زميله إدريس، الذي أخذه إلى شيخ عجوز في الجنوب، متخصص في الرقية الشرعية. كان الشيخ في السبعين من عمره، بعينين حادتين، استمع إلى القصة كاملة وقال: "هذه جنية تستهدف القلوب المنكسرة مثلك، لأن الروح تصبح نافذة مفتوحة. الحل في القرآن والإيمان، لا في الهروب." أجرى جلسة رقية: أحضر أعشابًا صحراوية، كتب آيات على ورق، وطلب من حميد أن يُغمض عينيه ويواجهها في خياله. ظهرت الجنية غاضبة، تحاول إغراءه بذكريات زوجته، لكنه ردّد آية الكرسي والمعوذات و الإخلاص
تعليقات