دموع العدل.. الحب المحرم: العقربة والخسيس في مرافعة خالد أبو رحاب التاريخية

خيانة الأخ لأخيه وزوجة تخون زوجها.. قصة السم والخنق في ليلة ممطرة بالجيزة


الفصل الأول: جذور الثقة في أرض الدلتا.. خلفية القرية والعائلة

في قلب محافظة الجيزة، حيث يمتزج النيل بالتراب الخصب والريف الهادئ، تقع قرية صغيرة تُدعى "الوراق" أو شيء مشابه، مليئة ببيوت الطوب اللبن والحقول الخضراء اللي تشهد على حياة بسيطة مليئة بالعمل الشاق والروابط العائلية القوية. في هذه القرية، ولد ونشأ إخوة اثنان من عائلة متواضعة: أحمد صلاح راشد حسن، الأكبر، وكامل صلاح راشد، الأصغر. كان أحمد، اللي عمره حوالي 35 سنة، رجلاً قوي البنية، ذا وجه مشرق وابتسامة تجعل الجميع يثقون به. عمل في الزراعة منذ صغره، لكنه كان يحلم بلقمة عيش أفضل، فهاجر إلى المملكة العربية السعودية بحثاً عن عمل في البناء والعمالة اليومية. كان يرسل أمواله إلى العائلة بانتظام، ويُعتبر في القرية "الابن البار اللي رفع رأس أهله".أما كامل، فكان أصغر بثلاث سنوات، رجلاً هادئاً، طيب القلب، يعمل في نفس الحقول، ويحلم ببناء أسرة مستقرة. في سن 28، قرر الزواج من بشاير عبد الحميد سلمى نصر، فتاة من عائلة مجاورة، عمرها 25 سنة. كانت بشاير فتاة جميلة، ذات عيون سوداوين كالحبر وعمرة طويلة تتمايل مع الريح، وشعر أسود كالليل. نشأت في بيت محافظ، تعلمت في المدرسة الابتدائية فقط، وكانت تحلم بحياة أفضل بعيداً عن الروتين الريفي. الزواج كان تقليدياً: مهر بسيط، حفلة عائلية صغيرة مع الغناء والزغاريد، ووعود بالسعادة الأبدية. في البداية، كانت الحياة مثالية: كامل وبشاير يعملان معاً في الحقل، يتشاركان الوجبات البسيطة مثل الفول والطعمية، ويخططان لإنجاب أطفال يملأون البيت ضحكاً.لكن الفقر دفع كامل وبشاير للسفر إلى السعودية، حيث كان أحمد قد استقر هناك منذ عامين. كان الثلاثة يعيشون في شقة متواضعة في الرياض، يتشاركون الإيجار والطعام. أحمد كان يعامل أخاه كابن، وبشاير كأخت صغيرة. المكالمات الهاتفية اليومية كانت مليئة بالضحك والنصائح: "يا كامل، خد بالك من صحتك في البرد ده"، أو "يا بشاير، لو محتاجة حاجة، قولي وأنا أجيبها". لكن تحت سطح هذه الثقة، كانت بذور الشيطان تزرع نفسها تدريجياً. بدأت المكالمات تطول بين أحمد وبشاير، خاصة عندما يكون كامل خارج الشقة في العمل. كانت الكلمات تتحول من "كيف حالك؟" إلى "افتقدت صوتك"، ثم إلى إيحاءات أعمق، مليئة بالغزل المحرم. كانت بشاير تشعر بالوحدة في غربتها، وأحمد، اللي كان يعاني من الغربة أيضاً، وجد فيها ملاذاً عاطفياً سريعاً.الفصل الثاني: الشعلة المحرمة.. تطور الخيانة في الظلاممع مرور الأشهر، تحولت الهمسات إلى لقاءات سرية. اعترفت بشاير لاحقاً في التحقيقات بأنها مارست الجنس مع أحمد 15 مرة على الأقل، في أماكن مختلفة: في الشقة أثناء غياب كامل، في الحدائق الخفية بالرياض، وحتى في فنادق رخيصة. كانت العلاقة مليئة بالإثارة الممنوعة، لكنها أيضاً مليئة بالذنب. "كنت أحبه، كان يعاملني زي ملكة، مش زي كامل اللي مشغول دايماً بالشغل"، قالت بشاير في اعترافها. أما أحمد، فكان يبرر لنفسه بأن "الحب ده قدر، وكامل مش هيعرف أبداً".عاد الثلاثة إلى مصر بعد عامين، آملين في حياة أفضل. اشتروا أرضاً صغيرة في القرية بفضل مدخرات أحمد، وبنوا بيتاً متواضعاً. لكن الشعلة لم تنطفئ؛ بل اشتعلت أكثر في الخصوصية الريفية. كانت اللقاءات تحدث في سرير كامل نفسه! تخيل: ليلاً، بينما كامل نائم من تعبه اليومي، تتسلل بشاير إلى غرفة أحمد المجاورة، أو يأتي أحمد إلى غرفتهم تحت ذريعة "نقاش عائلي". استمرت هذه الخيانة لأسابيع، بل شهور، حتى أصبحت روتيناً. كان كامل يلاحظ تغييرات طفيفة: ابتسامة بشاير الغامضة، أو غياب أحمد المتكرر، لكنه كان يثق بهما كثيراً ليشتبه. "أخويا زي أبويا، ومراتي زي أمي"، كان يقول لجيرانه.لكن الخوف بدأ ينخر فيهما. ماذا لو اكتشف كامل الأمر؟ كان أحمد يمتلك جزءاً من الأرض، وبشاير تريد الزواج الرسمي منه لتعيش حياة "حرة". هنا، تحول "الحب" إلى جريمة. في إحدى الليالي، جلسا معاً في حقل مهجور، تحت ضوء القمر، وخططا للقتل. "مش هيقدر يعيش بدوني، وأنا مش هعيش معاه"، قالت بشاير. اشترت السم – مبيد حشري قاتل يُدعى "الديازينون" – من صيدلية في المدينة مقابل 22 جنيهاً، مغطية الحلويات به. أما أحمد، فاشترى سمًا إضافياً مقابل 10 جنيهات، ليصل التكلفة الإجمالية إلى 32 جنيهاً فقط – سعر حياة إنسان بريء!الفصل الثالث: ليلة الجريمة.. السم والوشاح في المطركانت الليلة ممطرة، باردة، في أواخر الشتاء. أعدت بشاير نفسها بعناية: ارتدت فستاناً أحمر مثيراً، رغم البرد، ورتبت الطاولة بشموع وحلويات مسمومة. دعت كامل قائلة: "تعالى يا حبيبي، ليلة خاصة لنا، بعد طول التعب". جلس كامل سعيداً، غير مدرك للكمين. أطعمته الحلويات، فبدأ السم يعمل بسرعة: ألم في البطن، غثيان، تقيؤ عنيف. انهار كامل على الأرض، يئن ويصرخ: "إيه اللي حصلي؟ يا بشاير، ساعديني!". لكن السم لم يقتله فوراً؛ التقيؤ أخرج جزءاً كبيراً منه، فبقي يلهث ويتقلب في الألم.في ذلك اللحظة، اتصلت بشاير بأحمد: "تعالى بسرعة، السم مش كفاية!". هرع أحمد إلى البيت، متخفياً تحت المطر. وجدا كامل على الأرض، يتوسل: "أخويا... ليه؟". استخدما وشاحاً حريرياً أحضرته بشاير، لفاه حول عنقه، وخنقاه معاً حتى توقفت التنفس. استغرق الأمر دقائق، مليئة بصرخات مكتومة ودموع كاذبة. ثم، غسلا الجثة، ارتديا ملابس نظيفة، ونقلا كامل إلى المستشفى القريب في سيارة أحمد، مدعيين "نوبة قلبية مفاجئة أثناء العشاء". الطبيب الدوري صدّق في البداية، لكن الطب الشرعي كشف الحقيقة: آثار خنق واضحة على الرقبة، وبقايا سم في الدم والمعدة.الفصل الرابع: التحقيق.. كشف الستار والاعترافاتبدأ التحقيق فوراً تحت إشراف النيابة العامة في الجيزة. الضابط محمد الشريف، اللي قاد القضية، لاحظ التناقضات: لماذا الوشاح حول الرقبة؟ لماذا آثار سم؟ استجوب الشهود: حمدي حسين، جار، قال إنه سمع صراخاً ليلاً، وحسام عيد، صديق أحمد، اعترف بنقلهما الجثة. التحاليل الكيميائية أكدت السم، والكيميائي الدكتور أحمد السيد شرح: "التقيؤ أنقذ جزءاً، لكن الخنق أنهى الأمر". تحت الضغط، انهار أحمد واعترف: "نحن أحببناها، وفعلنا 15 مرة، وخططنا للقتل عشان نعيش مع بعض". بشاير، بعد تردد، قالت: "كنت خايفة، هو اللي أقنعني".تم القبض عليهما، وأُحيلا إلى المحكمة الجنائية. القضية أثارت ضجة إعلامية، مع عناوين مثل "خيانة الأخ والزوجة: جريمة العقربة والخسيس".الفصل الخامس: المرافعة التاريخية.. صوت العدالة يرج القاعةفي قاعة المحكمة المزدحمة بقرية الجيزة، وقف خالد أبو رحاب، وكيل النائب العام، رجل في الأربعينيات، ذو صوت جهوري وعيون حادة، مرتدياً الجلباب الأسود. مرافعته، التي دامت ساعة كاملة، كانت قصيدة عدالة، مليئة بالاستشهادات الدينية والأدبية، ووصف نفسي عميق. سماها "الحب المحرم: العقربة والخسيس"، مشبهاً بشاير بالعقربة لدغتها الخائنة، وأحمد بالخسيس لخسة خيانته.بدأ بصوت مرتجف: "يا سادة القضاة، يا رموز العدل في أرض الكنانة، اليوم نقف أمام جريمة ليست عادية، بل هي إعلان حرب على القيم، على الأخوة، على الزواج الشريف. هذه قصة قابيل وقتل هابيل في عصرنا، قتل نفس بغير حق، وكأن قتلوا البشرية كلها! كما قال الله تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]."ثم وصف الشخصيات: "أما العقربة – بشاير – فهي امرأة كانت يُفترض أن تكون أماً، زوجة، لكنها أصبحت وحشاً يلدغ في الظلام. اشترت السم بـ22 جنيهاً، أطعمت حلويات الموت لزوجها، ثم خنقته بوشاحها! وأما الخسيس – أحمد – فهو أخو الرجل هو الموت! كيف ينام الرجل في سريره بينما أخوه يزني بزوجته؟ اعترف بـ15 مرة زنا، في سرير الأخ، في غرفة الأخ! هذا ليس حباً، يا سادة، هذا زنا محرم، شهوة شيطانية. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: 'لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن'."كشف الأدلة بالتفصيل: "الاعترافات صريحة: قالت العقربة 'كنت أحبه'، لكن الحب لا يقتل! الشهود: حمدي وحسام رأيا النقل المشبوه. الطب الشرعي: خنق بالغ، سم جزئي. الاتصالات الهاتفية: 50 مكالمة سرية في الشهر الأخير. المشتريات: فاتورة السم موجودة!"انتقد الأخلاق: "هؤلاء أرواح فاسدة، عقول ملتهبة، أجساد تتخبط في الوحل. كما قال الحسن البصري عن الحجاج: 'عصى السماء وكرهه الأرض'. طالبوا بالإعدام تعزيراً، لأن القانون يقول في المادة 304: القتل عمداً يُعاقب بالإعدام. وفي 314: التعزير للزنا. أقسم على دم الضحية ودموع أمه التي بكت في الجلسة، النيابة قوس الحق، والمحكمة سيف العدل. طهروا المجتمع من هذه الفتنة! {وَمَا ظَلَمُوهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [البقرة: 35]."أبكت المرافعة الجميع: القضاة مسحوا دموعهم، الأم صاحت، والمحامون صفقوا. انتشرت على وسائل التواصل، وأصبحت درساً في الجامعات القانونية.الفصل السادس: الحكم والنهاية.. درس للأجيالبعد أيام، أصدرت المحكمة حكماً بالإعدام شنقاً للمتهمين، بعد استشارة المفتي اللي أكد "القصاص واجب". رفض الاستئناف، ونُفذ الحكم في سجن الجيزة. أصبحت القضية رمزاً لمخاطر الخيانة العائلية في المجتمع المصري، حيث يُدرس في الإعلام والمساجد كتحذير من "الحب المحرم". خالد أبو رحاب أصبح أيقونة، وكُتبت عنه مقالات وكتب.اليوم، في القرية، يُروى الحديث عن كامل كضحية الثقة، وبشاير وأحمد كعبرة. القصة تذكرنا: الحب الحقيقي يبني، لا يهدم.
تعليقات