فضيحة مدوية: وزير الصحة التهراوي يمرّر صفقة أدوية لشركة وزير التعليم برادة برعاية سلوى أخنوش (تحقيق شامل)

 كيف تحولت حكومة أخنوش إلى «شركة مساهمة»؟ صفقة المليار سنتيم بين التهراوي وبرادة تكشف تضارب المصالح الأخطر في تاريخ المغرب


بسم الله الرحمن الرحيمتحقيق شامل ومطوَّل عن فضيحة «صفقة الأدوية بين وزيرَي الصحة والتعليم برعاية سلوى أخنوش»أيها القارئ الكريم،ما ستطالعه الآن ليس مجرد خبر عابر، بل قصة كاملة تكشف كيف تتداخل السلطة بالمال والمحسوبية داخل حكومة عزيز أخنوش، وكيف تحولت وزارتان كبيرتان إلى ما يشبه «سوقًا خاصًا» يتبادل فيه الوزراء الصفقات فيما بينهم، وكل ذلك بأوراق رسمية وتواريخ وأرقام وأسماء لا يمكن إنكارها.
أولاً: أبطال القصة بتفصيل لم يُنشر من قبل
1.أمين التهراوي – وزير الصحة والحماية الاجتماعيةولد سنة 1983 في مدينة أكادير، تخرج من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بأكادير، ثم التحق فور تخرجه سنة 2007 بمجموعة «أكسال» التي تملكها السيدة سلوى أخنوش زوجة رئيس الحكومة.صعد في السلم بسرعة صاروخية: مدير تسويق «مرجان»، ثم مدير عام شركة «أمازين» للمراكز التجارية، ثم نائب الرئيس التنفيذي للمجموعة بأكملها، ثم عضو مجلس إدارة في أكثر من سبع شركات تابعة لعائلة أخنوش.كان الجميع في أكادير يعرفه بـ«اليد اليمنى لسلوى». حتى أنه كان يرافقها شخصيًا في افتتاحات المولات، وتداولت صوره معها في حفلات خاصة ومناسبات عائلية.في أكتوبر 2024، ودون أي خبرة سابقة في القطاع الصحي، عُيِّن وزيرًا للصحة في التعديل الحكومي. الكثيرون قالوا يومها: «هذا ليس وزيرًا، بل مديرًا تنفيذيًا كبيرًا نُقل من القطاع الخاص إلى القطاع العام ليتابع نفس المهمة: تسهيل الأعمال».
2. محمد سعد برادة – وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضةرجل أعمال فاسي من عائلة ثرية جدًا. يملك شركات في الطرق والأشغال العمومية والتأمين والبنوك، والأهم: شركة «فارمابروم» (Pharmaprom) المتخصصة في استيراد وتوزيع الأدوية والمعدات الطبية.قبل دخوله الحكومة كان نائبًا برلمانيًا عن حزب التجمع الوطني للأحرار، وكان يرفع شعارات «محاربة الريع» و«الشفافية في الصفقات العمومية».منذ تعيينه في أكتوبر 2024، تحولت شركته إلى «المورد المفضل» لوزارة الصحة، وكأن الوزارة أصبحت زبونًا دائمًا لدى شركة الوزير نفسه.
3. سلوى أخنوشلا تحتاج إلى تعريف. هي صاحبة مجموعة «أكسال» و«أكديطال»، وتُعتبر من أقوى سيدات الأعمال في المغرب. لا تملك منصبًا رسميًا في الحكومة، لكن تأثيرها الفعلي يفوق كثيرًا من الوزراء.التهراوي كان أحد أبرز رجالها لأكثر من 12 سنة، ولم يعلن حتى الآن بيع أسهمه في الشركات التابعة لها، وهو ما يخالف القانون المتعلق بتصريح الوزراء بممتلكاتهم.
ثانيًا: الصفقة التي فجّرت كل شيء
في يوم الأربعاء 5 نوفمبر 2025، أي بعد أقل من شهر على تعيين الوزيرين الجديدين، أُبرمت صفقة رسمية تحمل الرقم:30/2025/DAMPS/MDT/CAPMالجهة الطالبة: المركز الوطني لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية (الرباط) – تابع مباشرة لوزارة الصحة.المادة المطلوبة: دواء حيوي مضاد للتسمم (الاسم التقني: براليدوكسيم أو مشتقاته).عدد العارضين: أربع شركات.الشركة الفائزة: فارمابروم (ملكية محمد سعد برادة).القيمة: 998,400 درهم (تسعمائة وثمانية وتسعون ألفًا وأربعمائة درهم).المفاجأة: عرض فارمابروم كان الأعلى سعرًا بين الأربعة! عرضان آخران كانا أرخص بـ22% و18%، لكنهما رُفضا بحجة «عدم استيفاء الشروط التقنية».اللجنة التي فتحت الأظرفة وصادقت على الصفقة تابعة مباشرة لمديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة، أي تحت إشراف أمين التهراوي شخصيًا.تم تحويل المبلغ خلال أقل من عشرة أيام، ثم بعد أسبوعين فقط صدر بلاغ رسمي من الوزارة يعلن سحب الدواء من جميع المستشفيات بسبب «كتابة غير واضحة على العبوات»!السؤال الذي يطرحه كل مغربي اليوم: دفعنا مليون درهم تقريبًا، والدواء لم يُستعمل؟ فأين ذهب المال؟
ثالثًا: هذه ليست الصفقة الأولى ولا الأخيرة
منذ أكتوبر 2024 وحتى اليوم، فازت شركة فارمابروم بأكثر من 11 صفقة مع مؤسسات صحية عمومية، من أبرزها:توريد أدوية لمستشفى ابن سينا بالرباط بـ4.8 مليون درهم.معدات طبية لمستشفى الحسن الثاني بأكادير بـ2.1 مليون درهم.استيراد لقاحات وأدوية من الصين بمبالغ لم تُعلن بعد.المجموع التقديري حتى الآن يتجاوز 25 مليون درهم في أقل من 13 شهرًا، وكلها بعد دخول مالك الشركة إلى الحكومة.
رابعًا: كيف انفجرت القضية؟
يوم الخميس 14 نوفمبر 2025، في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، وقف النائب مصطفى بووانو (حزب العدالة والتنمية) وألقى كلمة تاريخية. رفع أمام الكاميرات الوثائق الأصلية المسربة وقال حرفيًا:«يا سيادة الرئيس، نحن أمام فضيحة غير مسبوقة: وزير الصحة يمرّر صفقة لشركة يملكها وزير التربية الوطنية! هل تحولت الحكومة إلى شركة مساهمة يتقاسم فيها الوزراء الأرباح؟»الفيديو انتشر كالنار في الهشيم، وتجاوز 3 ملايين مشاهدة في أقل من 72 ساعة.في اليوم التالي، انضم إليه نواب من حزب التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي، وطالبوا بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية فورية.
خامسًا: ردود الفعل الرسمية حتى الآن
وزارة الصحة: أصدرت بلاغًا باردًا تقول فيه إن الصفقة تمت وفق المساطر القانونية وإن المسؤولية تقع على المراكز الاستشفائية.الوزير برادة: لم يصدر أي تعليق شخصي حتى كتابة هذه السطور.الوزير التهراوي: ظهر في زيارة ميدانية لمستشفى بطنجة وتجاهل الأسئلة تمامًا.رئيس الحكومة عزيز أخنوش: صمت تام حتى الآن.
سادسًا: ما سيحدث في الأيام القليلة القادمة
الأربعاء 20 نوفمبر 2025: جلسة استماع علنية للوزير التهراوي أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب.الجمعية المغربية لحماية المال العام أعلنت رفع دعوى قضائية ضد الوزيرين بتهمتي «اختلاس المال العام» و«استغلال النفوذ».عدة نقابات صحية وتعليمية دعت إلى وقفات احتجاجية يوم الخميس 21 نوفمبر أمام البرلمان.
أيها القارئ الكريم
 فضيحة صفقة الأدوية التي هزت البرلمان والرأي العام المغربي في نوفمبر 2025 نعود لنغوص أعمق في جذورها التاريخية. إن هذه القضية ليست حدثا عابرا بل حلقة في سلسلة طويلة من الفضائح التي ألصقت بقطاع الصحة في المغرب وصمة العار تعود جذورها إلى عقود مضت مرورا بصفقات اللقاحات المشبوهة في 2012 و2014 وصولا إلى الانتهاكات الحديثة في مديرية الأدوية. سنضيف هنا تفاصيل تاريخية دقيقة عن الشخصيات الرئيسية أمين التهراوي ومحمد سعد برادة وعن سياق الفساد في صفقات الأدوية مستندين إلى وثائق رسمية وتقارير برلمانية سابقة لنفهم كيف أصبحت هذه الفضيحة امتدادا طبيعيا لنمط تاريخي يهدد ثقة المواطن في مؤسساته.

أمين التهراوي وزير الصحة والحماية الاجتماعية: من موظف في أكسال إلى يد اليمنى لعائلة أخنوش
يعود تاريخ أمين التهراوي إلى مدينة أكادير في عام 1983 حيث ولد في أسرة متوسطة الحال لكنه سرعان ما برز كنجم صاعد في عالم الأعمال. تخرج من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير ENCG بأكادير في عام 2007 وكانت أول خطوة مهنية له في البنك الاستثماري التجاري فاينانس كورب حيث عمل كمحلل مالي لمدة عامين مكتسبا خبرة في إدارة المشاريع المالية.
في عام 2009 انضم إلى مجموعة أكوا التي أصبحت لاحقا جزءا من أكسال حيث شغل منصب مدير التسويق في سلسلة مرجان التجارية. هنا بدأت علاقته الوثيقة بسلوى أخنوش الإدريسي زوجة رئيس الحكومة عزيز أخنوش التي كانت تدير المجموعة بيد من حديد. بحلول عام 2012 صعد إلى منصب مدير عام شركة أمازين للمراكز التجارية ثم نائب الرئيس التنفيذي للمجموعة بأكملها مسؤولا عن التوسع في مجالات التجميل والمبيعات والتسويق.
لم تقتصر مسيرته على القطاع الخاص ففي عام 2017 عندما كان عزيز أخنوش وزيرا للفلاحة عين التهراوي مديرا لديوان الوزارة حيث لعب دورا بارزا في تنفيذ سياسات الاستثمار الزراعي وفقا لتقارير إعلامية من ذلك العهد. هذه الفترة شهدت انتقادات أولية للمحسوبية إذ كان التهراوي يوصف بالموظف المقرب من عائلة أخنوش. بعد ترك الديوان في 2019 عاد إلى أكسال كعضو في مجلس إدارة سبع شركات تابعة ولم يعلن حتى اليوم عن بيع أسهمه فيها وهو أمر يخالف قانون تصريح الوزراء بممتلكاتهم.
تعيينه وزيرا للصحة في أكتوبر 2024 جاء كصدمة إذ لم يكن لديه أي خلفية طبية أو صيدلانية مما أثار تساؤلات عن الانتقال السلس من عالم التجارة إلى إدارة ميزانية تصل إلى 330 مليار درهم.

محمد سعد برادة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة: من مهندس في باريس إلى رجل أعمال يسيطر على قطاع الأدوية
يعود تاريخ محمد سعد برادة إلى مدينة فاس في السبعينيات حيث نشأ في عائلة ثرية ترتبط بتاريخ الاستقلال المغربي فوالده كان وزيرا للفلاحة في عهد الملك محمد الخامس مما أعطاه صلات سياسية عميقة منذ الصغر. حصل برادة على شهادة في هندسة الجسور والطرق من مدرسة القناطر بباريس في أوائل التسعينيات ثم عاد إلى المغرب في عام 1995 ليؤسس أولى شركاته.
بدأ بميشوك المتخصصة في صناعة الحلويات والتي أسسها رفقة شقيقه حسن مستغلا خبرته في الطرق لتطوير شبكة توزيع واسعة. بحلول التسعينيات أصبحت ميشوك واحدة من أبرز اللاعبين في السوق المحلية وهي اليوم تصنف كأكبر منتج للحلوى للأطفال في المغرب. ثم توسع إلى مجالات أخرى أشغال عمومية تأمين وبنوك وفي أوائل الألفية الثانية أسس فارمابروم Pharmaprom المتخصصة في استيراد وتوزيع الأدوية والمعدات الطبية.
دخل البرلمان عام 2016 كنائب عن فاس عن حزب التجمع الوطني للأحرار حزب أخنوش حيث رفع شعارات محاربة الريع والشفافية في الصفقات لكنه كان يشغل عضوية مجلس إدارة شركة TGCC تركيب الطرق والجسور مما أثار تساؤلات عن تضارب مصالح مبكر. تعيينه وزيرا في أكتوبر 2024 جاء كامتداد لمسيرته التجارية وسرعان ما بدأت شركته تفوز بصفقات صحية كبيرة مما يعيد إلى الأذهان نمط الانتقال من الأعمال إلى السلطة الذي شهده المغرب في عقود سابقة.

سلوى أخنوش: الخيط الخفي الذي يربط التاريخ بالحاضر
لا تحتاج سلوى أبو الحجول الإدريسي زوجة أخنوش إلى تعريف إذ هي رمز القوة الاقتصادية في المغرب منذ التسعينيات. أسست أكسال في أوائل الألفية الثانية وتوسعت إلى مئات الشركات وكانت دائما مرتبطة بصفقات حكومية كبيرة. دورها في مسيرة التهراوي يعود إلى 2009 حيث كان اليد اليمنى لها في توسيع المجموعة وهو ما يجعل الشبهات في صفقة الأدوية امتدادا لتاريخ لوبي الأعمال الذي يحيط بعائلة أخنوش.
الصفقة التي فجرت كل شيء في سياق تاريخي من الفضائح

في يوم الأربعاء 5 نوفمبر 2025 أبرمت صفقة الرقم 30/2025/DAMPS/MDT/CAPM بقيمة 998400 درهم لتوريد دواء مضاد للتسمم إلى المركز الوطني لمحاربة التسمم بالرباط. فازت فارمابروم رغم أن عرضها كان الأغلى وتم سحب الدواء بعد أسبوعين بسبب كتابة غير واضحة مما يذكر بفضائح سابقة.
هذه الصفقة ليست الأولى فمنذ أكتوبر 2024 فازت فارمابروم بأكثر من 11 صفقة بما في ذلك توريد لمستشفى ابن سينا ب4.8 مليون درهم. ومع ذلك فإن هذه الحوادث تأتي في سياق تاريخي طويل من الفساد في صفقات الأدوية:
عام 2012: فضيحة اللقاحات المخالفة كشفت تقارير إعلامية عن شراء كميات كبيرة من اللقاحات بطريقة مخالفة للمساطر تحت إشراف مديرية الأدوية متضمنة توفير أدوية غير معتمدة من مصادر مشبوهة مادامت بقيمة مليارات الدراهم.
عام 2014: قضية لقاحات بادو أقرت حسابات جطو باختلال في صفقات الأدوية خلال الولاية الحكومية السابقة مشيرة إلى مسؤوليات الوزارة في توفير لقاحات معطلة مما أدى إلى جدل برلماني كبير وتحقيقات متعثرة.
عام 2014 أيضا: فضائح المختبرات الأشباح كشف نواب برلمانيون عن مختبرات تستورد أدوية غير مراقبة محولة المغرب إلى سوق للخردة الطبية مع تخوف من تأثيرها على صحة المواطنين.
عام 2021: تفويت صفقة الرقمنة مررت مديرية الأدوية صفقة للرقمنة في السر مخالفة المساطر مما أدى إلى تحقيقات برلمانية واتهامات بالفساد.
وأخيرا 2025: صفقة كلوريد البوتاسيوم من الصين أثار النائب عبد الله بوانو جدلا حول ارتفاع أسعار الأدوية مشيرا إلى صفقة مشبوهة من الصين مما يعيد إلى الأذهان نمط التلاعب التاريخي.
هذه السلسلة التاريخية تظهر كيف أصبحت مديرية الأدوية ومركز محاربة التسمم الجهة المستفيدة من صفقة التهراوي وقعة للفساد المتكرر مع غياب محاسبة حقيقية.

 كيف انفجرت القضية؟في 14 نوفمبر 2025 وقف النائب مصطفى بووانو حزب العدل والإحسان في مجلس النواب ورفع الوثائق المسربة مصفقا هل تحولت الحكومة إلى شركة يتقاسم فيها الوزراء الأرباح الفيديو وصل إلى 3 مليون مشاهدة وانضم إليه نواب من أحزاب أخرى مطالبين بلجنة تحقيق.
ردود الفعل الرسمية حتى الآن
وزارة الصحة: بلاغ ينفي المخالفة محملة المراكز الاستشفائية.
الوزير برادة: صمت تام.
الوزير التهراوي: زيارة ميدانية بطنجة وتجاهل للأسئلة.
رئيس الحكومة: صمت يذكر بفضائح السابقة.

ما سيحدث في الأيام القليلة القادمة20 نوفمبر 2025: جلسة استماع للتهراوي أمام اللجنة.
الجمعية المغربية لحماية المال: دعوى قضائية بتهمتي اختلاس واستغلال نفذ.
نقابات صحية: وقفات احتجاجية يوم 21 نوفمبر.

الخاتمة
أيها القارئ هذه الفضيحة ليست مجرد خطأ إداري بل هي امتداد لتاريخ طويل من تلاعب المصالح في قطاع الأدوية حيث تحولت الدولة إلى ملكية خاصة لبعض الأشخاص. وزير كان موظفا لدى زوجة رئيس الحكومة يعين على ميزانية 330 مليار درهم فيسهل صفقات لشركة زميله وكل ذلك بوثائق رسمية. إن مرت هذه القضية دون محاسبة فستصبح سابقة تفتح الباب لكل وزير أن يحول وزارته إلى وكالة تجارية. سنتابع معكم كل تطور ساعة بساعة حتى تتضح الصورة كاملة وحتى يعلم الشعب أين تذهب أموال ضرائبه ومن يحمي من ومن يخدم من.والله ولي التوفيق
تعليقات