فضيحة كاميرات المراحيض في وزارة الإسكان المغربية: انتهاك خصوصية الموظفات

الكاميرات في مرافق وزارة الإسكان بالمغرب: انتهاك الخصوصية والتحقيق الجاري

 فضيحة كاميرات المراقبة في مرافق وزارة الإسكان بالمغرب: انتهاك صارخ للخصوصية وتفاصيل التحقيق الرسمي

في أحدث الفضائح التي هزت الإدارات العمومية المغربية، أثارت اكتشاف كاميرات مراقبة مثبتة قرب أو داخل مرافق صحية (مراحيض) مخصصة للموظفات في إحدى المديريات الجهوية التابعة لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة غضبًا واسعًا. الحادثة، التي وقعت في جهة الدار البيضاء-سطات، كشفت عن ممارسات وُصفت بـ"الإجرامية" من قبل النقابات، مما أثار جدلاً حول حماية الخصوصية والالتزام بالقوانين في بيئة العمل الحكومية. هذه الفضيحة ليست مجرد خطأ فني، بل تمثل خرقًا للفصل 24 من الدستور المغربي، الذي يضمن "حق كل شخص في حماية حياته الخاصة"، بالإضافة إلى القانون 09-08 المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.خلفية الحادثة: اكتشاف يثير الرعببدأت القصة في منتصف أكتوبر 2025، عندما اكتشف موظفون في المديرية الجهوية لقطاع الإسكان بجهة الدار البيضاء-سطات وجود كاميرات مراقبة تغطي مناطق حساسة داخل المبنى. وفقًا لبيان صادر عن الجامعة الوطنية لإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة (المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب)، كانت إحدى هذه الكاميرات موجهة نحو دورة المياه المخصصة للسيدات، بينما تغطي أخرى قاعات الاجتماعات وممرات المكاتب. الأكثر إثارة للقلق أن هذه الكاميرات كانت مرتبطة بهاتف محمول يخص أحد المسؤولين الإداريين، مما يوحي بإمكانية الوصول الشخصي إلى التسجيلات الحساسة.وصف البيان النقابي هذا الوضع بأنه "فعل مجرم دوليًا ووطنيًا"، يمس بحرمة الجسد والخصوصية، ويخالف مبادئ المشروعية والتناسب المنصوص عليها في التشريعات المغربية. أكدت النقابة أن تثبيت كاميرات في أماكن مثل المراحيض لا يمكن تبريره بأي هدف أمني أو إداري، بل يُعد استغلالًا غير مشروع لمعطيات بصرية شخصية. سرعان ما انتشر الخبر في وسائل الإعلام والمنصات الاجتماعية، مما أدى إلى احتجاجات داخلية ومؤتمر نقابي جهوي استنكر "الانتهاك السافر للخصوصية".ردود الفعل: غضب نقابي ومطالب بالمحاسبةلم يتأخر رد الفعل النقابي. عقد المكتب النقابي الجهوي اجتماعًا عاجلاً، حيث طالب بـ:
  • الإزالة الفورية لجميع الكاميرات المنتهكة للخصوصية، خاصة تلك المقابلة للمرافق الصحية.
  • فتح تحقيق رسمي من قبل وزارة الداخلية، النيابة العامة، والمجلس الوطني لحماية المعطيات الشخصية لتحديد المسؤوليات ومعاقبة المتورطين.
  • إعادة هيكلة نظام المراقبة داخل الإدارات الحكومية لضمان الامتثال للقوانين.
كما استنكرت النقابة تغييرات أخرى في المبنى التاريخي الذي تكتريه المديرية، معتبرة إياها تعديًا على قوانين حماية التراث المعماري. وفي بيان لاحق، شيدت النقابة بتدخل الوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري، التي بادرت إلى فتح تحقيق داخلي وتتبع الملف شخصيًا لصون كرامة الموظفين.الرد الرسمي: خطأ فني أم إهمال متعمد؟سارعت وزارة الإسكان إلى الرد الرسمي، مؤكدة أن الحديث عن "كاميرات داخل المرافق الصحية" غير صحيح تمامًا. وفقًا للبلاغ الوزاري، كانت الكاميرا المعنية مثبتة في جدار الرواق المقابل لباب المرحاض، نتيجة "خطأ تقني" أثناء التركيب، وليس لأي غرض يمس الخصوصية. أعلنت الوزارة تفكيك الكاميرات فورًا بعد التحقق، وأكدت التزامها الكامل بالقوانين الجاري بها العمل. ومع ذلك، أثار هذا التبرير جدلاً، إذ يرى النقابيون أن أي تركيب غير مدروس في مناطق حساسة يظل انتهاكًا، خاصة مع ربطها بهاتف شخصي.تفاصيل التحقيق الرسميمع مرور أيام قليلة على اندلاع الفضيحة في منتصف أكتوبر 2025، يظل التحقيق الرسمي في قضية الكاميرات المثبتة قرب مرافق صحية داخل المديرية الجهوية في مراحله الأولى. حتى تاريخ اليوم (16 أكتوبر 2025)، لم تصدر الجهات الرسمية تحديثات مفصلة عن نتائج التحقيق، لكن المتاح من بيانات رسمية ونقابية يرسم صورة عن الإجراءات المباشرة والمطالبات المستمرة.
  • الإجراءات الأولية من الوزارة: تفكيك فوري وتصريح بالخطأ التقني: أصدرت الوزارة بيانًا رسميًا في 15 أكتوبر 2025، يؤكد فيه أنها "سارعت إلى تفكيك الكاميرات فورًا بعد التحقق من كونها رُكِّبت في ذلك المكان نتيجة خطأ تقني"، وليس لأي غرض يمس الخصوصية أو يخالف القوانين. أوضح البيان أن الكاميرا المعنية لم تكن مثبتة داخل المرفق الصحي نفسه، بل في جدار الرواق المقابل لباب المرحاض، مما ينفي الادعاءات الأولية عن "كاميرات داخل المراحيض". أشارت الوزارة إلى إجراء تحقيق داخلي أولي للتحقق من الظروف، مع التأكيد على التزامها الكامل بالقانون 09-08 المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي. لم يتم الكشف عن تفاصيل هذا التحقيق، مثل أسماء المتورطين أو التقرير الفني، لكن الوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري تتبع الملف شخصيًا، وفقًا لتصريحات نقابية. أكدت الوزارة أن أي ربط للكاميرات بهاتف محمول يخص مسؤول إداري كان جزءًا من النظام العام، لكنها لم توضح إجراءات التحقق من عدم الوصول غير المصرح به.
  • المطالبات النقابية ودعوات لتحقيق خارجي: في اجتماع عاجل عقده المكتب النقابي الجهوي التابع للاتحاد الوطني للشغل (UNTM) في 14-15 أكتوبر 2025، طالب الاتحاد بفتح "تحقيق رسمي عاجل وشامل" من قبل ثلاث جهات رئيسية: وزارة الداخلية للتحقيق في الانتهاكات الأمنية والإدارية؛ النيابة العامة للنظر في الجوانب الجنائية، خاصة الانتهاك السافر للخصوصية المنصوص عليه في الفصل 24 من الدستور والقانون 09-08، مع عقوبات محتملة تصل إلى السجن والغرامات؛ والمجلس الوطني لحماية المعطيات الشخصية (CNDP) لتقييم الامتثال لمعايير حماية البيانات البصرية، بما في ذلك عدم وجود إشعارات رسمية أو ترخيص تسلسلي للكاميرات. وُصِفت الممارسة بـ"فعل إجرامي دوليًا ووطنيًا"، مع الإشارة إلى أن التركيب غير المدروس يُعد استغلالًا غير مشروع للمعطيات الشخصية، خاصة مع تغطية مناطق حساسة مثل قاعات الاجتماعات والممرات.
  • الوضع الحالي للتحقيق: عدم وجود تحديثات رسمية: حتى الآن، لم يصدر بلاغ رسمي من النيابة العامة أو CNDP يؤكد بدء إجراءات قضائية أو إدارية خارجية. يُعتقد أن التحقيق الداخلي في الوزارة لا يزال جاريًا، مع ترقب لإعلان عن لجنة تحقيق مشتركة تشمل الجهات المذكورة أعلاه. المنصات الإعلامية المغربية (مثل الجريدة 24 وarabi21) تتابع القضية، لكنها تعتمد على البيانات النقابية والوزارية دون تفاصيل إضافية عن التحقيق. لا توجد تقارير عن استدعاء شهود أو مصادرة أجهزة حتى اللحظة. أدى الغياب عن تفاصيل إلى تعزيز الاحتجاجات الداخلية، مع مطالب بتدقيق دوري لأنظمة المراقبة في جميع الإدارات الحكومية.
  • الإطار القانوني المحتمل للتحقيق: يُتوقع أن يركز التحقيق على مخالفة مداولات CNDP التي تحظر توجيه الكاميرات نحو أماكن خاصة دون إشعار مسبق وغرض أمني مشروع؛ تحديد ما إذا كان الخطأ "تقنيًا" أم ناتجًا عن إهمال متعمد، مع التحقيق في ربط الكاميرات بهواتف شخصية؛ وعقوبات غرامات تصل إلى 300 ألف درهم أو سجن لمدة عام، وفقًا للقانون 09-08، بالإضافة إلى إجراءات تأديبية داخلية.
الإطار القانوني: حيث يصطدم الأمن بالخصوصيةيأتي هذا الحادث في سياق قوانين مغربية صارمة تنظم استخدام كاميرات المراقبة. القانون 09-08 يحظر جمع معطيات بصرية حساسة دون مشروعية، ويفرض إخطار اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية قبل أي تركيب في الأماكن العمومية أو العمل. كما يمنع توجيه الكاميرات نحو أماكن خاصة مثل المنازل أو المرافق الصحية، مع عقوبات تصل إلى الغرامات والسجن في حال الانتهاك. في بيئة العمل، يجب أن تكون الكاميرات محدودة بأهداف أمنية واضحة، مع إشعار الموظفين بوجودها، وفقًا لمداولات اللجنة الوطنية.هذه الفضيحة تذكير بأن التوازن بين الأمن والخصوصية هش، خاصة في الإدارات الحكومية التي يُفترض أن تكون قدوة في احترام الحقوق.الآثار والدروس المستفادةأدت الحادثة إلى تعزيز الوعي بحقوق الموظفات في بيئة عمل آمنة، ودفعت إلى مطالب بتدقيق دوري لأنظمة المراقبة في الجهات الحكومية. مع تزايد انتشار الكاميرات في المغرب – سواء في الشوارع أو العمارات السكنية – يبرز الحاجة إلى تشريعات أكثر تحديدًا لمنع الإساءة. في النهاية، تُعد هذه الفضيحة درسًا قاسيًا: الخصوصية ليست ترفًا، بل حق دستوري يجب صونه، حتى داخل جدران الدولة. ومع استمرار التحقيق، يترقب الرأي العام قرارات قضائية تعيد الثقة في الإدارة العمومية. يبدو التحقيق الرسمي محدودًا حتى الآن بالإجراءات الداخلية، مع ضغط نقابي لتوسيعه. إذا صدرت تحديثات جديدة، فإنها ستكون حاسمة في استعادة الثقة. يُنصح بمتابعة المصادر الرسمية مثل موقع الوزارة أو CNDP لأي تطورات فورية. هذه الفضيحة تُبرز الحاجة إلى رقابة أكثر صرامة على أنظمة المراقبة في الإدارات العمومية، لضمان التوازن بين الأمن والخصوصية.
تعليقات