بطولات الجنود المغاربة في حرب أكتوبر
قصص الجنود المغاربة في معركة جبل الشيخ وحرب أكتوبر 1973
تكملةً للنص السابق حول مشاركة المغرب في حرب أكتوبر 1973 ومعركة جبل الشيخ، تسلط هذه القصص الضوء على بطولات الجنود المغاربة وتجاربهم الإنسانية في الجبهة السورية، وتحديدًا في جبل الشيخ، بالإضافة إلى الجبهة المصرية. تعتمد هذه القصص على شهادات جنود وضباط شاركوا في الحرب، وروايات محفوظة في الذاكرة الشعبية المغربية، مع الإشارة إلى أن التوثيق الرسمي قد يكون محدودًا بسبب السرية العسكرية آنذاك. تجسد هذه القصص روح التضحية والشجاعة التي ميزت الجنود المغاربة خلال هذه الفترة الحرجة.
قصة العقيد عبد القادر العلام: شهيد جبل الشيخ
من أبرز قصص البطولة قصة العقيد عبد القادر العلام، أحد قادة القوات المغربية في الجبهة السورية. خلال معركة جبل الشيخ في أكتوبر 1973، كان العلام يقود وحدة مغربية في السفوح الشرقية للجبل، وهي منطقة تعرضت لهجمات إسرائيلية مكثفة. وفقًا لروايات، استشهد العلام أثناء محاولته تنظيم العبور بين الثكنات تحت وابل من القذائف المحرقة الإسرائيلية. كان يحث جنوده على الصمود، ويُروى أنه قال لهم: "نحن هنا لنرفع راية العرب، فلا تخافوا الموت في سبيل الحق". تضحيته ألهمت الجنود، وساهم شجاعته في تحقيق تقدم مؤقت في تحرير الجبل. تقديرًا لبطولته، منحه الرئيس السوري حافظ الأسد لقب "بطل الجمهورية العربية السورية" بعد استشهاده، وأصبح اسمه رمزًا للتضحية المغربية في الحرب.
قصة الجندي المجهول في الجولان
تُروى قصة جندي مغربي شاب، لم يُسجل اسمه في السجلات، لكنه اشتهر بين رفاقه ببسالته في جبل الشيخ. خلال هجوم إسرائيلي مضاد في 10 أكتوبر 1973، تعرضت وحدته لهجوم جوي كثيف، مما أدى إلى تدمير عدة دبابات مغربية من طراز T-62. يروي أحد الناجين أن هذا الجندي، الذي كان يُلقب بـ"النمر" بسبب شجاعته، رفض التراجع رغم أوامر القادة بالانسحاب التكتيكي. وقف بمفرده أمام دبابة إسرائيلية، وأطلق قذيفة آر بي جي أصابت الدبابة مباشرة، مما أتاح لرفاقه فرصة إعادة التمركز. لكنه استشهد بعدها بدقائق بسبب قصف جوي. هذه القصة، التي انتشرت بين الجنود المغاربة والسوريين، أصبحت رمزًا للشجاعة الفردية، وكان يُقال إن "النمر" كان يردد: "إذا مت، فليكن لأجل أرض العرب".
رواية الجندي "أبو رياض" الأردني عن المغاربة
من الروايات المؤثرة التي نقلها جندي أردني يُلقب بـ"أبو رياض"، والذي قاتل إلى جانب المغاربة في الجولان، وصف لتقدم القوات المغربية تحت قيادة اللواء أحمد الصفريوي. قال: "كان المغاربة كالأسود، يتقدمون بسرعة مذهلة تحت وابل من النيران. كانوا يقاتلون وكأنهم في أرضهم، يدافعون عن كرامة الأمة". وأشار إلى أن المغاربة كانوا يعانون من نقص في الإمدادات، لكنهم عوضوا ذلك بروح قتالية عالية. في إحدى الليالي الباردة على سفوح جبل الشيخ، شوهدت مجموعة من الجنود المغاربة يتشاركون الخبز الجاف والتمر مع الجنود السوريين والعراقيين، في مشهد يعكس التضامن العربي. يروي أبو رياض أيضًا أن جنديًا مغربيًا أنقذ حياته عندما سحبه من تحت نيران مدفعية، قائلًا: "أنت أخي، والعرب واحد". هذه القصة أصبحت رمزًا للوحدة بين الجنود العرب في الحرب.
قصة الجنود المغاربة في الجبهة المصرية
في الجبهة المصرية، شارك لواء المشاة المغربي، المؤلف من حوالي 5000 جندي، في دعم العمليات شرق قناة السويس. يروي اللواء المتقاعد الغباشي، الذي كان ضابطًا شابًا آنذاك، أن الجنود المغاربة كانوا جزءًا من الخطوط الدفاعية التي أُقيمت بعد عبور القناة وتحطيم خط بارليف. في إحدى الليالي، تعرضت وحدة مغربية لهجوم جوي إسرائيلي مفاجئ، وكان الجنود يعانون من نقص الذخيرة. يروي الغباشي أن جنديًا مغربيًا يُدعى محمد، من مدينة فاس، قاد مجموعة صغيرة لصد هجوم مشاة إسرائيلي باستخدام قنابل يدوية فقط، مما أتاح للوحدة فرصة إعادة تنظيم الدفاعات. استشهد محمد في تلك المعركة، لكن تصرفه ساهم في منع اختراق الخطوط المصرية في تلك النقطة. أشاد الضباط المصريون بالجنود المغاربة، واصفين إياهم بـ"الصخرة التي لا تُكسر" بسبب صمودهم رغم الظروف القاسية.
رواية عن التضامن والتحديات
من القصص الإنسانية المؤثرة، رواية عن مجموعة من الجنود المغاربة الذين واجهوا تحديات لوجستية في الجولان. يروي أحد الضباط السوريين أن المغاربة، بعد أيام من القتال المستمر، نفدت لديهم المؤن، فكانوا يتشاركون ما تبقى من طعام مع الجنود السوريين، ويرددون أهازيج مغربية لرفع الروح المعنوية. في إحدى الليالي، وبينما كانوا محاصرين تحت القصف، نظم جندي مغربي يُلقب بـ"الحاج" جلسة دينية صغيرة، حيث قرأ القرآن لتعزيز معنويات زملائه، مما ساعدهم على تحمل البرد والخوف. هذه القصة، التي نُقلت في الدوائر العسكرية السورية، أظهرت الجانب الإنساني والروحي للجنود المغاربة.
تأثير القصص على الذاكرة الوطنية
هذه القصص، رغم أن بعضها لم يُوثق رسميًا بسبب طبيعة الحرب، انتقلت عبر الروايات الشفوية وضمن الدوائر العسكرية المغربية. عند عودة الجنود إلى المغرب، استقبلهم الملك الحسن الثاني بحفاوة، وأشار في خطاب له إلى أن "دماء الشهداء المغاربة في الجولان وسيناء ستبقى شاهدة على وحدة الأمة". ألهمت هذه القصص جيلًا من الشباب المغربي، وساهمت في تعزيز الروح الوطنية. كما أن الاحتفاء بالجنود العائدين، سواء في الجبهة السورية أو المصرية، عزز شرعية النظام الملكي في فترة شهدت توترات داخلية، مثل محاولات الانقلاب في أوائل السبعينيات. في الذكرى السنوية لحرب أكتوبر، لا تزال هذه القصص تُروى في المغرب كجزء من الإرث الوطني، تذكيرًا بالتضحيات التي قدمها الجنود لدعم القضية العربية.
الخاتمة
تكشف قصص الجنود المغاربة في حرب أكتوبر 1973 عن بطولات فردية وجماعية، تجسدت في شجاعة قادة مثل عبد القادر العلام وجنود مجهولين مثل "النمر"، بالإضافة إلى التضامن الإنساني الذي أظهرته وحداتهم في ظل ظروف قاسية. هذه القصص، التي تجمع بين الصمود العسكري والروح الأخوية، لا تزال رمزًا لدور المغرب في التضامن العربي، وتعكس كيف ساهم الجنود المغاربة في كتابة صفحة مشرفة في تاريخ الأمة العربية. إذا كنت ترغب في المزيد من التفاصيل عن قصة معينة أو جانب آخر، يرجى التوضيح!