رسالة شباب جيل زد 212: من الفساد إلى بناء مغرب الحرية والكرامة
رسالة شباب جيل زد 212: من الفساد إلى بناء وطن يستحقهم
في زمن تتسارع فيه التحولات العالمية، وتتشابك فيه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، يبرز صوت شباب جيل زد المغربي كصرخة واعية تطالب بالكرامة، العدالة، والحرية. الرسالة التي وجهها "شباب جيل زد 212" إلى جلالة الملك محمد السادس ليست مجرد وثيقة احتجاج، بل هي تعبير عن وعي سياسي متقدم، وإحساس عميق بالمسؤولية تجاه الوطن ومستقبله. إنها لحظة تاريخية تكشف عن عمق الأزمة، لكنها تفتح أيضًا بابًا للأمل.
الفساد: أصل الداء وأكبر معوّق للتنمية
الفساد الإداري: يُضطر المواطن إلى دفع رشوة للحصول على وثائق بسيطة، أو يُرفض طلبه دون مبرر قانوني. هذا يُضعف الثقة في الدولة ويُشعر الشباب بالغبن.
الفساد السياسي: غياب المحاسبة يجعل المسؤولين في مأمن من العقاب، حتى في حالات سوء التدبير أو استغلال النفوذ. وهذا يُكرّس ثقافة الإفلات من العقاب.
الفساد الاقتصادي: تُمنح الصفقات العمومية لشركات مقربة من دوائر النفوذ، مما يُقصي المقاولات الناشئة ويُضعف الابتكار.
الرسالة تُطالب الملك بالتدخل العاجل لوقف هذا النزيف، وتُحمّله مسؤولية أخلاقية وتاريخية في إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع.
الشباب المغربي: جيل المعرفة والتهميش
البطالة المقنّعة: حتى من يجد وظيفة، غالبًا ما تكون بأجر زهيد أو في ظروف غير مستقرة، مما يُضعف الحافز ويُكرّس الهشاشة.
الهجرة القسرية: آلاف الشباب يغامرون بحياتهم في عرض البحر، ليس حبًا في أوروبا، بل هربًا من واقع لا يُطاق.
الضغط النفسي والاجتماعي: غياب الأفق، وتراكم الإحباط، يؤدي إلى ارتفاع معدلات الاكتئاب والانتحار، وهي مؤشرات خطيرة على أزمة وجودية.
الرسالة تعبّر عن هذا الإحساس بالخذلان، وتطالب الدولة بالاعتراف بالشباب كشركاء في التنمية، لا مجرد متفرجين أو ضحايا لقرارات فوقية.
حرية التعبير والاحتجاج: حق يُقابل بالقمع
الاعتقالات السياسية: تم اعتقال العديد من الطلبة والنشطاء بسبب مشاركتهم في مظاهرات سلمية، أو بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
القمع الأمني: تُواجه المظاهرات أحيانًا بتدخلات عنيفة، مما يخلق جوًا من الخوف ويثني المواطنين عن ممارسة حقوقهم.
الرقابة الرقمية: يُلاحق المؤثرون والنشطاء بسبب آرائهم، وتُفرض قيود على المحتوى الرقمي، مما يحد من حرية التعبير.
الرسالة تطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والطلبة، وتدعو إلى حماية الحق في التعبير والاحتجاج السلمي، باعتباره ركيزة أساسية لأي إصلاح حقيقي.
الهوية الوطنية: بين الانتماء والاغتراب
الانتماء الثقافي: الشباب المغربي فخور بثقافته وتاريخه، لكنه يشعر أن الدولة لا تُعزز هذا الانتماء من خلال التعليم أو الإعلام.
الاغتراب السياسي: يشعر الشباب أن القرارات تُتخذ دون مشاركتهم، وأن صوتهم لا يُحتسب، مما يُضعف الإحساس بالمواطنة.
الانفصال الاجتماعي: الفجوة بين الطبقات، وتراكم الامتيازات لدى فئة معينة، يُكرّس الإحساس بالظلم ويُضعف التضامن الوطني.
الرسالة تُعيد طرح سؤال الهوية: كيف يمكن بناء وطن يشعر فيه الجميع بالانتماء، ويُعامل فيه المواطن على أساس الكفاءة لا الولاء؟
دعوة للحوار: الملك كوسيط بين الشعب والدولة
أهمية الحوار:
تفادي التصعيد والاحتقان الاجتماعي.
فهم مطالب الشباب من مصدرها الحقيقي.
إشراك الجيل الجديد في رسم مستقبل البلاد.
مقترحات للحوار:
إنشاء مجالس شبابية استشارية على المستوى الوطني والمحلي.
تنظيم منتديات دورية تجمع بين المسؤولين والشباب.
دعم المبادرات الشبابية وتمويل المشاريع التي يقودها الشباب.
الحوار ليس ترفًا سياسيًا، بل ضرورة وطنية لضمان الاستقرار، وتحقيق التنمية المستدامة.
الإعلام الجديد: صوت الشباب الذي لا يُقمع
جيل زد هو جيل الإعلام الرقمي، الذي يستخدم منصات التواصل للتعبير، والتنظيم، والتأثير. الرسالة نفسها هي مثال على كيف يمكن للشباب أن يوصلوا صوتهم خارج القنوات التقليدية.
قوة الإعلام الرقمي:
كسر احتكار الخطاب الرسمي.
فضح الفساد والانتهاكات.
تنظيم الحملات والمبادرات.
التحديات:
الرقابة والملاحقة القانونية.
التضليل الإعلامي والتشهير.
غياب الدعم والتكوين في مجال الإعلام الرقمي.
الدولة مطالبة بدعم الإعلام الجديد، لا محاربته، لأنه يُمثل صوتًا حقيقيًا للمجتمع، ويُسهم في تعزيز الديمقراطية.
التعليم والثقافة: مفاتيح التغيير
إصلاح التعليم: يجب ربط التعليم بسوق الشغل، وتطوير المناهج لتشمل التفكير النقدي، والمهارات الرقمية، وريادة الأعمال.
دعم الثقافة: الثقافة ليست ترفًا، بل وسيلة للتعبير، والتواصل، وبناء الهوية. دعم الفنون، والمسرح، والسينما، والموسيقى، يُسهم في خلق مجتمع متوازن ومبدع.
الفضاءات الشبابية: توفير مراكز ثقافية ورياضية وتنموية في الأحياء والمناطق المهمشة يُعزز من اندماج الشباب، ويمنحهم بدائل إيجابية.
خاتمة: هل تُفتح صفحة جديدة؟
رسالة شباب جيل زد 212 ليست مجرد وثيقة احتجاج، بل هي إعلان نضج سياسي، وطلب صريح لإعادة النظر في العلاقة بين الدولة والمواطن. إذا استجابت الدولة لهذا النداء، فقد يكون ذلك بداية لمرحلة جديدة من الإصلاح الحقيقي، حيث يُعاد الاعتبار للكفاءة، وتُحمى الحريات، ويُبنى المغرب على أسس العدالة والشفافية. لكن إذا تم تجاهل هذه الرسالة، فإن الخطر يكمن في اتساع الهوة بين الدولة والمجتمع، وتزايد مشاعر الإحباط والغضب، مما يُهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي. جيل زد لا يطلب المستحيل، بل يطالب بما هو حق له: وطن يحترم كرامته، ويصغي لصوته، ويمنحه فرصة ليكون جزءًا من الحل، لا مجرد ضحية للمشكلة.