آمال الشعب وجيل زد في خطاب الملك
ترقبات الشعب المغربي وجيل زد للخطاب الملكي في 10 أكتوبر 2025: نبض الشارع وآمال الجيل الجديد
في قلب الخريف المغربي، حيث تتساقط أوراق الأشجار في حدائق الرباط الخضراء، يتجمع الشعب المغربي حول شاشات التلفاز والإذاعات، يترقب لحظة تاريخية تتكرر كل عام لكنها تحمل هذا العام طابعاً استثنائياً. اليوم، 10 أكتوبر 2025، يترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية الحادية عشرة بمقر البرلمان. وبهذه المناسبة، سيلقي جلالته خطاباً سامياً أمام أعضاء مجلسي النواب ومجلس المستشارين، يُبث مباشرة ابتداءً من الساعة الرابعة والنصف من عصر اليوم. هذا الخطاب ليس مجرد حدث بروتوكولي، بل هو مرآة تعكس نبض الأمة، وخارطة طريق للمستقبل، خاصة في ظل الظرفية الدقيقة التي يعيشها المغرب اليوم، مع تصاعد صوت الشارع ومطالب جيل زد (Gen Z) الذي يمثل نحو 25% من سكان المملكة.يأتي هذا الخطاب في سياق يتسم بتوتر اجتماعي ملحوظ، حيث شهد الشارع المغربي في الأسابيع الأخيرة احتجاجات واسعة النطاق، قادها جيل زد تحت شعار #GenZ212، مطالبين بإصلاحات جذرية في قطاعي الصحة والتعليم، وخلق فرص عمل مستدامة، ومحاربة الفساد الذي يلتهم موارد الدولة. هذه الاحتجاجات، التي بدأت في 27 سبتمبر الماضي، لم تكن مجرد صرخة عفوية، بل تعبيراً عن تراكمات سنوات من الإحباط، حيث يعاني الشباب المغربي من معدلات بطالة تصل إلى 35% بين الفئة العمرية 15-24 عاماً، وفقاً لتقارير البنك الدولي. ومع ذلك، أعلنت حركة جيل زد تعليق جميع أشكال الاحتجاج المقررة لهذا اليوم، احتراماً لمقام الملك وتقديراً لرمزية الخطاب، مما يعكس عمق الولاء للمؤسسة الملكية رغم الغضب من بعض المؤسسات التنفيذية.السياق التاريخي للخطاب الملكي: تقليد يعكس التوازن الوطنيلنعد قليلاً إلى الوراء لنفهم عمق هذه الترقبات. الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية ليس حدثاً جديداً؛ إنه جزء من الدستور المغربي لعام 2011، الذي ينص في المادة 51 على أن الملك يفتتح السنة التشريعية ويضع التوجهات العامة للسياسة الوطنية. منذ تولي جلالة الملك محمد السادس مقاليد الحكم في 1999، أصبح هذا الخطاب مصدر إلهام للإصلاحات الكبرى. تذكر خطاب 2011 الذي أطلق الربيع العربي في المغرب، حيث وعد جلالته بـ"دستور جديد" أدى إلى تعزيز الديمقراطية والحريات. أو خطاب 2020 الذي شدد على الاستجابة لجائحة كورونا، مما أدى إلى إطلاق حملة التطعيم الشاملة التي حققت نجاحاً دولياً.هذا العام، يأتي الخطاب في لحظة استثنائية، كما وصفتها وسائل الإعلام المغربية مثل جريدة "هسبريس" و"زنقة 20". الظرفية الوطنية تشهد ارتفاعاً في التوتر الاجتماعي، مع احتجاجات جيل زد التي امتدت إلى مدن كبرى مثل الرباط، الدار البيضاء، مراكش، وطنجة. هؤلاء الشباب، الذين ولدوا بين 1997 و2012، نشأوا في عصر الإنترنت والتواصل الاجتماعي، وهم يرفضون الوعود الجوفاء. يطالبون بـ"مغرب ذو سرعة واحدة"، كما أشار جلالة الملك في خطاب العرش الأخير، حيث يشعرون بفجوة بين الإنجازات الكبرى في البنية التحتية – مثل الطرق السريعة وموانئ الجيل الجديد – والمعيش اليومي الذي يعاني من نقص في الخدمات الأساسية. وفقاً لاستطلاع رأي أجراه مركز "لِسان برِي" في أوائل أكتوبر، يترقب 78% من المغاربة أن يتناول الخطاب هذه المطالب، مع تركيز خاص على الشباب.ترقبات الشعب المغربي: بين الأمل والقلقالشعب المغربي، بكل تنوعه الثقافي والاجتماعي، ينظر إلى الخطاب كمنارة في عاصفة. في المقاهي الشعبية بالرباط، يجتمع الرجال حول كوب الشاي، يتبادلون التوقعات: "هل سيتحدث جلالته عن فتح المستشفيات الجديدة التي بنيت ولم تُدشن؟"، يسأل أحدهم. في الأحياء الشعبية بالدار البيضاء، تتداول النساء قصصاً عن صعوبة الوصول إلى خدمات صحية مجانية، متمنيات أن يأمر الملك بتسريع ورش الحماية الاجتماعية الذي أطلقه في 2021، والذي يغطي اليوم أكثر من 22 مليون مواطن لكنه يواجه تحديات في التنفيذ. أما في المناطق الريفية، مثل جبال الأطلس، حيث يعتمد الفلاحون على الدعم الاجتماعي، فيترقبون توجيهات ملكية لتعزيز الزراعة المستدامة ومكافحة الجفاف الذي أثر على 40% من المحاصيل هذا العام.هذه الترقبات ليست مجرد مزاج عابر؛ إنها تعكس حالة من الثقة في المؤسسة الملكية كضامن للوحدة الوطنية. في استطلاع نشرته "إيكوبريس"، أعرب 65% من المستطلعين عن تفاؤلهم بأن الخطاب سيضع "خارطة طريق" للحكومة، خاصة في ظل انتقادات لأداء الحكومة الحالية برئاسة عزيز أخنوش، التي واجهت اتهامات بالبطء في الإصلاحات. الشعب يتذكر كيف أن خطابات سابقة، مثل ذلك في 2023، أدت إلى إطلاق برنامج "مدارس الريادة" الذي يهدف إلى تدريب 100 ألف طفل سنوياً على المهارات الرقمية، ويتساءلون اليوم: هل سيتوسع هذا البرنامج ليشمل الجامعات، حيث يعاني 800 ألف طالب من نقص في البنية التحتية؟ومع ذلك، هناك جانب من القلق. بعض المنشورات على منصة إكس (تويتر سابقاً) تعبر عن مخاوف من أن الخطاب قد يكون "روتينياً"، كما قال أحد المعلقين، خوفاً من أن يتجنب الخوض في التفاصيل الحساسة مثل استقالة وزراء أو تعديل دستوري جزئي. لكن الغالبية، كما في منشورات نجيب الأضادي، تؤكد الثقة في "الحكمة الملكية" التي تحول المحن إلى منح، مشددة على أن "الملك يتابع التطورات شخصياً".جيل زد: الصوت الجديد الذي يهز الأسسفي قلب هذه الترقبات يقف جيل زد، الجيل الذي يُعرف بـ"الرقميين"، الذين يشكلون قوة دافعة للتغيير. هؤلاء الشباب، الذين يتجاوز عددهم 10 ملايين في المغرب، لم يعيشوا عصر الرصاص أو الاستعمار، لكنهم نشأوا على وعود التنمية الرقمية والحكم الجيد. هم يستخدمون هاشتاغ #GenZ212 لتنظيم احتجاجاتهم، مستلهمين من الثورات العربية لكن بطابع مغربي يحترم الملكية. في منشور شهير لـ"سيرينغيتي مروكي"، قال: "نحن جنود مجندون وراء قائدنا الهمام جلالة الملك محمد السادس"، معبراً عن الولاء للملك مع النقد للحكومة.مطالب جيل زد واضحة: تحسين الصحة، حيث أغلقت جائحة كورونا فجوات في النظام الصحي، مع نقص 20 ألف طبيب؛ إصلاح التعليم، الذي يعاني من معدل تسرب 15% سنوياً؛ وخلق فرص عمل، خاصة في الاقتصاد الرقمي الذي يمكن أن يوظف مليون شاب بحلول 2030. في احتجاجاتهم، هتفوا "الشعب يريد إسقاط الفساد"، مشيرين إلى فضائح مثل صفقات البنية التحتية التي أنفقت 500 مليار درهم دون عائد اجتماعي كافٍ. ومع ذلك، يظهر الجيل احتراماً للملك؛ فقد أعلنوا تعليق الاحتجاجات اليوم، كما في بلاغهم، "تقديراً لرمزية الخطاب".هذا الجيل يترقب الخطاب كاختبار للدولة. هل سيتحدث جلالته عن "إعادة ترتيب أولويات المرحلة"، كما تتوقع "شَمَالِي" في تقريرها؟ هل سيعين لجاناً ملكية لمراقبة الإصلاحات، كما حدث في ورش الحماية الاجتماعية؟ الشباب يريدون ليس وعوداً، بل آليات محاسبة، مستلهمين من خطاب 2017 الذي أدى إلى قانون مكافحة الفساد. في مناقشات إكس، يقول أحدهم: "الملك قال سابقاً 'الوقت حان للاهتمام بحاجة المواطنين'، اليوم ننتظر التنفيذ".الآثار المتوقعة: من الخطاب إلى التنفيذبعد الخطاب، يتوقع الخبراء أن يشكل دافعاً لتسريع الإصلاحات. في قطاع الصحة، قد يأمر جلالته بفتح 50 مستشفى جديداً، مما يخلق 100 ألف وظيفة. في التعليم، توسيع "مدارس الريادة" إلى 500 مدرسة، مع دمج الذكاء الاصطناعي في المناهج. اقتصادياً، دعم الشباب عبر صندوق الاستثمار في الشركات الناشئة، الذي يمكن أن يصل إلى 10 مليارات درهم. سياسياً، قد يدعو إلى حوار وطني يشمل جيل زد، لاستعادة الثقة في المؤسسات.لكن التحدي يكمن في التنفيذ. كما أشارت "لِسان برِي"، الخطاب يحتاج إلى "دينامية كبيرة" من الحكومة. جيل زد، بوعيه الرقمي، سيراقب كل خطوة عبر المنصات الاجتماعية، محولاً الخطاب إلى حملة #ملكنا_يستمع_نحن_نعمل.خاتمة: أمل في مغرب متجددفي النهاية، ترقبات الشعب المغربي وجيل زد لخطاب 10 أكتوبر 2025 ليست مجرد انتظار؛ إنها تعبير عن إيمان عميق بالمؤسسة الملكية كمحرك للتغيير. جلالة الملك محمد السادس، بفضل حكمته، قادر على تحويل هذه الترقبات إلى واقع، محافظاً على وحدة الوطن تحت شعار "الله الوطن الملك". عاش الملك، عاش المغرب، عاش جيل زد الذي سيبني غداً أفضل.