الفقيه والشوافة في المغرب: مصائب تدمر الأسر وتفتح أبواب جرائم الشرف
في أعماق المجتمع المغربي، حيث تختلط التقاليد الشعبية بالمعتقدات الدينية، يبرز الفقيه والشوافة كشخصيتين محوريتين في حياة الكثيرين. الفقيه، الذي يُعتبر معالجاً روحياً يعتمد على القرآن والرقى الشرعية، والشوافة، التي تمارس الشعوذة والسحر الشعبي، غالباً ما يلجأ إليها الناس بحثاً عن حلول لمشكلاتهم اليومية. لكن خلف هذا الوجه الظاهري الطيب، تكمن مصائب تُدمر الأسر وتُفكك الروابط الاجتماعية، مما يؤدي إلى تداعيات أخلاقية خطيرة، بما في ذلك الخيانات الزوجية والجرائم الدامية المعروفة بـ"جرائم الشرف". هذا المقال يستعرض هذه الظاهرة بشكل متكامل، مستنداً إلى واقع اجتماعي موثق، ليكشف كيف تحول هؤلاء "المعالجون" من مصادر أمل إلى مصادر ويل، وكيف تتصاعد هذه الممارسات إلى جرائم قتل تهز الأسر والمجتمع.الفقيه والشوافة: جذور الاستغلال والمصائب الأسريةفي المغرب، يُشكل الفقيه والشوافة جزءاً من تراث شعبي يعود إلى قرون، حيث يلجأ إليهم الناس لعلاج "العين"، "الحسد"، أو مشكلات زوجية، أو حتى لجذب الرزق والحب. وفقاً لدراسات اجتماعية، يعتمد آلاف الأسر على هؤلاء لأسباب تتجاوز الطبية، مثل "درء النحس" أو "السيطرة على الحبيب"، مما يجعلهم أحياناً أقرب إلى الدجالين من العلماء. هذا الاعتماد يبدأ بطقوس بسيطة، لكنه يتطور إلى إدمان مالي ونفسي يُفقر الأسر ويُدمرها.تُسبب هذه الممارسات مصائب متعددة للأسر المغربية. أولاً، الاستغلال المالي: يدفع الزبائن مبالغ طائلة مقابل "الرقى" أو "التمائم"، مما يؤدي إلى الإفلاس. في مناطق ريفية مثل الريف أو السوس، حيث تكثر الشوافات، سُجلت حالات أسر فقدت مدخراتها بأكملها، مما أدى إلى تفكك عائلي ونزاعات داخلية. ثانياً، التأثير النفسي: الرقى غالباً ما تعزز الخرافات، مما يمنع اللجوء إلى الطب الحديث، ويؤدي إلى تفاقم الأمراض أو الاكتئاب. على سبيل المثال، في حالات "الجنون" المزعوم، يُعالج الفقيه المريض بالضرب أو الحبس، مما يُفاقم الوضع ويُدمر الثقة الأسرية.أما الشوافة، فهي أكثر خطراً بسبب ارتباطها بالسحر الأسود. تُستخدم في "ربط الحبيب" أو "تفريق الأزواج"، مما يُولد كراهية داخل الأسرة. دراسات تشير إلى أن هذه الممارسات تُساهم في ارتفاع معدلات الطلاق في المغرب، حيث يُتهم أحد الزوجين بالسحر من الآخر. هكذا، تتحول الأسرة من وحدة مترابطة إلى ساحة حرب، مع خسائر بشرية ومادية هائلة، وغالباً ما تكون هذه النزاعات مدخلاً لجرائم أكثر عنفاً.الفساد الأخلاقي: الخيانة مع الفقيه وتصاعد جرائم الشرفمن أخطر التداعيات لهذه الظاهرة هو الفساد الأخلاقي الذي ينخر في نسيج الأسرة، خاصة بين النساء اللواتي يلجأن إلى الفقيه بحثاً عن "حلول" زوجية. في كثير من الحالات، تتحول الزيارات الروتينية إلى علاقات غرامية، مستغلة الفقيه لضعف المرأة النفسي أو الاجتماعي. هذا الاستغلال يُغذيه السرية المحيطة بالرقى، حيث يُطلب من الزائرة الحضور وحدها في أوقات متأخرة، مما يفتح الباب للانحراف. هذه الخيانات لا تقتصر على التفكك الأسري؛ إنها تُشعل فتيل جرائم الشرف، التي غالباً ما تكون قتل أو اعتداء عنيف على النساء بسبب شبهة خيانة زوجية أو سلوك يُعتبر "عاراً" على العائلة.
في المغرب، سُجلت عشرات الحالات حيث أدت هذه الخيانات إلى جرائم قتل مروعة. على سبيل المثال، في إقليم الفقيه بنصالح، اهتزت دوار القياس عام 2019 بجريمة ذبح زوجة أمام أطفالها من قبل زوجها، بعد اكتشافه خيانتها مع فقيه محلي. الزوج، الذي كان يشتبه في "سحر" الفقيه على زوجته، انفجر غضباً بعد تأكيد الشكوك، مما أسفر عن مقتلها على الفور. وفي حالة أخرى بآسفي عام 2017، قتل فقيه زوجته خنقاً بسبب شكوكه في خيانتها، لكن التحقيقات كشفت عن علاقة سابقة له مع امرأة أخرى، مما يُظهر كيف يُغرق الفقيه نفسه في الوحل الأخلاقي نفسه.
هذه الجرائم ليست استثناءات؛ إحصائيات الشرطة المغربية تشير إلى ارتفاع جرائم "الشرف" بنسبة 20% في السنوات الأخيرة، معظمها مرتبط بخيانات زوجية تتدخل فيها شخصيات دينية أو شعوذية. وفقاً لمنصة "أوقفوا قتل النساء المغرب"، سُجلت 50 جريمة قتل لنساء في عام 2023، مقارنة بـ30 جريمة في 2022، و5 جرائم فقط في الأشهر الأولى من 2024، مع تقدير أن 70% منها مرتبطة بشبهات الخيانة. تقرير وزارة الداخلية لعام 2023 يُظهر تراجعاً عاماً في الجرائم العنيفة بنسبة 10%، لكن جرائم الاعتداء الجنسي انخفضت بنسبة 4% فقط، مع ارتفاع في الحالات غير المبلغ عنها بسبب الضغط الاجتماعي. في النصف الأول من 2025، سجل المغرب أعلى حصيلة لضحايا العنف مقارنة بالسنوات السابقة، مع 114 ضحية في 2024 مقابل 111 في 2023، وفقاً لتقارير منظمات حقوقية. هذه الأرقام لا تشمل الحالات غير المسجلة، التي تشكل نحو 80% من الإجمالي، حسب تقديرات منظمة العفو الدولية.
أمثلة بارزة تُظهر كيف تتحول الشبهات الناتجة عن "الرقى" أو الشعوذة إلى عنف دامٍ: في طنجة عام 2024، أيدَعَتْ محكمة الاستئناف سيدة وخمسة من أبنائها السجن بتهمة قتل الأب، بعد أن ساعدوها في ذبحه بسبب خلافات أسرية وشبهات خيانة. الزوجة ادَّعَتْ أنها تعرضت للعنف المنزلي، لكن التحقيقات كشفت عن تورط جماعي، مما يعكس كيف يُغرق العنف الأسري الجميع في الجريمة. وفي الدار البيضاء عام 2024، سُجِّلَتْ أول جريمة قتل في السنة، حيث قَتَلَ عمال عمارة حراساً بسبب نزاع، لكن التحقيقات ربطتها بشبهة "شرف" متعلقة بعلاقات غير مشروعة. في تزنيت عام 2019، حُكم على إمام (فقيه) وامرأة متزوجة بالسجن بتهمة الزنا، بعد أن أدت علاقتهما إلى تفكك أسرتين وتهديدات بالقتل من الأزواج. وفي الفقيه بنصالح مرة أخرى عام 2025، ضُبطت زوجة سورية متلبسة بخيانة زوجية، مما أثار فضيحة أخلاقية هزت المدينة وأدى إلى نزاعات عنيفة. حتى في طنجة عام 2020، قتل زوج زوجته بسبب اتهامها بالخيانة، مع إشارات إلى تورط فقيه في "الرقية" التي غطت على العلاقة.
هذه الحالات تكشف عن نمط: الفقيه، الذي يُفترض أنه حارس الأخلاق، يصبح مصدر الفساد، مستغلاً ثقة المرأة اليائسة. النتيجة؟ أزواج يفقدون السيطرة، يلجأون إلى العنف، وتنتهي الأسرة بدماء. النساء اللواتي يقعن ضحايا هذا الاستغلال غالباً ما يُبررن أفعالهن بالـ"سحر" أو "الضغط النفسي"، لكن الواقع أقسى: هو فساد أخلاقي يُدمر المجتمع من الداخل. جرائم الشرف لا تقتصر على الضحية؛ إنها تُدَمِّرُ الأسر، تُورِثُ الصدمات للأطفال، وتُعِيقُ التنمية الاجتماعية. في المغرب، ترتبط 20% من حالات الطلاق بالعنف المنزلي، مع ارتفاع معدلات الاكتئاب بنسبة 30% بين الناجيات.الإطار القانوني والحلول: نحو مواجهة الظلاميُجَرِّمُ القانون الجنائي المغربي (المادة 420) جرائم الشرف جزئياً، لكنه يمنح "عذراً مخفضاً للعقوبة" في حالات الجرح أو الضرب إذا فاجأ الجاني أفراد أسرته في "فعل فاضح" مثل الزنا. هذا الاستثناء، الذي يُخَفِّفُ العقوبة من 5-10 سنوات إلى أقل، يُنَقَدُ بشدة من المنظمات الحقوقية كونه يشجع على العنف. أما الاغتصاب، فيُعَاقَبُ عليه بالسجن 5-20 عاماً، لكن الزواج بالمغتصبة (إذا كانت قاصراً) يُسَقِطُ الدعوى، مما يُعَادِلُ "تسامحاً" مع الجاني. في 2023، أنشأتْ الحكومة وحدات متخصصة في المديرية العامة للأمن الوطني لدعم الضحايا، مع خطوط ساخنة ومأوى للنساء، لكن التقرير الأمريكي يُشِيرُ إلى بطء الشرطة ورفض تسجيل الشكاوى في 60% من الحالات، مع عودة النساء إلى بيئاتها العنيفة قسراً. المنظمات غير الحكومية، مثل جمعية المرأة الديمقراطية، تُقَدِّمُ الدعم الأساسي، لكن نقص التمويل يحد من فعاليتها.
الفقيه والشوافة ليسا مجرد تراث؛ هما سيف ذو حدين يقطع شرايين الأسر المغربية. بينما يُساهمون في بعض الحالات في الدعم الاجتماعي، فإن غلبة المصائب – الفقر، التفكك، والجرائم – تتطلب تدخلاً رسمياً. يجب على الدولة تعزيز التوعية، تشديد الرقابة على هذه الممارسات، وتشجيع اللجوء إلى الطب النفسي والاجتماعي، بالإضافة إلى إلغاء المادة 420 وتدريب الشرطة على التعامل مع الحالات كجرائم جنائية لا اجتماعية. فالأسرة المغربية، ركيزة المجتمع، لا تستحق أن تُضحى بها على مذبح الخرافة والفساد. إن تجاهل هذه الظاهرة يعني الاستمرار في دماء ودموع، بينما المواجهة تبني مستقبلاً أفضل. التقدم في زجر الجرائم العامة بنسبة 24% في 2024 يُبَشِّرُ بأمل، لكن التركيز على النساء يبقى ضرورياً لتحقيق مجتمع أكثر عدلاً.
في المغرب، سُجلت عشرات الحالات حيث أدت هذه الخيانات إلى جرائم قتل مروعة. على سبيل المثال، في إقليم الفقيه بنصالح، اهتزت دوار القياس عام 2019 بجريمة ذبح زوجة أمام أطفالها من قبل زوجها، بعد اكتشافه خيانتها مع فقيه محلي. الزوج، الذي كان يشتبه في "سحر" الفقيه على زوجته، انفجر غضباً بعد تأكيد الشكوك، مما أسفر عن مقتلها على الفور. وفي حالة أخرى بآسفي عام 2017، قتل فقيه زوجته خنقاً بسبب شكوكه في خيانتها، لكن التحقيقات كشفت عن علاقة سابقة له مع امرأة أخرى، مما يُظهر كيف يُغرق الفقيه نفسه في الوحل الأخلاقي نفسه.
هذه الجرائم ليست استثناءات؛ إحصائيات الشرطة المغربية تشير إلى ارتفاع جرائم "الشرف" بنسبة 20% في السنوات الأخيرة، معظمها مرتبط بخيانات زوجية تتدخل فيها شخصيات دينية أو شعوذية. وفقاً لمنصة "أوقفوا قتل النساء المغرب"، سُجلت 50 جريمة قتل لنساء في عام 2023، مقارنة بـ30 جريمة في 2022، و5 جرائم فقط في الأشهر الأولى من 2024، مع تقدير أن 70% منها مرتبطة بشبهات الخيانة. تقرير وزارة الداخلية لعام 2023 يُظهر تراجعاً عاماً في الجرائم العنيفة بنسبة 10%، لكن جرائم الاعتداء الجنسي انخفضت بنسبة 4% فقط، مع ارتفاع في الحالات غير المبلغ عنها بسبب الضغط الاجتماعي. في النصف الأول من 2025، سجل المغرب أعلى حصيلة لضحايا العنف مقارنة بالسنوات السابقة، مع 114 ضحية في 2024 مقابل 111 في 2023، وفقاً لتقارير منظمات حقوقية. هذه الأرقام لا تشمل الحالات غير المسجلة، التي تشكل نحو 80% من الإجمالي، حسب تقديرات منظمة العفو الدولية.
أمثلة بارزة تُظهر كيف تتحول الشبهات الناتجة عن "الرقى" أو الشعوذة إلى عنف دامٍ: في طنجة عام 2024، أيدَعَتْ محكمة الاستئناف سيدة وخمسة من أبنائها السجن بتهمة قتل الأب، بعد أن ساعدوها في ذبحه بسبب خلافات أسرية وشبهات خيانة. الزوجة ادَّعَتْ أنها تعرضت للعنف المنزلي، لكن التحقيقات كشفت عن تورط جماعي، مما يعكس كيف يُغرق العنف الأسري الجميع في الجريمة. وفي الدار البيضاء عام 2024، سُجِّلَتْ أول جريمة قتل في السنة، حيث قَتَلَ عمال عمارة حراساً بسبب نزاع، لكن التحقيقات ربطتها بشبهة "شرف" متعلقة بعلاقات غير مشروعة. في تزنيت عام 2019، حُكم على إمام (فقيه) وامرأة متزوجة بالسجن بتهمة الزنا، بعد أن أدت علاقتهما إلى تفكك أسرتين وتهديدات بالقتل من الأزواج. وفي الفقيه بنصالح مرة أخرى عام 2025، ضُبطت زوجة سورية متلبسة بخيانة زوجية، مما أثار فضيحة أخلاقية هزت المدينة وأدى إلى نزاعات عنيفة. حتى في طنجة عام 2020، قتل زوج زوجته بسبب اتهامها بالخيانة، مع إشارات إلى تورط فقيه في "الرقية" التي غطت على العلاقة.
هذه الحالات تكشف عن نمط: الفقيه، الذي يُفترض أنه حارس الأخلاق، يصبح مصدر الفساد، مستغلاً ثقة المرأة اليائسة. النتيجة؟ أزواج يفقدون السيطرة، يلجأون إلى العنف، وتنتهي الأسرة بدماء. النساء اللواتي يقعن ضحايا هذا الاستغلال غالباً ما يُبررن أفعالهن بالـ"سحر" أو "الضغط النفسي"، لكن الواقع أقسى: هو فساد أخلاقي يُدمر المجتمع من الداخل. جرائم الشرف لا تقتصر على الضحية؛ إنها تُدَمِّرُ الأسر، تُورِثُ الصدمات للأطفال، وتُعِيقُ التنمية الاجتماعية. في المغرب، ترتبط 20% من حالات الطلاق بالعنف المنزلي، مع ارتفاع معدلات الاكتئاب بنسبة 30% بين الناجيات.الإطار القانوني والحلول: نحو مواجهة الظلاميُجَرِّمُ القانون الجنائي المغربي (المادة 420) جرائم الشرف جزئياً، لكنه يمنح "عذراً مخفضاً للعقوبة" في حالات الجرح أو الضرب إذا فاجأ الجاني أفراد أسرته في "فعل فاضح" مثل الزنا. هذا الاستثناء، الذي يُخَفِّفُ العقوبة من 5-10 سنوات إلى أقل، يُنَقَدُ بشدة من المنظمات الحقوقية كونه يشجع على العنف. أما الاغتصاب، فيُعَاقَبُ عليه بالسجن 5-20 عاماً، لكن الزواج بالمغتصبة (إذا كانت قاصراً) يُسَقِطُ الدعوى، مما يُعَادِلُ "تسامحاً" مع الجاني. في 2023، أنشأتْ الحكومة وحدات متخصصة في المديرية العامة للأمن الوطني لدعم الضحايا، مع خطوط ساخنة ومأوى للنساء، لكن التقرير الأمريكي يُشِيرُ إلى بطء الشرطة ورفض تسجيل الشكاوى في 60% من الحالات، مع عودة النساء إلى بيئاتها العنيفة قسراً. المنظمات غير الحكومية، مثل جمعية المرأة الديمقراطية، تُقَدِّمُ الدعم الأساسي، لكن نقص التمويل يحد من فعاليتها.
الفقيه والشوافة ليسا مجرد تراث؛ هما سيف ذو حدين يقطع شرايين الأسر المغربية. بينما يُساهمون في بعض الحالات في الدعم الاجتماعي، فإن غلبة المصائب – الفقر، التفكك، والجرائم – تتطلب تدخلاً رسمياً. يجب على الدولة تعزيز التوعية، تشديد الرقابة على هذه الممارسات، وتشجيع اللجوء إلى الطب النفسي والاجتماعي، بالإضافة إلى إلغاء المادة 420 وتدريب الشرطة على التعامل مع الحالات كجرائم جنائية لا اجتماعية. فالأسرة المغربية، ركيزة المجتمع، لا تستحق أن تُضحى بها على مذبح الخرافة والفساد. إن تجاهل هذه الظاهرة يعني الاستمرار في دماء ودموع، بينما المواجهة تبني مستقبلاً أفضل. التقدم في زجر الجرائم العامة بنسبة 24% في 2024 يُبَشِّرُ بأمل، لكن التركيز على النساء يبقى ضرورياً لتحقيق مجتمع أكثر عدلاً.