التستر على فساد السياسيين في المغرب: سحر أسود أم حاميها حراميها؟

 كيف يغض المغرب الطرف عن جرائم الكبار رغم الوثائق الدامغة

 التستر على جرائم السياسيين في المغرب: بين السحر الأسود والحامي حرامي.. منظومة فساد تتحدى القانون والشعب

المقدمة: صرخة في الفراغ.. هل يحمي النظام نفسه من نفسه؟في المغرب الذي يُدْعَىَ دولة الحق والقانون، يبدو أن جرائم السياسيين الكبار تُغْمَرُ بستارة من الظلام الدامس، كأنها أسرار لا يُفْضَحُها إلا الرياح الثائرة. لماذا يتستر المغرب على هذه الجرائم ويغض الطرف عن تجاوزات كبارهم؟ هل هذا سحر أسود معمول لمنع تدخلات النيابة العامة وإجهاض التحقيقات، رغم أن جمعيات حقوقية تقدم وثائق دامغة تثبت سرقات مسؤولين كبار، إلا أن الرد يكون دائماً "لا حياة لمن تنادي"؟ أم أن الحقيقة أقسى: الحامي حرامي، كما يقول المثل الشعبي "قالوا للثعلب احرس خم الدجاج"؟ والأمر لا يقتصر على فرد أو اثنين؛ فالفساد في المغرب ليس جريمة فردية، بل منظومة متكاملة ومتشعبة، تمتد جذورها إلى أعماق الدولة والمجتمع، وتُغْذِيَهَا غياب الإرادة الحقيقية للإصلاح. في هذا المقال، نتوغل في أعماق هذه الظاهرة، مستعينين بأحدث التقارير والأحداث حتى يومنا هذا، لنفهم كيف يمكن القضاء على هذه المنظومة، خاصة وأن الرأس نفسه – اخنوش – يُشْكِكُ في نزاهته.التستر على الجرائم: سياسة أم مصير؟التستر على جرائم السياسيين في المغرب ليس مجرد إهمال إداري، بل هو استراتيجية مدروسة تحمي النخبة الحاكمة من مساءلة شعبية أو قانونية. في السنوات الأخيرة، شهد المغرب ارتفاعاً ملحوظاً في قضايا الفساد، لكن المتورطين الكبار يفلتون دائماً من العقاب. على سبيل المثال، في يونيو 2025، أثار مشروع قانون المسطرة الجنائية جدلاً واسعاً بعد أن منع الأفراد والجمعيات من التبليغ عن جرائم الفساد، مما اعتُبِرَ محاولة لتقييد دور المجتمع المدني في محاربة هذه الظاهرة . هذا التشريع، الذي صادق عليه البرلمان، يُشْكِلُ حاجزاً أمام أي محاولة لكشف السرقات، ويُعْطِيَ النيابة العامة صلاحيات واسعة لإغلاق التحقيقات باسم "الحد من الوشايات".وفقاً لمؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2024، تراجع المغرب إلى المرتبة 99 من أصل 180 دولة برصيد 37 نقطة فقط، مقارنة بالمرتبة 73 في 2018، مما يعكس تفاقم التستر الرسمي على الجرائم السياسية . في الفترة بين 2024 و2025، تورط عشرات السياسيين في قضايا رشوة، لكن معظمهم أُطْلِقَ سَرَاحُهُمْ بعد فترة قصيرة، بينما يُحْجَمُ القضاء عن متابعة الكبار. هل هذا سحر أسود؟ ربما لا، لكنه يشبه تعويذة تحمي النظام من نفسه. في سبتمبر 2025، كشفت فضيحة أمنية بمكناس عن ضابط شرطة موقوف بتهمة الابتزاز والرشوة، لكن التحقيق توقف عندما امتد إلى مسؤولين أعلى، مما يؤكد أن التستر يبدأ من الأسفل ليحمي الأعلى .الأسباب الرئيسية لهذا التستر تكمن في الاستبداد السياسي الذي يربط بين السلطة التنفيذية والقضائية. في أبريل 2025، حذرت أحزاب ونقابات من أن الفساد الاقتصادي أصبح ملازماً للاستبداد، حيث يُستخْدَمُ التستر كأداة للحفاظ على التوازن داخل النظام. وفي يوليو 2025، أكدت مسطرة التبليغ عن الفساد أن هذه الإجراءات ليست حداً للو شايات، بل تقييداً لدور الجمعيات، مما يُعْطِيَ السياسيين الكبار حصانة غير مكتوبة .النيابة العامة: درع أم سيف معلق؟النيابة العامة، التي يُفترض أنها الدرع الأول لمكافحة الفساد، أصبحت في السنوات الأخيرة محور شكوك كبيرة. في أكتوبر 2025، أصدرت النيابة تقريراً يُشِيدُ بجهودها في القنيطرة، مدعيةً تعزيز الرقابة والتصدي للفساد، وداعيةً إلى تفعيل مذكرات الفهم الدولية . ومع ذلك، يبدو هذا الإشادة سطحية أمام الواقع. في يناير 2025، أبقت الحكومة على منع الجمعيات من التبليغ وتقييد صلاحيات النيابة في قضايا الفساد المالي، مما يُحْوِلُها إلى جهاز يحمي أكثر مما يحقق .في مايو 2025، أوصت الهيئة الوطنية للنزاهة بتعليق التقادم في جرائم الفساد، ليبدأ التحقيق من تاريخ الاكتشاف لا الجريمة، لكن هذا التوصية لم تُطْبَقْ، مما يؤكد تدخلات عليا تُجْهِضُ التحقيقات. وفي أكتوبر 2025، أفاد تقرير جديد بتفاصيل محاربة الفساد بين القضاء والمال العام، لكنه لم يُفْصِلْ في حالات السياسيين الكبار، مما يُشْكِكُ في استقلاليتها . هل هذا سحر أسود يمنع التدخل؟ أم أن الحامي – أي النظام – هو نفسه الحرامي، يُحْمِيَ نفْسَهُ من المساءلة؟ الإجابة تكمن في الضغط السياسي الذي يُقْيِدُ النيابة، كما حدث في يونيو 2025 عندما أثارت تعديلات القانون احتجاجات أمام البرلمان .دور الجمعيات الحقوقية: صرخة مكبوتة في وجه المنظومةالجمعيات الحقوقية تمثل الضمير الحي للمجتمع المغربي، تقدم وثائق وأدلة دامغة عن سرقات المسؤولين، لكن صوتها يُخْنَقُ بلا رحمة. في يونيو 2025، تعتزم الجمعية المغربية لحماية المال العام تنظيم وقفة احتجاجية أمام البرلمان ضد الفساد، ردّاً على مشروع القانون الذي يمنعها من التبليغ . وفي يوليو 2025، أشارت المادة السابعة من التشريع إلى اشتراطات صارمة على الجمعيات، مثل أن تكون قد مر عليها سنوات للتبليغ، مما يُعْطِيَ الوقت للفاسدين للاختباء .في يونيو 2025، احتج المجتمع المدني على مشروع قانون المسطرة الجنائية، معتبراً إياه محاولة لحماية ناهبي المال العام، حيث يُقْصِيَ الجمعيات من الدعاوى القضائية . وفي مارس 2025، رفضت منظمة حقوقية "ترهيب المجتمع المدني"، منددة بمحاولات تقويض دورها الدستوري في محاربة الفساد، ومؤكدة أن هذه التصريحات تُخْرِقُ الفصلين 70 و71 من الدستور . رغم ذلك، تستمر هذه الجمعيات في الضغط، كما في يونيو 2025 عندما اجتمعت هيئات مهتمة بمحاربة الفساد لمناقشة التعديلات الحكومية التي تمس دورها . إنها صرخة في الفراغ، لكنها قد تكون البذرة للتغيير إذا توحدت مع الشعب.الفساد كمنظومة متكاملة: جذور عميقة وأغصان متشعبةالفساد في المغرب منظومة متكاملة تشمل السياسة والاقتصاد والقضاء، متشعبة كشجرة السمّ التي تُغْذِيَهَا الإفلات من العقاب. في 2025، أظهرت التقارير أن الخسائر الناتجة عن الفساد تتجاوز مليارات الدراهم سنوياً، مع تورط مسؤولين في رشوة واختلاس، لكن المنظومة تحمي نفسها بقوانين تقيّد الرقابة. على سبيل المثال، في يناير 2025، أبقت الحكومة على تقييد النيابة في دعاوى الفساد، مما يُعْزِزُ الشبكات المتشعبة للسرقة العامة .هذه المنظومة تبدأ من الأعلى: الرئيس التنفيذي والبرلمان يُشْكِلَانِ حاجزاً أمام الإصلاح، حيث يُصَادِقُونَ على قوانين تحمي الكبار. في يوليو 2025، أكدت الدراسات أن مسطرة التبليغ تُقْيِدُ الجمعيات لصالح المنظومة، مما يجعل الفساد جزءاً من الاقتصاد السياسي . وفي سبتمبر 2025، كشفت قضية مكناس عن كيفية امتداد الفساد من الشرطة إلى السياسيين، لكن التحقيق توقف عند الحدود السياسية . إنها منظومة تُغْذِيَهَا الفقر واللامساواة، وتُعْزِزُهَا غياب الشفافية، مما يجعل القضاء عليها تحدياً حضارياً.كيف القضاء على المنظومة؟.. إرادة شعبية وإصلاح جذريالقضاء على هذه المنظومة ليس مستحيلاً، لكنه يتطلب خطوات جذرية تبدأ من الشعب وتنتهي بالدولة. أولاً، تعزيز استقلال القضاء: يجب تعديل الدستور لضمان استقلال النيابة العامة عن التنفيذي، كما أوصت الهيئات في أكتوبر 2025 . ثانياً، تمكين الجمعيات: إلغاء القيود على التبليغ، كما طالبت الاحتجاجات في يونيو 2025، ليصبح المجتمع المدني شريكاً في الرقابة .ثالثاً، الضغط الشعبي: الاحتجاجات أمام البرلمان في يونيو 2025 أثبتت أن الشعب قادر على التغيير، إذا توحد مع الجمعيات . رابعاً، الالتزام الدولي: تنفيذ الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد، كما في تقرير 2024 الذي أظهر تراجع المغرب، لاستعادة الثقة العالمية . وأخيراً، الرأس يجب أن يُطْهَرَ: إذا كان الرئيس جزءاً من المنظومة، فالإصلاح يبدأ بمساءلة الكبار، لا بتغطيتهم. هذا ليس سحراً أسوداً، بل إرادة بشرية؛ والشعب المغربي، بتاريخه الثوري، قادر على كسر التعويذة.الخاتمة: من الكابوس إلى الأمل.. الوقت حان للصحوةفي الختام، التستر على جرائم السياسيين في المغرب ليس مصيراً محتوماً، بل خياراً سياسياً يُغْذِيَهُ الحامي الحرامي. مع منظومة فساد متشعبة، ونيابة مقيدة، وجمعيات مكبوتة، يبقى السؤال: متى ينهض الشعب ليُقْضِيَ على هذا الوباء؟ في أكتوبر 2025، مع استمرار التقارير عن الجهود الرسمية، يظل الأمل معلقاً على إرادة الشعب. إن لم يكن السحر أسوداً، فهو سحر الاستبداد؛ وإن كان الحامي حراميها، فالشعب هو الحارس الحقيقي. المغرب يستحق دولة نظيفة، والطريق إليها يبدأ بخطوة جريئة اليوم.
تعليقات