احتجاجات مراكش ومطالب تفعيل محضر التمليك
تمليك السكن العسكري للمتقاعدين في المغرب: صرخة من أجل تفعيل محضر التمليك وسط معاناة مستمرةبقلم: غروك، 16 سبتمبر 2025في قلب مدينة مراكش الحمراء، وقف عشرات المتقاعدين العسكريين وقدماء المحاربين أمام الحامية العسكرية في 15 سبتمبر 2025، رافعين لافتات تحمل شعارات مثل "كرامة المتقاعد خط أحمر" و"تفعيل محضر تمليك السكن حقنا". هذه الوقفة، التي وثقها فيديو على قناة "جريدة الانتفاضة" على يوتيوب، لم تكن مجرد احتجاج عابر، بل جزء من حراك وطني يطالب بتفعيل محضر تمليك السكن العسكري، وهو وعد طال انتظاره لتحويل الوحدات السكنية المؤقتة في الثكنات إلى ملكية خاصة. هؤلاء الرجال، الذين أفنوا عقوداً في خدمة الوطن، يواجهون اليوم معاشات هزيلة تتراوح بين 1400 و2000 درهم، تهديدات بالإخلاء من الثكنات، وإيجارات باهظة لا تتناسب مع دخلهم. قضية التمليك، التي ترتبط بمحضر رسمي طالما وُعد به المتقاعدون، أصبحت رمزاً للعدالة الاجتماعية المفقودة. في هذا المقال الموسع، نستعرض السياق التاريخي والقانوني لمحضر التمليك، انتشار الحراك عبر المغرب، التحديات المرتبطة بالاحتجاجات، والآفاق المستقبلية، مستندين إلى بيانات رسمية، شهادات ميدانية، ومصادر حديثة من الويب ووسائل التواصل الاجتماعي.السياق التاريخي والقانوني: محضر التمليك وجذور الأزمةيعود أصل السكن العسكري في المغرب إلى بدايات القرن العشرين، عندما أُنشئت الثكنات كجزء من البنية التحتية للقوات المسلحة الملكية. بعد استقلال المغرب في 1956، أصبحت هذه الأحياء جزءاً من الوعاء العقاري الوطني، يديره مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء المحاربين، التي تأسست بأمر ملكي في 1984 تحت إشراف الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي. تدير المؤسسة آلاف الوحدات السكنية في مدن مثل الرباط، مراكش، مكناس، والدار البيضاء، والتي كانت مخصصة للعسكريين النشطين والمتقاعدين. لكن هذه الوحدات غالباً مؤقتة، تعاني من تدهور البنية التحتية، نقص الصيانة، وتهديدات بالإخلاء مع توسع المشاريع الحضرية.فكرة تمليك السكن العسكري برزت في أوائل الألفية، مع بدء ترحيل الثكنات من مراكز المدن لصالح مشاريع تنموية. بين 2007 و2017، تم ترحيل ثكنات في الدار البيضاء، طنجة، ومكناس، مما أتاح توفير عشرات الآلاف من الوحدات السكنية بأسعار تفضيلية. في 2018، أعلن رئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني، عن شراكات مع منعشين عقاريين لتوفير شقق اقتصادية بأقساط ميسرة، مع دعم مالي يصل إلى 2.5 مليون سنتيم. هذه الجهود كانت جزءاً من "محضر تمليك" غير رسمي، وُعد به المتقاعدون كجزء من التعويض عن سنوات الخدمة.في 2025، جددت التعليمات الملكية الالتزام بتوزيع 4760 بقعة أرضية مجانية لقدماء المحاربين، خاصة من شاركوا في نزاع الصحراء أو معارك التحرير. في مارس 2025، أعلنت وكالة المساكن والتجهيزات العسكرية (AMEL) عن إنجاز 4300 وحدة سكنية جديدة، مع مشاريع مثل "عملية الشهداء" لعائلات العسكريين المتوفين. لكن هذا المحضر، الذي يُفترض أن يضمن التمليك، يظل غامضاً في تفاصيله. المتقاعدون يشيرون إلى وثيقة رسمية، يُزعم أنها وُعدوا بها في اجتماعات مع المؤسسة، تتضمن خطة زمنية لتحويل السكن المؤقت إلى ملكية كاملة، لكن تأخير التنفيذ أثار غضباً واسعاً. في فيديو "جريدة الانتفاضة"، ظهر أحد المحتجين وهو يصرخ: "وُعدنا بمحضر التمليك منذ سنوات، لكننا لا نزال نعيش في غرف متهالكة مهددة بالهدم".انتشار الحراك: من مراكش إلى أنحاء المغرباحتجاجات مراكش ليست معزولة، بل جزء من حراك وطني يطالب بتفعيل محضر التمليك. في الرباط، نظمت الشبكة المغربية لهيئات المتقاعدين (RéMOR) وقفة حاشدة أمام البرلمان في 26 أبريل 2025، مطالبة بتسريع التمليك وزيادة المعاشات بنسبة 10-20%، كما وعدت الحكومة لسبتمبر-أكتوبر 2025. المحتجون هتفوا: "السكن حقنا، والمحضر وعد ملكي يجب تنفيذه". في الدار البيضاء، شهدت أحياء مثل البرنوصي والحي المحمدي تجمعات صغيرة في 2024، حيث يضطر المتقاعدون للعمل كحراس أمن أو سائقين لتغطية إيجارات باهظة. أحد المتقاعدين، عبد الله، قال: "خدمت 25 سنة في الصحراء، واليوم أعيش في غرفة لا تصلح للعيش، بينما المحضر يُناقش في مكاتب مغلقة".في مكناس، التي تمتلك وعاءً عقارياً شاسعاً (1400 هكتار)، تستمر مشاريع بناء أحياء سكنية داخل الثكنات، لكن شائعات عن بيع الأراضي لمشاريع تجارية أثارت غضباً. في الأقاليم الجنوبية، مثل العيون والداخلة، يُعتبر التمليك أولوية بسبب ظروف الخدمة القاسية، لكن المتقاعدون يشتكون من "التمييز الرتبي". الضباط السامون يحصلون على شقق فاخرة أو بقع في مواقع استراتيجية، بينما رجال الصف، الذين كانت رواتبهم أثناء الخدمة لا تتجاوز 6350 درهماً، يُعرض عليهم سكن اقتصادي بعيد أو غير مكتمل. في فاس وطنجة، نظمت التنسيقيات المحلية حملات عبر صفحة "تنسيقية متقاعدي الجيش بالمغرب" على فيسبوك، التي تضم آلاف الأعضاء، للمطالبة بتفعيل المحضر. أحد المنشورات يقول: "محضر التمليك ليس حبراً على ورق، بل حقنا بعد تضحياتنا". هاشتاغات مثل #تفعيل_محضر_التمليك و#سكن_العسكريين تنتشر على وسائل التواصل، تعكس تصميماً على مواصلة النضال.في مراكش، أثارت عملية نقل مقر مؤسسة الحسن الثاني إلى موقع جديد قرب المستشفى العسكري ابن سينا في سبتمبر 2025 مخاوف من "الإخلاء القسري" دون تعويض مناسب. المحتجون ربطوا بين هذا النقل وبين تأخير تفعيل المحضر، معتبرينه محاولة لـ"تهميش" مطالبهم. في فيديو الاحتجاج، ظهر متقاعد يروي كيف أُجبر على مغادرة سكن عسكري بعد 30 سنة خدمة، دون عرض بديل، قائلاً: "المحضر وُعدنا به منذ 2018، لكننا لا نزال ننتظر".الشروط والإجراءات: متاهة بيروقراطية تعيق المحضرتفعيل محضر التمليك يرتبط ببرنامج "الدعم المباشر للسكن"، الذي أطلقته وزارة الإسكان في 2024 ويمتد حتى 2028، ويُدار عبر الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين (CNRA). يشترط البرنامج أن يكون المتقاعد مغربياً مقيماً في المغرب، ولم يستفد سابقاً من دعم سكني حكومي، ولا يملك عقاراً سكنياً. السكن المستهدف يجب ألا يتجاوز 700 ألف درهم، مع دعم مالي يتراوح بين 70 ألف درهم للسكن فوق 300 ألف درهم و100 ألف درهم للسكن الأقل تكلفة. يتطلب الإجراء التسجيل عبر منصة "دعم سكن" (www.daamsakane.ma) (www.daamsakane.ma)، مع رد في غضون 7 أيام، وإيداع عقد الوعد بالبيع خلال 30 يوماً، ثم صرف الدعم في 15 يوماً. مؤسسة الحسن الثاني تضيف دعماً إضافياً، مثل بقع أرضية مجانية أو قروض ميسرة، خاصة في الأقاليم الجنوبية.لكن هذه الإجراءات تواجه عقبات. في الرباط، تم قبول 28 ملفاً فقط من 1800 طلب في مشروع "تامسنا" في 2024، مما يعكس الضغط الهائل على النظام. البيروقراطية، مثل تأخير الردود، نقص الوثائق، أو غموض شروط المحضر، تعيق المتقاعدين، خاصة في المناطق النائية. أحد المحتجين في مراكش قال: "قدمنا ملفاتنا منذ سنوات، لكن المحضر لا يزال حبراً على ورق". كما أن التضخم الاقتصادي، الذي بلغ 20% في 2024، يجعل الأقساط السكنية مستحيلة مع معاشات هزيلة.التحديات: احتجاجات تعكس خيبة الأملاحتجاجات المتقاعدين، كما في مراكش، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتأخير تفعيل محضر التمليك. في فيديو "جريدة الانتفاضة"، ظهر المتقاعدون وهم يهتفون ضد "التهميش الممنهج"، مشيرين إلى أن المحضر، الذي وُعدوا به منذ 2018، لم يُترجم إلى واقع ملموس. التحديات تشمل:
- التضخم والمعاشات الهزيلة: معاشات بين 1400 و2000 درهم لا تكفي لتغطية إيجارات، ناهيك عن أقساط سكنية تصل إلى 25 ألف درهم شهرياً.
- التمييز الرتبي: الضباط السامون يحصلون على شقق فاخرة أو بقع في مواقع مرموقة، بينما رجال الصف يُعرض عليهم سكن بعيد أو غير مكتمل.
- بيع الأراضي العسكرية: في مكناس ومراكش، تُشاع أنباء عن بيع أراضٍ عسكرية لمشاريع تجارية، مما يثير مخاوف من "سلب" حقوق المتقاعدين.
- البيروقراطية: غموض تفاصيل المحضر وتأخير الإجراءات يزيدان من إحباط المتقاعدين.