زلزال في التجمع الوطني للأحرار: نزيف استقالات يهز الحزب الحاكم قبل 2026

 صراعات داخلية واستقالات جماعية تهدد أداء أخنوش في الانتخابات


زلزال حزبي في المغرب: نزيف الاستقالات يهز التجمع الوطني للأحرار قبل الانتخابات 2026المقدمةفي أعماق الساحة السياسية المغربية، حيث تتقاطع الطموحات مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية، يشهد حزب التجمع الوطني للأحرار (RNI) – أكبر كتلة برلمانية وصاحب الائتلاف الحكومي الحالي – زلزالاً داخلياً يهدد بتغيير خريطة السلطة قبل الانتخابات التشريعية المقبلة في 2026. موجة من الاستقالات الجماعية، الخلافات بين الأجنحة، والفضائح المتصاعدة تحول الحزب، الذي قاده عزيز أخنوش إلى الفوز الساحق في 2021، إلى ساحة صراع يبدو فيها الولاءات هشة أمام حسابات المصالح الشخصية والضغوط التنظيمية. هذا الزلزال ليس مجرد خلافات داخلية؛ إنه انعكاس لأزمة أعمق في الأحزاب المغربية، التي تواجه تحديات الإصلاحات الاقتصادية، إدارة تداعيات الزلزال الطبيعي في الحوز، والتوترات الاجتماعية الناتجة عن ارتفاع الأسعار والبطالة. مع تصاعد الصوت الشعبي الذي يطالب بـ"أخنوش إرحل"، يصبح هذا الحدث اختباراً حقيقياً لقدرة الحزب على الحفاظ على دوره كـ"حزب الأغلبية"، أم أنه سيفتح الباب أمام صعود منافسين جدد. في هذا المقال، سنستعرض تاريخ الحزب، تفاصيل الاستقالات الأخيرة، وتداعياتها على المشهد السياسي المغربي، لنفهم كيف يُعيد هذا الزلزال تشكيل مستقبل الديمقراطية في المملكة.العرضحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي أسسه أحمد عصمان – صهر الملك الحسن الثاني – في عام 1978، كان دائماً رمزاً للنخبة الاقتصادية والإدارية في المغرب. يُصنف كحزب ليبرالي من يمين الوسط، يعتمد على رجال الأعمال والأعيان المحليين، ويروج لـ"الديمقراطية الاجتماعية" كبرنامج يجمع بين التقدم الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي. تحت قيادة عزيز أخنوش، الذي تولى الأمانة العامة في 2016، حقق الحزب نجاحاً تاريخياً في انتخابات 2021، حيث فاز بـ97 مقعداً برلمانياً، مما مكنه من تشكيل الائتلاف الحكومي مع حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، وتولي أخنوش رئاسة الحكومة. كان هذا النجاح مدعوماً ببرامج إصلاحية طموحة، مثل تعويض 30% من الواردات بمنتجات وطنية وضمان الأفضلية الوطنية في الصفقات العمومية، بالإضافة إلى إطلاق بطاقة "رعاية" الذكية لتخفيض نفقات الرعاية الصحية. ومع ذلك، سرعان ما بدأت الشقوق تظهر، خاصة مع تداعيات الزلزال الطبيعي في الحوز عام 2023، الذي أجبر الحكومة على إدارة أزمة إعادة الإعمار وسط انتقادات للبطء في التنفيذ.بدأ الزلزال الحزبي يتخذ شكلاً واضحاً في السنوات الأخيرة، مع تتالي الاستقالات الجماعية التي تعكس صراعاً على الزعامة وتوزيع المقاعد الانتخابية. في أغسطس 2025، على سبيل المثال، أعلن عدد من أعضاء مكتب التنسيقية المحلية في إقليم الجديدة استقالتهم الجماعية احتجاجاً على "الإقصاء غير العادل" لصالح مرشحين مدعومين من الأعلى، في خطوة وُصفت بأنها "ضربة قوية" لأخنوش، خاصة مع اقتراب الانتخابات المحلية. هذه الاستقالة لم تكن معزولة؛ فقد سبقتها موجة أخرى في يوليو 2025، حيث انسحب 31 عضباً ومنخرطاً من إقليم سيدي قاسم، مشيرين في وثيقتهم إلى "التسيير الأحادي" و"إضعاف دور الطاقات الشابة". وفي مارس 2025، بلغ النزيف ذروته مع استقالة القيادي البارز عبدالقادر تاتو، أحد الوجوه البارزة في الحزب، الذي اتهم في رسالة استقالته "الفساد الداخلي وتضارب المصالح"، مما أثار جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام المغربية. هذه الاستقالات، التي طالت أكثر من 50 قيادياً في أشهر قليلة، تُعزى إلى خلافات حول توزيع المناصب الحكومية والبرلمانية، حيث يرى بعض الأجنحة أن القيادة المركزية تفضل "الولاءات الشخصية" على الكفاءة التنظيمية.

اليوم، في 25 سبتمبر 2025، يتصاعد الزلزال مع انتشار فيديوهات وتقارير على وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن "فضائح فساد جديدة" داخل الحزب، مرتبطة بصفقات إعادة الإعمار بعد زلزال الحوز. على سبيل المثال، فيديو يوتيوب شهير بعنوان "زلزال يضرب حزب التجمع الوطني للأحرار وأخنوش صرط لسانه ومطالب بالإستقالة"، الذي انتشر على نطاق واسع، يناقش كيف أن الحكومة، رغم إعلانها عن "نتائج غير مسبوقة" في إعادة الإعمار، تواجه اتهامات بـ"توظيف الأزمة سياسياً" لتعزيز شعبية الحزب. في السياق نفسه، أكد أخنوش في اجتماع المجلس الوطني الأخير أن الحكومة واجهت "أزمات متتالية مثل زلزال الحوز وفيضانات الشرق" بروح المسؤولية، لكن المتابعين يرون في ذلك محاولة للالتفاف حول الضغوط الداخلية. هذه التطورات ليست محلية فقط؛ ففي مدن مثل مراكش وتارودانت، شهدت فروع الحزب انشقاقات مشابهة، حيث انسحب مناضلون احتجاجاً على "استغلال الأنشطة الجمعوية لأجندات حزبية ضيقة". خبراء سياسيون، مثل الدكتور مصطفى بن شريف، يحذرون من أن هذه الأزمة قد تحول الحزب إلى "كارثة" إذا لم يُعالج، مشيرين إلى أن المغرب بحاجة إلى إصلاحات حقيقية لا تقودها "أحزاب الإدارة" التي تعاني من بؤس الحصيلة الحكومية.
من الناحية التحليلية، تكمن جذور هذا الزلزال في مزيج من العوامل. أولاً، النظام الانتخابي المغربي، الذي يعتمد على قوائم نسبية ودوائر فردية، يشجع على المنافسة الداخلية الشرسة، مما يؤدي إلى إقصاء قياديين يطمحون في مقاعد برلمانية. ثانياً، الضغوط الاقتصادية – مثل ارتفاع الأسعار والتضخم – تُحمل على الحكومة، مما يُعكس سلباً على الحزب الحاكم ويُشعل الخلافات حول البرامج الإصلاحية. ثالثاً، الفضائح، مثل تلك المتعلقة بتضارب المصالح في الصفقات العمومية، تضعف الثقة الداخلية والشعبية، خاصة مع حملات على وسائل التواصل تحت وسم #أخنوش_إرحل. هذه العناصر مجتمعة تحول الحزب من كيان موحد إلى اتحاد أجنحة متنافسة، مما يُذكر بأزمات سابقة مثل انشقاق عبد الرحمان الكوهن عام 2005، الذي أسس حزب الإصلاح والتنمية احتجاجاً على "الانفراد بالقرار". في السياق الإقليمي، يشبه هذا الزلزال ما يحدث في أحزاب أخرى عربية، مثل الاستقالات في حزب الله اللبناني أو انشقاقات في الأحزاب التونسية، حيث تُضعف الضغوط الخارجية والداخلية التنظيمات. ومع ذلك، هناك أصوات داخل الحزب، مثل محمد أوجار، تُؤكد أن "المغرب بحاجة إلى استمرار التجمع لقيادة الإصلاحات"، معتبرين الاستقالات "انتقالاً صيفياً" مؤقتاً.
التداعيات على المشهد السياسي المغربي عميقة. أولاً، قد يؤدي النزيف إلى تفتيت الكتلة البرلمانية، مما يُعزز دور المستقلين أو الأحزاب المعارضة مثل العدالة والتنمية، التي شهدت استقالة جماعية لأمانتها بعد هزيمتها في 2021. ثانياً، يُثير مخاوف من زيادة التوترات الاجتماعية، حيث يرى الشعب في هذه الاستقالات دليلاً على "الفساد النخبوي"، مما قد يُقلل من نسبة المشاركة الانتخابية أو يُشجع على صعود حركات شعبوية. ثالثاً، على المستوى الحكومي، قد يُعيق الإصلاحات، مثل تلك المتعلقة بالصيد البحري أو التنمية القروية، التي يديرها وزراء من الحزب مثل زكية الدريوش. دولياً، قد يجذب هذا الوضع انتباه الشركاء الأوروبيين والعرب، الذين يراقبون استقرار الحكومة في ظل التحالفات الثنائية مثل تلك مع سلطنة عمان. وفي النهاية، إذا لم يتدخل أخنوش بإصلاحات داخلية، قد يفقد الحزب مركزه الأول في 2026، مما يُعيد تشكيل الائتلافات السياسية.الخاتمةفي الختام، يُمثل الزلزال الحزبي في التجمع الوطني للأحرار، الذي أدى إلى نزيف استقالات وفضائح داخلية، لحظة حاسمة في مسيرة السياسة المغربية. هذه الأحداث، التي تصاعدت في 2025 مع اقتراب الانتخابات، تكشف عن هشاشة التنظيمات الحزبية أمام الطموحات الشخصية والضغوط الشعبية، لكنها في الوقت نفسه تُفتح الباب أمام تجديد الدماء وتعزيز الشفافية. إذا تجاهل الحزب هذه التحديات، فقد يواجه فقداناً كاملاً لشرعيته، مما يُهدد الاستقرار الحكومي والإصلاحات الوطنية؛ أما إذا استغلها لجذب الشباب وصياغة برامج تُجيب على هموم الشعب مثل الاقتصاد والإعمار، فقد يخرج أقوى. في النهاية، يعتمد مستقبل التجمع – وحزب الأغلبية – على قدرته على التحول من أداة للنفوذ إلى منصة للإصلاح الحقيقي، في مجتمع يطالب بالعدالة والمساءلة. الزلزال قد هز الأساسات، لكنه قد يكون أيضاً فرصة لإعادة بناء أقوى، إذا تعلمت الدروس المستفادة قبل فوات الأوان.
تعليقات