زيارة وزير الصحة لمستشفى الحسن الثاني بأكادير اعفاء مسؤولين

 المغرب 2025: إنجازات اقتصادية وتحديات صحية

 المغرب في سبتمبر 2025: بين الإنجازات الاقتصادية والتحديات الاجتماعية... ونبض الصحة في أكادير

مقدمةفي قلب الخريف المغربي، حيث تتمايل نخيل الجنوب مع نسيم الأطلسي، يواصل المغرب مسيرته نحو الازدهار والتحديات. سبتمبر 2025، الشهر الذي يشهد تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية، يعكس صورة بلد يجمع بين التراث العريق والطموحات المعاصرة. من الاحتفالات الدينية إلى الإنجازات الرياضية، مرورًا بالتوترات الاجتماعية في قطاع الصحة، يبرز المغرب كلاعب رئيسي في الساحة الإفريقية والدولية. في هذا المقال الشامل، نستعرض أبرز أخبار المغرب في هذا الشهر، مع التركيز الخاص على زيارة وزير الصحة أمين التهراوي إلى مستشفى الحسن الثاني بأكادير، التي أثارت جدلًا واسعًا وكشفت عن أزمة صحية عميقة. سنغوص في التفاصيل، مستندين إلى الحقائق والشهادات، لنرسم لوحة شاملة تفوق 1200 كلمة، تعكس نبض الشعب المغربي.السياق العام: المغرب في عين العالمبدأ شهر سبتمبر 2025 بأجواء احتفالية، حيث احتفل المغرب بعيد المولد النبوي الشريف يوم 5 سبتمبر، الذي صادف الجمعة. أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن الشهر الهجري ربيع الأول بدأ في 25 أغسطس، مما جعل الاحتفال يوم الجمعة، وهو أمر يُعتبر مباركًا لدى المسلمين. شهدت المدن الكبرى مثل الرباط وفاس ومراكش مسيرات دينية هادئة، مع إلقاء دروس في المساجد تذكر بأخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم. في الرباط، أقيمت جلسات قرآنية جماعية في مسجد الحسن الثاني الكبير، بينما في الجنوب، امتزجت الاحتفالات بالتقاليد الأمازيغية، حيث يُقرأ البرنامج الملكي للسنة الدينية أمام الجماهير. هذا العيد لم يكن مجرد إجازة رسمية، بل فرصة لتعزيز الوحدة الوطنية في زمن التحديات الإقليمية، خاصة مع التوترات حول الصحراء الغربية.على الصعيد الدولي، أكدت الولايات المتحدة شراكتها الاستراتيجية مع المغرب، حيث وصف عضو الكونغرس الأمريكي مايك لولر المغرب بأنه "حليف تاريخي وشريك موثوق في شمال إفريقيا والشرق الأوسط". في تصريح نشرته وسائل إعلام أمريكية، أشار لولر إلى التحالف الذي يعود إلى 1777، مشددًا على ضرورة تعزيزه في مواجهة التحديات الأمنية. هذا التصريح جاء في سياق زيادة التعاون العسكري، حيث وقع المغرب اتفاقيات لشراء طائرات بدون طيار أمريكية، مما يعزز قدراته في مراقبة الحدود الجنوبية. كما أشاد تقرير من مركز الدراسات الاستراتيجية الأفريقي بمكانة المغرب كقوة رائدة في تطوير الفضاء الإفريقي، إلى جانب مصر وجنوب إفريقيا، مع إطلاق خمسة أقمار صناعية حتى الآن، آخرها محمد السادس-ب في 2018 لمراقبة البيئة.لكن الشهر لم يخلُ من التوترات الدبلوماسية. أثار الإعلام القطري جدلًا ببث خريطة تبتر أقاليم الصحراء الجنوبية عن المغرب، مما دفع ناشطين مغاربة إلى اتهامه بالخيانة للوفاء الذي أبداه المغرب تجاه قطر خلال الحصار الخليجي في 2017. في تغريدة على منصة إكس، كتب الدكتور عبد الحق الصنايبي: "الريسوني ويحمان.. دموع التماسيح و'بوز' الخيانة على حساب الوطن"، مشيرًا إلى حملة إعلامية قطرية ضد السيادة المغربية. هذا الجدل يعكس حساسية المغرب تجاه قضية الوحدة الترابية، خاصة بعد اعتراف فرنسا في يوليو 2024 بسيادة المغرب على الصحراء، وهو تحول تاريخي أكدته منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها لعام 2025.الاقتصاد: نمو يفوق التوقعاتشهد الاقتصاد المغربي انتعاشًا ملحوظًا في سبتمبر، مع كسر رقم قياسي في السياحة. أعلنت وزارة السياحة أن 13.5 مليون سائح زاروا المغرب حتى نهاية أغسطس، بزيادة 15% عن 2024، محققين إيرادات بلغت 67 مليار درهم في السبعة أشهر الأولى. الصيف وحده جذب 4.6 مليون زائر، مع تفوق أوروبا كسوق رئيسي، وهذا النمو يفوق التوقعات العالمية بنسبة 5% وفقًا لمنظمة السياحة العالمية. ميناء طنجة ميد، الذي يطل على مضيق جبل طارق، أصبح مركزًا للتصدير، حيث يغادر منه السفن محملة بالسيارات والسلع إلى 180 وجهة عالمية، كما وصفته مجلة "ذا إيكونوميست" في تقريرها بتاريخ 4 سبتمبر بعنوان "المغرب: قوة تجارية وتصنيعية".في قطاع الطاقة، نظم المغرب ورشة عمل في الرباط يومي 8-9 سبتمبر حول الوقود الجوي المستدام، مشددًا على التزام الملك محمد السادس بالطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر. هذا الفعال أبرز دور المغرب كرائد إقليمي في مكافحة التغير المناخي، مع خطط لتطوير الوقود المنخفض الكربون. أما في الريادة، فقد سجلت جهة فاس-مكناس آلاف المقاولات الجديدة في 2025، مما يعكس ديناميكية اقتصادية قوية.على الجانب الاجتماعي، أطلقت عملية مرحبا 2025 في يونيو، لاستقبال المغاربة المقيمين بالخارج، واستمرت حتى 15 سبتمبر، مع 20 مركزًا في الموانئ والمطارات، بما في ذلك جديدين في العيون والداخلة. هذه العملية، التي يشرف عليها فريق من 1200 عنصر، ساعدت في تسهيل عودة ملايين المغاربة، محافظة على الروابط العائلية.الرياضة والثقافة: إشراقات في الظلامفي الرياضة، يتطلع المغاربة إلى كأس أمم إفريقيا 2025، التي ستقام في المغرب من 21 ديسمبر إلى 18 ياناير 2026، في ست مدن رئيسية بما في ذلك أكادير. أعلنت الاتحاد الإفريقي لبكرة القدم في 12 سبتمبر أن بيع التذاكر يبدأ في 25 سبتمبر عبر موقع الاتحاد، مع فترة حصرية للحاملين لبطاقات فيزا حتى 27 سبتمبر. هذا الحدث، الذي عاد إلى المغرب بعد 1988، سيجمع 24 منتخبًا في تسعة ملاعب، مما يعزز الاقتصاد المحلي بمليارات الدراهم.كما شهدت الرياضة إنجازات فردية، مثل بداية لاعب كرة القدم عز الدين أوناحي القوية في الدوري الإسباني مع جيرونا، حيث لعب 82 دقيقة في تعادل 1-1. أما في الرياضات الأخرى، فإن منتخب السيدات في الفوتسال يستعد لكأس العالم في الفلبين 2025، في خطوة تاريخية تعكس تمكين المرأة الرياضية. ثقافيًا، أقيم لقاء بين الفنانة أسماء يونس والمغنيات التقليديات الأحواش في الريف، مما أنتج مزيجًا موسيقيًا حديثًا يجمع بين التراث والمعاصرة.لكن الشهر لم يخلُ من التراجيديات، مثل وفاة الجنرال الرمزي في 14 سبتمبر، الذي فقد المغرب فيه أحد أيقونات البطولة العسكرية. كما أثار غرق قارب مهاجرين قبالة الداخلة في يناير، الذي أودى بحياة 50 شخصًا، نقاشات حول الهجرة غير الشرعية.التحديات الاجتماعية: إضرابات ومطالبشهد سبتمبر موجة من الإضرابات، حيث أعلن عمال الحكومات المحلية عن إضرابات ليومي 16-17 و23-24 سبتمبر، ثم في أكتوبر، احتجاجًا على سياسات الداخلية. كما أطلق أساتذة الجامعات إضرابًا تحذيريًا ليوم 17 سبتمبر ضد قانون التعليم العالي الجديد (59.24)، مطالبين بحل مشكلات الدكتوراه الفرنسية والترقيات. في 3 سبتمبر، حُكم على الناشطة النسوية إبتسام لشغار بالسجن لسنتين ونصف بتهمة التجديف، بعد صورة لها بتيشرت مثير للجدل، مما أثار حملة حقوقية.أما في 12 أغسطس، فقد حاول 100 مهاجر السباحة إلى سبتة، مع وصول سبعة أطفال فقط، وهو حدث كشف عن أزمة الهجرة. وفي 4 أغسطس، أُفرج عن أربعة سائقي شاحنات مغاربة محتجزين من قبل داعش في بوركينا فاسو.
زيارة وزير الصحة إلى مستشفى الحسن الثاني: الأزمة والنتائجفي قلب هذه الأحداث، برزت زيارة وزير الصحة أمين التهراوي إلى مستشفى الحسن الثاني بأكادير يوم 16 سبتمبر، بعد احتجاجات حاشدة أمس الأحد 15 سبتمبر. المستشفى، الذي يُعد المركز الرئيسي لجهة سوس-ماسة، يعاني من أزمة حادة: اكتظاظ في قسم الطوارئ، نقص في التجهيزات، ووفيات مشبوهة أدت إلى تسميته "مستشفى الموت" شعبيًا. في 14 سبتمبر، أعلنت وزارة الصحة فتح ترشيحات لمنصب المدير، في إطار إصلاحات إدارية، بعد إعفاء المدير السابق بسبب الاحتجاجات.وصل التهراوي صباح الثلاثاء، برفقة كاتب عام الوزارة، وتفقد المرافق، حيث تلقى شروحات من المسؤولين. الزيارة، التي جاءت بعد ضغط شعبي كبير، شهدت احتجاجات مستمرة أمام المستشفى، مع صرخات "أخنوش مسؤول"، مشيرة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش. أعلن الوزير عن إجراءات عاجلة: إعفاءات لعدد من المسؤولين، تعزيز الأطر الطبية، وتوفير معدات أساسية مثل أجهزة التصوير والجراحة المستعجلة. كما تكفل بمتابعة حالة رضيعة في وضع حرج ظهرت خلال الاحتجاجات، ونقلها إلى مستشفى ابن طفيل بمراكش للرعاية الملكية، تنفيذًا لتعليمات الملك محمد السادس.أصدرت الشبكة المغربية لحقوق الإنسان بيانًا في 15 سبتمبر، وصف فيه الوضع بـ"الانهيار الشامل"، محملة الوزارة المسؤولية عن نقص الموارد البشرية والتجهيزات، مطالبة بتدخل فوري لضمان كرامة المرضى. سألت النائبة نبيلة منيب الوزير كتابيًا عن الوفيات والانتظار الطويل، الذي يصل إلى أشهر، بينما وجه النائب خالد الشناق سؤالًا حول التحقيق في الوفيات. على إكس، انتشرت تغريدات مثل تلك لـ
@AhmedChiha68021
، التي سخرت من "التنظيف المفاجئ" قبل الزيارة، مع صور للاحتجاجات.
رغم الإجراءات، دعت فعاليات مدنية إلى وقفة احتجاجية جديدة يوم 22 سبتمبر، مشاركة فيها جماهير نادي حسنية أكادير، مطالبين بمستشفى جامعي يخفف الضغط. الزيارة أثارت أسئلة: هل هي خطوة حقيقية للإصلاح، أم رد فعل مؤقت؟ يبقى التحدي في تنفيذ برنامج متكامل يعيد الثقة في المنظومة الصحية، خاصة مع تأخر بناء المستشفى الجامعي بأكادير، الذي يُعد ضروريًا للتخصصات الكبرى كالأورام والقلب.خاتمة: نحو مستقبل أفضلسبتمبر 2025 يرسم للمغرب لوحة مزدوجة: إنجازات اقتصادية ورياضية تُعزز مكانته العالمية، مقابل تحديات اجتماعية تطالب بإصلاحات عاجلة. زيارة التهراوي إلى أكادير، رغم إيجابياتها، تذكر بأن الصحة حق دستوري، وأن صوت الشعب يجب أن يُسمع. مع اقتراب كأس أمم إفريقيا، يأمل المغاربة في أن يعكس الملعب الوحدة التي يحلمون بها في الحياة اليومية. المغرب، بلد السماحة والصمود، يواصل طريقه نحو الازدهار، بشرط الاستجابة لنداءات الشعب.
تعليقات