الاستيلاء على الأراضي والاستثمارات الأجنبية في المغرب: جدل النفوذ والشفافية

 قضايا الأراضي في المغرب: من مراكش إلى مشروع مهادرين

مقدمة 

 في المغرب، تُعد قضايا الأراضي من أكثر المواضيع حساسية وإثارة للجدل، حيث تتقاطع الاتهامات بالاستيلاء على الأملاك الخاصة والعامة مع الاستثمارات الأجنبية وتدبير أراضي الأوقاف. في مناطق مثل مراكش، التي تُعتبر وجهة سياحية وعقارية مرموقة، تتكرر الشكاوى حول الاستيلاء على الأراضي عبر استغلال النفوذ أو ادعاءات الارتباط بالقصر، مما يثير غضب السكان المحليين ويؤجج النقاشات السياسية والاجتماعية. إلى جانب ذلك، أثارت مشاريع استثمارية أجنبية، مثل مشروع شركة "مهادرين" الإسرائيلية لزراعة الأفوكادو على حوالي 455 هكتارًا، مخاوف بيئية وسياسية، خاصة في ظل تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل. كما تُثار شائعات حول بيع أراضي الأوقاف (الأحباس) لجهات أجنبية، رغم غياب الأدلة الموثقة. يهدف هذا المقال إلى تقديم نظرة شاملة لهذه القضايا، مع التركيز على تفاصيل الاستيلاء على الأراضي في مراكش، مشروع مهادرين، أوضاع الأحباس، والأسماء المتورطة في قضايا تفويت أملاك الدولة، بناءً على التقارير الصحفية والملفات القضائية المتاحة. من خلال هذا السرد، نسعى إلى توضيح الأبعاد القانونية والاجتماعية لهذه القضايا، مع إبراز التحديات التي تواجه الشفافية والعدالة في تدبير الأراضي بالمغرب.

عرض
تُعتبر قضايا الاستيلاء على الأراضي في المغرب ظاهرة معقدة، حيث تتشابك العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية. في مراكش، التي تُعد واحدة من أكثر المدن جذباً للاستثمارات العقارية بسبب موقعها السياحي، تتكرر الاتهامات باستغلال النفوذ للاستيلاء على أراضٍ خاصة أو جماعية. تشير تقارير المجلس الأعلى للحسابات لعام 2010 إلى أن أشخاصاً مقربين من دوائر النفوذ حققوا أرباحاً هائلة، تصل إلى 200 مليون درهم في بعض الحالات، من خلال استغلال علاقاتهم الوظيفية أو العائلية لتفويت أراضٍ جماعية بشكل غير قانوني. هذه التقارير، التي نُشرت جزئياً عبر منصات مثل Forbidden Stories، أشارت إلى خمسة أشخاص دون الكشف عن هوياتهم، مما يعكس الحساسية القانونية والسياسية لهذه القضايا. في مراكش، تحديداً، تُعد قضية تفويت أملاك الدولة من أكثر الملفات وضوحاً وتوثيقاً، حيث ظهرت أسماء مسؤولين بارزين في تقارير إخبارية وقضائية. من بين هؤلاء عبد الفتاح البجيوي، الوالي السابق، الذي ورد اسمه في اتهامات تتعلق بتفويت أراضٍ عمومية دون احترام الإجراءات القانونية. كذلك، محمد العربي بلقايد، عمدة مراكش السابق، ارتبط اسمه بقرارات إدارية مثيرة للجدل في تسيير الأراضي العمومية. يونس بنسليمان، نائب العمدة السابق، واجه اتهامات بتسهيل صفقات عقارية مشبوهة، بينما عُرف عبد العزيز البنين، المستشار الجماعي، بتورطه في ملفات مشابهة. أسماء أخرى تضمنت مولاي إدريس العمري العلوي، المدير الإقليمي السابق للأملاك المخزنية، وعبد الرحيم بوعلالة، المدير الجهوي للأملاك المخزنية، اللذين ارتبطا بتجاوزات في تدبير الأراضي العمومية. إبراهيم خير الدين، المدير السابق لمركز الاستثمار، وخالد وية، المدير السابق للوكالة الحضرية، ورشيد لهنا، رئيس قسم التعمير السابق، وردت أسماؤهم أيضاً في تحقيقات حول تسهيل صفقات عقارية غير شفافة. هذه الأسماء، التي ذكرتها مصادر إخبارية موثوقة مثل Le Desk وHespress، واجهت اتهامات في ملفات قضائية أو تحقيقات إدارية، لكن المصادر لا تؤكد إدانة نهائية للجميع، حيث تستمر بعض القضايا أو تنقصها الأدلة العلنية الكافية.
الإطار القانوني الذي يحكم تدبير الأراضي الجماعية والخاصة في المغرب يعتمد على قوانين صارمة، مثل ظهير 27 أبريل 1919 المعدل بظهير 1963، والقانون رقم 62.17، اللذين ينظمان تفويت الأراضي الجماعية ويفرضان شروطاً مثل موافقة مجلس الوصاية أو إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة. لكن الاتهامات المتكررة تشير إلى تجاوز هذه الإجراءات، خاصة في مناطق مثل مراكش، حيث تُستغل الأراضي العمومية لمشاريع عقارية خاصة دون تعويض عادل لأصحاب الحقوق. تحقيقات الصحفي عمر الراضي، الذي حُكم عليه بالسجن في 2022 بتهم التجسس والاغتصاب التي اعتُبرت سياسية من قبل منظمات مثل العفو الدولية ومراسلون بلا حدود، سلطت الضوء على هذه التجاوزات، لكنها لم تقدم أسماء محددة للمتورطين، مما يعكس صعوبة الكشف عن هويات في قضايا حساسة. بخلاف قضية مراكش، لا توجد محاكمات جارية معروفة حتى سبتمبر 2025 تتعلق مباشرة بالاستيلاء على أراضٍ باسم القصر في مناطق أخرى، مما يجعل ملف مراكش الأكثر توثيقاً حتى الآن.
في سياق آخر، أثار مشروع شركة "مهادرين" الإسرائيلية لزراعة الأفوكادو في المغرب جدلاً واسعاً. هذه الشركة، التي تُعد أكبر شركات إنتاج وتصدير الفواكه في إسرائيل، أعلنت عن مشروع مشترك لزراعة الأفوكادو على مساحة تتراوح بين 455 و500 هكتار، أي ما يعادل حوالي 1,125 فداناً. وفقاً لتقارير من منصات إخبارية مثل en.yabiladi.com بتاريخ 21 أبريل 2021، وfruitnet.com بتاريخ 23 أبريل 2021، وThe New Arab بتاريخ 8 فبراير 2024، يتضمن المشروع استئجار الأراضي من الحكومة المغربية بالشراكة مع شركة مغربية تُدعى "Cherdoud"، حيث تمتلك مهادرين 51% من الأسهم. الاستثمار المالي للمشروع يبلغ حوالي 8.9 مليون دولار، أي ما يعادل 80 مليون درهم مغربي، خلال السنوات الثلاث الأولى، بهدف إنتاج 10,000 طن من الأفوكادو سنوياً، يُصدَّر 85% منها إلى أوروبا، بينما يُسوَّق 15% محلياً. العملية تُدار كتأجير وليس بيعاً نهائياً، ولا توجد وثائق تثبت نقل ملكية سيادية لإسرائيل أو للشركة، مما يعني أن الأراضي تبقى تحت السيادة المغربية. المشروع يخضع لموافقات تنظيمية من السلطات المغربية، ويندرج ضمن إطار اتفاقيات إبراهيم لعام 2020، التي عززت العلاقات الاقتصادية بين المغرب وإسرائيل.
ومع ذلك، أثار هذا المشروع مخاوف بيئية وسياسية. من الناحية البيئية، تشير تقارير مثل تلك المنشورة في The New Arab إلى أن زراعة الأفوكادو على هذه المساحة تستهلك ما بين 2.5 إلى 4 ملايين متر مكعب من المياه سنوياً، وهو ما يعادل استهلاك مدينة الدار البيضاء لمدة 134 يوماً. في ظل أزمة الجفاف التي يعاني منها المغرب، يُعتبر هذا الاستهلاك عبئاً كبيراً على الموارد المائية، مما أثار انتقادات من نشطاء بيئيين وسكان محليين. من الناحية السياسية، يواجه المشروع معارضة من بعض الأوساط بسبب ارتباطه بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، خاصة في ظل التوترات الإقليمية. رغم ذلك، لا توجد أدلة تثبت أن الأراضي المستأجرة تشمل أملاكاً خاصة أو أحباساً، ويُرجح أنها أراضٍ زراعية حكومية أو جماعية خاضعة لإشراف الدولة.
بالنسبة لأراضي الأوقاف، أو الأحباس، فهي تخضع لنظام قانوني صارم بإشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس الأعلى للأوقاف، وفق ظهير 1963 المعدل. هذه الأراضي مخصصة لأغراض خيرية ودينية، وأي تفويت أو تأجير لها يتطلب إجراءات مشددة تشمل موافقة الجهات المختصة. تتكرر الشائعات حول بيع أراضي الأحباس لجهات أجنبية، بما في ذلك إسرائيل، لكن لا توجد أدلة موثقة في المصادر المتاحة، مثل تقارير Forbidden Stories أو Morocco World News، تثبت هذه الادعاءات. التقارير العامة تشير إلى استغلال بعض أراضي الأحباس في مشاريع استثمارية دون شفافية، لكن لا يوجد ارتباط مباشر بمشروع مهادرين أو بجهات إسرائيلية. على سبيل المثال، تحقيقات الصحفي عمر الراضي ركزت على استيلاء على أراضٍ جماعية، لكنها لم تتطرق إلى أراضي الأحباس أو إلى إسرائيل بشكل محدد، مما يجعل هذه الادعاءات غير مدعومة بوثائق رسمية.
تتفاقم قضايا الاستيلاء على الأراضي في المغرب بسبب ضعف الشفافية في تدبير الأملاك العمومية والخاصة. في مراكش، تُظهر التقارير الصحفية أن الأسماء المذكورة، مثل عبد الفتاح البجيوي ومحمد العربي بلقايد، كانت جزءاً من شبكة نفوذ ساهمت في تفويت أراضٍ عمومية لمشاريع عقارية خاصة، غالباً عبر قرارات إدارية غير قانونية أو وثائق مزورة. يونس بنسليمان وعبد العزيز البنين، على سبيل المثال، ارتبطا بتسهيل صفقات عقارية استفادت منها جهات خاصة على حساب المصلحة العامة. كذلك، مولاي إدريس العمري العلوي وعبد الرحيم بوعلالة، بصفتهما مسؤولين عن الأملاك المخزنية، واجهوا اتهامات بتجاوزات في تدبير الأراضي العمومية، بينما إبراهيم خير الدين، خالد وية، ورشيد لهنا ارتبطوا بقرارات إدارية مثيرة للجدل في مركز الاستثمار، الوكالة الحضرية، وقسم التعمير. هذه الأسماء، التي وردت في تقارير موثوقة مثل Le Desk وHespress، تُظهر مدى تعقيد شبكات النفوذ في قضايا الأراضي. ومع ذلك، يبقى غياب إدانات قضائية نهائية للجميع عائقاً أمام تحديد المسؤوليات بشكل قاطع، حيث تستمر بعض القضايا في المحاكم أو تنقصها الأدلة العلنية.
القوانين المغربية، مثل ظهير 1982 المتعلق بنزع الملكية والقانون المقترح عام 2017 من حزب الأصالة والمعاصرة، توفر أدوات لمعاقبة التعدي على الأملاك العمومية، بما في ذلك إمكانية الطرد بأمر قضائي والمتابعة الجنائية. لكن تطبيق هذه القوانين يواجه تحديات، خاصة في ظل الضغوط السياسية والاقتصادية. مشروع مهادرين، على سبيل المثال، يُظهر كيف يمكن للاستثمارات الأجنبية أن تثير جدلاً حتى لو كانت قانونية، بسبب تأثيرها البيئي وارتباطها بسياقات سياسية حساسة. أراضي الأحباس، من جهة أخرى، تبقى محمية نظرياً بإطار قانوني صارم، لكن الشائعات حول استغلالها تستمر في إثارة القلق بين المواطنين.
خاتمة
في النهاية، تُظهر قضايا الاستيلاء على الأراضي في المغرب، خاصة في مراكش، والاستثمارات الأجنبية مثل مشروع مهادرين، وتدبير أراضي الأحباس، تحديات عميقة تتعلق بالشفافية والعدالة. أسماء مثل عبد الفتاح البجيوي، محمد العربي بلقايد، يونس بنسليمان، عبد العزيز البنين، مولاي إدريس العمري العلوي، عبد الرحيم بوعلالة، إبراهيم خير الدين، خالد وية، ورشيد لهنا، التي ظهرت في قضية تفويت أملاك الدولة بمراكش، تُبرز مدى تعقيد شبكات النفوذ. مشروع مهادرين، رغم أنه يعتمد على استئجار أراضٍ وليس بيعها، يثير مخاوف بيئية بسبب استهلاك المياه، وسياسية بسبب تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكنه لا يرتبط بأراضي الأحباس أو الاستيلاء على أملاك خاصة. ادعاءات بيع أراضي الأحباس تبقى غير موثقة، مما يتطلب تحقيقات رسمية لتوضيح الحقائق. لمعالجة هذه القضايا، يُوصى بتعزيز الشفافية عبر تفعيل دور المجلس الأعلى للحسابات والقضاء المالي، والرجوع إلى وثائق رسمية من وزارة الفلاحة أو الأوقاف للتحقق من التفاصيل. كما يُنصح السكان المتضررون باللجوء إلى القضاء الإداري للطعن في أي قرارات غير قانونية. إذا كانت هناك حاجة لتعميق البحث في منطقة معينة أو قضية محددة، يمكن تقديم تفاصيل إضافية لتخصيص التحليل، مما يساهم في فهم أعمق لهذه القضايا المعقدة التي تؤثر على المجتمع المغربي.
تعليقات