المنقبة القاتلة: رعب التسول في شوارع الدار البيضاء.. قصة حقيقية أم أسطورة؟

 شبح النقاب: جرائم المتسولة التي هزت الدار البيضاء في التسعينيات


قصة المرأة المنقبة القاتلة في الدار البيضاء

في تسعينيات القرن العشرين، شهدت مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب، سلسلة من الجرائم المروعة التي أثارت الذعر في قلوب سكانها، وأصبحت حديث الشوارع والأزقة. كانت البطلة المجهولة لهذه الأحداث امرأة تُعرف بـ"المنقبة المتسولة"، امرأة غامضة تخفي وجهها خلف نقاب أسود، وتتجول في أسواق المدينة ومحطات الحافلات وأبواب المساجد، متوسلةً الناس بصوت خافت مليء بالحزن: "أعينوني، أنا أم فقيرة لا حول لي ولا قوة". كانت تستهدف النساء على وجه الخصوص، مستغلةً عطفهن وحسن نواياهن.بداية الرعببدأت القصة في منتصف التسعينيات، حين عُثر على جثة امرأة في أحد الأزقة الخلفية بحي شعبي في الدار البيضاء. كانت الضحية، وهي ربة منزل في العقد الثالث من عمرها، قد قُتلت بوحشية بسكين، وسرقت متعلقاتها الشخصية، من محفظة ومجوهرات. الشرطة اعتبرتها في البداية جريمة سرقة عادية، لكن سرعان ما تكررت الحوادث. ضحية تلو الأخرى، كلهن نساء، وجدن مقتولات بنفس الأسلوب: طعنات في الرقبة أو الظهر، في أماكن منعزلة، وسرقة كل ما بحوزتهن. ما جمع هذه الجرائم كان وصف الجاني: امرأة منقبة، ترتدي زيًا أسود بالكامل، تظهر كمتسولة تطلب المساعدة.المدينة غرقت في موجة من الرعب. انتشرت الشائعات بين الناس، وأصبحت النساء يخشين الاقتراب من أي متسولة، خاصة تلك التي ترتدي النقاب. الصحف المحلية، مثل "الصباح" و"الأحداث المغربية"، تناقلت الأخبار بعناوين مثيرة، مثل "شبح المنقبة يفتك بالنساء"، مما زاد من حدة الخوف.هوية القاتلةكانت المنقبة، التي عُرفت لاحقًا باسم فاطمة (أو زينب في بعض الروايات)، امرأة في الأربعينيات من عمرها، عاشت حياة صعبة مليئة بالفقر والحرمان. بدأت حياتها كربة منزل، لكن ظروفها المعيشية القاسية، ومنها ديون متراكمة وفقدان مصادر الرزق، دفعاها إلى التسول. مع مرور الوقت، تحولت من مجرد متسولة إلى مجرمة تستغل طيبة الناس. كانت تختار ضحاياها بعناية فائقة: نساء يبدين ثراءً نسبيًا، يحملن حقائب تسوق أو مجوهرات بسيطة. كانت تقترب منهن بحجة طلب المساعدة، ثم تستدرجهن إلى أماكن منعزلة، حيث تهاجمهن بسكين صغير كانت تخفيه تحت ثيابها.الفيديو يذكر أن فاطمة كانت تعمل أحيانًا مع شريك، رجل كان يساعدها في التخلص من المسروقات أو بيعها في السوق السوداء. لكنها هي من كانت تخطط وتنفذ الجرائم بنفسها. كانت ذكية في إخفاء هويتها، مستغلة النقاب لتجنب التعرف عليها، وتتحرك بسرعة بين الأحياء لتشتيت الشرطة.النهاية: سقوط القاتلةاستمر مسلسل الجرائم حتى ارتكبت فاطمة خطأً فادحًا. في إحدى المرات، حاولت استدراج سيدة شابة، موظفة بنك، إلى زقاق منعزل. لكن الضحية المحتملة شعرت بالريبة من تصرفات المنقبة، خاصة من نظراتها الحادة وارتجاف يديها. رفضت مرافقتها وهربت، ثم أبلغت الشرطة فورًا، مقدمةً وصفًا دقيقًا للمنقبة. هذا الوصف، إلى جانب التحقيقات المكثفة، قاد الشرطة إلى إلقاء القبض عليها في أحد الأسواق الشعبية أثناء محاولتها التسول مجددًا.تحت التحقيق، انهارت فاطمة واعترفت بجرائمها. كشفت عن دوافعها، التي كانت مزيجًا من الفقر المدقع والحقد على النساء اللواتي بدت حياتهن أفضل من حياتها. وجدت الشرطة في مخبئها الصغير، في حي فقير، كمية من المسروقات، من محافظ ومجوهرات وملابس تخص الضحايا. حُكم عليها بالسجن المؤبد، ويُقال إن شريكها تلقى عقوبة مماثلة. هناك روايات تشير إلى أنها قد أُفرج عنها لاحقًا بسبب عفو ملكي أو تخفيف العقوبة، لكن مصيرها النهائي ظل غامضًا، مما أضاف إلى أسطورة القصة.واقعية القصةالقصة حقيقية بالأساس، كما أكدت تغطيات إعلامية وتقارير شرطية من تلك الفترة. لكن، كما هو الحال مع العديد من القضايا الجنائية التي تحظى بشهرة واسعة، أُضيفت إليها بعض التفاصيل الشعبية التي ربما تضخمت مع الروايات الشفوية ووسائل الإعلام. عدد الضحايا غير مؤكد بدقة، ويتراوح بين ثلاث إلى خمس نساء حسب المصادر، كما أن اسم الجانية الحقيقي قد يختلف. الخاتمةتركت قصة المنقبة القاتلة أثرًا عميقًا في الدار البيضاء، وأصبحت درسًا اجتماعيًا عن الحذر من المظاهر المخادعة. لا تزال تُروى حتى اليوم كحكاية تحذيرية، تذكّر الناس بأن الشفقة فضيلة، لكن الحيطة ضرورة.
تعليقات