تناقضات الموسم: بين التصوف والانحرافات المثيرة للجدل
موسم سيدي علي بن حمدوش: بين الروحانية الصوفية والفضائح الأخلاقيةالمقدمةفي قلب المغرب، حيث تتداخل الجبال والسهول قرب مدينة مكناس، يقع ضريح سيدي علي بن حمدوش، أحد أبرز الأولياء الصالحين في التاريخ المغربي. هذا الموقع المقدس، الذي يعود إلى القرن السابع عشر، ليس مجرد مزار ديني، بل رمز للتصوف والتراث الثقافي الذي يجذب الآلاف سنويًا خلال موسم يُقام غالبًا في سبتمبر، تزامنًا مع احتفالات المولد النبوي. الموسم، بطقوسه الممزوجة بالذكر، الأمداح النبوية، والموسيقى الصوفية لفرق الحمدوشية، يُفترض أن يكون ملاذًا روحيًا يعزز الإيمان ويجمع الناس على البركة والخير. لكن، في السنوات الأخيرة، تحول هذا الحدث إلى مسرح لفضائح أخلاقية صادمة، جعلت منه موضوع جدل واسع في المغرب وعلى منصات التواصل الاجتماعي.من "أعراس شاذة" تُقام وسط زغاريد وموسيقى، إلى طقوس سحرية وممارسات محرمة مثل الدعارة وتعاطي المخدرات، أصبح موسم سيدي علي بن حمدوش رمزًا للتناقض بين القداسة والانحراف. في سبتمبر 2025، عادت الفيديوهات المثيرة للجدل لتطفو على السطح، تُظهر رجالًا يحتفلون بعلاقات مثلية بطرق مبالغ فيها، وسط اتهامات للسلطات بالتغاضي عن هذه الممارسات. هذا المقال يغوص في تاريخ الموسم، يكشف عن أسباب هذه الفضائح، ويحلل تأثيراتها على المجتمع المغربي، مع اقتراح حلول لاستعادة الروحانية الأصيلة لهذا الحدث التاريخي.العرضالسياق التاريخي والروحي للموسمسيدي علي بن حمدوش (توفي 1616م)، من قبيلة بني مطير، هو مؤسس الطريقة الحمدوشية، إحدى الطرق الصوفية التي تمزج بين الزهد والموسيقى الروحية. يقع ضريحه في جماعة المغاصيين، على بعد 20 كيلومترًا من مكناس، بجوار مقام سيدي أحمد الدغوغي، مما يجعل الموقع مركزًا مزدوجًا للزوار. الموسم السنوي، الذي يستمر أسبوعًا، يبدأ بتلاوة القرآن، الأمداح النبوية، ومواكب فرق الحمدوشية التي تعزف على الطبول والمزامير في أجواء من الخشوع والحماس الروحي. يُعد الموسم جزءًا من التراث الثقافي المغربي، حيث يُدرج ضمن الفعاليات الرسمية مثل المهرجان الوطني لحمادشة، الذي أُقيم في نسخته الثانية من 8 إلى 10 سبتمبر 2025، تحت شعار "الفن الحمدوشي: تراث وتنمية".يشارك في المهرجان أكثر من تسع طوائف حمدوشية من مدن مثل فاس، الرباط، وطنجة، بدعم من مجلس عمالة مكناس ووزارة الشباب والثقافة. يتضمن الموسم معارض للمنتوجات المحلية، مثل العسل والتمور، وندوات فكرية حول التصوف. كما يجذب الزوار من مختلف الأعمار والخلفيات، خاصة النساء اللواتي يزرن "حفرة لالة عيشة"، وهي عين ماء يُعتقد أنها تمنح البركة في الزواج والإنجاب. هذه الجوانب تجعل الموسم ركيزة اقتصادية وسياحية للمنطقة، لكنها أيضًا فتحت الباب لتفسيرات خاطئة وممارسات مشبوهة.لكن الوجه الآخر للموسم، الذي يُطلق عليه ساخرًا "موسم القزحية"، يكشف عن انحرافات خطيرة. منذ الثمانينيات، بدأت مظاهر الشعوذة والسحر الأسود تتسلل إلى الطقوس، حيث يلجأ البعض إلى العرافين لفك "السحر" أو طلب الرزق. هذه الممارسات، التي تخلط بين الدين والخرافة، مهدت الطريق لفضائح أكبر، خاصة تلك المتعلقة بالمثلية الجنسية والممارسات المحرمة.الفضائح الأخلاقية: من الزغاريد المثلية إلى السحر والدعارةالفضيحة الأبرز التي هزت الموسم بدأت في يناير 2015، عندما نشر موقع "بريس24" فيديو صادمًا يوثق "عرسًا شاذًا" داخل الضريح. في ليلة الجمعة إلى السبت (10 يناير 2015)، أُقيم حفل زفاف بين رجلين، تضمن تقديم الحليب والتمور كرموز زواجية تقليدية، ودخول "العروس" (أحد المثليين) إلى منزل "العريس" وسط زغاريد وموسيقى فرقة عيساوة. الجو كان مشحونًا بدخان الشيشة، رائحة الخمور، واستهلاك المخدرات، مما جعل المشهد "داعرًا" حسب وصف الصحفي الذي صوّر سرًا. هذا الفيديو أثار موجة غضب واسعة، مع اتهامات للسلطات المحلية بالتغاضي.في سبتمبر 2025، عادت الفضيحة للظهور بقوة عبر فيديوهات جديدة على منصة X. نشر حساب 
@alissia_beta
 ثلاثة مقاطع في 17 سبتمبر، تُظهر رجالًا يرقصون بحركات جنسية مبالغة، يتبادلون القبلات والعناق، ويحتفلون بـ"دخول" رمزي إلى غرف خاصة وسط زغاريد عالية الصوت تشبه احتفالات الأعراس التقليدية. أحد الفيديوهات (53 ثانية) يُظهر تجمعًا مكتظًا داخل الضريح، مع أصوات طبول ومزامير مختلطة بضحكات وكلمات فاحشة. وصف المنشور الموسم بأنه "أقذر المواسم"، مدعومًا من السلطات، مع هاشتاجات مثل #المغرب_بلد_دعارة. كما أشار حساب @TronHamza
 إلى "الشذوذ الجنسي واللواط" الذي يحدث جهارًا، مشيرًا إلى تقصير السلطات.هذه الممارسات ليست عشوائية. يأتي العديد من المثليين خصيصًا إلى الضريح لطلب "بركة لالة عيشة"، التي يُعتقد أنها تعزز علاقاتهم أو تمنحهم "راحة البال". في شهادات لـ"تيل كيل عربي"، اعترف شاب مثلي يُدعى ياسر (اسم مستعار) بأنه زار الموسم عام 2024 لرسم الحناء وارتداء ملابس نسائية، مؤكدًا أن "الجو يمنحنا الحرية لنكون أنفسنا". لكن هذه "الحرية" تأتي في سياق محرم قانونًا، حيث تُجرّم المادة 489 من القانون الجنائي المغربي الشذوذ بعقوبة تصل إلى ثلاث سنوات حبسًا. في 2020، أُلقي القبض على 45 شخصًا بتهمة "المس بالأخلاق العامة"، لكن الاعتقالات تبقى محدودة أمام حجم الظاهرة.إلى جانب المثلية، يرتبط الموسم بالسحر الأسود والدعارة. يُقدم الزوار قرابين مثل الدجاج والشموع تحت شجرة لالة عيشة، ويطلبون من العرافات تمائم لجلب الحبيب أو فك السحر. فيديوهات على يوتيوب، مثل "آجي نطلقوها تسرح على موسم القزحية"، تُظهر خليطًا من الغناء الصوفي والكلمات الفاحشة، مما يعزز صورة الموسم كـ"ملتقى للفساد". هذه الممارسات أثارت استياء السكان المحليين، الذين يرون أن الضريح تحول إلى "سوق للرذيلة".التأثيرات الاجتماعية والردود العامةموسم سيدي علي بن حمدوش يعكس تناقضات المجتمع المغربي: بين إيمان عميق بالتصوف وانحرافات تتحدى القيم الدينية والاجتماعية. اقتصاديًا، يُساهم الموسم في تنشيط المنطقة، حيث يجذب آلاف الزوار، مما يدعم تجارة المنتوجات المحلية مثل العسل والحرف اليدوية. لكن هذه الفوائد تُطغى عليها الضرر الاجتماعي، حيث يُسيء الموسم إلى صورة الإسلام والتقاليد المغربية. على منصة X، أطلق مغردون هاشتاجات مثل #إغلاق_موسم_سيدي_علي، مطالبين بتدخل الملك محمد السادس لحماية "شرف الأمة".ردود الفعل العامة تتراوح بين الغضب والسخرية. على سبيل المثال، كتب أحد المغردين: "هذا ليس موسمًا دينيًا، بل مهرجان للشذوذ والدعارة بدعم السلطات". في المقابل، يدافع ورثة الضريح، مثل رشيد جمال حمدوشي، عن قدسية المكان، مؤكدين أن هذه الممارسات "تشويه للتراث". في حوار مع "هسبريس"، قال رشيد إن الضريح مخصص للذكر والتعليم الديني، وأن السلطات تعمل على تنظيم الموسم من خلال دوريات أمنية. لكن الفيديوهات تُظهر فجوات واضحة في الرقابة.اجتماعيًا، أثار الموسم نقاشًا حول حقوق المثليين في المغرب. بينما يُعامل المثليون كـ"مهمشين"، يواجهون تمييزًا قانونيًا واجتماعيًا. قصة شابة تُدعى مريم (اسم مستعار)، التي زارت الموسم عام 2023، تُبرز هذا التناقض. كانت مريم تبحث عن "بركة" للزواج، لكنها صُدمت بمشاهد الدعارة والشذوذ، مما دفعها للتخلي عن زيارة الضريح نهائيًا. "كنت أظن أنني سأجد السكينة، لكن وجدت الفوضى"، قالت في شهادة لـ"اليوم 24". هذه القصص تعكس خيبة أمل الزوار الذين يبحثون عن الروحانية.سياسيًا، يُتهم المسؤولون بالتغاضي لأسباب اقتصادية وسياحية. في 2025، زار عامل مكناس عبد الغني الصبار الضريح لافتتاح المهرجان، مما يُظهر اهتمامًا رسميًا، لكن الفيديوهات تُشير إلى غياب التنفيذ الفعلي للقوانين. جمعيات مدنية، مثل "حركة التوحيد والإصلاح"، طالبت بإغلاق الموسم أو تنظيمه بشكل صارم، محذرة من "تشويه الإسلام".الخاتمةموسم سيدي علي بن حمدوش، الذي كان يومًا رمزًا للتصوف والبركة، تحول إلى نقطة سوداء في التراث المغربي بسبب الفضائح الأخلاقية. من زغاريد مثلية إلى طقوس سحرية وممارسات محرمة، أصبح الموسم مرآة للتحديات التي تواجه المجتمع المغربي في التوفيق بين التقاليد والحداثة. فيديوهات 2025، التي انتشرت على منصة X، كشفت عن استمرار هذه الانحرافات، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا من السلطات، المؤسسة الدينية، والمجتمع المدني.لحل هذه الأزمة، يُقترح تشكيل لجنة رقابية مشتركة تضم ممثلين عن وزارة الأوقاف، السلطات المحلية، وورثة الضريح، لضمان عودة الموسم إلى جذوره الروحية. يمكن أيضًا تعزيز التوعية عبر حملات إعلامية تُبرز القيم الدينية الأصيلة، مع تشديد العقوبات على المخالفات مثل الدعارة والشذوذ. كما يُوصى بتطوير المهرجان الوطني لحمادشة كبديل ثقافي يركز على الفن والتراث، بعيدًا عن الخرافات.في النهاية، البركة الحقيقية لسيدي علي بن حمدوش تكمن في استعادة نقاء الطقوس وإحياء قيم الزهد والإيمان التي أسسها. إن إهمال هذه الفضائح سيجعل الموسم وصمة عار دائمة، بينما الإصلاح يمكن أن يعيده إلى مكانته كمصدر فخر وطني وروحي. فلنعمل معًا لإنقاذ هذا التراث من الضياع، ولنعيد للضريح هيبته كرمز للإيمان والوحدة.