شبح "جبروت": كيف تهدد التسريبات السياسة والأمن المغربي؟
تسريبات "جبروت": شبح الفساد يطارد أعلى المناصب في المغرب
مقدمة
في أعماق الويب المظلم، حيث تختبئ الأسرار المدفونة تحت طبقات التشفير والكودات الخفية، برز اسم "جبروت" كشبح رقمي يهز أركان الدولة المغربية. ليس "جبروت" مجرد قرصان إلكتروني عادي، بل منظمة أو فرد – لا يزال الغموض يحيط به – يدير حملة تسريبات منهجية تكشف عن فساد يمتد من أروقة الوزارات إلى أبواب القصور الملكية. منذ أشهر قليلة، أصبحت هذه التسريبات حديث الشارع المغربي، وأكثرها إثارة وخطورة تلك التي طالت شخصيتين بارزتين: الجنرال محمد حرمو، قائد الدرك الملكي وأحد أقرب المقربين من الملك محمد السادس، والوزيرة نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية التي تُعتبر ركيزة أساسية في الحكومة الحالية. هذه التسريبات، التي انتشرت في أغسطس 2025، ليست مجرد وثائق مسروقة، بل قنابل موقوتة تهدد بإعادة رسم الخريطة السياسية والأمنية في المملكة.
عرض
بدأت قصة "جبروت" كشائعة في المنصات الرقمية، لكنها سرعان ما تحولت إلى أزمة وطنية. يُقال إن "جبروت دي زاد" – الاسم الذي يستخدمه الهاكر – هو جزائري المنشأ، يعمل من خارج الحدود للانتقام من "المخزن"، كما يُطلق على الجهاز السيادي المغربي. تسريباته الأولى في يوليو 2025 كانت موجهة نحو وزراء آخرين، مثل عبد اللطيف وهبي وزير العدل، الذي اتهم بتحايل ضريبي عبر هبة عقار فاخر لزوجته بقيمة 11 مليون درهم، وفاطمة الزهراء المنصوري وزيرة الإسكان، التي وُجهت لها اتهامات بامتلاك ثروة هائلة تصل إلى 46 مليار درهم. لكن التسريب الأحدث، الذي نشر في 21 أغسطس 2025، كان الأكثر صدمة: صفقة عقارية سرية بين وزارة الاقتصاد والمالية – تحت إشراف نادية فتاح العلوي مباشرة – وشخص يُعتقد أنه الجنرال محمد حرمو، بصفته الشخصية. الوثائق، التي تضمنت عقوداً رسمية وتوقيعات، تكشف عن منح أرض واسعة في منطقة المنصورية بالرباط للجنرال، مقابل مبالغ غير معلنة وامتيازات غامضة. "كيفاش وعلاش الله أعلم!"، هكذا علق أحد النشطاء على إكس، معبراً عن الغضب الشعبي الذي اندلع فوراً.
2017، خلفاً للجنرال حسني بنسليمان. يُوصف حرمو بأنه "ظل الملك"، يرافقه في جولاته داخل وخارج المغرب، ويُدار جهاز الدرك – الذي يشرف على الأمن الريفي والحدود – بصرامة عسكرية لا ترحم. لكنه، وفقاً لتسريبات "جبروت"، يحمل وجهاً آخر: ثروة متراكمة من صفقات غير مشروعة، بما في ذلك عقارات في أحياء راقية بالرباط، وعقود معدات تجسس مع دول أوروبية مثل المجر وقبرص، وشركات وهمية في فرنسا. الوثيقة الأخيرة تتحدث عن أرض منحتها الوزارة للجنرال مقابل "خدمات" غير محددة، مما يثير تساؤلات حول صراع المصالح بين الجهاز العسكري والحكومة. هل هي هبة ملكية، أم رشوة مقنعة؟ الشارع المغربي، الذي يعاني من ارتفاع الأسعار والبطالة، يرى فيها دليلاً على فساد يأكل في جسد الدولة.
أما نادية فتاح العلوي، فهي الوجه الاقتصادي للحكومة. تعيينها وزيرة في 2021 جاء كرمز للإصلاح، مع برامجها للاستثمار الأجنبي ومكافحة الفساد. لكن التسريبات تضعها في قلب العاصفة. الوثائق تكشف أنها وافقت شخصياً على الصفقة مع حرمو، مستخدمة سلطات الوزارة لتحويل أرض عامة إلى ملكية خاصة. "جبروت" يذهب أبعد: يزعم أن العلوي نقلت 1.6 مليون دولار من أصول عقارية بين 2022 و2023، وأنها مرتبطة بشركاء في صفقات دولية مشبوهة. الوزيرة لم ترد رسمياً بعد، لكن مصادر مقربة منها تتحدث عن "استهداف خارجي"، مشيرة إلى أن التسريبات جزء من حرب إعلامية جزائرية. ومع ذلك، الغضب الشعبي لا يهدأ؛ حملات على إكس تطالب باستقالتها، وتسأل: كيف يمكن لوزيرة المالية أن تمنح أراضي الشعب لجنرال عسكري دون رقابة؟
هذه التسريبات ليست الأولى لـ"جبروت"، ولا الأخيرة على الأرجح. في أغسطس 2025، أدت إلى حالة هلع في النظام، حيث بحثت الجهات الرسمية عن وسائل إعلام غربية للرد عليها. المديرية العامة للأمن الوطني أعلنت عن شكاوى من موظفين أمنيين اتهموا زوراً، وأكدت تزوير وثائق، لكن الشكوك تبقى. في الوقت نفسه، تعيّن الملك محمد السادس في سبتمبر 2025 الجنرال عبدالله بوطريج مديراً عاماً لأمن أنظمة المعلومات، في خطوة تُفسر كرد فعل على الاختراقات السيبرانية. التحقيقات تقترب من "الجذور"، كما يقول محللون، و"جبروت" بات رمزاً لانهيار منظومة الفساد التي استنفدت أوراقها. الخطر لا يقتصر على الابتزاز؛ إنه يهدد الاستقرار الاجتماعي، يزرع الشك في المؤسسات، ويفتح أبواباً للفتن الخارجية.
في النهاية، تسريبات "جبروت" عن حرمو والعلوي ليست مجرد فضيحة، بل مرآة تعكس واقعاً يئن تحت وطأة السرية والمحسوبية. الرأي العام ينتظر محاسبة حقيقية، لا مجرد بيانات رسمية. هل ستنهار المنظومة، أم ستُعاد رسم التوازنات بصرامة؟ الساعة تقترب من الحقيقة، والمغرب يراقب بقلق. في زمن الرقميات، لا سر يبقى مدفوناً إلى الأبد، و"جبروت" – سواء كان شبحاً أم بطلاً – أثبت ذلك.
تفاصيل تسريبات "جبروت": الفضائح التي هزت وزراء الحكومة المغربية
في أعقاب التسريبات المدوية التي طالت الجنرال محمد حرمو والوزيرة نادية فتاح العلوي، لم يتوقف "جبروت" – ذلك الشبح السيبراني الجزائري المنشأ – عن كشف أسرار أخرى تتعلق بأعلى المناصب في الحكومة المغربية. منذ يوليو 2025، تحولت قناة "جبروت" على تيليغرام إلى منصة للانتقام الرقمي، حيث نشرت وثائق مسروقة من قواعد بيانات حكومية، تكشف عن شبكة معقدة من الفساد، التهرب الضريبي، والاستغلال للنفوذ. هذه التسريبات ليست مجرد وثائق إدارية؛ إنها قنابل سياسية أثارت غضباً شعبياً واسعاً، دعت أحزاب المعارضة مثل فيدرالية اليسار الديمقراطي إلى تحقيقات فورية، ودفعت الجهات الرسمية إلى اتهامات بالتزوير والحرب الإلكترونية. في هذا المقال، نغوص في تفاصيل التسريبات التي طالت وزراء آخرين، مستعرضين الوثائق، الاتهامات، والردود، في سياق يعكس أزمة ثقة عميقة في المؤسسات المغربية.
بدأت حملة "جبروت" ضد الوزراء في منتصف يوليو 2025، بعد سلسلة من الهجمات السيبرانية الأوسع نطاقاً في أبريل ويونيو، حيث اخترقت قواعد بيانات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) وسربت بيانات شخصية لأكثر من 1.9 مليون موظف و500 ألف شركة، ثم استولت على 4 تيرابايت من السجل العقاري الوطني. هذه الهجمات الأولية كانت تمهيداً للضربات الشخصية، حيث ركز "جبروت" على شخصيات حكومية بارزة، متهماً إياهم باستغلال مناصبهم لتراكم ثروات غير مشروعة. الوثائق المنشورة – عقود، كشوفات أجور، وتسجيلات عقارية – تبدو أصلية في البداية، لكن السلطات المغربية نفت الكثير منها، معتبرة إياها جزءاً من حملة إعلامية جزائرية. ومع ذلك، الشكوك تبقى، خاصة مع غياب تحقيقات شفافة حتى الآن، في 27 سبتمبر 2025.
أبرز هذه التسريبات كانت موجهة إلى عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، الذي يُعتبر ركيزة أساسية في الإصلاح القضائي للحكومة. في 18 يوليو 2025، نشرت "جبروت" وثائق تكشف عن قرض عقاري بقيمة 11 مليون درهم مغربي (حوالي 1.1 مليون دولار) حصل عليه الوزير في نهاية 2020 من بنك كبير لشراء عقار فاخر في حي راقٍ بالرباط. الوثيقة، التي تضمنت تفاصيل الحسابات البنكية والتوقيعات الرسمية، تظهر أن القرض تم سداده بالكامل في أقل من أربع سنوات، وهو أمر غير معتاد لدخل وزير يعتمد على الراتب الرسمي. ثم جاء الجزء الأكثر إثارة: نقل الملكية إلى اسم زوجة الوزير عبر عقد هبة، حيث صُرّح بقيمة العقار بأقل من مليون درهم فقط – خدعة تُستخدم عادة للتهرب الضريبي، مما يوفر ملايين الدراهم في الضرائب والرسوم. "جبروت" علق على الوثيقة بقوله: "هكذا يُدار العدل في المغرب: للأغنياء هبة، وللفقراء السجن". الاتهام هنا ليس مجرد فساد مالي، بل تضارب مصالح، إذ كان وهبي مسؤولاً عن تشريعات الضرائب أثناء الإجراء. الوزير لم يرد مباشرة، لكن مصادر مقربة نفت الوثائق كـ"مزيفة"، مشيرة إلى أنها جزء من حملة لتشويه سمعة الإصلاحات القضائية. ومع ذلك، أثارت التسريب حملات هاشتاغ على إكس مثل #وهبي_فساد، مطالبة باستقالته، ودعت فيدرالية اليسار إلى تحقيق برلماني.
لم يتوقف "جبروت" عند وهبي؛ في 22 يوليو 2025، وجه ضربة أخرى إلى فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة الإسكان والتراب الوطني وسياسة المدينة، التي تعيّنت في 2021 كرمز للتنمية العمرانية. الوثائق المنشورة – مستخرجة من السجل العقاري نفسه الذي اخترقته "جبروت" سابقاً – تكشف عن ثروة عقارية هائلة تقدر بـ46 مليار درهم (حوالي 4.6 مليار دولار)، تشمل فيلات في أكادير والرباط، أراضٍ زراعية في الشمال، ومشاريع سكنية حكومية مُفوّتة لشركات مرتبطة بأقاربها. واحدة من الصفقات الأبرز: منح أرض عامة بقيمة 500 مليون درهم في برنامج "مدن بدون صفيحة" لشركة تابعة لشقيق الوزيرة، مقابل "استثمار" غير محدد. "جبروت" وصفها بـ"نهب الأراضي الشعبية باسم التنمية"، مشيراً إلى أن هذه الصفقات تتعارض مع برنامج الوزيرة لمكافحة الإفقار العمراني. المنصوري خرجت عن صمتها في 24 يوليو بتوضيح رسمي، نفي فيه الاتهامات ووصف التسريبات بـ"الكاذبة والمفبركة"، مؤكدة أن ثروتها مصدرها شرعي من وراثة واستثمارات سابقة، وأن الشركات المذكورة غير مرتبطة بها مباشرة. لكن الشكوك استمرت، خاصة مع تسريبات إضافية في أغسطس أظهرت تحويلات بنكية مشبوهة إلى حسابات خارجية، مما دفع نقابات الإسكان إلى الاحتجاج مطالبة بتدقيق مستقل.
التسريبات لم تقتصر على هذين الوزيرين؛ في 13 أغسطس 2025، امتدت إلى محمد ياسين المنصوري، مدير سابق في المخابرات المغربية وشخصية مرتبطة بجهاز الداخلية، رغم عدم كونه وزيراً حالياً. الوثائق كشفت عن عقارات فاخرة في أوروبا، وعقود تجسس مع شركات أجنبية بملايين اليورو، مما يربط بين المخابرات والفساد المالي. هذا التسريب أثار مخاوف أمنية، إذ يُعتقد أنه يهدف إلى زعزعة الاستقرار الداخلي. كما ذكرت تقارير إعلامية شبهات حول وزراء آخرين، مثل عبد الوافي لفتيت وزير الاقتصاد الرقمي، الذي اتهم بصفقات تقنية مشبوهة، لكن التفاصيل كانت أقل وضوحاً ولم تُنشر وثائق مباشرة ضده حتى الآن.
ردود الفعل على هذه التسريبات كانت متسارعة ومتناقضة. في 19 يوليو، دعت فيدرالية اليسار إلى "تحقيق جاد"، معتبرة أنها تكشف "حجم الفساد المستشري في دواليب الدولة"، وأنها تنضاف إلى حالات تضارب مصالح متكررة مثل تفويتات عقود لأقارب المسؤولين. حزب "الرسالة" انضم إليها، مطالبًا بمحاسبة فورية. من جهة أخرى، تقدم موظفون أمنيون بشكاوى قضائية في أغسطس، مثل موظف في المديرية العامة للأمن الوطني الذي اتهم "جبروت" بالتشهير الوهمي، مما أدى إلى اعتقالات في طنجة. السلطات المغربية أعلنت في سبتمبر تعيين الجنرال عبدالله بوطريج مديراً لأمن المعلومات، كرد فعل على الاختراقات، ووصفت التسريبات بـ"حرب إلكترونية جزائرية" تهدف إلى الإضرار بالعلاقات الإقليمية.
خاتمة
في الختام، تسريبات "جبروت" عن الوزراء الآخرين ليست مجرد فضيحة مؤقتة؛ إنها انعكاس لأزمة أعمق في الشفافية والمحاسبة في المغرب. بينما يستمر الجدل حول مصداقية الوثائق، فإن الرأي العام يطالب بإصلاحات جذرية، لا بيانات رسمية. هل ستؤدي هذه الكشوفات إلى تنقية الحكومة، أم إلى تصعيد التوترات السيبرانية؟ الإجابة تكمن في التحقيقات المرتقبة، لكن الشعب المغربي، الذي يعاني من ارتفاع التكاليف اليومية، لن ينتظر طويلاً. "جبروت" قد يكون عدواً خارجياً، لكنه كشف جروحاً داخلية تحتاج إلى علاج فوري، قبل أن تتحول إلى ثورة رقمية حقيقية.