من الاستطلاع إلى الإبادة: كيف حولت الزنانة حياة أهل غزة إلى جحيم
الزنانة: تاريخ الطائرات بدون طيار الإسرائيلية وأثرها المدمر على أهل غزةالمقدمة: الزنانة في سماء غزة.. صوت الرعب اليوميفي سماء قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني تحت حصار مستمر، يتردد صوت يُعرف بـ"الزنانة". هذا اللقب، الذي أطلقه أهل غزة على الطائرات بدون طيار (الدرونات)، يحمل في طياته الخوف والقلق الدائم. ليست مجرد أداة عسكرية، بل رمز للرعب الذي يحلق فوق رؤوس المدنيين، يراقب كل حركة، ويطلق صواريخه دون تمييز. منذ ظهورها في سماء غزة، أصبحت الزنانة جزءاً لا يتجزأ من حياة السكان، تُدمر الأحياء، تُرعب الأطفال، وتُعيق أي محاولة للعيش بسلام.في هذا المقال المطول، سنتتبع تاريخ الزنانة منذ نشأتها في السبعينيات كأداة استطلاع إلى تحولها إلى سلاح قاتل يُستخدم في غزة. سنركز بشكل خاص على تأثيرها المدمر على أهل غزة، من القتل العشوائي إلى الرعب النفسي والدمار الاقتصادي، معتمدين على تقارير حقوقية وإعلامية وشهادات ميدانية. كما سنناقش الاتهامات الدولية باستخدامها في "الإبادة الجماعية"، ونسلط الضوء على التكنولوجيا المتقدمة التي جعلتها أداة فعالة ولكن كارثية. الهدف هو كشف الحقيقة وراء هذا السلاح، ودعوة المجتمع الدولي لاتخاذ موقف حاسم.الفصل الأول: نشأة الزنانة.. من الابتكار العسكري إلى السيطرة الجويةبدأت قصة الطائرات بدون طيار في إسرائيل في أوائل السبعينيات، كرد فعل على التحديات الأمنية التي واجهتها بعد حرب أكتوبر 1973. كانت شركة صناعات الطيران الإسرائيلية (IAI) رائدة في تطوير نماذج مبكرة مثل "سكاوت"، التي ركزت على الاستطلاع الجوي لمراقبة الحدود مع سوريا ولبنان. هذه الطائرات، التي كانت بدائية نسبياً، اعتمدت على كاميرات أساسية وتحكم عن بعد، لكنها وضعت الأساس لثورة تكنولوجية.في الثمانينيات، وخلال حرب لبنان 1982، استخدمت إسرائيل طائرات "ماستاد" لجمع معلومات استخباراتية عن مواقع المقاومة، مما ساعد في تدمير بطاريات صواريخ سورية. بحسب تقرير لـ"الجزيرة" عام 2025، كانت هذه الفترة بداية لتحويل غزة إلى "مختبر ميداني" لاختبار الدرونات، حيث طورت إسرائيل تقنياتها قبل تصديرها عالمياً. بحلول التسعينيات، دخلت الزنانة مرحلة جديدة مع تسليحها. طائرة "هيرميس 450"، التي أنتجتها "إلبيت سيستمز" عام 1990، كانت قادرة على حمل صواريخ هيلفاير، واستُخدمت في عمليات اغتيال في لبنان وغزة.
في الألفية الجديدة، أصبحت إسرائيل رائدة عالمياً في صناعة الدرونات، حيث سيطرت على 40% من السوق العالمي بحلول 2016، وفقاً لموقع وزارة الدفاع الإسرائيلية. نماذج مثل "هيرميس 900" و"هيرون"، القادرة على التحليق لأكثر من 36 ساعة، أصبحت أدوات أساسية في حروب غزة (2008، 2012، 2014). في حرب "الجرف الصامد" 2014، أُطلقت 29 ألف قذيفة، معظمها عبر درونات، مما أدى إلى تدمير 70% من المنازل في القطاع.
النموذج هيرميس 450، الشركة المصنعة إلبيت سيستمز، الاستخدام الرئيسي استطلاع واغتيال، التاريخ الأول 2004.
النموذج هيرميس 900، الشركة المصنعة إلبيت سيستمز، الاستخدام الرئيسي طويل المدى مسلح، التاريخ الأول 2015.
النموذج هيرون، الشركة المصنعة IAI، الاستخدام الرئيسي استطلاع جوي، التاريخ الأول 2006.
النموذج سكايلارك، الشركة المصنعة إلبيت سيستمز، الاستخدام الرئيسي صغيرة داخلية، التاريخ الأول 2010s.هذا التطور لم يكن تقنياً فقط، بل استراتيجياً، حيث سمحت الزنانة بـ"حرب بلا خسائر" من الجانب الإسرائيلي، لكنها زادت من معاناة المدنيين الفلسطينيين بشكل غير مسبوق.
الفصل الثاني: الزنانة في غزة.. من المراقبة إلى الاغتيال اليوميدخلت الزنانة غزة بشكل مكثف خلال الانتفاضة الثانية عام 2004، حيث نفذت إسرائيل أول عملية اغتيال باستخدامها، مستهدفة قادة حماس. لكن الضحايا المدنيون سرعان ما أصبحوا الهدف غير المعلن. في حرب "الرصاص المصبوب" (2008-2009)، حلقت الدرونات آلاف الساعات، مُراقبةً ومُقصفةً. تقرير "هيومن رايتس ووتش" عام 2009 وثق مقتل 29 مدنياً في ست غارات فقط، بسبب صواريخ تحمل "مكعبات معدنية" تُمزق الأجساد.في حرب 2014، استخدمت إسرائيل درونات "كوادكوبتر" صغيرة داخل الأحياء، مما زاد من دقة القصف ولكنه زاد أيضاً من الضحايا المدنيين. وثقت "أرابيك بوست" عام 2024 قصف عمال إغاثة، مما أسفر عن مقتل 7 أشخاص، بما في ذلك أطفال. بحلول 2023-2025، أصبحت الزنانة أكثر تطوراً، مع استخدام "هيرميس 900" لرصد الأنفاق و"سماش دراغون" للقنص. في يوليو 2025، استخدمت درونات تجارية صينية (DJI) لقصف المدنيين في نصيرات، كما وثقت "972 ماغازين".التكنولوجيا المتقدمة وراء الزنانةالزنانة ليست مجرد طائرة، بل نظام معقد يعتمد على الذكاء الاصطناعي (AI). بحسب تقرير "ديفينس ون" عام 2024، تستخدم إسرائيل برمجيات تحليل البيانات لتحديد الأهداف بدقة، لكن هذه الدقة غالباً ما تُخفق في تمييز المدنيين. نظام "لافندر"، المستخدم في 2023، يعتمد على التعلم الآلي لتحديد الأهداف بناءً على أنماط السلوك، لكنه أدى إلى قصف عائلات بأكملها بناءً على "بيانات مشبوهة". كما طورت إسرائيل درونات "شبح" تتجنب الرادارات، مما زاد من صعوبة رصدها أو إسقاطها.الفصل الثالث: أثر الزنانة على أهل غزة.. الدمار الجسدي والنفسي والاقتصاديتأثير الزنانة على أهل غزة متعدد الأوجه، يمتد من القتل المباشر إلى الرعب النفسي والانهيار الاقتصادي. منذ 2004، قتلت الدرونات آلاف المدنيين، معظمهم نساء وأطفال. في حرب 2023-2025، وصل عدد القتلى إلى 64 ألفاً، نصفهم من النساء والأطفال، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.الدمار الجسدي: قتل وإصاباتإحصاءات: في 2009، قتلت 29 مدنياً في 6 غارات. في 2024، قتلت مئات بـ"الكوادكوبتر" في دير البلح ونصيرات. في سبتمبر 2025، قتلت 41 في غارات، بما في ذلك 10 أثناء بحثهم عن مساعدات.الأسلحة: صواريخ بـ"مكعبات معدنية" تُسبب إصابات مروعة، كما وثق جراحون في مستشفى ناصر. درونات "سماش دراغون" تُستخدم للقنص الدقيق.الرعب النفسي: صوت الزنانة كسلاحصوت الزنانة، المستمر والمزعج، يُسبب "صدمة مزمنة"، كما وصفت "بي بي سي" عام 2024. الأطفال يعانون من قلق دائم، مع ارتفاع حالات الاكتئاب بنسبة 80%. في 2025، حلقت الدرونات فوق خيام النازحين في المواسي، مُصدرةً أصواتاً مرعبة لمنع النوم. شهادة لجراح بريطاني في غزة: "الدرونات تستهدف الأطفال بعد القصف الأولي لإنهاء الناجين".الدمار الاقتصادي: تدمير سبل العيشالزنانة لم تدمر البيوت فقط، بل حطمت الاقتصاد المحلي. بحسب تقرير الأمم المتحدة عام 2024، دمرت الدرونات 60% من الأراضي الزراعية في غزة، مما أدى إلى خسارة 80% من المحاصيل. المزارعون، مثل أحمد النجار من خان يونس، يروون كيف قصفت الدرونات أراضيهم لمنعهم من الحصاد. في شهادة لـ"ميدل إيست آي" عام 2025، قال أحمد: "كنت أحصد القمح عندما جاءت الزنانة، أطلقت صاروخاً أحرق الأرض. الآن لا أملك شيئاً". كما استهدفت الدرونات أسواقاً محلية، مثل سوق الشيخ رضوان، مما أوقف التجارة المحلية.شهادات شخصية: صوت أهل غزةشهادات سكان غزة تكشف عمق المعاناة. فاطمة، أم لخمسة أطفال من جباليا، روت لـ"تايمز أوف غزة" عام 2025: "صوت الزنانة لا يفارقنا. أطفالي يستيقظون مفزوعين كل ليلة، يظنون أن الصاروخ قادم". محمد، معلم مدرسة في دير البلح، قال: "فقدت تلميذين في غارة درون عام 2024. كانا يلعبان في الشارع، لم يكونا مقاتلين". هذه القصص تعكس الواقع اليومي: حياة تحت الرعب المستمر.الفصل الرابع: الزنانة كجزء من الإبادة الجماعية.. الاتهامات الدوليةفي يناير 2024، رفعت جنوب أفريقيا دعوى أمام محكمة العدل الدولية، متهمة إسرائيل بـ"الإبادة الجماعية"، مشيرة إلى استخدام الدرونات في "التجويع والقتل المتعمد". تقرير "يوروميد مونيتور" عام 2025 أكد أن الدرونات تُستخدم لاستهداف المدنيين عمداً، مخالفةً القانون الدولي. وثقت "إن بي آر" قنص الدرونات للمدنيين في بيت لاهيا أثناء محاولتهم الفرار.منصة X شهدت شهادات عديدة، مثل منشور لـ"تايمز أوف غزة" في سبتمبر 2025: "الدرونات تقصف الأطفال في دير البلح لمنعهم من العودة إلى بيوتهم". فيديوهات انتشرت تُظهر أطفالاً مصابين في مستشفيات غزة بعد غارات درونات.الاستجابة الدولية المحدودةعلى الرغم من التقارير الحقوقية، ظلت الاستجابة الدولية ضعيفة. الولايات المتحدة، أكبر داعم لإسرائيل، واصلت تزويدها بتقنيات درونات، كما وثق تقرير "إنترسبت" عام 2024. الأمم المتحدة دعت إلى تحقيقات، لكن لم تُتخذ إجراءات ملموسة. في يوليو 2025، طالبت منظمة العفو الدولية بحظر تصدير الدرونات المسلحة إلى إسرائيل، لكن الدول الغربية تجاهلت الدعوة. هذا الصمت يعكس تواطؤاً دولياً، كما يرى نشطاء فلسطينيون.الفصل الخامس: مقاومة الزنانة.. جهود فلسطينية وتحدياتهارغم تفوق إسرائيل التكنولوجي، حاولت المقاومة الفلسطينية مواجهة الزنانة. في 2024، أسقطت كتائب القسام طائرة "هيرميس 900" بصواريخ أرض-جو، كما وثقت "أرابيك بوست". لكن هذه الجهود تواجه تحديات كبيرة بسبب الحصار، الذي يمنع وصول تكنولوجيا مضادة للدرونات. كما طورت المقاومة درونات محلية بسيطة للاستطلاع، لكنها لا تضاهي التفوق الإسرائيلي.في المجتمع المدني، نظم نشطاء حملات توعية على X، مثل "#StopTheDrones"، لفضح استخدام الزنانة. هذه الحملات جذبت انتباهاً دولياً محدوداً، لكنها عززت الرواية الفلسطينية.الخاتمة: الزنانة.. صوت المستقبل المظلم إلا إذا تحركناالزنانة ليست مجرد سلاح، بل رمز لاحتلال يحول السماء إلى سجن. تاريخها في غزة مليء بالدماء، من القتل العشوائي إلى تدمير الاقتصاد والحياة النفسية. مع 64 ألف قتيل و1.9 مليون نازح، يجب على العالم التحرك: حظر الدرونات المسلحة، محاسبة إسرائيل، ودعم حق الفلسطينيين في الحياة. غزة ليست مختبراً للتكنولوجيا، بل أرضاً تطالب بالعدالة. إذا لم نتوقف، ستستمر الزنانة في نشر الموت.النموذج هيرميس 450، الشركة المصنعة إلبيت سيستمز، الاستخدام الرئيسي استطلاع واغتيال، التاريخ الأول 2004.
النموذج هيرميس 900، الشركة المصنعة إلبيت سيستمز، الاستخدام الرئيسي طويل المدى مسلح، التاريخ الأول 2015.
النموذج هيرون، الشركة المصنعة IAI، الاستخدام الرئيسي استطلاع جوي، التاريخ الأول 2006.
النموذج سكايلارك، الشركة المصنعة إلبيت سيستمز، الاستخدام الرئيسي صغيرة داخلية، التاريخ الأول 2010s.هذا التطور لم يكن تقنياً فقط، بل استراتيجياً، حيث سمحت الزنانة بـ"حرب بلا خسائر" من الجانب الإسرائيلي، لكنها زادت من معاناة المدنيين الفلسطينيين بشكل غير مسبوق.